عن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنّه قال:
«... وَلَيَكُونَنَّ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي رَجُلٌ يَأْمُرُ بِأَمْرِ اللهِ قَويٌّ يَحْكُمُ بِحُكْمِ اللهِ، وَذَلِكَ بَعْدَ زَمَانٍ مُكْلِحٍ مُفْضِحٍ، يَشْتَدُّ فِيهِ الْبَلاءُ، وَيَنْقَطِعُ فِيهِ الرَّجَاءُ، وَيُقْبَلُ فِيهِ الرُّشَاءُ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَبْعَثُ اللهُ (عَزَّ وجلَّ) رَجُلاً مِنْ شَاطِئ دِجْلَةَ لأمْرٍ حَزَبَهُ، يَحْمِلُهُ الْحقْدُ عَلَى سَفْكِ الدِّمَاءِ، قَدْ كَانَ فِي سَتْرٍ وَغِطَاءٍ، فَيَقْتُلُ قَوْماً هُوَ عَلَيْهِمْ غَضْبَانُ شَديدُ الحِقْدِ حَرَّانُ، فِي سُنَّةِ بُخْتَ نَصَّرَ، يَسُومُهْم خَسْفاً، وَيَسْقِيهُمْ كَأْساً مُصَبَّرَةً سَوطَ عذَابٍ، وَسَيْفَ دَمَارٍ، ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَهُ هَنَاتٌ وَأُمُورٌ مُشْتَبَهَاتٌ.
أَلا إِنَّ مِنْ شَطِّ الفُرَاتِ إِلَى النَّجَفَاتِ بَاباً إلى الْقَطْقَطَانِيَّاتِ، فِي آياتٍ وَآفَاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ، يُحْدِثْنَ شَكّاً بَعْدَ يَقينٍ يَقُومُ بَعْدَ حِينٍ، تُبْنَى الْمَدَائِنُ، وَتُفْتَحُ الْخَزَائِنُ، وَتُجْمَعُ الأمَمُ، يُنْفِذُهَا شَخَصُ الْبَصَرِ، وَطَمَحُ النَّظَرِ، وَعَنَت الْوُجُوه، وَكَشْفُ الْبَالِ حِينَ يُرَى مُقْبِلا مُدْبِراً، فَيَا لَهْفَاهُ عَلَى مَا أَعْلَمُ، رَجَبٌ شَهْرُ ذِكْرٍ، رَمَضَانُ تَمَامُ السِّنِينَ، شَوَّالٌ يُشَالُ فِيهِ مِنَ الْقَوْمِ، ذُو الْقِعْدَةِ يَقْتَعِدُونَ فِيهِ، ذُو الحِجَّةِ الْفَتْحُ مِنْ أَوَّلِ العَشْرِ.
أَلا إِنَّ الْعَجَبَ كُلَّ الْعَجَبِ بَعْدَ جُمَادَى في (و)رَجَبٍ، جَمْعُ أَشْتَاتٍ، وَبَعْثُ أَمْوَاتٍ، وَحَدِيثَاتُ هَوْنَاتٍ هَوْنَاتٍ بَيْنَهُنَّ مَوْتَاتٌ، رَافِعَةٌ ذَيْلَهَا، دَاعِيَةٌ عَوْلَهَا، مُعْلِنَةٌ قَوْلَهَا، بِدِجْلَةَ أَوْ حَوْلَهَا.
أَلا إِنَّ مِنّا قَائِماً عَفِيفَةٌ أَحْسَابُهُ، سَادَةٌ أَصْحَابُهُ، تَنَادُوْا عِنْدَ اصْطِلامِ أَعْدَاءِ اللهِ بِاسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ثَلاثاً، بَعْدَ هَرْجٍ وَقِتالٍ، وَضَنكٍ وَخَبَالٍ، وَقيامٍ مِنَ الْبَلاءِ عَلَى ساقٍ، وَإِنِّي لأعْلَمُ إلى مَنْ تُخْرِجُ الأرْضُ وَدَايّعَها، وَتُسَلِّمُ إلَيْهِ خَزَائِنَها، وَلَوْ شِئْتُ أَنْ أَضْرِبَ بِرِجْلي فَأَقُولُ: أَخْرِجُوا مِنْ هاهُنا بَيْضاً وَدَرُوعاً. كَيْفَ أَنْتُمْ يَا بَنِي هَنَاتٍ إِذَا كَانَتْ سُيُوفُكُمْ مُصْلَتَاتٍ، ثُمَّ رَمَلْتُمْ رَمْلاتٍ لَيْلَةَ الْبَيَاتِ، لَيَسْتَخْلِفَنَّ اللهُ خَلِيفَةً يَثْبُتُ عَلَى الْهُدَى، وَلا يأخُذُ عَلَى حُكْمِهِ الرُّشَا، إِذَا دَعَا دَعَوَاتٍ بَعِيدَاتِ الْمَدَى، دَامِغَاتِ الْمُنَافِقِينَ، فَارِجَاتٍ عَن الْمُؤْمِنينَ.
أَلا إِنَّ ذَلِكَ كَائِنٌ عَلَى رَغْمِ الرَّاغِمينَ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ».
مصادر الحديث:
* ملاحم ابن المنادي: ص٣٠٤-٣٠٧ - بلغني عن إبراهيم بن سليمان بن حيّان بن مسلم بن هلال الدبَّاس الكوفي، قال: نبأ علي بن أسباط المصري، قال: نبأ علي بن الحسين العبدي، عن سعد الاسكاف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، بالكوفة فحمد الله تعالى وأثنى عليه، ثمّ قال:
* البيان والتبيين: ص٢٣٨ – بعضه، قال: قال أبو عبيدة: وروى فيها جعفر بن محمد: (... وبنا فُتِح وبنا خُتِمَ لا بكم).
* شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج١ ص٢٧٦ – عن البيان والتبيين، وفيه: (... وبنا فتح لا بكم، ومنا يختم لا بكم). وقال في شرحه ص٢٨١: (أما التتمة المروية عن جعفر بن محمد (عليه السلام) فواضحة الألفاظ، وقوله في آخرها (وبنا تختم لا بكم)، اشارة إلى المهدي الذي يظهر في آخر الزمان، وأكثر المحدثين على أنه من ولد فاطمة (عليها السلام)، وأصحابنا المعتزلة لا ينكرونه، وقد صرحوا بذكره في كتبهم، واعترف به شيوخهم، الا أنه عندنا لم يخلق بعد، وسيخلق).