عن الإمام أبي الحسن موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام أنّه قال:
(لَمَّا احْتَفَرَ عَبْدُ المُطَّلِبِ زَمْزَمَ وَانْتَهَى إِلَى قَعْرِهَا خَرَجَتْ عَلَيْهِ مِنْ إِحْدَى جَوَانِبِ البِئْرِ رَائِحَةٌ مُنْتِنَةٌ أَفْظَعَتْهُ، فَأَبَى أَنْ يَنْثَنِيَ وَخَرَجَ ابْنُهُ الحَارِثُ عَنْهُ ثُمَّ حَفَرَ حَتَّى أَمْعَنَ فَوَجَدَ فِي قَعْرِهَا عَيْناً تَخْرُجُ عَلَيْهِ بِرَائِحَةِ المِسْكِ، ثُمَّ احْتَفَرَ فَلَمْ يَحْفِرْ إِلاّ ذِرَاعاً حَتَّى تَجَلَّاهُ النَّوْمُ، فَرَأَى رَجُلًا طَوِيلَ البَاعِ حَسَنَ الشَّعْرِ جَمِيلَ الوَجْهِ جَيِّدَ الثَّوْبِ طَيِّبَ الرَّائِحَةِ وَهُوَ يَقُولُ: احْفِرْ تَغْنَمْ، وَجُدْ تَسْلَمْ، وَلا تَدَّخِرْهَا لِلْمَقْسَمِ، الأَسْيَافُ لِغَيْرِكَ وَالبِئْرُ لَكَ، أَنْتَ أَعْظَمُ العَرَبِ قَدْراً، وَمِنْكَ يَخْرُجُ نَبِيُّهَا وَوَلِيُّهَا وَالأَسْبَاطُ النُّجَبَاءُ الحُكَمَاءُ العُلَمَاءُ البُصَرَاءُ، وَالسُّيُوفُ لَهُمْ، وَلَيْسُوا اليَوْمَ مِنْكَ وَلا لَكَ، وَلَكِنْ فِي القَرْنِ الثَّانِي مِنْكَ بِهِمْ يُنِيرُ اللَّهُ الأَرْضَ، وَيُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ مِنْ أَقْطَارِهَا، وَيُذِلُّهَا فِي عِزِّهَا، وَيُهْلِكُهُا بَعْدَ قُوَّتِهَا، وَيُذِلُّ الأَوْثَانَ، وَيَقْتُلُ عُبَّادَهَا حَيْثُ كَانُوا، ثُمَّ يَبْقَى بَعْدَهُ نَسْلٌ مِنْ نَسْلِكَ، هُوَ أَخُوهُ وَوَزِيرُهُ وَدُونَهُ فِي السِّنِّ... فَوَجَدَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ سَيْفاً مُسْنَدَةً إِلَى جَنْبِهِ فَأَخَذَهَا وَأَرَادَ أَنْ يَبُثَّ (يَبِتَّ)، فَقَالَ: وَكَيْفَ وَلَمْ أَبْلُغِ المَاءَ، ثُمَّ حَفَرَ فَلَمْ يَحْفِرْ شِبْراً حَتَّى بَدَا لَهُ قَرْنُ الغَزَالِ وَرَأْسُهُ، فَاسْتَخْرَجَهُ وَفِيهِ طُبِعَ: لا إِلَهَ إِلاّ اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ عَلِيٌّ وَلِيُّ اللَّهِ فُلانٌ خَلِيفَةُ اللَّهِ، فَسَأَلْتُهُ فَقُلْتُ: فُلانٌ مَتَى كَانَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ؟ قَالَ لَمْ يَجِئْ بَعْدُ وَلا جَاءَ شَيْءٌ مِنْ أَشْرَاطِهِ... رَأَى عَبْدُ المُطَّلِبِ أَنْ يُبْطِلَ الرُّؤْيَا الَّتِي رَآهَا فِي البِئْرِ وَيَضْرِبَ السُّيُوفَ صَفَائِحَ البَيْتِ، فَأَتَاهُ اللَّهُ بِالنَّوْمِ فَغَشِيَهُ وَهُوَ فِي حِجْرِ الكَعْبَةِ فَرَأَى ذَلِكَ الرَّجُلَ بِعَيْنِهِ وَهُوَ يَقُولُ: يَا شَيْبَةَ الحَمْدِ... ضَعِ السُّيُوفَ فِي مَوَاضِعِهَا... فَادْفَعْ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ عَشَرَ سَيْفاً إِلَى وَلَدِ المَخْزُومِيَّةِ، وَلا يُبَانُ لَكَ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا، وَسَيْفٌ لَكَ مِنْهَا وَاحِدٌ سَيَقَعُ مِنْ يَدِكَ، فَلا تَجِدُ لَهُ أَثَراً إِلَّا أَنْ يَسْتَجِنَّهُ جَبَلُ كَذَا وَكَذَا، فَيَكُونُ مِنْ أَشْرَاطِ قَائِمِ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ، فَانْتَبَهَ عَبْدُ المُطَّلِبِ وَانْطَلَقَ وَالسُّيُوفُ عَلَى رَقَبَتِهِ فَأَتَى نَاحِيَةً مِنْ نَوَاحِي مَكَّةَ، فَفَقَدَ مِنْهَا سَيْفاً كَانَ أَرَقَّهَا عِنْدَهُ، فَيَظْهَرُ مِنْ ثَمَّ.
وَنَحْنُ نَقُولُ: لا يَقَعُ سَيْفٌ مِنْ أَسْيَافِنَا فِي يَدِ غَيْرِنَا إِلاّ رَجُلٌ يُعِينُ بِهِ مَعَنَا إِلَّا صَارَ فَحْماً، قَالَ: وَإِنَّ مِنْهَا لَوَاحِداً فِي نَاحِيَةٍ يَخْرُجُ كَمَا تَخْرُجُ الحَيَّةُ فَيَبِينُ مِنْهُ ذِرَاعٌ وَمَا يُشْبِهُهُ، فَتُبْرِقُ لَهُ الأَرْضُ مِرَاراً ثُمَّ يَغِيبُ، فَإِذَا كَانَ اللَّيْلُ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَهَذَا دَأْبُهُ حَتَّى يَجِيءَ صَاحِبُهُ، وَلَوْ شِئْتُ أَنْ أُسَمِّيَ مَكَانَهُ لَسَمَّيْتُهُ، وَلَكِنْ أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِنْ أَنْ أُسَمِّيَهُ فَتُسَمُّوهُ فَيُنْسَبَ إِلَى غَيْرِ مَا هُوَ عَلَيْهِ).
مصادر الحديث:
* الكافي: ج ٤ ص ٢٢٠ ح ٧ _ عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد قال: سمعت أبا إبراهيم عليه السلام يقول _ من حديث طويل جاء فيه:
* البحار: ج ١٥ ص ١٦٤ ب ١ ح ٩٦ _ عن الكافي بتفاوت يسير. وفيه: (التّبْرُ لَكَ) بدل (البِئْرُ لَكَ) وقال: (قوله... فلان خليفة الله أي القائم عليه السلام... فيظهر من ثَمَّ أي يظهر في زمن القائم عليه السلام من هذا الموضع الذي فقد فيه، أو من الجبل الذي تقدم ذكره، ولعله كان كل سيف لمعصوم وكان بعددهم، وسيف القائم عليه السلام أخفاه الله في هذا المكان ليظهر له عند خروجه).