الصفحة الرئيسية » البحوث والمقالات المهدوية » (٦٢٤) المهدي (عجّل الله فرجه) من العترة (عليهم السلام)
 البحوث والمقالات المهدوية

المقالات (٦٢٤) المهدي (عجّل الله فرجه) من العترة (عليهم السلام)

القسم القسم: البحوث والمقالات المهدوية الشخص الكاتب: الشيخ خالد البغدادي تاريخ الإضافة تاريخ الإضافة: ٢٠٢١/٠٣/٠٩ المشاهدات المشاهدات: ٤٢٥٥ التعليقات التعليقات: ٠

المهدي (عجّل الله فرجه) من العترة (عليهم السلام)

الشيخ خالد البغدادي

المهدي من العترة.. وحتَّى تعرف المهدي عليك أن تعرف العترة!
لقد اتَّفقت كلمة المسلمين جميعاً على أنَّ المهدي الذي يخرج في آخر الزمان ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً هو من العترة، لحديث رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) المتَّفق على صحَّته عند الجميع: «المهدي من عترتي»(١).
فهل ثَمَّة طريق لمعرفة المهدي عليه السلام؟!
الجواب: إذا عرفت العترة عرفت المهدي (عليه السلام)، لوجود تلازم وترابط وثيق بين الطرفين (المهدي والعترة).
وقد تسأل هنا: هل ثَمَّة سبيل إلى معرفة العترة؟!
أقول: إنَّ الأحاديث الواردة في لزوم التمسّك بعترة النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلم) وأخذ الدين عنهم قد بلغت حدّ التواتر، ولا يكابر في ذلك إلَّا من كان جاهلاً في علم الحديث.
قال ابن حجر الهيثمي في (الصواعق المحرقة): (ثمّ اعلم أنَّ لحديث التمسّك بذلك طرقاً كثيرة وردت عن نيف وعشرين صحابياً...، وفي بعض تلك الطرق أنَّه قال ذلك بحجَّة الوداع بعرفة، وفي أُخرى أنَّه قال ذلك بغدير خُمٍّ، وفي أُخرى أنَّه قال لمَّا قام خطيباً بعد انصرافه من الطائف، ولا تنافي؛ إذ لا مانع أنَّه كرَّر عليهم ذلك في تلك المواطن وغيرها اهتماماً بشأن الكتاب العزيز والعترة الطاهرة)(٢)، انتهى.
ومن أراد الاطِّلاع على هذه الطرق الكثيرة الواردة عن أكثر من عشرين صحابياً - وعن بعضهم بأكثر من طريق - فليراجع (سلسلة الأحاديث الصحيحة) للشيخ الألباني، الجزء الرابع، ليقف عليها بالتفصيل، وقد صرَّح علماء أهل السُّنَّة بأنَّ الحديث يكون متواتراً إذا رواه عشرة من الصحابة، كما ينصُّ على ذلك السيوطي(٣)..، فكيف إذا كان رواته أكثر من عشرين صحابياً؟!
ومن المعلوم أنَّه إذا ثبت تواتر حديث ما لكثرة طرقه فإنَّه لا يُلتَفت بعدها إلى ضعف رواته بأيِّ شكل من الأشكال، وهذا مطلب واضح عند الجميع ولا يحتاج إلى مزيد بيان، ومع ذاك فنحن سنورد أسماء جملة من أعلام أهل السُّنَّة ممَّن صحَّح حديث الثقلين بلفظ (التمسّك).
جاء في (صحيح سنن الترمذي): حدَّثنا علي بن المنذر الكوفي، حدَّثنا محمّد بن فضيل، حدَّثنا الأعمش، عن عطيَّة، عن أبي سعيد. والأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن زيد بن أرقم (رضي الله عنهما)، قالا: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم): «إنّي تارك فيكم ما إن تمسَّكتم به لن تضلّوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتَّى يردا عليَّ الحوض، فانظروا كيف تُخلِّفوني فيهما»(٤)، انتهى.
قال الألباني معلِّقاً على الحديث: صحيح: (المشكاة: ٦١٤٤، الروض النضير: ٨٧٧ - ٨٧٨، الصحيحة ٤: ٣٥٦ - ٣٥٧)(٥).
وقد صحَّحه أيضاً ابن حجر الهيثمي في كتابه (الصواعق المحرقة)، فقال: (ومن ثَمَّ صحَّ أنَّه (صلّى الله عليه وآله وسلم) قال: «إنّي تارك فيكم ما إن تمسَّكتم به لن تضلّوا، كتاب الله وعترتي»)(٦).
وقال في المصدر نفسه: (وفي رواية صحيحة: «إنّي تارك فيكم أمرين لن تضلّوا إن اتَّبعتموهما، وهما كتاب الله وأهل بيتي عترتي».
والنتيجة:
أنَّ هذا الحديث الشريف قد ورد بطرق صحيحة بلفظ (التمسّك) و(الأخذ) و(الاتِّباع).
قال الملَّا علي القاري في (المرقاة شرح المشكاة): (والمراد بالأخذ بهم: التمسّك بمحبَّتهم، ومحافظة حرمتهم، والعمل برواياتهم، والاعتماد على مقالتهم)(٧)، انتهى.
وعن الدهلوي في (التحفة الاثنا عشرية): (هذا الحديث - أي حديث الثقلين - ثابت عند الفريقين: أهل السُّنَّة والشيعة، وقد عُلِمَ منه أنَّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) أمرنا في المقدّمات الدينية والأحكام الشرعية بالتمسّك بهذين العظيمين القدر، والرجوع إليهما في كلِّ أمر، فمن كان مذهبه مخالفاً لهما في الأُمور الشرعية اعتقاداً وعملاً فهو ضالٌّ، ومذهبه باطل لا يُعبَأ به، ومن جحد بهما غوى، ووقع في مهاوي الردى)(٨)، انتهى.
وقال التفتازاني بعد أن ذكر الحديث: (ألَا يُرى أنَّه (صلّى الله عليه وآله وسلم) قرنهم بكتاب الله تعالى في كون التمسّك بهما منقذاً عن الضلالة، ولا معنى للتمسّك بالكتاب إلَّا الأخذ به بما فيه من العلم والهداية، فكذا في العترة) (٩)، انتهى.
وقال المباركفوري في شرحه على الترمذي: («فانظروا كيف تُخلِّفوني» بتشديد النون وتُخفَّف، أي: كيف تكونون بعدي خلفاء، أي: عاملين متمسِّكين بهما)(١٠)، انتهى.
قال: (لأنَّه نقل من نفس النهاية).
وابن الأثير في (النهاية): («إنّي تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي»، سمّاهما ثقلين؛ لأنَّ الأخذ بهما والعمل بهما ثقيل. ويقال لكلِّ شيءٍ خطير نفيس: ثُقل، فسمّاهما ثقلين لقدرهما وتفخيماً لشأنهما)(١١)، انتهى.
وقال النووي في شرحه على مسلم: (قوله (صلّى الله عليه وآله وسلم): «وأنا تارك فيكم ثقلين»، فذكر كتاب الله وأهل بيته. قال العلماء: سُمّيا ثقلين لعظمهما وكبير شأنهما، وقيل: لثقل العمل بهما)(١٢)، انتهى.
وقال شهاب الدين الخفاجي في (شرح الشفاء): (أي: تمسَّكتم وعملتم واتَّبعتموه)(١٣)، انتهى.
وقال المناوي الشافعي في (فيض القدير): (وفي هذا مع قوله أوَّلاً: «إنّي تارك فيكم» تلويح، بل تصريح بأنَّهما كتوأمين خلَّفهما ووصّى أُمَّته بحسن معاملتهما وإيثار حقِّهما على أنفسهم والاستمساك بهما في الدين...)(١٤)، انتهى.
وعليه؛ فقد اتَّفقت كلمات هؤلاء الأعلام من أهل السُّنَّة على لزوم التمسّك والأخذ عن العترة الطاهرة علوم الدين وأحكامه تماماً كما يُؤخَذ عن القرآن، وأنَّ الأخذ عن العترة عاصم من الضلال كما هو الشأن في الأخذ عن القرآن..
وقبل البحث في بيان المراد من العترة وتحديد شخوصها..، نتساءل هنا: من هو الذي اتَّبع العترة من فِرَق المسلمين: السُّنَّة أم الشيعة؟!
لا نذهب بعيداً، ولنستعن بكلمات أهل السُّنَّة أنفسهم في بيان الحقِّ في هذه المسألة:
يقول ابن تيميَّة في (منهاج السُّنَّة) في معرض ردّه على العلَّامة الحلّي: (قال الرافضي: وفي الفقه، الفقهاء يرجعون إليه (أي إلى علي عليه السلام).
والجواب: أنَّ هذا كذب بيِّن، فليس في الأئمَّة الأربعة ولا غيرهم من أئمَّة الفقهاء من يرجع إليه في فقهه، أمَّا مالك فإنَّ علمه عن أهل المدينة وأهل المدينة لا يكادون يأخذون بقول علي، بل أخذوا فقههم عن الفقهاء السبعة عن زيد وعمر وابن عمر ونحوهم.
أمَّا الشافعي فإنَّه تفقَّه أوَّلاً على المكّيين أصحاب ابن جريج كسعيد بن سالم القدّاح ومسلم بن خالد الزنجي، وابن جريج أخذ ذلك عن أصحاب ابن عبّاس كعطاء وغيره، وابن عبّاس كان مجتهداً مستقلَّاً، وكان إذا أفتى بقول الصحابة أفتى بقول أبي بكر وعمر لا بقول علي، وكان ينكر على علي أشياء، ثمّ إنَّ الشافعي أخذ عن مالك ثمّ كَتَب كُتب أهل العراق وأخذ مذاهب أهل الحديث واختار لنفسه.
وأمَّا أبو حنيفة فشيخه الذي اختصَّ به حمّاد بن أبي سليمان، وحمّاد عن إبراهيم، وإبراهيم عن علقمة، وعلقمة عن ابن مسعود، وقد أخذ أبو حنيفة عن عطاء وغيره.
وأمَّا الإمام أحمد فكان على مذهب أهل الحديث أخذ عن ابن عيينة، وابن عيينة عن عمرو بن دينار، عن ابن عبّاس وابن عمر، وأخذ عن هشام بن بشير، وهشام عن أصحاب الحسن وإبراهيم النخعي، وأخذ عن عبد الرحمن بن مهدي ووكيع بن الجراح وأمثالهما، وجالس الشافعي وأخذ عن أبي يوسف واختار لنفسه قولاً، وكذلك إسحاق بن راهويه وأبو عبيد ونحوهم والأوزاعي والليث أكثر فقههما عن أهل المدينة وأمثالهم لا عن الكوفيين)(١٥)، انتهى.
ويُؤيِّد هذه الدعوى من ابن تيميَّة - في عدم أخذ أهل السُّنَّة دينهم عن عترة النبيِّ - ما رواه أهل السُّنَّة أنفسهم من اللقاء الذي جرى بين أبي حنيفة وبين الإمام الصادق (عليه السلام)..، فقد استغاث أبو جعفر المنصور بأبي حنيفة قائلاً له: يا أبا حنيفة، إنَّ الناس قد فُتِنوا بجعفر بن محمّد، فهيِّئ له من مسائلك الصعاب، قال: فهيَّأت له أربعين مسألة...
فقال (أبو جعفر): يا أبا عبد الله، تعرف هذا؟ قال: «نعم، هذا أبو حنيفة»، ثمّ أتبعها: «قد أتانا». ثمّ قال: يا أبا حنيفة، هات من مسائلك نسأل أبا عبد الله. وابتدأت اسأله وكان يقول في المسألة: «أنتم تقولون فيها كذا وكذا، وأهل المدينة يقولون كذا وكذا، ونحن نقول كذا وكذا»، فربَّما تابعنا وربَّما تابع أهل المدينة وربَّما خالفنا جميعاً، حتَّى أتيت على أربعين مسألة ما أخرم منها مسألة(١٦).
وهذا يُثبِت أنَّ لأهل السُّنَّة أقوالا يخالفون فيها أئمَّة أهل البيت (عليهم السلام)، ولا يأخذون عنهم دينهم، وهو مخالف لحديث الثقلين الذي يُلزِم بالرجوع إلى العترة والأخذ عنها فضلاً عن حرمة مخالفتها.
أمَّا الشيعة الإماميَّة فيكفينا أن نُثبِت رجوعهم إلى عترة النبيِّ (عليهم السلام) بما شهد لهم ابن قيّم الجوزية في هذا الجانب، قال في (الصواعق المرسلة): (الوجه التاسع: إنَّ فقهاء الإماميَّة من أوَّلهم إلى آخرهم ينقلون عن أهل البيت أنَّه لا يقع الطلاق المحلوف به، وهذا متواتر عندهم عن جعفر بن محمّد وغيره من أهل البيت.
وهب أنَّ مكابراً كذَّبهم كلّهم وقال: قد تواطئوا على الكذب عن أهل البيت، ففي القوم فقهاء وأصحاب علم ونظر في اجتهاد وإن كانوا مخطئين مبتدعين في أمر الصحابة، فلا يوجب ذلك الحكم عليهم كلّهم بالكذب والجهل)(١٧)، انتهى.
وقال الألباني في كتاب (الفتاوى المهمَّة) في التفرقة بين السُّنَّة والشيعة: (... و لكن يوجد خلافات مثل المذاهب الأربعة فعلى الرأس والعين، ولكن عندنا خلافات جذرية، يكفي عندنا القرآن والسُّنَّة، و هم عندهم القرآن وأهل البيت)(١٨)، انتهى.
وجاء عن ابن خلدون في تاريخه: (اعلم أنَّ الشيعة لغةً هم الصحب والأتباع، ويُطلَق في عرف الفقهاء والمتكلِّمين من الخلف والسلف على أتباع علي وبنيه (رضي الله عنهم))(١٩)، انتهى.
وبهذا المضمون أيضاً عرَّف الأزهري الشيعة، حيث قال: (الشيعة: قوم يهوون هوى عترة النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلم) ويوالونهم)(٢٠)، وفي هذا التعريف - كما نلاحظ - لم يقل الأزهري: يُحبّونهم لأشخاصهم، إنَّما قال: يهوون هواهم، وهوى أهل البيت (عليهم السلام) هو طاعة الله (عزَّ وجلَّ) ضرورةً، فالشيعة إذن قومٌ يتابعون أهل البيت ويوالونهم لما فيه طاعة الله سبحانه.
والنتيجة:
أنَّ أهل السُّنَّة لم يتابعوا العترة في فقههم وأحكام الدين باعتراف كبار علمائهم، وهذه مخالفة صريحة لحديث الثقلين الذي يوجب التمسّك بالعترة كما أوجب التمسّك بالقرآن..، خلاف الشيعة الذين تمسَّكوا بالقرآن والعترة معاً، ولم يتخلَّفوا عنهما، حتَّى صارت متابعتهم للعترة الطاهرة والأخذ عنها ميزة واضحة لهم يُعرَفون بها دون غيرهم، وبشهادة علماء أهل السُّنَّة آنفاً.
العترة كلمة مجملة، فمن هم العترة؟
وهنا قد تسأل وتقول: ولكن العترة كلمة مجملة، غير محدَّدة الأشخاص، فمن هم العترة؟!
أقول: قد بيَّن النبيُّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلم) المراد من العترة في نفس حديث الثقلين، حيث قال: «عترتي أهل بيتي»..، فقد فسَّر النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلم) المراد بعترته بأنَّهم أهل بيته لا غير.
قال المناوي الشافعي في (فيض القدير): («وعترتي أهل بيتي» تفصيل بعد إجمال بدلاً أو بياناً، وهم أصحاب الكساء الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهَّرهم تطهيراً)(٢١)، انتهى.
وقال الشيخ عبد الحقِّ الدهلوي في (أشعَّة اللمعات): (قوله: والعترة رهط الرجل وأقرباؤه وعشيرته الأدنون، وفسَّره (صلّى الله عليه وآله وسلم) بقوله: «وأهل بيتي»، للإشارة إلى أنَّ مراده هنا من العترة أخصّ عشيرته وأقاربه، وهم أولاد الجدّ القريب، أي: أولاده وذرّيته صلى الله عليه وآله وسلم)(٢٢)، انتهى.
وعن الحكيم الترمذي في (نوادر الأُصول): (قوله (صلّى الله عليه وآله وسلم): «لن يفترقا حتَّى يردا عليَّ الحوض»، وقوله: «ما إن أخذتم به لن تضلّوا» واقع على الأئمَّة منهم السادة، لا على غيرهم)(٢٣)، انتهى.
وهذا المعنى الذي أشار إليه هؤلاء الأعلام من أهل السُّنَّة هنا والموافق للمعنى الشرعي لمعنى العترة الوارد في الحديث الشريف هو نفسه الموافق أيضاً للمعنى اللغوي للمراد من كلمة (عترة).
قال الفراهيدي في كتاب (العين): (وعترة الرجل: أصله. وعترة الرجل أقرباؤه من ولده وولد ولده وبني عمّه دنياً)(٢٤)، انتهى.
وقال الجوهري في (الصحاح): (عترة الرجل: نسله ورهطه الأدنون)(٢٥)، انتهى.
بيان أسماء العترة:
بعد أن عرفت أنَّ المراد بالعترة أنَّهم أهل بيت النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلم) لا غير، قد تسأل هنا عن تحديد أهل بيته من هم؟! هل المراد بهم أهل الكساء وذرّيتهم خاصَّة، أم يدخل في هذا المفهوم نساؤه أيضاً..، وربَّما يدخل أبناء عمومته (صلّى الله عليه وآله وسلم) كذلك؟!
الجواب: قد بيَّن النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلم) في حديث صحيح ورد بعدَّة طرق بأنَّ مراده بأهل بيته هم أصحاب الكساء، أي عليَّاً وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) دون غيرهم..، فقد ثبت عنه (صلّى الله عليه وآله وسلم) بأنَّه حين جلَّلهم بالكساء، قال: «اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي»(٢٦).
فهنا في هذا الحديث الصحيح الوارد بطرق عديدة بيَّن النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلم) بشكل لا لبس فيه وببيان معرِّف الجزأين المراد بأهل بيته بأشخاصهم حين أشار إليهم وقال: «اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي»، ومن المعلوم في علم البلاغة أنَّ تعريف الجزأين يفيد الحصر(٢٧)، والجزءان هنا - أي المسند والمسند إليه - معرفة، فكلمة (هؤلاء) اسم إشارة معرفة، و(أهل بيتي) مضاف ومضاف إليه، معرفة أيضاً..، فيثبت الحصر والتعيين.
قال الآلوسي في تفسيره: (وأخبار إدخاله (صلّى الله عليه وآله وسلم) عليَّاً وفاطمة وابنيهما (رضي الله تعالى عنهم)، تحت الكساء، وقوله (عليه الصلاة والسلام): «اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي» ودعائه لهم، وعدم إدخال أُمّ سَلَمة أكثر من أن تُحصى، وهي مخصِّصة لعموم أهل البيت بأيِّ معنى كان. فالمراد بهم مَنْ شملهم الكساء، ولا يدخل فيهم أزواجه)(٢٨)، انتهى.
نعم، يبقى السؤال حول دخول بقيَّة الأئمَّة الاثني عشر - الذين تقول بإمامتهم الشيعة الإماميَّة - بعد الحسين (عليه السلام) في مفهوم أهل البيت الوارد في حديث الثقلين.
أقول: لقد جاء في حديث الثقلين قوله (صلّى الله عليه وآله وسلم): «وأنَّهما لن يفترقا حتَّى يردا عليَّ الحوض»، أي إنَّ القرآن والعترة لا يفترقان عن بعضهما البعض إلى يوم القيامة، الأمر الذي يفهم منه بقاء متأهِّل من العترة في كلِّ زمان مع القرآن الكريم إلى يوم القيامة.
يقول المناوي الشافعي في (فيض القدير) في شرح حديث الثقلين: (تنبيه: قال الشريف - يقصد الحافظ السمهودي -: هذا الخبر يُفهِم وجود من يكون أهلاً للتمسّك به من أهل البيت والعترة الطاهرة في كلِّ زمن إلى قيام الساعة حتَّى يتوجَّه الحثّ المذكور إلى التمسّك به كما أنَّ الكتاب كذلك، فلذلك كانوا أماناً لأهل الأرض فإذا ذهبوا ذهب أهل الأرض)(٢٩)، انتهى.
وبهذا المعنى أيضاً صرَّح العلَّامة الزرقاني المالكي في (شرح المواهب)(٣٠).
وعن ابن حجر في (الصواعق المحرقة) قريب من ذلك(٣١).
وعليه؛ كيف نُثبِت بقيَّة العترة إلى يوم القيامة؟!
الجواب: يمكننا معرفة بقيَّة العترة من خلال الجمع بين أحاديث رسول الله (صلّى الله عليه وآله..، فإذا رجعنا إلى حديث الثقلين المتقدِّم وجدناه يقول بشكل واضح وصريح في إحدى طرقه الصحيحة: «إنّي تارك فيكم خليفتين: كتاب الله، حبل ممدود ما بين الأرض والسماء، وعترتي أهل بيتي، وأنَّهما لن يفترقا حتَّى يردا عليَّ الحوض»(٣٢)..، فماذا يستفاد من الحديث المذكور؟
يستفاد منه دلالات أربع:
الأُولى:
أنَّ العترة هم الخلفاء بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم).
الثانية: أنَّ العترة تكون هادية مهدية إلى يوم القيامة، وهذا هو معنى عدم الافتراق عن القرآن كما نصَّ عليه علماء أهل السُّنَّة عند شرحهم للحديث المذكور(٣٣).
الثالثة: استمرار خلافة العترة إلى يوم القيامة، كما نصَّ عليه علماء أهل السُّنَّة أيضاً عند شرحهم للحديث(٣٤).
الرابعة: كونهم من قريش، لأنَّ العترة من بني هاشم، وبنو هاشم من قريش.
فإذا لاحظنا هذا الحديث المبارك بما فيه من دلالات أربع، ولاحظنا حديثاً آخر متظافراً روته صحاح المسلمين ومسانيدهم، وهو حديث «الخلفاء من بعدي اثنا عشر» ننتهي إلى نتيجة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار.
فحديث «الخلفاء من بعدي اثنا عشر» يشير إلى استمرار خلافتهم إلى يوم القيامة، حيث جاء فيه: «لا يزال الدين قائماً حتَّى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة، كلّهم من قريش»(٣٥).
يقول ابن كثير في تاريخه (البداية والنهاية): (قال ابن تيميَّة: وهؤلاء المبشَّر بهم في حديث جابر بن سمرة، وقرَّر أنَّهم يكونون مفرَّقين في الأُمَّة ولا تقوم الساعة حتَّى يوجدوا)(٣٦)، انتهى.
وقال السيوطي في تاريخه: (وجود اثني عشر خليفة في جميع مدَّة الإسلام إلى القيامة يعملون بالحقِّ وإن لم يتوالوا)(٣٧)، انتهى.
وقال ابن حجر في (فتح الباري): (ولا بدَّ من تمام العدَّة قبل قيام الساعة)(٣٨)، انتهى.
وأيضاً يشير هذا الحديث إلى أنَّ هؤلاء الخلفاء هم من الصالحين: «لا يزال هذا الأمر صالحاً»(٣٩).
يقول ابن كثير: (ومعنى هذا الحديث البشارة بوجود اثني عشر خليفة صالحاً يقيم الحقّ ويعدل فيهم، ولايلزم من هذا تواليهم وتتابع أيّامهم...، ولا تقوم الساعة حتَّى تكون ولايتهم لا محالة، والظاهر أنَّ منهم المهدي المبشَّر به في الأحاديث الواردة بذكره)(٤٠)، انتهى.
فحديث «الخلفاء من بعدي اثنا عشر» فيه دلالات أربع: الصلاح، النصّ على خلافتهم، استمرار هذه الخلافة إلى يوم القيامة، وأنَّهم من قريش..، وهي نفسها دلالات حديث الثقلين المتقدّمة من دون زيادة ولا نقيصة.. وبمقتضى الجمع بين الحديثين الشريفين (الثقلين، والخلفاء من بعدي اثنا عشر)، ننتهي إلى نتيجة واضحة جدَّاً، حاصلها: أنَّ الخلفاء الاثني عشر الذين تستمرُّ خلافتهم إلى يوم القيامة هم من عترة النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلم) لا غير..، وهذا هو التفسير الصحيح لحديث جابر بن سمرة بعد اعتراف أهل السُّنَّة أنفسهم بعدم وجود تفسير صحيح للحديث المذكور على مبانيهم وخلفاءهم!
قال ابن الجوزي في (كشف المشكل): (هذا الحديث قد أطلتُ البحث عنه، وتطلَّبت مظانَّه، وسألت عنه، فما رأيت أحداً وقع على المقصود به...)(٤١)، انتهى.
وعن ابن بطال ينقل عن المهلب قوله: (لم ألقَ أحداً يقطع في هذا الحديث - يعني بشيء معيَّن -)(٤٢).
وقال أبو بكر ابن العربي: (ولم أعلم للحديث معنى)، وهذا نصُّ كلامه في شرح الحديث: (روى أبو عيسى، عن جابر بن سمرة، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم): «يكون بعدي اثنا عشر أميراً كلّهم من قريش». صحيح، فعدَّدنا بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) من ملك الحسن، معاوية، يزيد بن معاوية، معاوية بن يزيد، مروان، عبد الملك بن مروان، الوليد، سليمان، عمر بن عبد العزيز، هشام بن عبد الملك، يزيد بن عبد الملك، مروان بن محمّد بن مروان، السفّاح، المنصور، المهدي، الهادي، الرشيد، الأمين، المأمون، المعتصم، الواثق، المتوكّل، المنتصر، المستعين، المعتزّ، المهتدي، المعتمد، المعتضد، المكتفي، المقتدر، القاهر، الراضي، المتَّقي، المستكفي، المطيع، الطائع، القائم، المهتدي، وأدركته سنة أربع وثمانين وأربعمائة وعهد إلى المستظهر أحمد ابنه، وتوفّي في المحرَّم سنة ستّ وثمانين، ثمّ بايع المستظهر لابنه أبي منصور الفضل، وخرجت عنهم سنة خمس وتسعين.
وإذا عدَّدنا منهم اثني عشر انتهى العدد بالصورة إلى سليمان بن عبد الملك، وإذا عدَّدناهم بالمعنى، كان معنا منهم خمسة: الخلفاء الأربعة وعمر بن عبد العزيز!
ولم أعلم للحديث معنى، ولعلَّه بعض حديث. وقد ثبت أنَّ النبيَّ (صلّى الله عليه وآله وسلم) قال: «كلّهم من قريش»)(٤٣)، انتهى.
والطريف أن نجد بعض علماء أهل السُّنَّة أنَّه قد توسَّل حتَّى بالتوراة المحرَّفة ليجد تفسيراً لهذا الحديث الشريف ولم يفلح(٤٤)..، والحال كان الأفضل لهؤلاء ولغيرهم أن يُفسِّروا هذا الحديث الشريف بنفس أحاديث رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) الواردة في كتبهم ذاتها دون اللجوء إلى التوراة المحرَّفة.
هذا من حيث عدد العترة المنصوص عليهم في حديث الثقلين، وقد تبيَّن بعد الجمع بين أحاديث رسول الله الموجودة في صحاح المسلمين ومسانيدهم أنَّهم اثنا عشر خليفة لا غير، وأنَّ خلافتهم تستمرُّ إلى يوم القيامة، ولا ينافي هذا المعنى الحصر المتقدِّم الوارد في حديث الكساء، حيث يستفاد - بعد الجمع بين الأدلَّة - أنَّه حصر إضافي لا حقيقي.
والسؤال الآن: هل ثَمَّة سبيل لمعرفة أسماءهم وتحديد شخوصهم؟!
أقول: لا نذهب بعيداً أيضاً، ولنستعن بكلمات أهل السُّنَّة أنفسهم في تحديد المراد..
قال الحكيم الترمذي في (نوادر الأُصول): (فقول رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم): «ما إن تمسَّكتم به لن تضلّوا» واقع على الأئمَّة منهم السادة لا على غيرهم...)(٤٥)، انتهى.
وقال الملَّا أبي علي القارئ في (المرقاة): (وأقول: الأظهر هو أنَّ أهل البيت غالباً يكونون أعرف بصاحب البيت وأحواله، فالمراد بهم أهل العلم منهم والمطَّلعون على سيرته، الواقفون على طريقته، العارفون بحكمه وحكمته، وبهذا يصلح أن يكونوا مقابلاً لكتاب الله...)(٤٦)، انتهى.
وعن أبي بكر العلوي الشافعي: (قال العلماء: والذين وقع الحثُّ على التمسّك بهم من أهل البيت النبوي والعترة الطاهرة هم العلماء بكتاب الله (عزَّ وجلَّ) منهم، إذ لا يحثُّ (صلّى الله عليه وآله وسلم) على التمسّك إلَّا بهم، وهم الذين لا يقع بينهم وبين الكتاب افتراق حتَّى يردا الحوض)(٤٧)، انتهى.
وجاء عن الزرقاني المالكي في (شرح المواهب اللدنّية): (قال القرطبي: وهذه الوصيَّة وهذا التأكيد العظيم يقتضي وجوب احترام آله وبرّهم وتوقيرهم ومحبَّتهم، ووجوب الفرائض التي لا عذر لأحد في التخلّف عنها، هذا مع ما عُلِمَ من خصوصيَّتهم به (صلّى الله عليه وآله وسلم)، وبأنَّهم جزء منه، وأمَّا الاقتداء فإنَّما يكون بالعلماء العاملين منهم، إذ هم الذين لا يفارقون القرآن. قال الشريف السمهودي: هذا الخبر يُفهِم وجود من يكون أهلاً للتمسّك به من عترته في كلِّ زمان إلى قيام الساعة)(٤٨)، انتهى.
وعن الشيخ حسن بن علي السقّاف في (صحيح شرح العقيدة الطحاوية)، قال: (والمراد بالأخذ بآل البيت والتمسّك بهم هو محبَّتهم والمحافظة على حرمتهم والتأدّب معهم...، والمراد بهم بعد وفاة أهل الكساء ذرّيتهم من أهل العلم والمجتهدون الأتقياء الورعون منهم العارفون المطَّلعون على سيرته (صلّى الله عليه وآله وسلم) الواقفون على طريقته منهم، بهذا يكونون مقابل كتاب الله سبحانه وتعالى كما جاء في الأحاديث الصحيحة)(٤٩)، انتهى.
فهنا نجد أنَّه قد اتَّفقت كلمات هؤلاء الأعلام من أهل السُّنَّة على أنَّ الذين وقع الحثُّ بالتمسّك بهم في حديث الثقلين، وأنَّهم لا يفارقون القرآن ولا يفارقونه عمر الدنيا، هم خصوص الأئمَّة السادة والعلماء الأتقياء من بني هاشم لا مطلقاً..، فمن هؤلاء؟!
عندما نراجع كلمات علماء المسلمين من الطرفين - السُّنَّة والشيعة - نجد إجماعاً واضحاً على إمامة اثني عشر إماماً من أهل البيت (عليهم السلام) دون غيرهم، هم: علي بن أبي طالب، والحسن بن علي، والحسين بن علي، وعلي بن الحسين السجّاد، ومحمّد بن علي الباقر، وجعفر بن محمّد الصادق، وموسى بن جعفر الكاظم، وعلي بن موسى الرضا، ومحمّد بن علي الجواد، وعلي بن محمّد الهادي، والحسن بن علي العسكري، ومحمّد بن الحسن المهدي عليهم السلام..، وبالتالي يكون هؤلاء هم المقصودون بحديثي: الثقلين، وحديث الخلفاء من بعدي اثنا عشر؛ لأنَّه لم تجتمع الأُمَّة قاطبة (سُنَّة وشيعة) على صلاح جماعة وثبوت إمامتهم العلمية والدينية كما اجتمعت على هؤلاء الاثني عشر..
ولنأخذ في بيان منزلة هذه الأسماء المباركة ومكانتها عند أهل السُّنَّة والجماعة، من الإمام السجّاد إلى الإمام المهدي (عليهم السلام)، واحداً واحداً، وإلَّا فالأئمَّة الثلاثة (علي والحسن والحسين عليهم السلام) أمرهم ومنزلتهم أوضح من أن يحتاج إلى مزيد بيان:
الإمام الرابع: علي بن الحسين السجّاد (عليه السلام):
قال في حقِّه محمّد بن إدريس الشافعي: (هو أفقه أهل المدينة)(٥٠).
وجاء عن الذهبي قوله: (... كان له جلالة عجيبة، وحقَّ له والله ذلك، فقد كان أهلاً للإمامة العظمى لشرفه وسؤدده وعلمه وتألّهه وكمال عقله)(٥١).
وقال أيضاً: (وزين العابدين: كبير القدر، من سادة العلماء العاملين، يصلح للإمامة)(٥٢)، انتهى.
وعن ابن حجر العسقلاني: (علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي زين العابدين، ثقة، ثبت، عابد، فقيه، فاضل، مشهور، قال ابن عيينة، عن الزهري: ما رأيت قرشياً أفضل منه)(٥٣)، انتهى.
الإمام الخامس: محمّد بن علي الباقر (عليه السلام):
قال عنه الذهبي في (العبر في خبر من غبر): (وكان من فقهاء المدينة، وقيل له: الباقر، لأنَّه بقر العلم، أي شقَّه وعرف أصله وخفيَّه)(٥٤).
وقال في (سير أعلام النبلاء) في الجزء الثالث عشر: (أبو جعفر الباقر، سيِّدٌ، إمام، فقيه، يصلح للخلافة)(٥٥).
وعن ابن كثير في (البداية والنهاية): (وهو محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي أبو جعفر الباقر، وأُمُّه أُمُّ عبد الله بنت الحسن بن علي، وهو تابعي جليل، كبير القدر كثيراً، أحد أعلام هذه الأُمَّة علماً وعملاً وسيادةً وشرفاً...، حدَّث عنه جماعة من كبار التابعين وغيرهم)(٥٦)، انتهى.
وعن النووي في (تهذيب الأسماء واللغات): (سُمّي بذلك؛ لأنَّه بقر العلم، أي شقَّه وعرف أصله وعرف خفيَّه...، وهو تابعي جليل، إمام بارع، مجمع على جلالته، معدود في فقهاء المدينة وأئمَّتهم)(٥٧)، انتهى.
الإمام السادس: جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام):
قال الحافظ شمس الدين الجزري: (وثبت عندنا أنَّ كلَّاً من الإمام مالك وأبي حنيفة (رحمهما الله تعالى) صحب الإمام أبا عبد الله جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام)، حتَّى قال أبو حنيفة: ما رأيت أفقه منه، وقد دخلني منه من الهيبة ما لم يدخلني للمنصور)(٥٨)، انتهى.
وقال الملَّا أبو علي القاري في (شرح الشفا): (جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي المدني المعروف بالصادق...، متَّفق على إمامته وجلالته وسيادته)(٥٩)، انتهى.
وقال ابن حجر العسقلاني في (تقريب التهذيب): (جعفر بن محمّد...، المعروف بالصادق، صدوق، فقيه، إمام)(٦٠)، انتهى.
وقال الذهبي في (سير أعلام النبلاء) في الجزء الثالث عشر، عند ذكره للإمام الصادق (عليه السلام): (جعفر الصادق: كبير الشأن، من أئمَّة العلم، كان أولى بالأمر من أبي جعفر المنصور)(٦١)، انتهى.
الإمام السابع: موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام):
قال في حقِّه محمّد بن إدريس بن المنذر، أبو حاتم الرازي (ت ٢٧٧هـ): (ثقة، صدوق، إمام من أئمَّة المسلمين)(٦٢).
وقال محمّد بن طلحة الشافعي (ت ٦٥٢ هـ) في كتابه (مطالب السؤول في مناقب آل الرسول): (هو الإمام الكبير القدر، العظيم الشأن، الكبير المجتهد الجادّ في الاجتهاد، المشهور بالعبادة المواظب على الطاعات، المشهود له بالكرامات، يبيت الليل ساجداً وقائماً، ويقطع النهار متصدِّقاً وصائماً، ولفرط حلمه وتجاوزه عن المعتدّين عليه دُعي كاظماً، كان يُجازي المسيء بإحسانه إليه، ويقابل الجاني بعفوه عنه، ولكثرة عبادته كان يُسمّى بالعبد الصالح، ويُعرَف بالعراق باب الحوائج إلى الله لنجح مطالب المتوسِّلين إلى الله تعالى به، كرامته تحار منها العقول، وتقضي بأنَّ له عند الله تعالى قدم صدق لا تزل ولا تزول)(٦٣)، انتهى.
وعن الذهبي في (سير أعلام النبلاء): (الإمام، القدوة، السيِّد أبو الحسن العلوي، والد الإمام علي بن موسى الرضا، مدني، نزل بغداد)(٦٤).
وقال عنه في الجزء الثالث عشر: (كبير القدر، جيِّد العلم، أولى بالخلافة من هارون)(٦٥)، انتهى.
وعن ابن حجر الهيتمي في (الصواعق): (موسى الكاظم: وهو وارثه (أي وارث جعفر الصادق) علماً ومعرفةً وكمالاً وفضلاً، سُمّي الكاظم لكثرة تجاوزه وحلمه، وكان معروفاً عند أهل العراق بباب قضاء الحوائج عند الله، وكان أعبد أهل زمانه وأعلمهم وأسخاهم)(٦٦)، انتهى.
الإمام الثامن: علي بن موسى الرضا (عليه السلام):
قال عنه الذهبي في (سير أعلام النبلاء): (علي الرضا الإمام السيِّد، أبو الحسن، علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن علي بن الحسين، الهاشمي العلوي المدني...، وكان من العلم والدين والسؤدد بمكان، يقال: أفتى وهو شاب في أيّام مالك...، وقد كان علي الرضا كبير الشأن أهلاً للخلافة)(٦٧)، انتهى.
وجاء عن ابن حبّان (ت ٣٥٤ هـ) في كتابه (الثقات): (وهو علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو الحسن، من سادات أهل البيت وعقلائهم وجلَّة الهاشميين ونبلائهم...، ومات علي بن موسى الرضا بطوس من شربة سقاه إيّاها المأمون فمات من ساعته...، وقبره بسناباذ خارج النوقان مشهور يُزار بجنب قبر الرشيد قد زرته مراراً كثيرةً، وما حلَّت بي شدَّة في وقت مقامي بطوس فزرتُ قبر علي بن موسى الرضا (عليه السلام) ودعوت الله إزالتها عنّي إلَّا استجيب لي وزالت عنّي تلك الشدَّة، وهذا شيء جرَّبته مراراً فوجدته كذلك، أماتنا الله على محبَّة المصطفى وأهل بيته عليهم السلام)(٦٨)، انتهى.
الإمام التاسع: محمّد بن علي الجواد (عليه السلام):
قال عنه ابن تيميَّة في كتابه (منهاج السُّنَّة): (محمّد بن علي الجواد كان من أعيان بني هاشم، وهو معروف بالسخاء والسؤدد، ولهذا سُمّي الجواد)(٦٩)، انتهى.
وعن يوسف بن إسماعيل النبهاني (ت ١٣٥٠هـ) قال في كتابه (جامع كرامات الأولياء): (محمّد الجواد بن علي الرضا أحد أكابر الأئمَّة ومصابيح الأُمَّة، من ساداتنا أهل البيت. توفّي محمّد الجواد في آخر ذي القعدة سنة (٢٢٠) وله من العمر خمس وعشرون سنة وشهر (رضي الله عنه) وعن آبائه الطيِّبين الطاهرين وأعقابهم أجمعين، ونفعنا ببركتهم، آمين)(٧٠)، انتهى.
وعن سبط ابن الجوزي (ت ٦٥٤هـ) في (تذكرة الخواصّ): (وكان على منهاج أبيه في العلم والتقى والزهد والجود)(٧١)، انتهى.
وعن ابن الصبّاغ المالكي (ت ٨٥٥هـ) في (الفصول المهمَّة): (قال صاحب كتاب مطالب السؤول في مناقب آل الرسول: هو أبو جعفر الثاني...، وإن كان صغير السنِّ فهو كبير القدر، رفيع الذكر، القائم بالإمامة بعد علي بن موسى الرضا)(٧٢)، انتهى.
الإمام العاشر: علي بن محمّد الهادي (عليه السلام):
قال في حقِّه شمس الدين الذهبي في كتابه (العبر): (وفيها - أي سنة ٢٥٤ هجرية - توفّي أبو الحسن علي بن الجواد محمّد بن الرضا علي بن الكاظم موسى...، العلوي الحسيني المعروف بالهادي، توفّي بسامراء وله أربعون سنة، وكان فقيهاً إماماً متعبِّداً)(٧٣)، انتهى.
وبمثله صرَّح اليافعي (ت ٧٦٨هـ) في (مرآة الجنان) حيث قال: (فيها (سنة ٢٥٤) توفّي العسكري أبو الحسن الهادي بن محمّد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق العلوي الحسيني، عاش أربعين سنة، وكان متعبِّداً فقيهاً إماماً...، وكان قد سُعي به إلى المتوكّل...)(٧٤)، انتهى.
وجاء عن ابن العماد الحنبلي (ت ١٠٨٩هـ) في (شذرات الذهب) وهو يتكلَّم عن وفيات سنة (٢٥٤هـ): (وفيها توفّي أبو الحسن علي بن الجواد محمّد بن الرضا علي بن الكاظم موسى بن جعفر الصادق العلوي الحسني المعروف بالهادي، كان فقيهاً إماماً متعبِّداً...)(٧٥)، انتهى.
وعن ابن الصبّاغ المالكي في (الفصول المهمَّة): (قال بعض أهل العلم: فضل أبي الحسن علي بن محمّد الهادي قد ضرب على الحرَّة بابه، ومدَّ على نجوم السماء أطنابه، فما تُعَدُّ منقبةً إلَّا وإليه نحلتها، ولا تُذكَر كريمة إلَّا وله فضيلتها، ولا تورد محمدة إلَّا وله تفضّلها وجملتها...، فكانت نفسه مهذَّبة، وأخلاقه مستعذبة، وسيرته عادلة، وخلاله فاضلة)(٧٦)، انتهى.
الإمام الحادي عشر: الحسن بن علي العسكري (عليه السلام):
قال ابن الصبّاغ المالكي في حقِّه: (مناقب سيِّدنا أبي محمّد العسكري دالّة على أنَّه السري ابن السري، فلا يشكُّ في إمامته أحد ولا يمتري...، واحد زمانه من غير مدافع، ويسبح وحده من غير منازع، وسيِّد أهل عصره، وإمام أهل دهره، أقواله سديدة، وأفعاله حميدة...، كاشف الحقائق بنظره الصائب، ومُظهِر الدقائق بفكره الثاقب، المحدِّث في سرِّه بالأُمور الخفيّات، الكريم الأصل والنفس والذات، تغمَّده الله برحمته، وأسكنه فسيح جنانه بمحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلم) آمين)(٧٧)، انتهى.
وجاء عن يوسف النبهاني (ت ١٣٥٠هـ) في كتابه (جامع كرامات الأولياء): (الحسن العسكري أحد أئمَّة ساداتنا أهل البيت العظام وساداتهم الكرام رضي الله عنهم أجمعين، ذكره الشبراوي في الإتحاف بحُبِّ الأشراف، ولكنَّه اختصر ترجمته ولم يذكر له كرامات، وقد رأيت له كرامة بنفسي...)(٧٨)، انتهى.
وأيضاً ممَّن مدحهم (عليهم السلام) في عبارة جامعة، ابن تيميَّة، حيث قال في بعض كتبه:
(وكان ذلك من نعمة الله على الحسين وكرامته له لينال منازل الشهداء حيث لم يجعل له في أوَّل الإسلام من الابتلاء والامتحان ما جعل لسائر أهل بيته كجدِّه (صلّى الله عليه وآله وسلم) وأبيه وعمّه وعمّ أبيه رضي الله عنهم، فإنَّ بني هاشم أفضل قريش، وقريشاً أفضل العرب، والعرب أفضل بني آدم. كما صحَّ ذلك عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلم) مثل قوله في الحديث الصحيح: «إنَّ الله اصطفى من ولد إبراهيم بني إسماعيل، واصطفى كنانة من بني إسماعيل، واصطفى قريشاً من كنانة، واصطفى بني هاشم من قريش، واصطفاني من بني هاشم»...، وإذا كانوا أفضل الخلق فلا ريب أنَّ أعمالهم أفضل الأعمال. وكان أفضلهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) الذي لا عِدل له من البشر، ففاضلهم أفضل من كلِّ فاضل من سائر قبائل قريش والعرب، بل ومن بني إسرائيل وغيرهم)(٧٩)، انتهى.
وهذا المعنى من التفضيل قد ثبَّته ابن تيميَّة كعقيدة لأهل السُّنَّة والجماعة في كتابه (اقتضاء الصراط المستقيم)(٨٠).
وعليه، فأئمَّة أهل البيت (عليهم السلام) هم صفوة الصفوة من البشر؛ إذ كانوا هم أفضل بني هاشم في زمانهم بشهادة علماء أهل السُّنِّة المتقدِّم ذكرهم، وبنو هاشم هم أفضل البشر بنصِّ الحديث الشريف وعقيدة أهل السُّنَّة والجماعة كما صرَّح به ابن تيميَّة، فيكون هؤلاء الأئمَّة إذن هم صفوة الصفوة من البشر..، فالحمد لله الذي أكرمنا بالولاء لهؤلاء الأئمَّة والسير على خطاهم.
بقي الكلام حول الإمام الثاني عشر، المهدي (عليه السلام)، من حيث ولادته، والاعتراف بفضله.
الإمام الثاني عشر (المهدي المنتظر عليه السلام):
بعد أن عرفنا اتِّفاق المسلمين جميعاً على إمامة وجلالة أحد عشر إماماً من أئمَّة أهل البيت (عليهم السلام)، الذين هم مصداق العترة التي لا تفارق القرآن ولا يفارقها إلى يوم القيامة بمقتضى حديث الثقلين، بقي الكلام حول الإمام الثاني عشر من أئمَّة أهل البيت (عليهم السلام)، أعني المهدي المنتظر، من حيث إثبات ولادته، والاعتراف بفضله.
أمَّا الولادة، فسنقتصر لإثباتها على طريقين فقط، وإلَّا فالطرق لإثبات ذلك متعدِّدة ومتضافرة:
الأوَّل: شهادة علماء الأنساب بهذه الولادة ووقوعها عند الشيعة.
الثاني: اعتراف علماء أهل السُّنَّة أنفسهم بالولادة.
أمَّا الطريق الأوَّل، فقد شهد علماء الأنساب والمتخصِّصون في هذا الجانب بولادة الإمام المهدي (عليه السلام)، وأنَّه ابن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، ونذكر منهم بحسب التسلسل الزمني:
١ - النسّابة الشهير أبو نصر سهل بن عبد الله بن داود بن سليمان البخاري، من أعلام القرن الرابع الهجري، والذي كان حيَّاً سنة (٣٤١هـ)، وهو من أشهر علماء الأنساب المعاصرين لغيبة الإمام المهدي الصغرى التي انتهت سنة (٣٢٩هـ).
قال في (سرِّ السلسلة العلوية): (وولد علي بن محمّد التقي (عليه السلام): الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) من أُمِّ ولد نوبيَّة تُدعى: ريحانة، ووُلِدَ سنة إحدى وثلاثين ومائتين وقُبِضَ سنة ستّين ومائتين بسامراء، وهو ابن تسع وعشرين سنة..، وولد علي بن محمّد التقي (عليه السلام) جعفراً، وهو الذي تسمّيه الإماميَّة جعفر الكذّاب، وإنَّما تُسمّيه الإماميَّة بذلك لادِّعائه ميراث أخيه الحسن (عليه السلام) دون ابنه القائم الحجَّة (عليه السلام)، لا لطعنٍ في نسبه)(٨١)، انتهى.
٢ - النسّابة العمري المشهور من أعلام القرن الخامس الهجري، والذي قال ما نصّه: (ومات أبو محمّد (عليه السلام) وولده من نرجس (عليها السلام) معلوم عند خاصَّة أصحابه وثقات أهله، وسنذكر حال ولادته والأخبار التي سمعناها بذلك، وامتُحِنَ المؤمنون بل كافَّة الناس بغيبته، وشَرِهَ جعفر بن علي إلى مال أخيه وحاله فدفع أن يكون له ولد، وأعانه بعض الفراعنة على قبض جواري أخيه)(٨٢)، انتهى.
٣ - الفخر الرازي الشافعي (ت ٦٠٦هـ)، قال في كتابه (الشجرة المباركة في أنساب الطالبية) تحت عنوان: أولاد الإمام العسكري (عليه السلام) ما هذا نصّه: (أمَّا الحسن العسكري الإمام (عليه السلام) فله ابنان وبنتان: أمَّا الابنان، فأحدهما: صاحب الزمان (عليه السلام)، والثاني موسى درج في حياة أبيه. وأمَّا البنتان: ففاطمة درجت في حياة أبيها، وأُمّ موسى درجت أيضاً)(٨٣)، انتهى.
٤ - النسّابة جمال الدين أحمد بن علي الحسيني المعروف بابن عِنَبَه (ت ٨٢٨هـ)، قال في (عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب): (الإمام أبو محمّد الحسن العسكري (عليه السلام)، وكان من الزهد والعلم على أمر عظيم، وهو والد الإمام محمّد المهدي (عليه السلام) ثاني عشر الأئمَّة عند الإماميَّة، وهو القائم المنتظر عندهم من أُمِّ ولد اسمها نرجس، واسم أخيه أبو عبد الله جعفر الملقَّب بالكذّاب؛ لادِّعائه الإمامة بعد أخيه الحسن)(٨٤)، انتهى.
٥ - النسّابة الزيدي أبو الحسن محمّد الحسيني اليماني الصنعاني، من أعيان القرن الحادي عشر..، ذكر في المشجَّرة التي رسمها لبيان نسب أولاد أبي جعفر محمّد بن علي الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، وتحت اسم الإمام علي التقي المعروف بالهادي (عليه السلام) خمسة من البنين وهم: الإمام العسكري، الحسين، موسى، محمّد، علي. وتحت اسم الإمام العسكري (عليه السلام) مباشرةً كتب: (محمّد بن) وبإزائه: (منتظر الإمامية)(٨٥)، انتهى.
٦ - محمّد أمين السويدي (ت ١٢٤٦هـ)، قال في (سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب): (محمّد المهدي: وكان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين، وكان مربوع القامة، حسن الوجه والشَّعر، أقنى الأنف، صبيح الجبهة)(٨٦)، انتهى.
فهذه أقوال جملة من علماء الأنساب المشهورين على مرِّ القرون يُثبِتون الولادة الميمونة للإمام المهدي (عليه السلام)، وأنَّه ابن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) ولو نسبةً إلى الشيعة عند بعضهم.
الطريق الثاني: وأمَّا اعتراف علماء أهل السُّنَّة بهذه الولادة فحدِّث ولا حرج، فقد أحصى السيِّد ثامر العميدي في كتابه دفاع عن الكافي (١٢٨) عالماً من علماء أهل السُّنَّة من فقهاء ومحدِّثين ومفسِّرين وغيرهم، وعلى مرِّ القرون، ممَّن اعترف بهذه الولادة المباركة(٨٧).
ونذكر هنا جملة منهم مع الإشارة إلى المصدر والصفحة فقط، وحسب التسلسل الزمني:
١ - ابن الأثير الجزري (ت ٦٣٠هـ) في كتابه الكامل في التاريخ (ج ٧/ ص ٢٧٤/ آخر حوادث سنة ٢٦٠هـ).
٢ - ابن الخشّاب البغدادي المؤرِّخ (ت ٦٤٣هـ) في تاريخ مواليد الأئمَّة (ص ٦).
٣ - محمّد بن طلحة الشافعي (ت ٦٥٢هـ) في مطالب السَّؤول في مناقب آل الرسول (ص ٨٨).
٤ - محمّد بن يوسف الكنجي الشافعي (ت ٦٥٨هـ) في البيان في أخبار صاحب الزمان (ص ٣٣٦).
٥ - ابن خلِّكان (ت ٦٨١ هـ) في وفيات الأعيان (ج ٤/ ص ١٧٦/ الرقم ٥٦٢).
٦ - شمس الدين الذهبي (ت ٧٤٨هـ) في كتبه: العبَر، وتاريخ دول الإسلام، وسير أعلام النبلاء. العبر (ج ٣/ ص ٣١)؛ تاريخ دول الإسلام (ص ١١٣/ حوادث سنوات ٢٥١ - ٢٦٠هـ)؛ سير أعلام النبلاء (ج ١٣/ ص ١١٩/ الرقم ٦٠).
٧ - ابن الوردي (ت ٧٤٩هـ) في ذيل تتمَّة المختصر، المعروف بـ (تاريخ ابن الوردي) نقل ذلك عنه الشبلنجي في نور الأبصار (ص ١٨٦).
٨ - ابن الصبّاغ المالكي (ت ٨٥٥ هـ) في الفصول المهمَّة (ص ٢٧٣).
٩ - عبدالوهّاب الشعراني (ت ٩٧٣ هـ) في اليواقيت والجواهر (ج ٣/ ص ١٤٥).
١٠ - ابن حجر الهيتمي الشافعي (ت ٩٧٤هـ) في الصواعق المحرقة (ص ٢٠٧).
١١ - الشبراوي الشافعي (ت ١١٧١هـ) في الإتحاف بحُبِّ الأشراف (ص ٦٨).
١٢ - القندوزي الحنفي (ت ١٢٩٣هـ) في ينابيع المودَّة (ج ٣/ ص ٣٠١ - ٣٠٦/ الباب ٧٩).
١٣ - مؤمن بن حسن الشبلنجي (ت ١٣٠٨هـ) في نور الأبصار (ص ١٨٦).
١٤ - خير الدين الزركلي (ت ١٣٩٦هـ) في كتابه الأعلام (ج ٦/ ص ٨٠).
وراجع بقيَّة الأسماء (وهم بالعشرات) في المصدر المتقدِّم.
شبهة وجوابها:
نعم، بعض هؤلاء القائلين بولادة الإمام محمّد بن الحسن العسكري من أهل السُّنَّة - كالشبراوي الشافعي في كتابه المتقدِّم - أنكروا أن يكون هو المهدي المنتظر، وقالوا: إنَّ المهدي الموعود في الروايات هو الذي سيُولَد في آخر الزمان.
وللردِّ على هؤلاء نقول:
إنَّ إنكاركم لكون الإمام محمّد بن الحسن العسكري هو المهدي المنتظر الذي سيخرج في آخر الزمان يلزم منه بطلان حديث الثقلين؛ لأنَّ النبيَّ (صلّى الله عليه وآله وسلم) قد صرَّح في هذا الحديث ببقاء القرآن مع العترة متلازمين إلى يوم القيامة، حيث قال: «وأنَّهما لن يتفرقا حتَّى يردا عليَّ الحوض»، وهو المعنى الذي نصَّ على بيانه علماء أهل السُّنَّة أنفسهم.
قال المناوي الشافعي في (فيض القدير) عند تعرّضه لحديث الثقلين: (تنبيه: قال الشريف - يقصد الحافظ السمهودي -: هذا الخبر يُفهِم وجود من يكون أهلاً للتمسّك به من أهل البيت والعترة الطاهرة في كلِّ زمن إلى قيام الساعة، حتَّى يتوجَّه الحثّ المذكور إلى التمسّك به كما أنَّ الكتاب كذلك، فلذلك كانوا أماناً لأهل الأرض فإذا ذهبوا ذهب أهل الأرض)(٨٨)، انتهى.
وعن ابن حجر في (الصواعق المحرقة) قال: (وفي أحاديث التمسّك بأهل البيت إشارة إلى عدم انقطاع مستأهل فيهم للتمسّك به إلى يوم القيامة، كما أنَّ الكتاب العزيز كذلك، ولهذا كانوا أماناً لأهل الأرض كما سيأتي، ويشهد لذلك الخبر السابق: «في كلِّ خلف من أُمَّتي عدول من أهل بيتي»)(٨٩)، انتهى.
وعليه، فالقول بانعدام الإمام محمّد بن الحسن العسكري ووفاته معناه حصول الافتراق بين القرآن والعترة، وهذا يُفضي إلى بطلان حديث الثقلين الثابت عند الفريقين بفقرته الصحيحة السند: «وأنَّهما لن يتفرقا حتَّى يردا عليَّ الحوض»، وهو مردود جزماً، خاصَّةً بعد نصِّ النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلم) على أنَّ المهدي هو من عترته خاصَّة(٩٠). ولم يتَّفق المسلمون على إمامة وجلالة أحد من العترة لا يفارقون القرآن ولا يفارقهم سوى هؤلاء الاثني عشر، فدعوى أنَّ المهدي المنتظر سيُولَد بعد ذلك، مع نصِّ النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلم) أنَّه من العترة، وأنَّ العترة هي التي لا تفارق القرآن ولا يفارقها القرآن إلى يوم القيامة، مثل هذه الدعوى لا محصِّل علمي لها!
أقول: بل وجدنا من علماء أهل السُّنَّة والجماعة من ينصُّ على أنَّ الإمام محمّد بن الحسن العسكري هو المهدي المنتظر نفسه، ونذكر من هؤلاء:
١ - محي الدين بن عربي، على ما نقله عنه الشعراني الشافعي في (اليواقيت والجواهر)، حيث قال: (وعبارة الشيخ محي الدين في الباب السادس والستّين وثلاثمائة من الفتوحات: واعلموا أنَّه لا بدَّ من خروج المهدي (عليه السلام)، ولكن لا يخرج حتَّى تمتلئ الأرض جوراً وظلماً فيملؤها قسطاً وعدلاً، ولو لم يكن من الدنيا إلَّا يوم واحد طوَّل الله تعالى ذلك اليوم حتَّى يلي ذلك الخليفة، وهو من عترة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم)، من ولد فاطمة عليها السلام، وجدّه الحسين بن علي بن أبي طالب، ووالده حسن العسكري ابن الإمام علي النقي...)(٩١)، انتهى.
٢ - محمّد بن طلحة الشافعي - الذي يصفه الذهبي في (سير أعلام النبلاء) بالعلَّامة الأوحد(٩٢) - قال في كتابه (مطالب السؤول): (أبي القاسم محمّد بن الحسن الخالص بن علي المتوكّل بن القانع بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الزكي بن علي المرتضى أمير المؤمنين بن أبي طالب، المهدي، الحجَّة، الخلف الصالح، المنتظر (عليهم السلام) ورحمة الله وبركاته)(٩٣)، انتهى.
٣ - سبط ابن الجوزي الحنبلي، قال في (تذكرة الخواصّ) عن الإمام المهدي: (هو محمّد بن الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسى الرضا بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، وكنيته أبو عبد الله، وأبو القاسم، وهو الخلف الحجَّة، صاحب الزمان، القائم، والمنتظر، والتالي، وهو آخر الأئمَّة)(٩٤)، انتهى.
٤ - شمس الدين محمّد بن طولون الحنفي مؤرِّخ دمشق (ت ٩٥٣هـ) قال في كتابه (الأئمَّة الاثنا عشر) عن الإمام المهدي (عليه السلام): (كانت ولادته يوم الجمعة، منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، ولمَّا توفي أبوه المتقدِّم ذكره (رضي الله عنهما) كان عمره خمس سنين...)، ثمّ ذكر الأئمَّة الاثني عشر (عليهم السلام) في قصيدة له وقال في آخرها:

محمّد المهديُّ سوفَ يظهرُ(٩٥)             عسكريُّ الحسنُ المطهَّرُ

٥ - نور الدين علي بن محمّد بن الصبّاغ، الفقيه المالكي (أُنظر ترجمته في الأعلام للزركلي)، قال في أوَّل الفصل الثاني عشر من كتابه (الفصول المهمَّة): (في ذكر أبي القاسم الحجَّة، الخلف الصالح، ابن أبي محمّد الحسن الخالص، وهو الإمام الثاني عشر، وتاريخ ولادته، ودلائل إمامته، وطرفاً من أخباره، وغيبته، ومدَّة قيام دولته الكريمة، وذكر كنيته، ونسبه، وغير ذلك ممَّا يتَّصل به (رضي الله عنه) وأرضاه)(٩٦)، انتهى.
٦ - أحمد بن يوسف بن سنان القرماني الدمشقي (ت ١٠١٩هـ) قال في كتابه (أخبار الدول وآثار الأُوَل) في الفصل الحادي عشر: في ذكر أبي القاسم محمّد الحجَّة الخلف الصالح: (وكان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين، آتاه الله فيها الحكمة كما أُوتيها يحيى (عليه السلام) صبياً. وكان مربوع القامة، حسن الوجه والشعر، أقنى الأنف، أجلى الجبهة...، واتَّفق العلماء على أنَّ المهدي هو القائم في آخر الوقت، وقد تعاضدت الأخبار على ظهوره، وتظاهرت الروايات على إشراق نوره، وستسفر ظلمة الأيّام والليالي بسفوره، وينجلي برؤيته الظلم انجلاء الصبح عن ديجوره، ويسير عدله في الآفاق فيكون أضوء من البدر المنير في مسيره)(٩٧)، انتهى.
ومن هؤلاء الأعلام، المتقدِّم ذكرهم، ممَّن صرَّح بغيبته (عليه السلام) وبقاءه حيَّاً إلى أن يأذن الله بظهوره المبارك...، قال العلَّامة الأوحد محمّد بن طلحة الشافعي في كتابه (مطالب السؤول في مناقب آل الرسول):
(وأمَّا عمره: فإنَّه وُلِدَ في أيّام المعتمد على الله، خاف فاختفى وإلى الآن، فلم يمكن ذكر ذلك إذ من غاب وإن انقطع خبره لا توجب غيبته وانقطاع خبره الحكم بمقدار عمره ولا بانقضاء حياته، وقدرة الله واسعة وحكمه وألطافه بعباده عظيمة عامَّة، ولوازم عظماء العلماء أن يُدرِكوا حقائق مقدوراته وكنه قدرته لم يجدوا إلى ذلك سبيلاً، ولا نقل طرف تطلّعهم إليه حسيراً وحده كليلاً، وأملى عليهم لسان عجزهم عن الإحاطة به وما أُوتيتم من العلم إلَّا قليلاً.
وليس ببدع ولا مستغرب تعمير بعض عبّاد الله المخلَصين، ولا امتداد عمره إلى حين، فقد مدَّ الله تعالى أعمار جمع كثير من خلقه من أصفيائه وأوليائه ومن مطروديه وأعدائه، فمن الأصفياء: عيسى (عليه السلام)، ومنهم الخضر، وخلق آخرون من الأنبياء طالت أعمارهم، حتَّى جاز كلُّ واحد منهم ألف سنة أو قاربها كنوح (عليه السلام) وغيره.
وأمَّا من الأعداء المطرودين: فإبليس، وكذلك الدجّال، ومن غيرهم كعاد الأُولى، كان فيهم من عمره ما يقارب الألف، وكذلك لقمان صاحب لبد.
وكلُّ هذه لبيان اتِّساع القدرة الربّانية في تعمير بعض خلقه، فأيُّ مانع يمنع من امتداد عمر الصالح الخلف الناصح إلى أن يظهر فيعمل ما حكم الله له به؟)(٩٨)، انتهى.
وهذا المعنى من البيان الذي صدع به العلَّامة محمّد بن طلحة الشافعي هنا هو الموافق عمليَّاً لما صرَّح به علماء الأنساب في حقِّ الإمام محمّد بن الحسن العسكري (عليه السلام)...، فها هو النسّابة العمري المشهور من أعلام القرن الخامس الهجري يُصرِّح في كتابه (المجدي في أنساب الطالبيين) ويقول ما نصّه: (ومات أبو محمّد (عليه السلام) وولده من نرجس (عليها السلام) معلوم عند خاصَّة أصحابه وثقات أهله، وسنذكر حال ولادته والأخبار التي سمعناها بذلك، وامتُحِنَ المؤمنون بل كافَّة الناس بغيبته، وشَرِهَ جعفر بن علي إلى مال أخيه وحاله فدفع أن يكون له ولد، وأعانه بعض الفراعنة على قبض جواري أخيه)(٩٩)، انتهى.
وها هو الفخر الرازي الذي نجده بعد أن يُثبِت وجود أبناء وبنات للإمام الحسن العسكري ينصُّ على وفاتهم في حياة أبيهم واحداً واحداً يترك التعرّض لذكر وفاة الإمام محمّد بن الحسن بالمرَّة ولا يشير إلى شيء من ذلك البتَّة، قال في كتابه (الشجرة المباركة في أنساب الطالبية) تحت عنوان: أولاد الإمام العسكري (عليه السلام) ما نصّه: (أمَّا الحسن العسكري الإمام (عليه السلام) فله ابنان وبنتان: أمَّا الابنان، فأحدهما: صاحب الزمان (عليه السلام)، والثاني: موسى درج في حياة أبيه. وأمَّا البنتان: ففاطمة درجت في حياة أبيها، وأُمّ موسى درجت أيضاً)(١٠٠)، انتهى.
وها هو نسّابة المدينة الشريف أنس بن يعقوب الكتبي يقول في كتابه (الأُصول في ذرّية البضعة البتول): (ومن الثابت عند أهل العلم من متقدِّمين ومتأخِّرين انقطاع خبره، وعدم معرفة قبره ولا مكانه...)، إلى أن يقول: (ومن التحاليل السابقة والتي استقصيناها من الكتب المعتمدة التي تؤكِّد لنا صحَّة اختفاء الإمام المهدي في سنٍّ مبكّر وعدم ظهوره، فلم يكن له عقب بالإجماع، وهذا ما أثبتته كتب الأنساب والمشجّرات المتقدِّمة المعتمدة، بأن ليس له عقب بإجماع كبار النسّابين، وبذلك لم يُعرَف مكانه ولا ذراريه)(١٠١)، انتهى.
 

 

 



الهوامش
(١) بحار الأنوار للعلَّامة المجلسي ٥١: ١٠٣.
(٢) الصواعق المحرقة ٢: ٤٤٠.
(٣) أُنظر: المجموع شرح المهذَّب للنووي ١٩: ٢٣٢.
(٤) صحيح سنن الترمذي ٣: ٥٤٣/ ح ٣٧٨٨.
(٥) المصدر السابق.
(٦) الصواعق المحرقة ٢: ٤٢٨.
(٧) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ١١: ٣٠٧.
(٨) مختصر التحفة الاثني عشرية: ٥٢؛ والدهلوي هو شاه عبد العزيز (١١٥٩ - ١٢٣٩هـ)، كبير علماء الهند من أهل السُّنَّة في عصره.
(٩) شرح المقاصد ٣: ٥٢٩.
(١٠) تحفة الأحوذي في شرح الترمذي ١٠: ١٩٧.
(١١) النهاية في غريب الحديث ١: ٢١٦.
(١٢) صحيح مسلم بشرح النووي ١٥: ١٨٠.
(١٣) نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض ٣: ٤١٠.
(١٤) فيض القدير شرح الجامع الصغير ٣: ٢٠.
(١٥) منهاج السُّنَّة ٧: ٥٢٩ - ٥٣١.
(١٦) راجع: تهذيب الكمال للمزي ٥: ٨٠؛ والكامل لابن عدي ٢: ١٣٢؛ وسير أعلام النبلاء للذهبي ٦: ٢٥٨؛ وتاريخ الإسلام للذهبي ٩: ٨٩.
(١٧) الصواعق المرسلة ١: ٦١٦ و٦١٧.
(١٨) الفتاوى المهمَّة: ١٥٤.
(١٩) تاريخ ابن خلدون ١: ١٩٦.
(٢٠) لسان العرب ٨: ١٨٩؛ تاج العروس ١١: ٢٥٧.
(٢١) فيض القدير في شرح الجامع الصغير ٣: ١٩.
(٢٢) أشعَّة اللمعات في شرح المشكاة ٤: ٦٨١.
(٢٣) نوادر الأُصول ١: ٢٥٩.
(٢٤) كتاب العين ٢: ٦٦.
(٢٥) الصحاح في اللغة ٢: ٧٣٥.
(٢٦) أُنظر: المستدرك على الصحيحين ٢: ٤٥١ بتصحيح الحاكم والذهبي؛ ومسند أحمد ٤٤: ١١٩؛ قال شعيب الأرنؤوط: هذا حديث صحيح، وله أسانيد ثلاثة.
(٢٧) أُنظر: الإتقان في علوم القرآن للسيوطي: ٥٨٣.
(٢٨) روح المعاني ٢٢: ١٤ و١٥.
(٢٩) فيض القدير ٣: ١٥.
(٣٠) شرح المواهب ٧: ٨.
(٣١) الصواعق المحرقة ٢: ٤٤٢.
(٣٢) صحيح الجامع الصغير للألباني ١: ٤٨٢.
(٣٣) أُنظر: فيض القدير في شرح الجامع الصغير للمناوي ٣: ٢٠؛ شرح المقاصد للتفتازاني ٣: ٥٢٩.
(٣٤) أُنظر: فيض القدير ٣: ١٩؛ الصواعق المحرقة ٢: ٤٤٢.
(٣٥) صحيح مسلم ٦: ٤/ كتاب الإمارة، عن جامع بن سمرة.
(٣٦) البداية والنهاية ٦: ٢٤٩ و٢٥٠.
(٣٧) تاريخ الخلفاء للسيوطي: ١٢.
(٣٨) فتح الباري ١٣: ٢١١.
(٣٩) أُنظر: مسند أحمد ٥: ٩٧ و١٠٧.
(٤٠) تفسير ابن كثير ٢: ٣٣.
(٤١) كشف المشكل ١: ٤٤٩؛ وذكر ابن حجر هذه العبارة في فتح الباري ١٣: ١٨٣.
(٤٢) فتح الباري ١٣: ١٨٢.
(٤٣) شرح ابن العربي على صحيح الترمذي ٩: ٦٨ و٦٩.
(٤٤) أُنظر: محاولة أبي الجلد التي تبنّاها ابن كثير في البداية والنهاية ٦: ٢٥٦، وهي محاولة فاشلة بالمرَّة.
(٤٥) نوادر الأُصول ١: ٢٥٩.
(٤٦) مرقاة المفاتيح ١٠: ٥٣١.
(٤٧) رشفة الصادي: ٧٢.
(٤٨) شرح الزرقاني على المواهب اللدنّية ٧: ٧ و٨.
(٤٩) صحيح شرح العقيدة الطحاوية: ٦٥٤.
(٥٠) رسائل الجاحظ: ١٠٦.
(٥١) سير أعلام النبلاء ٤: ٣٩٨.
(٥٢) سير أعلام النبلاء ١٣: ١٢٠.
(٥٣) تقريب التهذيب ١: ٦٩٢.
(٥٤) العبر في خبر من غبر ١: ١٤٢.
(٥٥) سير أعلام النبلاء ١٣: ١٢٠.
(٥٦) البداية والنهاية ٩: ٣٣٨.
(٥٧) تهذيب الأسماء واللغات ١: ١٠٣.
(٥٨) أسنى المطالب في مناقب سيِّدنا علي بن أبي طالب: ٥٥.
(٥٩) شرح الشفا ١: ٤٣ و٤٤.
(٦٠) تقريب التهذيب ١: ١٦٣.
(٦١) سير أعلام النبلاء ١٣: ١٢٠.
(٦٢) ذكر قوله هذا ابنه ابن أبي حاتم الرازي في الجرح والتعديل ٨: ١٣٨؛ والذهبي في سير أعلام النبلاء ٦: ٢٨٠؛ وابن حجر في تهذيب التهذيب ٨: ٣٩٣.
(٦٣) مطالب السؤول في مناقب آل الرسول ٢: ١٢٠.
(٦٤) سير أعلام النبلاء ٦: ٢٧٠.
(٦٥) سير أعلام النبلاء ١٣: ١٢٠.
(٦٦) الصواعق المحرقة: ٣٠٧.
(٦٧) سير أعلام النبلاء ٩: ٣٨٧ و٣٨٨ و٣٩٢.
(٦٨) الثقات ٨: ٤٥٦ و٤٥٧.
(٦٩) منهاج السُّنَّة ٤: ٦٨.
(٧٠) جامع كرامات الأولياء ١: ١٦٨ و١٦٩.
(٧١) تذكرة الخواصّ: ٣٢١.
(٧٢) الفصول المهمَّة في معرفة أحوال الأئمَّة: ٢٥٣.
(٧٣) العبر في أخبار من غبر ١: ٢٢٨.
(٧٤) مرآة الجنان وعبرة اليقظان ٢: ١١٩.
(٧٥) شذرات الذهب ٢: ٢٧٢.
(٧٦) الفصول المهمَّة: ٢٧٠.
(٧٧) الفصول المهمَّة: ٢٧٩.
(٧٨) جامع كرامات الأولياء ٢: ٢١ و٢٢.
(٧٩) مجموع الفتاوى ٢٧: ٤٧١.
(٨٠) أُنظر: اقتضاء الصراط المستقيم ١: ٤١٩.
(٨١) سرّ السلسلة العلوية لأبي نصر البخاري: ٣٩.
(٨٢) المجدي في أنساب الطالبيين: ١٣٠.
(٨٣) الشجرة المباركة في أنساب الطالبية للفخر الرازي: ٧٨ و٧٩.
(٨٤) عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب: ١٩٩.
(٨٥) روضة الألباب لمعرفة الأنساب للنسّابة الزيدي أبي الحسن محمّد الحسيني الصنعاني: ١٠٥.
(٨٦) سبائك الذهب للسويدي: ٣٤٦.
(٨٧) أُنظر: دفاع عن الكافي ١: ٥٦٨ - ٥٩٢، تحت عنوان: (الدليل السادس: اعترافات أهل السُّنَّة).
(٨٨) فيض القدير ٣: ١٥.
(٨٩) الصواعق المحرقة ٢: ٤٤٢.
(٩٠) أُنظر: صحيح الجامع الصغير ٢: ١١٤٠.
(٩١) اليواقيت والجواهر ٢: ١٤٣.
(٩٢) سير أعلام النبلاء ٢٣: ٢٣٩.
(٩٣) مطالب السؤول: ٤٨٠.
(٩٤) تذكرة الخواصّ: ٣٦٣.
(٩٥) الأئمَّة الاثنا عشر لابن طولون الحنفي: ١١٧ و١١٨.
(٩٦) الفصول المهمَّة في معرفة الأئمَّة ٢: ١٠٩٦.
(٩٧) أخبار الدول وآثار الأُوَل: ٣٥٣ و٣٥٤/ الفصل ١١.
(٩٨) مطالب السؤول: ٤٨٩.
(٩٩) المجدي في أنساب الطالبيين: ١٣٠.
(١٠٠) الشجرة المباركة في أنساب الطالبية للفخر الرازي: ٧٨ و٧٩.
(١٠١) الأُصول في ذرّية البضعة البتول: ٩٩ و١٠٠.

التقييم التقييم:
  ٠ / ٠.٠
 التعليقات
لا توجد تعليقات.

الإسم: *
الدولة:
البريد الإلكتروني:
النص: *

 

Specialized Studies Foundation of Imam Al-Mahdi (A-S) © 2016