أبحاث العدد:
 البحث في العدد ١١:
 الصفحة الرئيسية » اعداد المجلة » العدد ١١/ جمادى الآخرة /١٤٤٢هـ » دخالة البشر في تعجيل فرج الإمام المنتظر (عجَّل الله فرجه)
 العدد ١١/ جمادى الآخرة /١٤٤٢ه

المقالات دخالة البشر في تعجيل فرج الإمام المنتظر (عجَّل الله فرجه)

القسم القسم: العدد ١١/ جمادى الآخرة /١٤٤٢هـ الشخص الكاتب: الشيخ كاظم القره غولي التاريخ التاريخ: ٢٠٢١/٠١/١٧ المشاهدات المشاهدات: ٢٧٠٥ التعليقات التعليقات: ٠

دخالة البشر في تعجيل فرج الإمام المنتظر (عجَّل الله فرجه)

الشيخ كاظم القره غولي

الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف خلق الله النبي الأمين وآله الطاهرين.
وبعد..
فإن اجتماع الخالقية والمدبرية والمشرعية في وجود واحد وهي الذات المقدسة التي أحاطت بكل شيء قد أوجد انسجاماً عجيباً بين الخلقة وشؤونها والأنظمة التشريعية وتفصيلاتها، بما في ذلك طبيعة الآثار الجزائية على طاعة العباد ومعاصيهم، كما أوجد ترابطاً بين هذه الجهات. فكم من قانون في التكوين كان تجسيداً لقوانين الجزاء. فحين تجعل النتيجة وفق قانون التكوين مترتبة على فعل اختياري للمكلفين بقيد أنه إطاعة أو معصية كان ذلك القانون التكويني تجسيداً لقوانين الجزاء.
إن قوانين التكوين مخلوقة لله تعالى ككل ما سواه تعالى من الوجود، والحكمة إطار الخلقة الذي لا تتعداه، ونفس الحكمة التي دعت إلى خلقة النوع دعت إلى تحميله عبء التكليف، فطريق وصوله إلى غاية خلقته مركبه التكليف ولا سبيل آخر سواه. ولولا هذا المركب لانقطعت بالإنسان سبل الوصول إلى ما رامت الإرادة السماوية للإنسان أن يصل إليه. نفس تلك الحكمة دعت إلى إشراك التكوين في المؤثرية في تحريك الإنسان، فنفسه تتوق إلى أشياء وتنزعج وربما تفرق من أشياء أخرى، فشكّل التنفر والتعلق ساحة استثمار ليكون ذلك أداة معينة للإنسان في الارتقاء، بل هي الساحة الأساسية إن لم تكن الوحيدة:
ومن تلك الأشياء ما ظرف تحققه هذه النشأة ومنها ما محله النشأة الأخرى، والنشأة الآخرة هي دار الجزاء أصالة، والدنيا دار الامتحان وظرف التكليف والاستكمال، فرتبت الآثار الحسنة في الأخرى على الأعمال الحسنة ورتبت الآثار السيئة فيها على الأعمال السيئة، فالدار الآخرة متمحضة للجزاء.
ولما كان الإنسان قد خلق على صفة الاستعجال لم يقبل أن يقدم على ترك نفع دنيوي دفعاً لضرر أخروي بعيد.
﴿كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ * وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ﴾ (القيامة: ٢٠-٢١).
دعت الحكمة إلى أن تكون بعض آثار الأعمال في الدنيا متلبسة بلباس الجزاء حتى قبل التكليف، ووظف ذلك في التكوين ليكون داعماً للتشريع والاستجابة له وامتثاله.
﴿ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ (الروم: ٤١).
﴿وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً﴾ (الجن: ١٦).
فأفعال الإنسان الاختيارية قد جعل الله بعضها مقدمات لآثار في التكوين، ولو لم تكن تلك الآثار مقصودة حين الإتيان بهذه الأفعال، بل ولو كانت تلك الآثار مبغوضة للفاعلين.
فالفعل فعل الإنسان، أمّا ترتب الأثر عليه فليس اختيارياً عادة للإنسان، فمن تناول السم القاتل قتله، علم بسميته أم لم يعلم، وأراد أن يسم أم لم يرد.
بل هناك تأثير لبعض الأفعال البشرية في التشريع، ويحفظ لنا القرآن من ذلك مفردة قد حصلت في بني إسرائيل، قال تعالى:
﴿فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيراً﴾ (النساء: ١٦٠).
وفي أُمّة الإسلام قد حصل ذلك في إلغاء صدقة النجوى التي أوجبت على المسلمين أولاً، بقوله تعالى:
﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً﴾ (المجادلة: ١٢).
رفعها عنهم بعد أن تثاقلوا عنها ولم يفعلوها.
﴿أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ﴾ (المجادلة: ١٣).
وظهور الإمام الثاني عشر (عجَّل الله فرجه) والفرج الذي سيحصل للمؤمنين من مفردات التكوين، فهل لأعمال الناس دخالة في حصوله كما تنبه لذلك بعض الوجوه التي سيأتي التعرض لها، أم لا دخالة لعامة الناس في هذا الأمر كما هو مؤدى بعض الوجوه التي تضمنها البحث.
هذا ما سنحاول البحث فيه والوقوف على واقع الحال فيه.
ما هو مقتضى القاعدة؟
لننظر أولاً إلى ما تقتضيه القاعدة والأصل في المقام، فنقول:
لما كان قيام دولة الحق مسألة اكتسبت عناية كبيرة في نفوس الناس وتهفو إليها أرواح المؤمنين كان من الطبيعي أن يطلبوها من الله تبارك وتعالى. وأي شيء تسعى إليه الناس أفضل وأهم من قيام دولة الحق وإعلاء كلمة الله وإزهاق كلمة الباطل وكسر رايته وإخراج الأرض خيراتها وإنزال السماء بركاتها وانتشار الأمن بين بني النوع وامتلاء الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً؟
ويشهد لذلك الكم الكبير من الروايات التي يسأل المؤمنون فيها عن الفرج متى يكون، وواضح من جملة من هذه الروايات أن الباعث نحو السؤال ليس مجرد الاستعلام، بل إن الدافع نحو السؤال هو شدة تعلق النفوس بذلك الفرج.
ومادام هذا الفرج ممكناً لله تعالى من جهة تقديم وقته وتعجيله، فتعلق النفوس به وسؤاله من الله تعالى يمكن أن يكون مؤثراً في تعجيله ما لم يكن هناك مانع منه، فمقتضى القاعدة هو التأثير ولو من خلال التوسل إلى الله تعالى والتوجه بالدعاء له (عزَّ وجلَّ).
قد يقال إن تأسيس الأصل لا فائدة فيه لأن المبحوث عنه في المقام ليس حكماً شرعياً لنقوم بتحديد الموقف العملي الذي يؤمن معه من التبعة السيئة عند المخالفة للواقع مما يستدعي البحث عن المؤمن، ولكن يرده أن تحديد الأصل ومقتضى القاعدة في الفروع لا يقتصر دوره على إيجاد المؤمِّن عن مخالفة الأحكام الإلزامية غير المعلومة عند فقد الدليل، بل يعم الفروع ولو لم يكن الحكم إلزامياً فيشمل الاستحباب والكراهة، وقد تقتضي القاعدة الوجوب أو الحرمة، كذلك تشمل القاعدة الأحكام الوضعية كالصحة والفساد في المعاملات وعدم الجزئية وعدم الشرطية في العبادات والمعاملات على حد سواء.
ويضاف إلى ذلك أن القاعدة قد تكون مؤدى دليل اجتهادي كآية أو رواية وقد تكون تطبيق أصل عملي شرعي كما في الاستصحاب والبراءة والاحتياط والتخيير وقد تكون أصلاً عقلياً. ورجوعنا في القاعدة إلى الأصل العملي الشرعي متوقف على عدم وجود دليل اجتهادي ورجوعنا إلى الأصل العملي العقلي متوقف على عدم وجود الأصل العملي الشرعي.
ورجوعنا إلى الأصل الشرعي أو حتى العقلي في غير موارد التأمين من الأحكام التكليفية الإلزامية هو نوع تلبس بالعبودية وانقياد موجب لاستحقاق الثواب. ففائدة الرجوع إلى الأصول في موارده تتمثل في استحقاق الثواب.
وفي محل كلامنا قد يقال إنه لا مجال للأصل العملي سواء كان شرعياً أو عقلياً لأننا نبحث عن أن طبيعة هذا الأمر يمكن أن يؤثر فيه البشر أو لا، ولا معنى للأصل فالأثر المبحوث عنه يمكن بشكل أو بآخر أن يرجع إلى التكوين فقد جعل الله لكل شيء سبباً.
لكن يرده:
أولاً: أن الأثر المتصور هنا قد يكون في جهة استحقاق الثواب، فمن عمل عملاً قام الدليل على أنه يؤثر في تعجيل الفرج فقد أتى بعمل مطلوب شرعاً فيكون مستحقاً للثواب، ويكفي هذا الاستحقاق أثراً للأعمال، بل هو المراد أساساً من المكلفين، ولذا عبرت الآيات عن الاستجابة والامتثال للأوامر الشرعية بالبيع والشراء والتجارة(١).
وثانياً: أن ذلك ليس كالآثار التكوينية، فإن الدعاء والاستكانة إلى الله تعالى قد تؤثر في حصول المدعو به لكنه لا يدخل تحت المؤثرات التكوينية، فاستجابة الدعاء أمر بيد الله حصراً، نعم ما كان من مقدمة من العبد قد تجعل الله يفعل مثل هذا الأمر، وهذا كالعفو والمغفرة ليس محكوماً صرفاً بيد قواعد التكوين وقوانينه.
وعلى كل حال فإن القاعدة في المقام هي مؤدى دليل لفظي يكفي مثالاً عليه قوله تعالى:
﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ (غافر: ٦٠).
والتعجيل أمره بيده تعالى لا بيد غيره.
وبناءً عليه يمكن القول إن ظاهر الأدلة الشرعية أن الدعاء مؤثر هنا لإطلاق متعلق الدعاء في الآية الشريفة ونظائرها من الأدلة اللفظية، فيصح بناءً عليه العمل بهذه الظواهر إن لم يدل دليل على الخلاف يمنعنا من التمسك بظواهر هذه الأدلة.
فالقاعدة هنا هي إطلاق الدليل، والأصل يراد الأصل اللفظي لا الأصل العملي. ولا نرفع اليد عنه إلّا إذا وجد المانع من الرجوع إلى هذا الأصل.
والمانع المتصور يمكن العثور عليه لو أمكن في ما توفرت عليه الروايات من بيانات لعلة الغيبة وغيرها، فلننظر إلى ما يمكن أن يكون شاهداً أو دليلاً على التأثير البشري في تعجيل الظهور أو عدمه في علل الغيبة، بضميمة الوجوه الأخرى إن وجدت.
وجوه المنع من دخالة البشر في تعجيل الظهور:
الأول: علل الغيبة:
هناك بعض من علل الغيبة قد يستدل بها على عدم دخالة المكلفين بتعجيل الظهور، ومنها:
١ - جريان سنن الأنبياء فيه:
ففي رواية مسندة إلى حنان بن سدير عن أبيه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن للقائم منّا غيبة يطول أمدها»، فقلت له: يا بن رسول الله، ولمَ ذلك؟ قال: «لأن الله (عزَّ وجلَّ) أبى إلّا أن تجري فيه سنن الأنبياء (عليهم السلام) في غيباتهم، وأنه لابد يا سدير من استيفاء مدد غيباتهم، قال تعالى: ﴿لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ﴾ [الانشقاق: ١٩] أي سنن من كان قبلكم»(٢).
والذي يظهر من هذه الرواية أنه لابد من استيفاء مدد الأنبياء في غيباتهم، وهذا يعني أن ذلك غير خاضع لانعكاس فعل من المكلفين، فلا يؤثر دعاء أو توطئة ونشر الحق في تقديم زمان الحضور والظهور.
لكن يرد عليه أن الرواية وإن ذكرت حتمية استيفاء مدد غيبة الأنبياء (عليهم السلام)، لكن ليس من المعلوم أن مدة غيبته (عجَّل الله فرجه) بمقدار مجموع مدد غيباتهم، إذ ليس ببعيد أن التحديد من جهة عدم النقصان ولا ربط لها بعدم الزيادة، فيكون تأثير دعوات المؤمنين وأثر أعمال البشر - لو كانت مؤثرة - في أن لا تزيد مدة غيبته (عجَّل الله فرجه) عن مجموع مدد غيباتهم بمدة طويلة أو لا تتحقق أصل الزيادة.
اللهم إلّا إذا كانت جملة «وإنه لابد يا سدير من استيفاء مدد غيباتهم» هي نفس مضمون قوله قبل ذلك: «إلّا أن تجري فيه سنن الأنبياء (عليهم السلام)»، وتكرار له، فنفهم حينئذٍ من الجملة الثانية أيضاً أن غيبته (عجَّل الله فرجه) محددة بمقدار مساوي لمجموع غيباتهم (عليهم السلام)، وظاهر العطف المغايرة، فتكون السنة التي تجري فيه أيضاً هي أصل الغيبة، ويشهد لذلك أن سؤال السائل كان عن علة أصل الغيبة لا عن مدتها. وتكون الجملة الثانية في مقام بيان شيء آخر وهو مقدار هذه المدة من جهة الحد الأدنى.
هذا أولاً.
وثانياً: وهو وجه استبعادي - إنه لم يردنا عن غيبات الأنبياء ما يمكن أن يصل إلى أكثر من ألف سنة كما حصل للمولى (عجَّل الله فرجه) ولو بالمجموع، ولو كان الأمر كذلك لتعرضت له بعض الروايات ولم تذكر غيبة لمثل إدريس (عليه السلام) في عشرين سنة(٣)، وغيبة صالح (عليه السلام) مدة يسيرة(٤) وظاهر الرواية أنه لم يمكث طويلاً فقد عاد إلى نفس الجيل الذي عرفه قبل ذلك ولكن مع تغير الهيأة فأنكره الكثير منهم، وإبراهيم (عليه السلام) لكن ما نقله الصدوق ݥ من الروايتين في كمال الدين غير ظاهرتين في غيبته، وغيبة يوسف (عليه السلام) عن أهله، وغيبة موسى (عليه السلام) وقد ذكرت رواية أن مدة غيبته ثمان وعشرون سنة(٥)، وتحدثت رواية طويلة عن غيبة للوصي الحادي عشر بعد يوشع بن نون وغيره من بني إسرائيل(٦).
لكن مجموع تلك الغيبات لا يقارب غيبة الإمام (عجَّل الله فرجه) في طول المدة، ولو كان ثمة غيبة طويلة لتعرضت لها الروايات، وفي ذلك شهادة على أن مدة الغيبات السابقة هي الحد الأدنى في الطول لغيبة الإمام (عجَّل الله فرجه).
وإنما قلنا إنه وجه استبعادي، لأن الحكمة اقتضت أن لا يعلم الشيعة ولو إجمالاً بطول هذه الغيبة وإلّا كان ذلك باعثاً على اليأس وطول الأمد وهو على خلاف ما ورد عن الإمام الكاظم (عليه السلام) من أن الشيعة تربى بالأماني.
وإذا أمكن أن يكون هذا الوجه لبيان الحد الأدنى للغيبة فهو لا يدل على عدم دخالة الخلق في التعجيل لظهوره (عجَّل الله فرجه) بتوسل ودعاء أو بإيجاد مقدمات قد تعجل الظهور.
٢ - كونه سراً لم يؤذن في كشفه:
في رواية مسندة عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: «إن لصاحب هذا الأمر غيبة لابد منها، يرتاب فيها كل مبطل»، فقلت له: ولمَ جعلت فداك؟ قال: «لأمر لم يؤذن لنا في كشفه لكم»، قلت: فما وجه الحكمة في غيبته؟ فقال: «وجه الحكمة في غيبته وجه الحكمة في غياب من تقدمه من حجج الله تعالى ذكره، إن وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلّا بعد ظهوره، كما لا ينكشف وجه الحكمة لما أتاه الخضر من خرق السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار لموسى (عليه السلام) إلّا وقت افتراقهما.
يا بن الفضل إن هذا الأمر أمر من أمر الله، وسرٌّ من سر الله وغيب من غيب الله، ومتى علمنا أنه (عزَّ وجلَّ) حكيم صدقنا بأن أفعاله كلها حكمة، وإن كان وجهها غير منكشف لنا»(٧).
وجه الدلالة أنه لو كان للناس دور في ذلك لكان مما أراده الشارع المقدس ولو أراده لبينه، ولمّا قال الإمام (عليه السلام) إنه سر لا ينكشف إلّا بعد ظهوره، علمنا أنه ليس مما يمكن أن يعجل في الظهور بفعل من أفراد الأُمّة.
فإن قلت: قد تمنع بعض الموانع من بيان ذلك، كأن يتقي الإمام سلطان زمانه وزبانيته فلا يصرح بما ينبغي للناس أن يفعلوه لأجل تعجيل الفرج بظهوره (عجَّل الله فرجه).
قلت: إن ذلك مندفع أولاً بأنه (عليه السلام) بيَّن أنه لا ينكشف هذا السر إلّا بعد الظهور، وهذا يعني أن المسألة غير مرتبطة بمانع خاص في ظرف خاص، وإلّا لقال لا ينكشف إلّا بعد حين. وثانياً: أن الروايات التي تعرضت لما يراد من المؤمنين في الغيبة حدوث ذلك بالسكون والثبات على ما كانوا عليه. فهي بالتالي لا تريد فعلاً معيناً من المكلفين بل تريد عدم التحرك.
لكن يرد على هذا الوجه: أن الحكمة قد اقتضت أصل الغيبة وبقائها لمدة، وهذا المقدار يبدو أنه لا دخالة للناس فيه، وذلك لا يمنع من أن هناك تأثيراً لأعمال العباد في إطالة هذه المدة واختزالها. فيكون لتلك المدة حد أدنى، ولم تتعرض الرواية للحكمة فيه وأمرتنا بالسكون في مدة الغيبة، لأن بني النوع قد خلقوا مع الاستعجال الذي قد يرجع سببه إلى ضيق قدرة الإنسان على التحكم بالأمور فيخشى فوات شيء يريده فيستعجل عليه، وإنما يعجل من يخاف الفوت.
ولو كانت الروايات قد بينت الحكمة من الغيبة بنحو قد يلوح منها أنها طويلة، فإن ذلك سينعكس إحباطاً على الأتباع ويأساً عند كثير منهم بكل ما لذلك من تبعات، فكان الأولى ترك بيان الحكمة.
وأمّا الأمر بالسكون فلأن ذلك كان بمثابة عنصر موازنة للناس في مقابل حالة الاستعجال التي فطروا عليها وليست في مقابل أيّ تحرك لإقامة الحق، ولذا لم يفهم الكثير من فقهاء زماننا أن إقامة دولة الحق والنهوض بأعباء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتجييش الجيوش ومحاربة الكفار وجيوش التطرف مخالف للشريعة، وقد أفتى الفقهاء بمقاتلة الانكليز في أوائل القرن العشرين ومقاتلة اليهود ومقاتلة التيارات السلفية المتعجرفة، مما يعني أن الروايات التي أمرت الشيعة بأن يكونوا أحلاس دورهم وأن يسكنوا ما سكنت السماء والأرض لم يُرَد منها عدم الحركة مطلقاً وبشكل جدي.
فلا تنافي هذه الروايات دليلاً دل على تأثير البشر في تعجيل فرج الإمام الثاني عشر (عجَّل الله فرجه).
٣ - إخراج المؤمنين من أصلاب الكافرين:
من جملة ما ذكرته الروايات في مقام تعليل الغيبة أن الله تعالى علم أن في أصلاب الكافرين من هو مؤمن، وأن الإمام لا يظهر إلّا إذا أخرج هؤلاء المؤمنين، أي إلّا بولادتهم وخروجهم من أصلاب الآباء، ففي مرسلة ابن أبي عمير عمّن ذكره عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: ما بال أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يقاتل مخالفيه في الأول؟ قال: «لآية في كتاب الله (عزَّ وجلَّ) ﴿لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً﴾ [الفتح: ٢٥]»، قال: قلت: وما يعني بتزايلهم؟ قال: «ودائع مؤمنون في أصلاب قوم كافرين، فكذلك القائم (عليه السلام) لن يظهر أبداً حتى تخرج ودائع الله (عزَّ وجلَّ)، فإذا خرجت ظهر على من ظهر من أعداء الله (عزَّ وجلَّ) فقتلهم»(٨).
وواضح أن المؤمنين لا فعل لهم لكي تخرج تلك الودائع من أصلاب الكافرين. فلو كانت هذه هي علة التأخير لما كان للمؤمنين ربط بخروج المؤمنين من أصلاب الكافرين، بل حتى لو وجدت علل أخرى للغيبة وتأخيرها لم يمكن التأثير في تعجيل الفرج، اللهم إلّا بعد خروج الودائع.
لكن من قال إن الودائع ستبقى إلى آخر الأجيال؟
وبتعبير آخر: هذه الرواية تقول لا يخرج الإمام (عجَّل الله فرجه) حتى تخرج الذراري الطاهرة من الأصلاب الكافرة، وتلك مقدمة لها وقتها المحدد، إذ من البعيد أن الدعاء يخرج أجيالاً أو أفراداً من أجيال قبل زمانها من خلال الاستجابة إلّا أن ذلك لا يستدعي عدم دخالة البشر في التعجيل، لأن مجرد كون الظهور بعد التزايل لا يعني الفورية بعده. فقد يكون تأثير الدعاء في أن لا يتأخر الظهور بعد التزايل بمدة طويلة.
ويرد هذا الكلام أن الرواية قالت في فقرتها الأخيرة: «فإذا خرجت ظهر على من ظهر من أعداء الله (عزَّ وجلَّ)»، وظاهرها أنه (عجَّل الله فرجه) سيظهر بمجرد التزايل، ووجه هذا الظهور قوله: «فإذا» الشرطية.
فالأولى في رد هذا الوجه أن يقال: إن الرواية قد صدرت وفيها احتمال قوي أنها من باب «أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم»، فإنه ينبغي ملاحظة بقية الروايات الواردة في بيان علة الغيبة، إذ بعضها قال لأجل الابتلاء، والآخر قال إنه سر لا ينكشف إلّا بظهوره وغير ذلك، وليس إخراج المؤمنين من أصلاب الكافرين سراً يفترض أن لا ينكشف، كما أن التقية وخوف الذبح الذي تكثرت الروايات في أنه علة للغيبة، بل هو أكثر العلل وروداً في الروايات، بل مجموع الروايات الواردة في بيان علل الغيبة الأخرى لا يصل إلى عدد ما ورد منها في تحديد خوف الذبح، وأن لا تكون لأحد بيعة في عنقه، وهذه لا علاقة لها بظهور الودائع. مضافاً إلى أن ظهور الودائع مرتبط بالظهور وهو انتهاء الغيبة والتقية، وعدم البيعة مرتبط بأصل الغيبة وعلة لها.
الثاني: عدم استجابة دعاء المعصومين بتعجيل الظهور:
إن أصل غيبة الإمام (عجَّل الله فرجه) من القضاء المحتوم الذي لم يتغير ولم يتبدل وظهوره وإقامة دولة الحق كذلك، فهي من وعد الله والله لا يخلف الميعاد، لكن وقت الظهور الذي نبحث عن دخالة البشر فيه قد يشكل في كونه مما لهم دخالة فيه من جهة أن الناس قد دعت بحصول ذلك دهراً ودعا المعصومون (عليهم السلام) بأن يعجل الله به ولم يحصل، وهذا قد يكون قرينة على أنه ليس مما للناس ودعائهم دخالة فيه.
ولا يرد هنا ما حاصله: كيف لا تكون للناس دخالة فيه ولو من خلال الدعاء والمفروض أن المعصومين (عليهم السلام) قد دعوا الله تبارك وتعالى أن يفعله(٩)؟ إذ دعاء المعصوم (عليه السلام) دليل على أن المدعو به مما يمكن أن يحققه الله تعالى عندما يدعوه عباده له.
قلنا:
أولاً: يكفي في الدعاء الاحتمال ولا دليل على ضرورة علم المعصومين (عليهم السلام) بمفردة كون وقت الظهور حتمياً أو لا. خصوصاً وأنها مفردة مستقبلية، ولا يجري من أدلة علم المعصومين (عليهم السلام) بالحوادث دليل وساطة الفيض ولا دليل كونهم شهوداً على الناس، فإنهما مرتبطان بالحاضر لا بالمستقبل، على أنهم إن علموا بزمان ظهوره لم يكن ضرورياً أن يعلموا أنه مما يمكن أن يحصل البداء فيه أو أنه بخصوص مدته من القضاء المحتوم.
ثانياً: أن دعاء المعصوم (عليه السلام) يمكن أن يتعلق بأمر تعلق القضاء المحتوم بخلافه، فلا يكون الدعاء مستجاباً والقرآن شاهد فإن موسى (عليه السلام) وهو من أولي العزم من الرسل حين دعا الله تعالى أن ينظر إليه جاء النفي الإلهي بما يفيد التأبيد إذ استعمل كلمة (لن).
﴿وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً﴾ (الأعراف: ١٤٣).
وليس هذا الطلب من باب الإثبات لبني إسرائيل أن ما طلبوه من أن يروا الله جهرة غير ممكن كما دلت عليه الآية الشريفة: ﴿وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ * ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ (البقرة: ٥٥-٥٦).
فتلك واقعة أخرى، لأن طلب الرؤية من موسى (عليه السلام) قد كان في ذهابه لميقات ربه وهو غير ذهابه مع طائفة من قومه، وقد بين الله تعالى أن تجليه لشيء من خلقه غير قابل للتحقق فقال تعالى: ﴿لَنْ تَرانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (البقرة: ١٤٣).
ولسنا بصدد إثبات أن موسى (عليه السلام) طلب أن يرى الله ببصره ليقال كيف لنبي عظيم مثله أن يفوته أن الله تعالى لا تدركه الأبصار، بل نقول إن موسى (عليه السلام) طلب شيئاً من الله عبّر عنه بالنظر إليه والله تعالى نفى ذلك بما يفيد التأبيد.
لكن الأولى في الجواب أن يقال إن دعاءهم (عليهم السلام) بذلك مع عدم تحقق الظهور لا يعني عدم الاستجابة ليستفاد من عدم استجابة المعصوم أن المدعو به لا يقبل البداء لأنه من القضاء المحتوم، إذ قد يكون ما كتب في اللوح من تاريخ اقتضائي أبعد مما سيتحقق فيه وبدعائهم قد قرب الموعد فلا دليل على عدم ترتب الأثر على دعائهم (عليهم السلام).
وقد دعا النبي إبراهيم (عليه السلام) ببعثة نبي:
﴿رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ (البقرة: ١٢٩).
واستجاب الله له دعوته ببعثة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بعد دهر طويل قد يقرب من ألفي سنة.
وقد دعا موسى (عليه السلام) على فرعون وقومه:
﴿وَقالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوالاً فِي الْحَياةِ الدُّنْيا رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ﴾ (يونس: ٨٨).
وأخبره الله تعالى بأنه استجاب دعوتهما:
﴿قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما فَاسْتَقِيما وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ (يونس: ٨٩).
وجاء في كتاب الخصال عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «أملى الله [أي أمهله] تعالى لفرعون ما بين الكلمتين أربعين سنة ثم أخذه الله نكال الآخرة والأولى، وكان بين أن قال الله (عزَّ وجلَّ) لموسى وهارون قد أجيبت دعوتكما وبين أن عرفه الإجابة أربعون...» الخبر(١٠).
وفي أصول الكافي عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «بين قول الله (عزَّ وجلَّ) قد أجيبت دعوتكما وبين أخذ فرعون أربعين(١١) عاماً»(١٢).
وحين دعا نوح (عليه السلام) بإهلاك قومه وقال:
﴿وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً﴾ (نوح: ٢٦-٢٧).
لم تتحقق له الاستجابة إلّا بعد عشرات السنين.
فعن تفسير القمي بسند تام عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «بقي نوح في قومه ثلاثمائة سنة يدعوهم إلى الله فلا يستجيبون، فهمّ أن يدعو عليهم فوافاه عند طلوع الشمس اثنا عشر ألف قبيل من قبائل ملائكة سماء الدنيا وهم العظماء من الملائكة فقال لهم نوح: ما أنتم؟ فقالوا: نحن اثنا عشر ألف قبيل من قبائل ملائكة السماء الدنيا... فلما أتى عليهم تسعمائة سنة ولم يؤمنوا همَّ أن يدعو عليهم فأنزل الله (عزَّ وجلَّ) ﴿أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [هود: ٣٦]، فقال نوح: ﴿رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً﴾ [نوح: ٢٦-٢٧]، فأمره الله (عزَّ وجلَّ) أن يغرس النخل فأقبل يغرس النخل فكان قومه يمرون به فيسخرون منه ويستهزؤون به ويقولون: شيخ قد أتى له تسعمائة سنة يغرس النخل وكانوا يرمونه بالحجارة، فلما أتى لذلك خمسون سنة وبلغ النخل واستحكم أمر بقطعه وسخروا منه وقالوا: بلغ النخل مبلغه، إن هذا الشيخ قد خرف وبلغ منه الكبر...» الخبر(١٣).
وهناك روايات أخرى دلّت على أن استجابة الله تعالى لدعوة نوح (عليه السلام) قد حصلت بعد مدة مديدة من دعائه (عليه السلام).
مضافاً إلى أن دعاءهم (عليهم السلام) بتعجيل الفرج وهو بحث مؤجل قد يكون دليلاً على أنه أمر قابل للحصول.
الثالث: ما دل على أن مدة الغيبة محددة بحساب الحروف:
في الرواية عن أبي لبيد المخزومي قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «يا أبا لبيد إنه يملك من ولد العباس اثنا عشر تقتل بعد الثامن منهم أربعة، تصيب أحدهم الذبحة فيذبحه، هم فئة قصيرة أعمارهم، قليلة مدتهم، خبيثة سريرتهم، منهم الفويسق الملقب بالهادي والناطق والغاوي.
يا أبا لبيد، إن في حروف القرآن المقطعة لعلماً جماً، إن الله تعالى أنزل ﴿الم * ذلِكَ الْكِتابُ﴾ [البقرة: ١-٢]، فقام محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حتى ظهر نوره وثبتت كلمته وولد يوم ولد وقد مضى من الألف السابع مائة سنة وثلاث سنين».
ثم قال: «وتبيانه في كتاب الله في الحروف المقطعة إذا عددتها من غير تكرار، وليس من حروف مقطعة حرف ينقضي إلّا وقيام قائم من بني هاشم عند انقضائه».
ثم قال: «الألف واحد واللام ثلاثون والميم أربعون والصاد تسعون، فذلك مائة وإحدى وستون، ثم كان بدو خروج الحسين بن علي (عليه السلام) ﴿الم * اللهُ﴾ فلما بلغت مدته قام قائم ولد العباس عند ﴿المص﴾، ويقوم قائمنا عند انقضائها بـ﴿الر﴾ فافهم ذلك وعه واكتمه»(١٤).
والخبر فيه مجموعة من النقاط الغامضة، والتحديدات التي لا يقبل بظاهرها فلابد من التأويل، هذا مضافاً إلى الإشكال في تحديد ظهور الإمام (عجَّل الله فرجه) بـ﴿الر﴾ وقد ذكر المجلسي وجوهاً في دفع الشبهة بعضها أسقطه مرور السنين المحددة دون ظهور الإمام (عجَّل الله فرجه)، أي أن الواقع التاريخي أثبت بطلانه.
لكن الذي يهم أن الرواية دلت على وجود تاريخ محدد لظهور الإمام (عجَّل الله فرجه)، والتحديد ظاهره الثبات وعدم التغير، فلا يكون لأعمال العباد دخالة في تغييره.
هذا ما قد يستظهر من هذا الحديث، وسلامة هذا الظهور في الاحتجاج مرهون بعدم قيام قرينة على خلافه، فإذا تم الدليل على دخالة البشر في الظهور أمكن رفع اليد عن ظاهر هذا الحديث ولو من خلال الالتزام بأن ذلك في حدود الاقتضاء، والواقع بعد ذلك يتعين في حدود الاقتضاء ما لم يتحقق المانع أو يرتفع الشرط، ويمكن أن تكون أعمال العباد فعلاً أو تركاً من الموانع.
وهذا يعني أننا سننتظر إلى حين البحث في أنه يوجد دليل مخالف أو لا.
الوجوه التي تثبت دخالة البشر في تعجيل الظهور:
هناك وجوه متعددة يمكن الاستناد إليها لإثبات أن للناس دخالة في إنهاء مدة الغيبة، وهذا يعني تحملهم مسؤولية الإتيان بما يعجل الظهور ويرفع موانعه، وسنحاول استعراضها ومناقشة ما لا نرى أنه تام منها.
الأول: ما دل على تأخير الفرج لتقصير الأُمَّة:
هناك جملة من الروايات التي تحدثت عن موعد أولي للفرج وتجاوزته الإرادة الإلهية لتقصير من الناس.
فعن الطوسي في الغيبة عن الفضل بن شاذان عن محمد بن علي عن سعدان بن مسلم عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ألهذا الأمر أمد نريح إليه أبداننا وننتهي إليه؟ قال: «بلى، ولكنكم أذعتم فزاد الله فيه»(١٥).
وفي صحيحة الثمالي قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): إن علياً (عليه السلام) كان يقول: «إلى السبعين بلاء»، وكان يقول: «بعد البلاء رخاء»، وقد مضت السبعون ولم نر رخاء، فقال أبو جعفر (عليه السلام): «يا ثابت، إن الله تعالى كان وقّت هذا الأمر في السبعين، فلما قتل الحسين اشتد غضب الله على أهل الأرض فأخّره إلى أربعين ومائة سنة، فحدثناكم فأذعتم الحديث وكشفتم قناع الستر فأخّره الله ولم يجعل له بعد ذلك وقتاً عندنا، ويمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب»، قال أبو حمزة: وقلت ذلك لأبي عبد الله (عليه السلام)، فقال: «قد كان ذلك»(١٦).
وعن إسحاق بن عمار قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «قد كان لهذا الأمر وقت وكان في سنة أربعين ومائة، فحدثتم به وأذعتموه فأخّره الله (عزَّ وجلَّ)»(١٧).
دلت هذه الروايات على أن قيام دولة الحق ليس مرهوناً بحضور أجل معين وزمان خاص بنحو لا يقبل التغيير، وإنما هو أمر له مقتضيه الذي قد يتبدل كما وحصل أن تبدل لمرة أو مرتين كما ذكرت الروايات، وعلة التغير سوء تصرف من الأتباع من خلال إذاعة ما أمروا بكتمه وعدم إظهاره.
فإن قلت: كيف كان له زمان بعد السبعين أو المائة والأربعين مع أن الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) حامل راية الحق وقائد دولة العدل لم يكن مولوداً في أي من الموعدين، والأئمة (عليهم السلام) يعلمون أنه لابد من أن يتم عقد الإمامة بجواهره الاثني عشر؟ ألا يعتبر إخبارهم بحضور الموعد ثم تأجيله منافياً لذلك العلم؟
قلنا: لا توجد منافاة إذ كان الأجل الأولي الذي تبدل أجلاً بنحو الاقتضاء وهو لا ينافي علم الأئمة (عليهم السلام) بأنه سيتحقق المانع الذي هو الإذاعة.
فيكون الغرض من هذا الإخبار المتأخر عن واقع التغيير في التقديرات بيان أنكم أيها الموالون قد يكون لكم دور في التأخير في صورة صدور تقصير ما منكم أو تقصير معين. وهذا هو الذي أردنا الوصول إليه. إذن لا تنافي بين علمهم بأن المقدر النهائي قيام دولة حق متأخرة زماناً وبين إخبارهم (عليهم السلام) بأن هناك أجل مقدر قد فات.
كما لا مشكلة في صدور هذا الإخبار من جهة اللغوية أو العبثية، إذ إن هذا الإخبار قد ترتبت عليه فائدة. وهي اطِّلاع أفراد الأُمّة بأن بعض ما يواجههم من مفردات سيئة كتأخير الفرج هو آثار تقصير صدر منهم. وهي في الضمن دعوة لنبذ التقصير.
ويبدو أن السائلين في الروايات المتعددة كانوا يسألون عن أمر محدد لهم علم إجمالي به إلّا أنهم لم يعلموا وقته، وهذا الأمر المحدد هو قيام القائم من آل محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
فعن المحاسن مسندة إلى عبد الحميد الواسطي قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): أصلحك الله، والله لقد تركنا أسواقنا انتظاراً لهذا الأمر حتى أوشك الرجل منا يسأل في يديه، فقال: «يا عبد الحميد أترى من حبس نفسه على الله لا يجعل الله له مخرجاً؟ بلى والله ليجعلن الله له مخرجاً، رحم الله عبداً حبس نفسه علينا، رحم الله عبداً أحيى أمرنا»، قال: قلت: فإن مت قبل أن أدرك القائم؟ فقال: «القائل منكم إن أدركت القائم من آل محمد نصرته، كان كالمقارع معه بسيفه، والشهيد معه له شهادتان»(١٨).
وواضح من القسم الأخير من الرواية أن الأمر المنتظر هو قيام القائم، وقائمهم هو آخرهم.
ويلوح ذلك أيضاً من رواية الفضيل، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله (عزَّ وجلَّ): ﴿يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ﴾ [الإسراء: ٧١]، فقال: «يا فضيل، اعرف إمامك فإنك إذا عرفت إمامك لم يضرك تقدم هذا الأمر أو تأخر، ومن عرف إمامه ثم مات قبل أن يقوم صاحب هذا الأمر، كان بمنزلة من كان قاعداً في عسكره لا بل بمنزلة من كان قاعداً تحت لوائه»(١٩).
فصاحب هذا الأمر معلوم إجمالاً للرواة وأصحاب الأئمة (عليهم السلام).
وهناك روايات أخرى يمكن أن يستفاد منها ذلك، لم نذكرها للاختصار.
ويضاف إلى ذلك أنه بعد التأمل في الروايات التي نقلت لنا السؤال عن القائم لم يتضح منها أنه كان محدداً بشخص الإمام الأخير منهم صلوات الله عليهم، وليس ببعيد أن يكون قد وصل إلى الناس أن في قادم الأيام دولة حق يقودها إمام حق هذا هو المعلوم لديهم وأمّا أنه آخر الأئمة (عليهم السلام) فلا دلالة في الروايات عليه.
لو صح هذا فإنه لا يلغي عشرات الروايات في تحديد العدد ثم إن نفس الحديث متواتر عند كل الفرق.
الثاني: قاعدة اللطف:
قد يستند هنا إلى ما يذكر من بعض وجوه ضرورة وجود الإمام أو الحجة في كل زمان، ومن ذلك قاعدة اللطف. فإن الله تعالى لطيف بعباده مادام عندهم القابل المستعد، ولطفه هذا اقتضى بعث الأنبياء.
﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ (الجمعة: ٢).
وكل نفس هي ساحة تدافع ونزاع بين نوازع الشر وبواعث الخير، ودفع العواطف والغرائز وإرشاد العقل، ولا ينتهي هذا الصراع إلّا بطي صفحة النشأة الدنيوية، وأشد الطرفين تأثيراً عاطفة الإنسان حتى مع كل مفردات لطف الله تعالى وعنايته.
﴿وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ (يوسف: ١٠٣).
ودائرة فهم الإنسان محدودة لا تتيح له الإحاطة بكل ما ينفعه أو يضره شخصاً أو نوعاً، فاقتضى ذلك أن يوجد من يمكن أن يكون هادياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، وقد نجد ذلك في شخص النبي في زمانه. وبعد رحلة النبي إلى جوار ربه كان لابد في كل زمان من حجة لله تعالى وهو الإمام، واللطف يقتضي أن يكون الإمام ظاهراً يمكن الوصول لمن أراد أن يذكر.
وإنما ساغت غيبة الإمام مع أن اللطف يلزم بوجوده الظاهر لا لتعطيل في اللطف بل ما اقتضاه اللطف تحقق ولكن الله تعالى ربط عدم غيبته بعدم تقصير الناس. وحينما غاب مع تقصير الناس لم يتعطل اللطف عن مقتضاه إذ مقتضاه أن الله يظهره إن لم يقصر الناس، وأمّا مع تقصيرهم فالمانع منع من تحقق المقتضى.
وهذا يعني أنه متى ما ارتفع المانع تعين أن يترك المقتضي أثره وهو ظهور الإمام (عليه السلام) وانقطاع غيبته. فاستقامة الناس معجلة لظهور الإمام بل موجبة له وفق هذا الاستدلال.
ولكن هذا الاستدلال مخدوش بـ:
أولاً: التشكيك في اقتضاء اللطف لضرورة وجود إمام في كل زمان أو حجة على مر العصور من زمان آدم (عليه السلام) إلى زماننا كما هو مقتضى الدليل، إذ لقائل أن يقول: لِمَ لم يقتض اللطف أن يظهر الإمام (عجَّل الله فرجه) كل هذه القرون المتمادية فهو غائب يعسر الاتصال به إلّا للأندر، فمن غير المعلوم أن يقتضي اللطف أصل وجوده. ونحن نتحدث عن ضرورة ثبوته اقتضاءً للطف، وإلّا فوجوده بالنسبة لنا حقيقة لا تقبل التشكيك، والأدلة جعلت ذلك أوضح من الشمس وأبين من الأمس، كما لا شك عندنا في أن غيبته موافقة للحكمة الإلهية.
ثانياً: لقائل أن يقول إن أكثر نقاط العالم من أول رحلة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لم يكن لها الاتصال بالإمام علي (عليه السلام) ولم يخطر ببالها وجود وصي له، بل لم تسمع بوجود النبي الخاتم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) واستمر الأمر لقرون في الأُمم النائية، فلم يكن العالم قد اكتشف الأمريكتين ولا استراليا ولا الجزر النائية كهاواي وأمثالها، فلم يقتض اللطف اتصال الإمام بهم فضلاً عن النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
ولا شك أن المستدل باللطف لم يقصد أن الإمام يؤثر تكويناً في تقريب الناس للطاعة وإبعادهم عن المعصية، وإلّا ورد عليه أن ذلك لا يقتضي وجود الإمام في هذه النشأة، فالمؤثرات التكوينية ليست كلها من هذه النشأة، فأهل البيت (عليهم السلام) مؤثرون في التكوين رغم انتقالهم إلى الدار الآخرة.
والملائكة مؤثرون رغم أنهم ليسوا من عالم الطبيعة، وقد شهد القرآن بذلك بقوله تعالى:
﴿فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً﴾ (النازعات: ٥).
لكن الاستدلال باللطف على ضرورة وجود الإمام كلامي، والمتكلمون لا يقولون بوجود عالم سوى عالم الواجب وعالم المادة والطبيعة، ولذا فالنقض عليهم بوجود مؤثرات تكوينية غير عالم الطبيعة ليس في محله.
وثالثاً: وجود شواهد في الكتاب على خلاف هذه القاعدة ومقتضاها، كقوله تبارك وتعالى:
﴿يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ (المائدة: ١٩).
فالقرآن الكريم يشهد بأنه قبل النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بفترة لم يكن بشير ولا نذير، فلا يقال إن الآية نفت وجود رسول ولم تنف وجود حجة، فإن الآية الشريفة قالت: ﴿أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ﴾ ولو كان هناك نبي أو حجة لما كان المناسب أن يقول تعالى ذلك لأهل الكتاب.
على أنه قال ﴿عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ﴾ ولم يقيد الرسل بالظاهرين، وقوله: ﴿ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ﴾ يعمم الحكم للحجة مطلقاً ولو لم يكن رسولاً.
مضافاً إلى أنه تعالى قال في سورية يس:
﴿لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غافِلُونَ﴾ (يس: ٦).
فلو كان اللطف يقتضي وجود المنذر في كل زمان، فلمَ لم يقتض ذلك في الآباء؟
وقد يقال بأن قوله تعالى:
﴿كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ﴾ (البقرة: ٢١٣).
ظاهر في أن الناس كانوا ملة واحدة كافرة ثم بعد ذلك بعث الأنبياء، فاللطف لم يقتض بعثة الأنبياء قبل ذلك.
لكن يرده أن تتمة الآية تنفي ذلك لأنها قالت بعدما نقلناه مباشرة ﴿لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ﴾.
ففئة منهم كانت تعرف الحق وإنما دعاهم البغي إلى الاختلاف، مضافاً إلى أن حاجات الناس كانت محدودة فلا يحتاج الإنسان إلى المزاحمة مع الآخرين والاختلاف انطلاقاً من اختلاف الرؤى والنزعات، ليشمل النزاع مساحة واضحة فاحتاج التوسع في تسخير الأشياء عند الناس إلى قانون ينظم حقوقهم ويحكم بينهم به.
ونحن لا نشك أن النبوة كانت قرينة انطلاقة هذا النوع البشري على الأرض، فآدم (عليه السلام) نبي وابنه شيث نبي وهكذا.
فالآية لا شهادة فيها على أنه لم يكن للناس نبي، لذا كانوا أُمة واحدة على الكفر، بل هي ناظرة إلى بساطة الحياة التي اقتضت انحسار مساحة الاختلاف، وحين بدأت بالتطور اتَّسعت هذه المساحة فاحتاج الناس إلى تشريعات تنظم الحقوق وهذه هي التي جاء بها الأنبياء.
وإنّما قلنا إن القرآن الكريم يشهد ولم نقل يدل، لأن دلالته إن تمت فهي في حدود الظهور، وحجية الظهور منوطة بعدم قيام القرينة على الخلاف، ومما يمكن أن يكون قرينة على الخلاف الدليل العقلي القطعي، فإذا تم دليل اللطف استلزم ذلك سقوط ظهور الأدلة ولو كانت قرآنية عن الحجية في ما خالف مقتضى ذلك الدليل، فالمشكلة في دليل اللطف وتطبيقه هنا أنه غير تام في نفسه، وعدم تمامه في نفسه يمكن إثباته من خلال أحد طريقين أولهما النقض عليه وهو أوقع في إبطاله إذا تم النقض، وقد سلكنا هذا الطريق والآخر هو الحل، ويكفي فيه التشكيك في صحة إحدى مقدمات الاستدلال، وقد شككنا في اقتضاء اللطف لضرورة وجود إمام ظاهر.
يؤيد ما ذكرناه أنه لا يوجد في الروايات عن الأئمة (عليهم السلام) أثر من ذلك، فإن المستند إن كان قاعدة اللطف، والمانع هو عدم استقامة الناس لكان ذلك علة لأصل الغيبة ولم يرد في علل الغيبة شيء يرجع إلى ذلك. فالذي يقوى في النظر أن الباحثين من الأعلام حين ألزموا أنفسهم بأن قاعدة اللطف تقتضي ضرورة وجود إمام ظاهر بين الناس وخالف ذلك واقع كون الإمام الثاني عشر (عجَّل الله فرجه) غائباً كل هذه المدة لجأوا إلى دفع الإشكال بأن اللطف باق على ما اقتضاه فقد نصب الله تعالى بمقتضى لطفه للناس إماماً حقاً، لكنهم حين قصّروا غيّبه عنهم، ومتى ما رفعوا التقصير ظهر الإمام (عجَّل الله فرجه) لهم، نعم في التوقيع الصادر للشيخ المفيد تعليل لاستمرار الغيبة بتقصير الناس لا لأصلها، وسيأتي التوقيع.
ولنا أن نتساءل إن كانت غيبة الإمام (عجَّل الله فرجه) نوع عقوبة للناس على تقصيرهم فقد غرقت أُمم سابقة في الارتداد عن الدين والعصيان، بل والكفر، ولم يبلغنا حصول غيبة لحجج الله عنهم كعقوبة على ما ارتكبوا من المعاصي.
ومما يمكن أن يكون قرينة على رفع اليد عن ظهور الآية في خلو فترة من الحجة، الروايات التي دلت على أن الأرض لا تخلو من حجة، وهي مستفيضة إن لم تكن متواترة معنى، ولذا ذهب الصدوق في إكمال الدين إلى أن الفترة التي وردت في الآية الشريفة معناها.
لا يكون نبي ولا وصي ظاهر مشهور، وقد كان بين نبينا (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وبين عيسى (عليه السلام) أنبياء وأئمة مستورون خائفون منهم خالد بن سنان العبسي(٢٠).
وقد يدعم ذلك بقوله تعالى في الآية ﴿ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ﴾ (المائدة: ١٩)، إذ يمكن القول إن هذا المقطع يشير إلى الحجة الظاهر، فإن وجود الحجة المستور لا يمنعهم من الاحتجاج بالقول ما جاءنا من بشير ولا نذير.
فإذا تم هذا القول سقط ظهور الآية في وجود فترة تخلو من الحجة، بل لو كان في هذا المقطع احتمال معتد به في إرادة هذا المعنى امتنع ظهور الآية أيضاً لاحتفافها بما يمكن أن يكون قرينة على الخلاف، والقرينة المحتملة المتصلة تمنع من الظهور.
نعم ذهب البعض إلى أنه لم يكن في الفترة نبي، فقد قال في التبيان: وفيه دلالة على أن زمان الفترة لم يمكن فيه نبي(٢١).
وذهب الطبرسي لذلك حيث قال:
وفيه دلالة على أن زمان الفترة لم يكن فيه نبي وكانت الفترة بين عيسى (عليه السلام) ومحمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وكانت النبوة قبل ذلك متصلة في بني إسرائيل(٢٢).
واختار ذلك صاحب الأمثل حيث قال:
تكرر هذه الآية الخطاب إلى أهل الكتاب من اليهود والنصارى فتبين لهم أن النبي المرسل إليهم مرسل من عند الله أرسله في عصر ظلت البشرية قبله فترة دون أن يكون لها نبي(٢٣).
إلّا أن ذلك لا يعارض روايات أن الأرض لا تخلو من حجة، فالحجة أعم من النبي والرسول ولذا قال في الأمثل بعد ذلك:
إنما ينفي وجود الرسل في تلك المدة، ولا يتنافى هذا الأمر مع القول بوجود أوصياء للرسل في ذلك الوقت.
وهذا يعني أن الدليل على ضرورة وجود حجة في كل زمان من رسول أو نبي أو وصي نبي هو دليل شرعي.
وأمّا ما ذكر من غيبة لبعض الأنبياء كموسى (عليه السلام) لمدة أربعين ليلة وغيبة يوسف (عليه السلام) عن أهله وغيبة إدريس (عليه السلام)، فالروايات وإن أشارت إلى أنها مشابهة لغيبة الحجة (عجَّل الله فرجه) إلّا أنها مشابهة في أصل الغيبة لا في تفاصيلها، على أن موسى (عليه السلام) قد غاب عنهم وهم مؤمنون ورجع إليهم وهم كفار يعبدون العجل، إن عددنا ذهابه إلى ميقات ربه غيبة مع إخبارهم سلفاً بطولها، نعم، زاد عليها عشرة أيام، وغيبة يونس لم تدم إلّا يسيراً مع أن أُمّته قد اختارت الكفر، وإدريس حين رفع لم تبق أُمّته بدون حجة لله عليهم كل هذه المدة.
وأمّا التشبيه بالخضر فهو في خصوص طول العمر، ولم يثبت أنه نبي بل هو عبد صالح، نعم ورد في علل الشرائع رواية دلت على أنه نبي(٢٤)، لكن البعض الآخر نفى النبوة عنه، ومنها ما هو تام السند كرواية بريد التي في الكافي(٢٥)، ولو كان نبياً فهو ليس نبياً للأُمم اللاحقة التي جاءها أنبياء ورسل كانوا حججاً لله عليهم.
وكيف كان فلا يمكن الاستناد إلى قاعدة اللطف لإثبات أن هناك دخالة بشرية ممكنة في تعجيل فرج المولى (عجَّل الله فرجه)، وأنا هنا أنفي الدلالة على المدعى ولا أنكر أصل المدعى إذ قد يدل عليه دليل آخر، وهو ما سيتضح من طيات البحث.
وبنفس هذا الرد يتَّضح الرد على الاستدلال بوجوه أخرى كقاعدة الرحمة التي قال بها بعض الفلاسفة وقياس الأولوية الذي أشار إليه هشام بن الحكم في قصته مع عمرو بن عبيد عالم البصرة والقصة معروفة(٢٦).
وهذا الوجه غير تام.
الثالث: ما دل على الأمر بالدعاء بالفرج:
هناك جملة من الروايات التي أمرتنا بالدعاء بفرج الإمام (عجَّل الله فرجه)، ولو لم يكن للدعاء أثر لما كان مناسباً أن يتوجه أمر بالدعاء به.
فمن رواية محمد بن محمد بن عصام الكليني (رضي الله عنه) عن محمد بن يعقوب الكليني عن إسحاق بن يعقوب، قال: سألت محمد بن عثمان (رضي الله عنه) أن يوصل لي كتاباً قد سألت عن مسائل أشكلت عليَّ، فوردت في التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان (عليه السلام): «أمّا ما سألت عنه - أرشدك الله وثبتك - ... وأمّا علة ما وقع من الغيبة فإن الله (عزَّ وجلَّ) يقول: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾ [المائدة: ١٠١]، إنه لم يكن أحد من آبائي (عليهم السلام) إلّا وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه، وإني أخرج حين أخرج ولا بيعة لأحد من الطواغيت في عنقي، فأمّا وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذا غيّبها عن الأبصار السحاب، وإنّي لأمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء، فاغلقوا أبواب السؤال عما لا يعنيكم، ولا تتكلفوا ما قد كفيتم، وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج فإن ذلك فرجكم، والسلام عليك يا إسحاق بن يعقوب وعلى من اتَّبع الهدى»(٢٧).
وواضح أن الفرج المعني - خصوصاً والمسؤول هو الحجة (عجَّل الله فرجه) - يراد به ظهور الإمام وقيام دولة الحق على يديه. أتراه يأمر بالإكثار من الدعاء بأمر وهو يعلم أنه لا فائدة بدعائه من جهة تحقق المدعو به؟
ومثل هذه الرواية والروايات التي وردت في أدعية من فقراتها طلب الفرج من الله تبارك وتعالى كثيرة أشار إلى الكثير منها في مكيال المكارم الجزء الثاني، ولا حاجة إلى استعراضها جميعاً، ومن يراجع الأدعية المزبورة يجد الكثير من هذه المضامين فيها.
ووجه دلالتها على المطلوب أنها حين أمرتنا بالدعاء بالفرج فهذا يعني إمكان أن يتحقق المدعو به وإلّا فلا حاجة إلى الدعاء به إذا كان محال التحقق.
فهذا الوجه تام الدلالة على المطلوب.
الرابع: روايات الموطئين:
مما يمكن أن يقال بالنظر البدوي إن روايات الموطئين تثبت التأثير البشري في تعجيل فرج المولى (عجَّل الله فرجه).
ففي رواية عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يخرج ناس من المشرق فيوطئون للمهدي - يعني سلطانه -»(٢٨).
وجه الدلالة أن لفظة التوطئة ظاهرة في دخالة الناس في الظهور المبارك.
وعن سنن ابن ماجة عن عبد الله بن مسعود قال: بينما نحن عند رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إذ أقبل فتية من بني هاشم، فلما رآهم النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) اغرورقت عيناه وتغير لونه، فقلت: ما نزال نرى في وجهك شيئاً نكرهه؟ قال: «إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإن أهل بيتي سيشهدون بلاءً وتشريداً وتطريداً، حتى يأتي قوم من أهل المشرق ومعهم رايات سود يسألون الحق فلا يعطونه فيقاتلون فينصرون فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه، حتى يدفعونها إلى رجل من أهل بيتي فيملؤها قسطاً كما ملئت جوراً، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبواً على الثلج»(٢٩).
وجه الدلالة أنهم يمهدون الأمر حتى يظهر فيدفعون الراية له (عجَّل الله فرجه).
لكن الدلالة غير تامة فضلاً عن سند الرواية، وعدم تمامية الدلالة من جهة أن الرواية تحدثت عن قضية خارجية، والمبحوث عنه هو دخالة البشر في تعجيل الأمر مما ينعكس محركاً لهم في توطئة الأمر وتمهيده، وبتعبير آخر مورد السؤال والبحث هو هل يمكن للمكلفين نوعاً أن يكونوا سبباً في تعجيل ظهور الإمام (عجَّل الله فرجه)؟ وهذا يعني أننا كمكلفين بالإمكان إذا تحركنا أن نسهل من ذلك. وليس مورد البحث أن ظهور الإمام قد تسبقه بعض المقدمات المرتبطة بفعل اختياري للمكلفين أو لمكلفين خاصين، وتلك واقعة مستقبلية محددة لا يمكن لغيرهم أن يؤدي دورهم فيها.
هذا أولاً، وثانياً: أن الرواية تحدثت عن واقعة مستقبلية تحدث قبل ظهور الإمام (عجَّل الله فرجه) ثم يظهر الإمام، فهي تشير إلى تسلسل حدثين دون أية إشارة إلى سببية بينهما.
ونفس الإشكال السندي والدلالي يردان على الرواية الأولى، وإن كان في الرواية الأولى قد ورد تعبير يوطئون الظاهر في السببية، لكن يبقى الإشكال الدلالي الأول على حاله، إذ ليس من المعلوم أنه إذا قام قوم آخرون بما يقوم به أهل الرايات السود فإن الإمام سيظهر، فالسببية لا تعني التعجيل وإنما يمكن أن يكون له زمن محدد محتوم لا يتقدم ولا يتأخر، وفي ذلك الزمان يتحتم ظهور حركة قوم من جهة المشرق.
وهذا الوجه نظراً للإشكالين الذين فيه لا يصلح إلّا للتأييد.
الخامس: التوقيع الشريف الصادر للشيخ المفيد:
ومن تلك الأدلة التوقيع الصادر عن الناحية المقدسة للشيخ المفيد (قدّس سرّه) حيث جاء فيه:
«ولو أن أشياعنا وفقهم الله لطاعته على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم لما تأخر عنهم اليُمن بلقائنا ولتعجلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حق المعرفة وصدقها منهم بنا، فما يحبسنا عنهم إلّا ما يتصل بنا مما نكرهه ولا نؤثره منهم والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل وصلواته على سيدنا البشير النذير محمد وآله الطاهرين وسلم»(٣٠).
والذي يظهر من هذا التوقيع الذي صدّر بحرف (لو) وهو حرف امتناع لامتناع - أي يمتنع الجزاء لامتناع الشرط - أن الممتنع لأجل امتناع اجتماع قلوب الشيعة على الوفاء بالعهد هو اللقاء بعمومهم والمشاهدة لعامتهم وهو يعني انتهاء الغيبة.
وكيف كان ففي التوقيع الشريف أكثر من فقرة تدل على أن تقصير الأُمّة هو المانع من ظهوره.
الأولى: قوله (عليه السلام): «ولو أن أشياعنا وفقهم الله لطاعته على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم».
الثانية: قوله (عليه السلام): «فما يحبسنا عنهم إلّا ما يتصل بنا مما نكرهه ولا نؤثره منهم».
وما يتصل بنا أراد به ما يصل إليه (عجَّل الله فرجه) من سوء العمل.
وهذا الدليل تام الدلالة إلّا أن في سنده مشكلة، وإشكاله السندي لا يمنع من الاستفادة منه كمؤيد وقرينة احتمالية إضافية.
السادس: روايات أخرى:
ومن ذلك روايات بألسنة أخرى، منها:
ما في تفسير العياشي عن الفضل بن أبي قرة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «أوحى الله إلى إبراهيم أنه سيولد لك، فقال لسارة، فقالت: أألد وأنا عجوز؟ فأوحى الله إليه أنها ستلد ويعذب أولادها أربعمائة سنة بردها الكلام عليَّ، قال: فلما طال على بني إسرائيل العذاب ضجّوا وبكوا إلى الله أربعين صباحاً، فأوحى الله إلى موسى وهارون يخلصهم من فرعون، فحط عنهم سبعين ومائة سنة».
قال: فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «هكذا أنتم لو فعلتم لفرّج الله عنّا، فأمّا إذ لم تكونوا فإن الأمر ينتهي إلى منتهاه»(٣١).
وما عن جابر الأنصاري عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: «يغيب عنهم الحجة، لا يسمى حتى يظهره الله، فإذا عجّل الله خروجه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً»(٣٢).
وهذه الرواية واضحة الدلالة على أن الظهور قابل للتعجيل، وأن له أمداً إن لم يعجل الله به فسيبقى على أمده، لكن لا دلالة فيها على أن للاتباع تأثيراً في تعجيل الظهور.
اللهم إلّا بضميمة أن ما كان ممكناً في نفسه ولم يكن ضمن دائرة القضاء المحتوم الذي لا يغير ولا يبدل كان الدعاء ذا تأثير فيه أو محتمل التأثير فيه.
الخلاصة:
وحاصل البحث أن القاعدة والأصل يقتضي تأثير الناس في تعجيل الظهور، والوجوه التي تنفي ذلك إمّا مخدوشة أو معارضة بما هو أقوى منها ومقدم عليها من وجوه الإثبات، ووجوه الإثبات وإن لم نقبل ببعضها إلّا أن البعض الآخر تام لا غبار عليه، والمطلب الحق لا يحتاج أكثر من دليل واحد.
أعاذنا الله تعالى من زلل القول وخطل الفعل وهو ولي التوفيق.

الهوامش:

(١) ﴿فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ﴾ (النساء: ٧٤).
﴿فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ﴾ (التوبة: ١١١).
﴿يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ﴾ (فاطر: ٢٩).
﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ﴾ (الصف: ١٠).
(٢) كمال الدين: ج٢، باب علة الغيبة، ج٦.
(٣) رواية أبي البلاء يحيى بن أبي سليمان أو يحيى بن سليم عن الإمام الباقر (عليه السلام) وهي رواية طويلة وكل طبقات سندها ثقات إلّا يحيى بن أبي سليمان. [كمال الدين: ج١، ص١٩٧-٢٠٣]
(٤) كمال الدين: ج١، ص٢٠٩-٢١٠.
(٥) كمال الدين: ج١، ص٢٣١.
(٦) كمال الدين: ج١، ص٢٣٤-٢٣٥.
(٧) كمال الدين: ج٢، ب٤٤، ح١١.
(٨) كمال الدين: ج٢، ب٥٤، ح١.
(٩) ومن أمثال ذلك: ما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) في رواية عباد بن محمد المدائني، قال: دخلت على أبي عبد الله بالمدينة حين فرغ من مكتوبة الظهر وقد رفع يديه إلى السماء وهو يقول: «أي سامع كل صوت، أي جامع كل فوت، أي بارئ كل نفس بعد الموت... أسألك بحقك على خيرتك من خلقك وبحقهم الذي أوجبت على نفسك أن تصلي على محمد وأهل بيته وأن تمن عليَّ الساعة بفكاك رقبتي من النار، وأنجز لوليك وابن نبيك الداعي إليك بإذنك وأمينك في خلقك وعينك في عبادك وحجتك على خلقك عليه صلواتك وبركاتك وعده، اللهم أيّده بنصرك وانصر عبدك وقوِّ أصحابه وصبرهم وافتح لهم من لدنك سلطاناً نصيراً وعجل فرجه وأمكنه من أعدائك وأعداء رسولك يا أرحم الراحمين».
قال: أليس قد دعوت لنفسك جعلت فداك؟ قال: «دعوت لنور آل محمد وسابقهم والمنتقم بأمر الله من أعدائهم» [مكيال المكارم: ج٢، ص١٠].
وما ورد عن الحجة (عجَّل الله فرجه) أنه عند ولادته دعا في حال السجود بقوله: «اللهم أنت ثقتي ورجائي فاكفني ما أهمني وما لم يهمني وما أنت أعلم به مني، عز جارك وجل ثناؤك ولا إله غيرك صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم» الخبر [مكيال المكارم: ج٢، ص٢٦].
(١٠) نور الثقلين: ج٢، ص٣١٥-٣١٦.
(١١) هكذا في نور الثقلين.
(١٢) نور الثقلين: ج٢، ص٣١٦.
(١٣) تفسير القمي: ج٢، ص٤٦٨، طبعة مؤسسة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه).
(١٤) بحار الأنوار: ج٥٢، ص١٠٦.
(١٥) بحار الأنوار: ج٥٢، ص١٠٥.
(١٦) بحار الأنوار: ج٥٢، ص١٠٥.
(١٧) بحار الأنوار: ج٥٢، ص١١٧.
(١٨) بحار الأنوار: ج٥٢، ص١٢٦.
(١٩) بحار الأنوار: ج٥٢، ص١٤٢.
(٢٠) تفسير الصافي: ج٢، ص٢٤.
(٢١) التبيان: ج٣، ص٤٧٧.
(٢٢) طبعة مطبعة العرفان: ج٢، ص١٧٧، ١٩٣٥.
(٢٣) الأمثل: ج٣، ص٦٥٦.
(٢٤) رواية ابن عمارة عن أبيه عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: «إن الخضر كان نبياً مرسلاً بعثه الله تبارك وتعالى إلى قومه فدعاهم إلى توحيده والإقرار بأنبيائه ورسله وكتبه...» الخبر [علل الشرائع: ج١، ب٥٤، ح١].
(٢٥) الكافي: ج١، ص٢٦٩، ح٥، علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن بريد بن معاوية عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: ما منزلتكم ومن تشبهون ممن مضى؟ قال: «صاحب موسى وذو القرنين كانا عالمين ولم يكونا نبيين».
(٢٦) الكافي: ج١، ص١٦٩-١٧١.
(٢٧) كمال الدين: ج٢، ب٤٥، ح٤.
(٢٨) عن سنن ابن ماجة: ج٢، ص٩٧١، طبعة التازي بمصر.
(٢٩) العرف الوردي في أخبار المهدي: ج١، ص١٧٩.
(٣٠) الاحتجاج: ج٢، رقم٣٦٠.
(٣١) بحار الأنوار: ج٥٢، ص١٣١-١٣٢.
(٣٢) بحار الأنوار: ج٥٢، ص١٤٣.

التقييم التقييم:
  ٠ / ٠.٠
 التعليقات
لا توجد تعليقات

الإسم: *
الدولة:
البريد الإلكتروني:
النص: *

Copyright© 2004-2013 M-mahdi.com All Rights Reserved