الصفحة الرئيسية » البحوث والمقالات المهدوية » (٧٤٦) هل سينشر الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) الدين والطاعة أم سيكتفي بنشر العدل؟
 البحوث والمقالات المهدوية

المقالات (٧٤٦) هل سينشر الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) الدين والطاعة أم سيكتفي بنشر العدل؟

القسم القسم: البحوث والمقالات المهدوية الشخص الكاتب: الشيخ علي آل موسى تاريخ الإضافة تاريخ الإضافة: ٢٠٢١/٠٥/٢٩ المشاهدات المشاهدات: ٤٠٩٥ التعليقات التعليقات: ٠

هل سينشر الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) الدين والطاعة أم سيكتفي بنشر العدل؟

الشيخ علي آل موسى

إذا ظهر الإمام الحجّة المهدي (عجّل الله فرجه) فما مدى النجاح الذي ستحقّقه دولته المباركة؟
هل ستكتفي بنشر راية العدل والقسط، وإنهاء جميع أنواع الظلم والجور فحسب؟
أم ستضيف إلى ذلك نشر راية الدين الإسلامي خفاقة في ربوع المعمورة، بحيث ينضوي جميع الناس تحت راية (لا إله إلّا الله، محمد رسول الله)، ويعتنق الجميع الإسلام؟
أم سيمتدّ نجاحها إلى دائرة أوسع مدًى من العدل، واعتناق الإسلام؛ لتنتهي الذنوب والمعاصي وجميع أنواع ومظاهر الفسق من على وجه الأرض، وتصل بالمجتمع الإنساني إلى مجتمع الطاعة، فتوصله إلى المجتمع الإنساني الملائكيّ الذي كمُل عقله ودينه وسلوكه معاً؟
تلك تساؤلات ثلاثة ملحّة ينبغي أن ندرسها بعمق وروية وفق مفادات النصوص الدينية الشريفة.
١- نشر العدل والقسط:
يرى البعض أنّ الوظيفة المنوطة بالإمام الحجة (عجّل الله فرجه) تكمن في نشر راية العدل الإلهي على المعمورة، وتحقيق (دولة العدل الإلهي) في الأرض، لا نشر راية الدين الإسلامي لدى جميع الناس؛ مما يعني سيادة العدل الإلهي في دولته المباركة، واندحار فلول جيوش الظلم والجور، لكنّ ذاك لا يمنع وجود الأديان المختلفة على الأرض على النحو الفردي، بل ووجود الكفر أيضاً، فضلاً عن وجود العصيان والفسق.
وقد عرض السيّد الشهيد حسن الشيرازي في كتابه (كلمة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)) السؤال التالي:
هل يطهّر صاحب الأمر (عجّل الله فرجه) حين ظهوره الأرض من الذنوب؟
ثم أجاب (رضوان الله عليه) عن السؤال فقال: ليس في الأحاديث أنّ الإمام المهدي يطهّر الأرض من الذنوب، كلّ ما هنالك أنّه (يملؤها عدلاً وقسطاً كما مُلئت ظلماً وجوراً)، فهو يقضي على التجاوزات، لا على الانحرافات العقيدية والمسلكية التي تدور بين الفرد وربّه؛ فلا يبقى ظالم ومظلوم، ولكن.. يبقى الكافر والعاصي في نطاق الأفراد، أي لا تبقى غير راية الإسلام، أما الفرد الكافر أو الفرد العاصي فلا يُلغى من الأرض. [المولى محسن (الفيض الكاشاني)، تفسير الصافي ٢/ ٣٣٨ -٣٣٩، في التعليق على قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾]
ومن الأحاديث التي يسوقها أصحاب هذا الاتجاه:
أ) قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم): لو لم يبقَ من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يُخرِج رجلاً من أهل بيتي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلئت ظلماً وجوراً. [الشيخ محمد باقر المجلسي، بحار الأنوار ٥١/ ٧٨٤، الباب ١ (ما ورد من إخبار النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) - بالقائم (عليه السلام) - من طرق الخاصة والعامة)]
ب) وقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم): يكون من أمتي المهدي: إن قصُر عمره فسبع سنين، وإلا.. فثمان، وإلا.. فتسع، يتنعّم أمتي في زمانه نعيماً لم يتنعّموا مثله قطّ: البرّ والفاجر، يرسل السماء عليهم مدراراً، ولا تدخر الأرض شيئاً من نباتها. [بحار الأنوار ٥١/ ٧٤، الباب ١ (ما ورد من إخبار النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) بالقائم (عليه السلام) من طرق الخاصة والعامة)، ح٣٦]
وهذا الحديث يتكلّم عن تنعّم (البرّ والفاجر) في دولته المباركة؛ مما يعني وجود الفجّار على النحو الفردي فيها.
٢- نشر العدل والإسلام والإيمان معاً:
وفي المقابل هناك من يرى - اعتماداً على الروايات - أنّ دولته المباركة ستوحّد الناس جميعاً ضمن الدين الإسلامي، وأنّ الإمام الحجة المنتظر (عجّل الله فرجه) سيبسط الإسلام حتى تشهد كلّ قرى الأرض به، ويرتفع نداؤه فيها جميعاً، بل ويتشهّد جميع الناس بالشهادتين، ويدخلون في الإسلام، ومن تلك الروايات:
أ) قال الإمام الباقر (عليه السلام): القائم منا، منصور بالرعب، مؤيد بالنصر، تُطوى له الأرض، وتظهر له الكنوز، يبلغ سلطانه المشرق والمغرب، ويُظهر الله به دينه على الدين كلّه. [تفسير الصافي ٢/ ٣٣٨- ٣٣٩، في التعليق على قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾]
ب) وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): فو الذي نفسي بيده، حتى لا تبقى قرية إلّا وتنادي بشهادة أن لا إله إلّا الله، ومحمد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم)، بكرةً وعشياً. [تفسير الصافي ٢/ ٣٣٨- ٣٣٩، في التعليق على قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾]
ج) وقال الإمام الباقر (عليه السلام) في قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾: إنّ ذلك يكون عند خروج المهدي من آل محمد (عليه وعليهم صلوات الله)، فلا يبقى أحد إلّا أقرّ بمحمد (صلّى الله عليه وآله وسلم). [تفسير الصافي ٢/ ٣٣٨- ٣٣٩، في التعليق على قوله تعالى:﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾]
د) وقال الإمام الصادق (عليه السلام): إذا قام القائم حكم بالعدل، وارتفع في أيامه الجور، وأمنت به السبل، وأخرجت الأرض بركاتها، ورد كلّ حق إلى أهله، ولم يبقَ أهل دين حتى يظهروا الإسلام ويعترفوا بالإيمان، أما سمعتَ الله تعالى يقول: ﴿... وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾، وحكم بين الناس بحكم داود وحكم محمد (عليهما السلام)، فحينئذ تظهر الأرض كنوزها وتبدي بركاتها، فلا يجد الرجل منكم يومئذ موضعاً لصدقته، ولا لبرِّه؛ لشمول الغنى جميع المؤمنين. [نقل الشيخ المفيد في (الإرشاد ٢/ ٣٨٤)، هذه الرواية عن: علي بن عقبة، عن أبيه، ولم يسندها إلى الإمام الصادق (عليه السلام)، لكنّ علي بن أبي الفتح الأربلي في (كشف الغمة في معرفة الأئمة ٣/ ٢٦٤)، أسندها إلى الإمام الصادق (عليه السلام)]
٣- نشر العدل، والإسلام، والإيمان، والطاعة:
وهناك من يرى أنّ دولة الإمام الحجة (عليه السلام) لن تكتفي بالنجاح على صعيد نشر العدل والقسط، ونشر الدين الإسلامي في آفاق المعمورة، بل ستنشر راية الطاعة، وتكنس جميع أنواع الفسق والفجور والعصيان والذنوب من على وجه الأرض.
يقول السيّد محمد الشيرازي (قُدِّس سرّه): وحيث يكمُل عقل الإنسان في زمان الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) تكون حياته الدينية على خير مرام، مما يهيّئه للمراتب العالية في الحياة الثانية؛ ولذا لا يوجد في دولة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) إلّا المتدينون، فلا فسّاق، ولا كفار، ولا منافقين، ولا عُصاة، كما دلّت الأدلة الشرعية، قال تعالى: ﴿... يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً...﴾، وعلى أي حال: فيكون الناس في زمانه (عجّل الله فرجه) ملتزمين بالآداب الدينية والتعاليم الشرعية أشدّ التزام، والعمل حينذاك يكون وفق كتاب الله وسنة رسوله، ولا انحراف عنهما من قِبَل أي أحد حتى قيد شعرة. [السيّد محمد مهدي الشيرازي، فقه المستقبل/ ٢٢٦- ٢٢٨]
ومن الروايات التي يقدّمها أصحاب هذا الرأي، وتصبّ في هذا الرافد:
أ) قال الإمام الباقر (عليه السلام) متحدّثاً عن زمان المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه): تُؤتَون الحكمة في زمانه؛ حتى أنّ المرأة لتقضي في بيتها بكتاب الله تعالى وسنة رسوله. [النعماني، الغيبة/ ٢٣٩، الباب ١٣، ح٣٠، وبحار الأنوار ٥٢/ ٣٥٢، الباب ٢٧، ح١٠٦]
ب) وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) عن عصر الإمام الحجّة المهدي (عجّل الله فرجه): ويهلك الأشرار، ويبقى الأخيار، ولا يبقى من يبغض أهل البيت (عليهم السلام). [يوسف بن يحيى الشافعي، عقد الدرر/ ١٥٩، الباب ٧]
ج) وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) عن الحجّة المهدي (عجّل الله فرجه): ولا يترك بدعةً إلّا أزالها، ولا سُنّةً إلّا أقامها. [عقد الدرر/ ٢٢٤، الباب ٩]

التقييم التقييم:
  ١ / ١.٠
 التعليقات
لا توجد تعليقات.

الإسم: *
الدولة:
البريد الإلكتروني:
النص: *

 

Specialized Studies Foundation of Imam Al-Mahdi (A-S) © 2016