الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) ومنهج مواجهة الإرهاب
محمد عيدان العبادي
قدوم الناس من كل فجٍ عميق إلى مكة بعد سماع الخبر بظهور الإمام (عجّل الله فرجه) يتم من خلال تخطيط إلهي للثورة والمواجهة لحمم العذاب التي قذفت من براكين الإرهاب.
ويتسم الرسم المنهجي الإلهي بالدقة والشمول والاستيعاب لكل الحشود القادمة، وتعبئتها وتهيئتها نحو المواجهة الحاسمة وفقاً لخطوات واعية وحكيمة.
وسيكون منهج المواجهة هو التالي:
أوّلاً: التعريف:
التعريف في اللغة (الإعلام) ومقصودنا منه (عجّل الله فرجه) هو قيام الإمام بإعطاء توضيح وصورة عن نفسه وحجته، والدين وأهميته، وشرح الواقع الذي عليه الناس في زمن الظهور؛ فأول ما ينطق بهذه الآية: ﴿بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِن كُنتُـم مُؤْمِنِينَ﴾ ثم يقول: (أنا بقية الله وخليفته وحجته عليكم).
هذا التعريف يترشح منه إلى الناس معرفة حقه والطاعة له، اللذان هما عماد تماسك الجيش والقوات والتي هي في طور البناء والتكوين والتكامل.
فالتعريف ضروري من قبل الإمام (عجّل الله فرجه) إلى الناس إذ أن الناس تلقائياً يريدون أن يعرفوا القائد الذي يتبعونه، ويستمعوا منه ما يصدر من أوامر وتوجيهات ربانية، ليطيعوا من أعماق أوعية صدورهم، وليسمعوا نداء الإيمان فينطلقوا معه في سرعة واحدة إلى خطوط التماس الأولى في مواجهة أعداء الله (فإذا صلّى العشاء نادى بأعلى صوته يقول: أذكركم الله أيها الناس ومقامكم بين يدي ربكم وقد أكد الحجة وبعث الأنبياء وأنزل الكتاب يأمركم أن لا تشركوا به شيئ، وأن تحافظوا على طاعة الله و طاعة رسوله (صلّى الله عليه وآله وسلم) وأن تحيوا ما أحيا القرآن وتميتوا ما أمات وتكونوا أعواناً على الهدى و وازروا على التقوى، فإن الدنيا قد دنا فناؤها).
ويشمل التعريف بيان حجم المواجهة، والتسديد الإلهي، ومدى ثقل الأمانة التي يريدون إبلاغها إلى الناس، وعظم الأجر والمنزلة لمن يلج الجهاد في صفوف جيش الإمام المهدي (عجّل الله فرجه).
فكل هذه الحدود في بيان الحقيقة تجعل من المؤمنين المجاهدين يعرفون موضع أقدامهم والاتجاه المستقيم الذي يسيرون فيه، ويعرفون الشرعة والمنهاج الذي يمموا وجوههم شطره.
ثانياً: التكليف:
وهو في اللغة (أمره بما يشق عليه)، والذي نريده من التكليف هو الوظيفة، أو المسؤولية التي يجب على أتباع الإمام صاحب الزمان (عجّل الله فرجه)، وأنصاره أنْ يؤدوها كاملة غير منقوصة.
ويمكن تقسيم الوظيفة والتكليف إلى:
١- تكليف قبل ظهوره (عجّل الله فرجه): وهذا التكليف يتضمن الدعاء من أجل الثبات على الدين، ومعرفة الإمام، وقد أمر المؤمنون أنْ يدعوا به في زمان الغيبة (اللهم عرّفني نفسك، فإنك إنْ لم تعرّفني نفسك لم أعرف نبيك، اللهم عرّفني نبيك فإنك إنْ لم تعرّفني نبيك لم أعرف حجتك، اللهم عرّفني حجتك فإنّك إن لم تعرّفني حجتك ضللت عن ديني...).
ويتضمن التكليف أيضاً الدعاء للإمام (عجّل الله فرجه) في الحفظ من شر جميع ما فطر الله في السماوات والأرض (اللهم أعذه من شر جميع ما خلقت وبرأت وذرأت وأنشأت وصورت واحفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه، وعن شماله، ومن فوقه، ومن تحته بحفظك الذي لا يضيع من حفظته به، واحفظ فيه رسولك ووصي رسولك، اللهم ومدَّ في عمره، وزد في أجله، أعنه على ما أوليته واستدعيته، وزد في كرامتك له فإنه الهادي والمهتدي والقائم المهديُّ).
وهذه الأدعية والتكاليف التي رسمت في الأحاديث الشريفة من شأنها أن تلقن الإنسان الوظيفة في زمن الغيبة فضلاً عنها في زمن حضور الإمام وظهوره، وهي تساهم إلى حدٍ كبير في تخمير الوعي وترشيد واستيعاب المسؤولية في زمن ظهور.
فالمؤمنون في زمن الغيبة في الوقت الذي يقرأون في المضامين العالية للأدعية، والنصوص الشريفة؛ يأخذون من فيضها رشحات وعبقات التكاليف الملقاة على عاتقهم، وحجم المسؤولية التي للإمام صاحب الأمر (عجّل الله فرجه)، والتي عليهم أنْ يكونوا شركاء على معاونته ونصرته فيها.
٢- من قبل الإمام (عجّل الله فرجه) بعد أنْ عرفوا طيفاً نتفاً من مؤداه في غيبته (عجّل الله فرجه) (وروي أنّ التسليم على القائم (عليه السلام) أنْ يقال له: السلام عليك يا بقية الله في أرضه)، (عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: من أدرك منكم قائمنا فليقل حين يراه: السلام عليكم يا أهل بيت النبوة ومعدن العلم وموضع الرسالة).
والخلاصة: إنّ التكليف والوظيفة سواء كان في زمن الغيبة. أو في زمن الظهور ينبغي فهمه ومراعاته وإدراكه، لأنّ ذلك يجعل من المؤمنين جنوداً متأهبين لزمن الحضور والظهور الذي قد تتسارع أحداثه، وتتلاقى علاماته، وتبزغ شمسه.
ثالثاً: الإزالة:
يرجع أصل الإزالة إلى الزوال وهو: (الذهاب والاستحالة والاضمحلال)، والإزالة التي نعنيها هي تطهير الأرض من أعداء الله.
إنّ إزالة الباطل وأهله يؤدي إلى طمر وقبر الينابيع التي ينهل منها الإرهاب والظلم والانحراف. وقد فاح من فحوى المأثور من ضمن الدعاء للإمام؛ إنّه (عجّل الله فرجه) سيدكّ قلاع الأعداء التي يتحصن بها زعماء الظلم والإرهاب، ثم يجعلها كهشيم تذروه الرياح (اللهم إنّا نسألك أنْ تأذن لوليك في إظهار عدلك في عبادك وقتل أعدائك في بلادك حتى لا تدع للجور يا رب دعامة إلّا قصمتها ولا بنية إلا أفنيته، ولا قوة إلا أوهنته، ولا ركناً إلا هددته، ولا حداً إلّا فللته، ولا سلاحاً إلّا أكللته ولا راية إلا نكستها).
إنّ ذلك اليوم سيكون شديد الوطأة على الظالمين (إنّ للعدو يوم ذلك الصليم والاستئصال)، (فلا يقتل أعداء الله حتى يرضى الله تبارك تعالى).
فالإزالة ضرورية، إذ بدونها يعود الأمر ثانية إلى الجاهلية والعداوة والبغضاء.