الصفحة الرئيسية » البحوث والمقالات المهدوية » (٤٤٩) دعوى النبي عرّام سذاجة أم خيانة عوام؟
 البحوث والمقالات المهدوية

المقالات (٤٤٩) دعوى النبي عرّام سذاجة أم خيانة عوام؟

القسم القسم: البحوث والمقالات المهدوية الشخص الكاتب: السيد أحمد الاشكوري تاريخ الإضافة تاريخ الإضافة: ٢٠١٣/١٠/١٠ المشاهدات المشاهدات: ٥٢٥٩ التعليقات التعليقات: ٠

دعوى النبي عرّام سذاجة أم خيانة عوام؟

السيد أحمد الاشكوري

مناشئ الاختلاف:
السير البشري عاش صراع الخير والشر والحق الباطل في الفكر والسلوك والإيديولوجية، فكان الاختلاف قديما منذ قدم الأرض، ابتدأ حيث بدأ، فصار الإنسان ينظر إلى العالم وما حوله بنظرات مختلفة فطرية وعلمية وفلسفية ووضعية، وقد قرن الإنسان أفكاره بشيء من الخيال والوهم والبيان الساحر والفاتن الغامض مما أوجب الهول والفجوة في الصراع، وإنّ مناشئ الخلاف ربما بعضها موضوعية وإيجابية وفق نظام تطور الفهم وتكامل العلم ونضوج المجتمع، وهذا النمط من الاختلاف مقبول بحكم العقل والعقلاء والشرع، بل هو رحمة وخير، لكن البعض الآخر منه ذاتي وسلبي لأسباب كفساد في النية أو أتباع الهوى أو لروح انتهازية أو للسطوة والسلطان أو للعصبيات القومية والعنصرية أو الاختلاف في مستوى الإدراك والبلادة أو للآفات النفسية والعقد الوراثية أو لركام تركه الميراث الاجتماعي والتأثير الإعلامي، فالتزريقات اللاشعورية أو غيرها أثرت أثرها، كل هذا أوجب نشوء التأزم الفكري والسلوكي.
أساليب أهل الباطل:
من هنا صار أهل الباطل يزينون دعواهم بشعارات وقيم موهمة ومتشابهة ليدلّسوا لشرهم بنظريات شاذة ورؤى فاسدة ومناهج منحرفة وأدلة واهية فاقدة لأدنى القواعد العلمية التي بها يكبح العوج والسفسطة، فمنهم من لم يحدد هويته فيضطرب في بيانها فيدّعي يماني، فمعصوم، فالمهدي الثاني، فابنه، والحبل على الجرار.
من سخرية القدر أنّ رجلاً ادعى النبوة في أيام المتوكل فطلب منه الدليل، وقال: القرآن يشهد بنبوتي في قوله تعالى: ﴿جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ﴾ وأنا اسمي نصر الله قال المتوكل له فما معجزتك؟ قال: ائتوني بامرأة عاقر انكحها فتحمل. فقال المتوكل لوزيره: أعطه زوجتك. فقال الوزير: أما أنا فأشهد أنّه نبي وإنّما يعطي زوجته من لا يؤمن به، وحكي في كتاب الضوء اللامع للسخاوي أن عبد الرحمن بن عبد الوارث القريشي ظفر بشخص من عرب الصعيد يقال له (عرّام) ادّعى النبوة فطالبه بالدليل، فقال انه رأى فاطمة الزهراء (عليها السلام) فأخبرته عن أبيها أنه سيبعث الله بعده نبياً وهو أنت يا عرّام، وقال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في المنام أنا خاتم الأنبياء وأنه لا نبي بعدي إلا أنْ يشاء الله ومشيئته فوق كل شيء، وهكذا صار عرّام نبياً وله أتباع، ونظائر ذلك فوق حد الإحصاء، وعلى هذا المستوى من الأدلة الساقطة يستدل هؤلاء، فتستغرب كيف يصدق الناس عرّام ولا بينة له ولا برهان، وقد نبّه القرآن إلى هذه الظاهرة الاجتماعية المنحرفة وحدد ثلاث طوائف تنهج على سراب في آية واحدة:
١- قوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى‏ عَلَى الله كَذِباً﴾.
٢- وقوله (عزَّ وجل): ﴿أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَ لَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْ‏ءٌ﴾.
٣- وقول الباري: ﴿وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ الله﴾.
فهؤلاء هم الذين يغلقون طريق النور بوجه العباد ويضلونهم في متاهات الضلال، والآية وإن كانت ناظرة إلى أدعياء النبوة والوحي، لكن روحها تشمل كل من يدعي لنفسه مكانة ليس هو أهلا لها، فويل لكل أفّاك أثيم، فقد قال أمير المؤمنين (عليه السلام): وإياكم والدجالون... إلى أن يقول (عليه السلام) ويخرج دجال من دجلة البصرة وليس مني.
وقد رفع هؤلاء هتافات خلابة تناغي عواطف الجهلة، فاستغلوا مشاكل الناس الاقتصادية والاجتماعية والسياسة فجعلوها لصالح مقاصدهم الشيطانية وجر المنافع إلى الشخصنة والنزعة الذاتية مستعينين بمسمى أدلة لا نصيب لها من عقل ونقل يمجها العقلاء في لوحة مشوهة وصور تخالف الطبع وأفكار رعناء مما يستدعي التقزز منها عند البسطاء فضلا عن النخب، بل تمكن العدو من الاستخفاف بالفكر والعقل بفعلهم هذا مع أن مدعياتهم مفاهيم غريبة أجنبية عن العقيدة ودخيلة بأجندة معدّة سلفاً وممنوعة على الفكر الأصيل السماوي المحمدي.
من هنا نقول إن:
سمات الأدلة وثقافة أدعياء المنظومة المهدوية على قسمين:
القسم الأول: أدلة عامة اعتمدتها أكثر هذه المدارس الشاذة علمياً وصاحبة الطرق غير المعهودة عقلياً وعقلائياً ودينياً.
١- الاستدلال بالقرآن وتنزيل الآيات على أصحاب هذه الدعوى من دون اعتماد على منهج علمي.
٢- دعوى الرؤى للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام) والسيدة الزهراء (عليها السلام) في كل من عالم اليقظة (الكشف) وعالم الرؤيا وخلق مناخ لإيجاد الإيحاءات الكاذبة.
٣- دعوى بلا دليل معتبر كالإخبار بالغيب والمعجزة والمعرفة اللدنيّة والعصمة والاطلاع على متشابهات القرآن الكريم والسلطنة على اللغات المتعددة والكتب السماوية وتقليد أنفسهم أوسمة في منتهى التضخيم وهكذا أنصارهم لتشجيعهم. والمهم عندهم نشر هذه المدعيات وتكميم أفواه أهل الحق الذين استعدوا للمجابهة وكشف الزيغ.
٤- دعوى المناظرة (وهم في الغالب محجوبون عن الأنظار وعن الوصول إليهم، وإرسال الذبذبات الصوتية من دون الحضور في المحافل العلمية الرئيسية) وهكذا دعوى المباهلة (مع عدم وجود الدال على مدعيها حتى تتم مثل هذه المجالس) وهكذا دعوى القسم، وغير ذلك.
٥- الاعتماد على العلوم الغريبة كعلم الحروف والجفر والرمل من قبيل نائب الإمام المهدي=٥١، ونجمة الصبح=٥١، وابن الإمام المهدي=٥١، وابن ياسين والذاريات=٥١، وحبل المتين=٥١ .
٦- الاعتماد على علائم عامة وتنزيلها عليهم وهي من أعلى رتب استحقار الناس واستحمارهم مثل هذا النص (يعرف بالسكنية والوقار والعلم والوصية) و(...هو الذي يدعو إلى الحق والطريق المستقيم ويسعى إلى إقرار حاكمية الله) أو مثل هذا النص (هو ابن المهدي ومن البصرة ويجادل بالقرآن ويجب عليه حمل السلاح وسوف يبتلى الناس به).
القسم الثاني: أدلة خاصة اعتمدتها بعض المدارس وإنْ كانت هي أيضاً من جهة أخرى تدخل في القسم الأول نشير إلى أهمها في نظرهم:
١- وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليلة وفاته.
٢- رواية الأصبغ بن نباته وأمثالها الفاقدة للتطبيق على المدعو فلان.
٣- الاعتماد والاستدلال بالاستخارة في تحديد حقانية أخطر مدعى غيبي.
٤- مطالبة العلماء بأمور لم يدعها العلماء لأنفسهم كـمطالبتهم بالمعجزة.
٥- الاستدلال بالروايات ضعيفة السند والفهم والتطبيق المغلوط وانتقاء النسخة المناسبة لهم مع تعددها وإعمال التزوير فيها.
ختاماً:
دعوى عرّام هي بلاغ كاذب، بل دعوى مسجّلة ضد مجهول إمضاء البريق الفاضح.

التقييم التقييم:
  ٠ / ٠.٠
 التعليقات
لا توجد تعليقات.

الإسم: *
الدولة:
البريد الإلكتروني:
النص: *

 

Specialized Studies Foundation of Imam Al-Mahdi (A-S) © 2016