من هم الأبدال؟
محمد الحسيني
ورد في بعض تراث المسلمين وجود أشخاص باسم الأبدال وقد اختلفت الآراء حولهم وحول وظيفتهم وعددهم لكن يمكن الخروج بالمعلومات التالية عنهم:
١–لا يخلو منهم زمان، فكلما رحل واحد منهم حل آخر في مكانه.
٢- معنى اسمهم وهو (الأبدال) كما تقدم أن الله تعالى يجعل المتأخر بدلاً للمتقدم إذا رحل عن الدنيا.
٣- يذكرون دائماً في النصوص في مقام المدح والثناء.
٤- يعملون على حفظ الشريعة ويسعون لحفظ ثبات الناس عليها.
٥- الأبدال عند الشيعة هم الأئمة الاثنا عشر (صلوات الله عليهم).
فقد رُوِيَ عن الخالد بن الهيثم الفارسي أنه قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام) إن الناس يزعمون أن في الأرض أبدالاً، فمن هؤلاء الأبدال؟
قال: صدقوا، الأبدال الأوصياء، جعلهم الله (عَزَّ وجَلَّ) في الأرض بَدَلَ الأنبياء، إذ رفع الأنبياء وختمهم محمد (صلى الله عليه وآله).
قال العلامة المجلسي (قدَّس الله نفسه الزَّكية) بعد ذكره للرواية السابقة: ظاهر الدعاء المروي من أم داود عن الصادق (عليه السلام) في النصف من رجب حيث قال: اللهم صل على محمد وآل محمد، وارحم محمدا وآل محمد، وبارك على محمد وآل محمد، كما صليت ورحمت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم صل على الأوصياء والسعداء والشهداء وأئمة الهدى، اللهم صل على الأبدال والأوتاد والسياح والعباد والمخلصين والزهاد وأهل الجد والاجتهاد، - إلى آخر الدعاء - يدل على مغايرة الأبدال للأئمة (عليهم السلام)، لكن ليس بصريح فيها، فيمكن حمله على التأكيد.
٦- بعض الآراء ذهبت إلى انهم بعض خلص أصحاب الأئمة كسلمان والمقداد وأبي ذر وعمار.
فقد أضاف العلامة المجلسي على ما تقدم قائلاً: ويحتمل أن يكون المراد به في الدعاء (أم داود) خواص أصحاب الأئمة (عليهم السلام).
وفي علم الرجال نجدُ أنَّ الشيخ الطوسي (قدَّس الله نفسه الزَّكية) لدى ذكره لحجر بن عدي الكندي، يقول: وكان من الأبدال.
٧- الأبدال عند السنة هم ثلاثون أو أربعون شخصاً كانوا في زمن معاوية في الشام.
٨- هم عند المتصوفة أربعة في كل زمان يحيطون بالقطب وقيل سبعة بعدد السماوات، والقطب يكون واحداً.
٩- أنكرت السلفية وإمامهم ابن تيمية وجودهم تماماً وجعلوها من بدع الصوفية، مع أنها واردة في الكتب المعتبرة عندهم.
١٠- ورد في بعض نصوص الأدعية ذكرهم:
فمثلاً جاء في وصايا النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): ...وإِنْ جَامَعْتَهَا فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ، فَإِنَّهُ يُرْجَى أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مِنَ الأبدال إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ... .
وَرُوِيَ عن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنَّهُ قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): مَنْ دَعا للمؤمنين والمؤمنات في كل يوم خمساً وعشرينَ مرة، نَزَعَ اللهُ الغِلَّ من صدره، وكَتَبُه من الأبدال إن شاء الله.
١١- ورد في بعض الروايات خروجهم مع المهدي (عجّل الله فرجه).
فقد رَوى طارق بن شهاب عن حذيفة قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إذا كان عند خروج القائم ينادي منادٍ من السماء أيها الناس قطع عنكم مدة الجبارين، وولي الأمر خير أمة محمد، فالحقوا بمكة، فيخرج النجباء من مصر والأبدال من الشام وعصائب العراق رهبان بالليل ليوث بالنهار، كأن قلوبهم زبر الحديد، فيبايعونه بين الركن والمقام ... .
وَرُوِيَ عن جابر الجعفي أنه قال: قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام): يبايع القائم بين الركن والمقام ثلاثمائة ونيف عدة أهل بدر، فيهم النجباء من أهل مصر، والأبدال من أهل الشام، والأخيار من أهل العراق، فيقيم ما شاء الله أن يقيم.
ملاحظة مهمة: هنالك من يرى أن موضوع الأبدال من مخترعات الأمويين لإشغال الناس بهم بدلاً من الأئمة (عليهم السلام)، وهذه بعض النصوص الواردة عند العامة:
روى الواقدي: أن معاوية لما عاد من العراق إلى الشام بعد بيعة الحسن سنة ٤١ه خطب فقال: أيها الناس إن رسول اللّه قال: إنك ستلي الخلافة من بعدي! فاختر الأرض المقدسة! فإن فيها الأبدال!
- عن عبادة بن الصامت: الأبدال في هذه الأمة ثلاثون رجلاً قلوبهم على قلب إبراهيم خليل الرحمان كلما مات رجل أبدل اللّه مكانه رجلاً.
وعنه أيضاً: الأبدال في أمتي ثلاثون بهم تقوم الأرض وبهم تنصرون وبهم تمطرون.
- عن عوف بن مالك: الأبدال في أهل الشام بهم ينصرون وبهم يرزقون.
الخلاصة: يمكن القول أن وجود الأبدال ثابت ولو إجمالاً وهم الأئمة (عليهم السلام) وأصحابهم الخلص، وسيكونون في آخر الزمان هم بعض أنصار الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) من أهل الشام وحاول الأمويون استغلال ذلك وتوظيفه لمصالحهم الخاصة.