عن الإمام أبي محمد الحسن المجتبى عليه السلام أنّه قال:
(أرى واللهِ أنَّ مُعاويةَ خيرٌ لي من هؤلاءِ، يَزْعُمونَ أَنَّهُمْ لي شيعَةٌ، ابْتَغَوا قَتْلي، وانْتَهَبوا ثِقْلي، وَأَخَذْوا مالي، واللهِ لئِنْ آخُذُ مِن مُعاويَةَ عَهْداً أَحقِنُ بِهِ دَمي وَأُؤْمَنُ بِهِ في أهلي، خيرٌ مِنْ أن يَقْتُلوني، فيَضيعُ أهلُ بَيْتي وأَهْلي، واللهِ لَوْ قاتَلْتُ مُعاويةَ لأخَذوا بِعُنُقي حتَّى يَدْفَعوني إليهِ سِلْماً، واللهِ لَئِنْ أُسالمه وأنا عزيزٌ خيرٌ من أن يقتُلَني وأنا أسيرٌ، أو يَمُنَّ عليَّ فيَكون سُنَّةً على بني هاشِمٍ آخِرَ الدَّهْرِ لِمُعاويةَ، لا يزالُ يَمُنُّ بها وعَقِبُهُ على الحيِّ مِنّا والمَيِّتِ.
قال: قُلْتُ: تَتْرُكُ، يا ابْنَ رسولِ اللهِ، شيعَتَكَ كالغَنَمِ لَيْسَ لها راعٍ؟ قال: وَما أصْنَعُ، يا أخا جُهَيْنَةَ، إنّي واللهِ أعلَمُ بأمرٍ قدْ أدَّى به إليَّ ثُقاتُهُ، إنَّ أميرَ المؤمنين عليه السلام قالَ لي ذاتَ يومٍ وقدْ رآني فرحاً: يا حَسَنُ، أَتَفْرَحُ؟ كَيْفَ بكَ إذا رأَيْتَ أباكَ قتيلاً؟ كَيْفَ بكَ إذا وليَ هذا الأمْرَ بَنو أُميَّةَ، وأميرُها الرَّحْبُ البلعومِ، الواسِعُ الإعفِجاجِ، يأْكُلُ وَلا يَشْبَعُ، يَموتُ وَلَيْسَ لهُ في السَّماءِ ناصرٌ، ولا في الأرضِ عاذِرٌ، ثُمَّ يَسْتَوْلي على غَرْبِها وَشَرْقِها، يَدينُ لهُ العِبادُ ويَطولُ مُلْكُه، يَستَنُّ بسُنَنِ أهلِ البِدَعِ والضّلالِ، ويُميتُ الحقَّ وَسُنَّةَ رسولِ الله، يُقَسِّمُ المالَ في أهلِ وِلايَتِهِ، ويَمْنَعُهُ مَنْ هُوَ أَحَقُّ به، ويُذَلُّ في مُلْكِهِ المُؤمِنُ، ويَقْوَى، في سُلطانِهِ الفاسِقُ، ويَجْعَلُ المالَ بينَ أنصارِهِ دُوَلاً، ويتَّخِذُ عِبادَ الله خَوَلاً، يَدْرُسُ في سلطانِه الحقُّ، ويَظْهَرُ الباطِلُ، ويقتُلُ مَن ناواهُ على الحقِّ، ويُدينُ مَن والاهُ على الباطِلِ، فكذلِكَ حتَّى يَبْعَثَ اللهُ رَجُلاً في آخِرِ الزَّمانِ وَكَلَبٍ مِنَ الدَّهْرِ وَجَهْلٍ من النّاس، يُؤَيِّدُهُ اللهُ بِمَلائِكَتِهِ، وَيَعْصِمُ أنصارَهُ ويَنْصُرُهُ بآياتِهِ، وَيظْهِرُهُ على أهلِ الأرضِ حتَّى يَديِنُوا طَوْعاً وَكَرْهاً، يملؤ الأرضَ قِسْطاً وَعدْلاً ونوراً وبُرهاناً، يَدينُ لهُ عَرْضُ البلادِ وطُولُها، لا يبْقى كافرٌ إلاّ آمَنَ بِهِ، ولا صالحٌ إلاّ صَلَحَ، وتَصْطَلِحُ في مُلْكِهِ السِّباعُ، وتُخْرِجُ الأرضُ نَبْتَها، وتُنْزِلُ السَّماءُ بَرَكَتَها، وتَظْهَرُ لهُ الكُنوزُ، يَمْلِكُ ما بيْنَ الخافِقَيْنِ أربَعينَ عاماً، فَطوبَى لِمَنْ أدْرَكَ أيّامَهُ، وسَمِعَ كَلامَهُ).
مصادر الحديث:
الاحتجاج: ج ٢ ص ٢٩٠ - عن زيد بن وهب الجهني، قال: لمّا طُعِنَ الحَسَنُ بْنُ عليّ عليه السلام بالمَدائن أتَيْتُه وهو مُتَوَجِّعٌ، فقلتُ: ما ترى _ يا ابن رسول الله _ فإن الناس مُتَحَيِّرونَ؟ فقال:
* إثبات الهداة: ج ٣ ص ٥٢٤ ب ٣٢ ف ٢٠ ح ٤١٤ – بعضه، من قوله: (يَبْعَثُ اللهُ) عن الاحتجاج، وفيه (... طُولُهَا حَتَّى لا يَبْقَى... تُخْرِجُ الأرضُ بَرَكاتِها).
* البحار: ج ٤٤ ص ٢٠ ب ١٨ ح ٤ - عن الاحتجاج، وفيه: (... خَيْراً لي... وَآمن به في أهْلي... وأنا أسيرُهُ... فَتَكون سُبَّةً على بني هاشم إلى آخر... إليَّ عَنْ ثقاتِهِ... الوَاسِعُ الاعْفَاجِ... ويُظْهَرُ البَاطِلُ ويُلْعَنُ الصّالِحونَ، وَيُقْتَلُ... وَيُظْهِرُهُ عَلَى الأَرضِ... طُولُهَا لا يَبْقَى).
* منن الرحمن: ج ٢ ص ٤٢ - على ما في منتخب الأثر.
* المجالس السنيّة: على ما في منتخب الأثر، ولم نجده فيه.
* العوالم: ج ١٦ ص ١٧٥ ب ٣ ح ٥ - عن الاحتجاج.
* عوالم الإمام الحسن بن علي عليه السلام: ص ١٧٩ _ عن الاحتجاج.
* منتخب الأثر: ص ٤٨٧ ف ٩ ب ١ ح ٢ - آخره، من قوله (يَبْعَث اللهُ) عن منن الرحمن.