أقسام النيابة الخاصة:
 البحث في النيابة الخاصة:
 الصفحة الرئيسية » النيابة الخاصة » الحسين بن روح النوبختي
 النيابة الخاصة

المقالات الحسين بن روح النوبختي

القسم القسم: النيابة الخاصة الشخص الكاتب: الشيخ ضياء الدين الخزرجي تاريخ الإضافة تاريخ الإضافة: ٢٠١٧/٠٩/٠٥ المشاهدات المشاهدات: ٥٢٥٣٢ التعليقات التعليقات: ٠

السفير الثالث للإمام المهدي (عليه السلام)

الحسين بن روح النوبختي

الشيخ ضياء الدين الخزرجي

المبحث الأول: الحسين بن روح النوبختي في الميزان
المبحث الثاني: التحرك الثقافي والسياسي لابن روح النوبختي وأسباب اعتقاله
المبحث الثالث: الحسين بن روح النوبختي ومدعو السفارة الكاذبة عن الإمام المهدي (عليه السلام)
المبحث الرابع: التراث الذي خلّفه الحسين بن روح النوبختي للأمة الإسلامية
المبحث الخامس: معجزات الإمام المهدي (عليه السلام) على يدي الحسين بن روح النوبختي
المبحث السادس: وفاة الحسين بن روح النوبختي

المبحث الأول: الحسين بن روح النوبختي في الميزان
وبعده ابن روح الحسين * * * شيخ جليل ثقة وعين(١)

هو الحسين بن روح بن أبي بحر؛ أبو القاسم النوبختي(٢)؛ أو الروحي(٣)؛ أو القمي؛ أو القيني أو القسي(٤)؛ وابن نوبخت(٥)؛ أو نيبخت(٦)؛ تصدى أمر السفارة بعد وفاة محمد بن عثمان العمري عام ٣٠٥ه(٧)، بأمر الإمام المهدي (عليه السلام) أثنى عليه المخالف والمؤالف... قال الذهبي عنه: إنه كان وافر الحرمة وكثرت غاشيته حتى كان الأمراء والوزراء يركبون إليه والأعيان، وتواصف الناس عقله وفهمه، فروى علي بن محمد الأيادي عن أبيه قال: شاهدته يوماً وقد دخل عليه أبو عمر القاضي(٨)؛ فقال له أبو القاسم: صواب الرأي عند المشفق - المشغف - عبرة عند المتورط فلا يفعل القاضي ما عزم عليه؛ فرأيت أبا عمر قد نظر إليه ثم قال: من أين لك هذا؟ فقال: إن كنت قلت لك ما عرفته؛ فمسألتي من أين لك؟! فضول!! وإن كنت لم تعرفه، فقد ظفرت بي؛ قال: فقبض أبو عمر على يديه وقال: لا، بل والله وأؤخرك ليومي أو لغدي!! فلما خرج قال أبو القاسم: ما رأيت محجوجاً قط يلقى البرهان بنفاق مثل هذا؛ لقد كاشفته لما لم أكاشف به غيره (أمثاله أبداً)؛ ولم يزل أبو القاسم وافر الحرمة إلى أن وزرها حامد بن العباس وبقيت حرمته على ما كانت إلى أن مات في سنة ست وعشرين وثلاثمائة؛ وقد كاد أمره أن يظهر ويستفحل(٩).
وقال أيضاً عنه: وإن الأموال تجبى إليه، وقد تلطف في الذب عن نفسه بعبارات تدل على درايته ووفور عقله ودهائه وعلمه؛ وكان يفتي الشيعة ويفيدهم، وله رتبة عظيمة بينهم(١٠). وقال ابن أبي طي الغساني وقد ذكره بخط مغلق سقيم: أبو القاسم القيني أو القسي، وهو الشيخ الصالح أحد الأبواب لصاحب الأمر؛ نص عليه بالنيابة أبو جعفر محمد بن عثمان العمري عنه وجعله أول من يدخل عليه حين جعل الشيعة طبقات؛ وقد خرج على يديه تواقيع كثيرة(١١). وجاء مثله في لسان الميزان لان حجر والوافي للصفدي وأضافا: لما مات أبو جعفر، صارت النيابة إلى أبي القاسم، وجلس ببغداد في الدار، وجلس الشيعة حوله وخرج (ذكاء) الخادم ومعه عكازة ومدرج وحقة؛ وقال: إن مولانا قال: إذا دفنني أبو القاسم وجلس، فسلّم إليه هذا؛ وإذا في الحقّ خواتيم الأئمة (عليهم السلام)، ثم قام في آخر اليوم ومعه طائفة، فدخل دار أبي جعفر محمد وكثرت غاشيته حتى كان الأمراء يركبون إليه، والوزراء والمعزولون عن الوزارة، والأعيان، وتواصف الناس عقله؛ ولم يزل ابو القاسم على هذه الحالة حتى ولي حامد بن العباس الوزارة فجرى له معه خطوب وأمور(١٢). وقال ابن حجر عنه: هو أحد الرؤساء؛ وانه كان كثير الجلالة في بغداد(١٣)، وعبر اليافعي عنه: بأنه الزعيم(١٤)، وابن الأثير: بأنه الباب(١٥).
أما المؤالف فقد ذكرنا عباراتهم؛ فقد أثنوا عليه جميعاً، قال المفيد وابن شهرآشوب: كان الحسين بن روح من خواص الإمام العسكري (عليه السلام) والباب له(١٦). وقال الطوسي: هو من رواة الأحاديث عنهم (عليهم السلام)(١٧)؛ ومن الخواص والمعتمدين لأبي جعفر بن عثمان العمري؛ وكان أول من أذن له بالدخول عليه(١٨)، وكان ينظر في أملاكه، ويلقي بأسراره لرؤساء الشيعة، وكان خصيصاً به، حتى انه كان يحدثه بما يجري بينه وبين جواريه لقربه منه وأنسه؛ فعرفته الشيعة - والأمة الإسلامية - لمعرفتهم باختصاصه بأبي جعفر العمري وتوثيقه عندهم، فمهدت له الحال في طول حياته إلى أن انتهت الوصية إليه بالنص عليه، فلم يختلف في أمره ولم يشك فيه أحد(١٩). وأثنى عليه متأخرو علماء الإمامية؛ قال فيه الحر العاملي: جليل القدر، عظيم المنزلة، من وكلاء صاحب الزمان (عليه السلام)، رواه الصدوق وغيرهما(٢٠)، وقال عنه السيد الصدر: المولى أبو القاسم الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختي المتقدم ذكره في المتكلمين من آل نوبخت؛ كان أعلم أهل زمانه في كل علوم الإسلام، ولا تعرف الشيعة في الدين والمذهب أفضل منه، كان عالماً ربانياً زاهداً متقشفاً، صاحب الأسرار والكرامات والعلوم والمكاشفات، أوثق أهل زمانه وأعقل كل أقرانه، مقبول عند المواقف والمخالف، لا مغمز لأحد فيه من كل فِرق الإسلام، مقبول القول عند الكل(٢١). وقال السيد الخوئي: هو أحد السفراء والثواب الخاص للإمام الثاني عشر (عليه السلام)، وشهرة جلالته وعظمته أغنتنا عن الإطالة في شأنه(٢٢)؛ وذكر التستري(٢٣) والمامقاني مثله(٢٤). تولى أمر السفارة عن الإمام المهدي (عليه السلام) عام ٣٠٥ه بموت أبي جعفر العمري وبقي فيها إلى أن لحق بالرفيق الأعلى في شعبان عام ست وعشرين وثلاثمائة(٢٥)، فتكون مدة سفارته حوالي الواحد والعشرين عاماً.
ينتمي هذا السفير إلى طائفة بني نوبخت.. وهي طائفة كبيرة خرج منها جماعات كثيرة من العلماء والأدباء والمنجمين والفلاسفة والمتكلمين والكتاب والحكام والأمراء، وكانت لهم مكانة وتقدم في دولة بني العباس وأصلهم من الفرس(٢٦) قال القطفي: إنهم كلهم فضلاء، لهم فكرة صالحة ومشاركة في العلوم الأوائل(٢٧)، وذكر ابن طاووس جماعة منهم كانوا قد برزوا في علم النجوم فألفوا فيها كتباً ذكروا أنها دلالات على الحادثات أمثال: الحسن بن موسى وموسى بن العباس بن اسماعيل والفضل بن أبي سهل وغيرهم(٢٨).
ويرجع أصل نوبخت إلى جدهم الأول نوبخت، وقد كان منجماً فاضلاً يصحب المنصور العباسي دائماً(٢٩)، وكان أول من ساهم في بناء بغداد عام ١٤٤ه؛ فوضع المنصور العباسي أساسها في وقت اختاره له نوبخت المنجم(٣٠). سكن نوبخت هذا بغداد عام ١٤٥ه، بعد أن أقطعه أبو جعفر المنصور ألفي جريب بنهر جويبر(٣١)، ويقع هذا النهر في الجانب الغربي من شط دجلة(٣٢)، فقد بنى نوبخت وأولاده بيوتاً لهم في تلك الأراضي التي وهبها له المنصور، وصارت لهم أملاكاً كثيرة هناك، ولهم دور بنهر طابق وهو من المحلات الواقعة غربي بغداد(٣٣)، والنوبختية(٣٤)؛ وفي حوالي النعمانية بين بغداد وواسط في الساحل الغربي من دجلة كانت لهم منازل يملكونها(٣٥)، وكانت لنوبخت براعة في علم النجوم، وله تأليفات وتراجم فيه(٣٦)؛ وخلف ولده الوحيد (الفضل) الذي كان صاحب دار الحكمة للرشيد(٣٧)، وآل نوبخت كلهم ينتمون لهذا الابن الواحد لنوبخت كما جاء في الكتب والاشعار؛ وكانت للفضل كتب مترجمة عن الفارسية إلى العربية منها كتاب النهمطان في المواليد؛ والفأل النجومي(٣٨)، أما مذهب آل نوبخت وابنه الفضل فهو مذهب السنة؛ وأما أولاد وأحفاد الفضل فقد اشتهروا بالتشيع وولاية علي (عليه السلام) وولده في الظاهر(٣٩)، وكان بينهم أصحاب الأئمة (عليهم السلام) أمثال: يعقوب بن إسحاق، وإسحاق بن اسماعيل بن أبي سهل، وأبو سهل اسماعيل بن علي النوبختي وهو شيخ المتكلمين في أصحابنا ببغداد، ومتقدم بني نوبخت في زمانه، وكان له جلالة في الدين والدنيا يجري مجرى الوزراء، وقد صنف في الإمامة والرد على الملاحدة والغلاة وسائر المبطلين وتواريخ الأئمة (عليهم السلام) وغير ذلك ما زيد على ثلاثين مجلداً ذكرها أصحاب الكتب والرجالية(٤٠)، أخذ عنه عبد الله النعمان المعروف بالمفيد شيخ الشيعة في زمانه وغيره(٤١)، وكانت له مباحثات ومناظرات مع أبي علي الجبائي وهو أحد أركان المعتزلة في عدة مجالس بالأهواز وله مناظرات مع الحكيم الرياضي المعروف ثابت بن قرة الصابي، وكلاهما مدوّن في كتاب يذكر في عداد مؤلفاته، كان الشيخ المفيد يعتني بكتبه وكان يقرأها النجاشي عليه ومنها كتاب التنبيه(٤٢).
وسيأتي بعض الحديث عن هذه الشخصية التي التقت بالإمام المهدي (عليه السلام) ورأته عن قريب.
لقد ذكرنا أن الحسين بن روح النوبختي له قرابة مع آل نوبخت خاصة مع أبي سهل اسماعيل بن علي المتقدم(٤٣)؛ وأبي عبد الله الحسين بن علي النوبختي الذي كان وزيراً لابن رائق، وكانت له السلطة التامة عليه(٤٤)؛ قال ابن مسكويه: كان الحسين بن علي النوبختي متفرداً بابن رائق والمدبر للملك، وهو الذي بنى لابن رائق تلك الرتبة العظيمة، وساق إليه تلك النعمة وجمع له تلك الأموال التي كان مستظهراً بها في ضمان واسط والبصرة(٤٥)، قال ابن رائق يمدحه ويثني عليه: ما كنت لأصرف الحسين بن علي مع نصحه لي وتبركي به، ولو فتح لي فارس وأصبهان وساقهما إليّ خصوصاً، وأهداهما لي دون غيري. قال له ابن مقاتل: أيها الأمير فإن كرهت هذا فضمّنه واسط والبصرة، فقال ابن رائق: هذا لفعلته؛! إن أشار به أبو عبد الله الحسين بن علي النوبختي - بأن تكون له الوزارة بعد عمّه الحسين بن علي النوبختي فقال بعد أن بكى: أعظم الله أجرك أيها الأمير في أبي عبد الله!! عدّه في الأموات، ثم لطم وجهه فقال ابن رائق: لا حول ولا قوة إلا بالله، أعزز عليّ به، ولو فدى حيّ ميتاً لفديته بملكي كلّه(٤٦)؛ وكانت مدة تدبير الحسين بن علي النوبختي لأمور المملكة ثلاثة أشهر وثمانية أيّام(٤٧).
ولا يوجد أي ترديد في لقب الحسين بن روح بأنه النوبختي؛ لأنه كان مخلطاً لآل نوبخت أمثال: أبي سهل اسماعيل بن علي، وأبي عبد الله الحسين بن علي وزير ابن رائق، وأحمد بن ابراهيم الذي كان صهراً للشيخ أبي جعفر العمري على ابنته أم كلثوم الكبيرة رحمهما الله؛ وكان كثيراً ما يقول أصحابنا في المكاتبات التي خرجت جواباتها على يد الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح إنها بخط أحمد بن إبراهيم بن نوبخت وإملاء الشيخ أبي القاسم الروحي(٤٨)، وكان ابن روح قد دفن في مقابر النوبختيين كما سيأتي؛ فإن كل تلك الشواهد تكفي في صحة انتسابه لآل نوبخت. نعم ذكر الحافظ شمس الدين الذهبي نقلا عن يحيى بن طي المتوفى عام ٦٣٠ه أنه قال: أبو القاسم القيني أو القسي وكذا صورته في تاريخ يحيى بن أبي طي الغساني وخطه مغلق سقيم(٤٩)، والظاهر أنه القمي كما جاء عن الكشي(٥٠). روى القهبائي بإسناده عن جعفر بن معروف الكشي أنه قال: كتب أبو عبد الله البلخي إليّ يذكر عن الحسين بن روح القميّ؛ أن أحمد بن إسحاق كتب إليه ليستأذنه في الحج فمات بحلوان(٥١)، ويؤيد نسبته تلك معرفته اللسان الآبي القميّ(٥٢)؛ وأنه لم يذكر اسمه في الشجرة النوبختية(٥٣)؛ ولعله والله والعالم - انتسب لآل نوبخت من أمه مثل أبي محمد الحسن بن موسى ابن أخت أبي سهل إسماعيل بن علي النوبختي؛ لأن آل نوبخت كانوا كلهم من أهل بغداد، وإن كان أصلهم من الفرس كما تقدم.
أما منزلته في الأمة:
فقد جاء في النصوص التاريخية أن ابن روح النوبختي كان قد حصل على رتبة عظيمة في الأمة؛ وخاصة الطائفة الإمامية التي بالغت في اعظامه واجلاله وصار مرجعاً لها في مهامها. قالت أم كلثوم الكبيرة بنت أبي جعفر العمري (رحمه الله): حصل في أنفس الشيعة محصلاً جليلاً لمعرفتهم باختصاص أبي - تقصد العمري - إياه، وتوثيقه عندهم ونشر فضله ودينه وما كان يحتمله من هذا الأمر - أي السفارة عن الإمام المهدي (عليه السلام)(٥٤) -، وكان يخرج لهم التوقيعات بالخط الذي كان يخرج في حياة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) بالمهمات في أمر الدين والدنيا، وفيما يسألونه من المسائل بالأجوبة العجيبة رضي الله عنه وأرضاه، فلم يختلف في أمره، ولم يشك فيه الا جاهل بأمر أبي أولاً، وقد سمعت هذا من غير واحد من بني نوبخت - رحمهم الله - مثل أبي الحسن بن كبرياء وغيره(٥٥)، فكل من طعن على أبي القاسم بن روح النوبختي فقد طعن على أبي جعفر العمري وطعن على الحجة (عليه السلام)(٥٦).
وكان ابن روح أعقل الناس عند المخالف والمؤالف(٥٧)، وصارت العامة تعظمه(٥٨)؛ وترفعه على رؤوسها ويكثر الدعاء له، والطعن على من يرميه بالرفض(٥٩)!!. وقد بالغ الذهبي غير مرة في مدحه والثناء عليه؛ فقال عنه مرة: كانت له عبارات تدل على درايته ووفور عقله ودهائه وعلمه وله رتبة عظيمة(٦٠)، وفي أخرى: إن له عبارات بليغة تدلّ على فصاحته وكمال عقله وله جلالة عجيبة(٦١)؛ وقال عنه الصفدي: وكثرت غاشيته حتى كان الأمراء يركبون إليه والوزراء والمعزولون عن الوزارة والأعيان وتواصف الناس عقله(٦٢)، وروى الطوسي ما يؤكد هذه الحقيقة عدة روايات منها: ما رواه بإسناده عن أبي أحمد درانويه الأبرص الذي كانت داره في درب القراطيس قال: كنت أنا وأخوتي ندخل على أبي القاسم الحسين بن روح (رضي الله عنه) نعامله، قال: وكانوا باعة ونحن مثلاً عشرة، تسعة نلعنه وواحد واقف(٦٣) - وكان يصل إليه من الوزراء والرؤساء من الشيعة مثل آل الفرات وغيرهم لجاهه وموضعه وجلالة محلّه عندهم(٦٤) - وقد كان ابن روح عارفاً بالمذاهب والفِرق الإسلامية الأخرى؛ قال أبو أحمد درانويه الأبرص: إنه كان يجارينا في الصحابة، ما رويناه وما لم نروه فنكتبه لحسنه عنه (رضي الله عنه)(٦٥)، وكان قد استعمل التقية في سفارته مع غيره من المذاهب؛ فقد روى الطوسي بإسناده عن أبي الحسن بن كبرياء النوبختي قال: بلغ الشيخ أبا القاسم - النوبختي - أن بواباً كان له على الباب الأول قد لعن معاوية وشتمه، فأمر ابن روح بطرده وصرفه عن خدمته، فبقي أياماً طويلة يسأله في أمره، فلا والله ما رده إلى خدمته - وأخذه بعض الأهل فشغله معه كل ذلك للتقية(٦٦).
وحضر ابن روح النوبختي مجلس مناظرة في دار ابن اليسار وقد تناظر اثنان، فزعم واحد أن أبا بكر أفضل الناس بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) ثم عمر ثم علي، وقال الآخر: بل علي أفضل من عمر، فزاد الكلام بينهما، فقال أبو القاسم: الذي اجتمعت الصحابة عليه هو تقديم الصديق ثم بعده الفاروق ثم عثمان (ذو النورين) ثم علي الوصي، وأصحاب الحديث على ذلك وهو الصحيح عندنا؛ فبقي من حضر المجلس متعجباً من هذا القول؛ وكان العامة يرفعونه على رؤوسهم وكثر الدعاء له، والطعن على من يرميه بالفرض. قال أبو عبد الله بن غالب حمو أبي الحسن بن الطيب - راوي هذا الحديث - فوقع علي الضحك، فلم أزل أتصبر وأمنع نفسي، وأدس كمي في فمي، فخشيت أن أفتضح فوثبت عن المجلس ونظر إليّ ففطن بي، فلما حصلت في منزلي؛ فإذا بالباب يطرق، فخرجت مبادراً فإذا بأبي القاسم الحسين بن روح (رضي الله عنه) راكباً على بغلته قد وافاني من المجلس قبل مضيه إلى داره، فقال لي: يا أبا عبد الله - أيدك الله - لم ضحكت؟ فأردت أن تهتف بي كأن الذي قلته ليس بحق!! فقلت: كذاك هو عندي فقال لي: اتقِ الله أيّها الشيخ، فإني لا أجعلك في حلّ، تستعظم هذا القول مني؟! فقلت: يا سيدي، رجل يرى بأنه صاحب الإمام ودليله يقول ذلك القول!! لا تعجب منه!! ويضحك من قوله هذا!! فقال لي: وحياتك لئن عدت لأهجرنك؛ وودعني وأنصرف(٦٧).
أما عند محمد بن عثمان العمري:
فقد كانت الأنظار تحوم فترة سفارة العمري حول مجموعة من الشخصيات التي ساهمت في أمر السفارة؛ وربما تكون السفارة من بعد العمري لأحدهم بسبب ما امتلكه كل منهم من كفاءة وقدرة؛ ونشير إلى بعضهم:
أولاً- أبو سهل اسماعيل بن علي النوبختي:
ذكرنا أن بني نوبخت كانوا من المتقدمين في العلوم؛ وقاموا بخدمات جليلة في الأمة؛ ويمكن تقسيمهم إلى ست طبقات؛ نشير إليهم باختصار:
أ- المترحمون والمنجمون.. أمثال نوبخت وابنه الفضل وبعض أولاده أمثال عبد الله وأبو العباس.
ب- المتكلمون.. أمثال أبو اسحاق ابراهيم صاحب (الياقوت) الذي شرحه العلامة الحلي، وابن أخته السيد عميد الدين، وعلّق عليه ابن ابي الحديد شارح النهج، ومنهم: أبو سهل اسماعيل بن علي المذكور؛ وأبو محمد الحسن بن موسى المتوفى عام ٣٠٠ه إلى ٣١٠ه؛ وهو صاحب كتاب فِرق الشيعة وكتاب الآراء والديانات وأول من صنف في الملل والنحل.
ج- الأدباء ورواة الأشعار... أمثال: اسماعيل بن أبي سهل بت نوبخت، وبعض أخوته، وأبو طالب ومحمد بن روح... إلخ.
د- علماء الحديث والأخبار.. أمثال: أبو الحسن بن كبرياء وأبو محمد الحسن بن الحسين وغيرهم.
ه- الكتاب.. أمثال: أبو الحسين بن علي بن العباس وابنه أبو يعقوب اسحاق وأبو الفضل يعقوب وعلي بن أحمد.
و- أصحاب الأئمة وخواصهم.. أمثال: يعقوب بن اسحاق وأبو القاسم بن روح النوبختي - سفير الإمام المهدي (عليه السلام) - وأبو سهل اسماعيل بن علي النوبختي.. فهذه الطبقات من آل نوبخت كانت أقوالهم حجة، ففي النجوم أعلم الناس(٦٨)؛ وفي الكلام عدّ قولهم سنداً وطابق قولهم قول الإمامية(٦٩)؛ وفي المقالات والآراء والأديان كتاب أبي محمد النوبختي من الكتب المعتبرة في هذا الفن(٧٠)، والمثل الكامل في المعرفة بالملل والنحل(٧١)؛ وفي أخبار الشيعة وتقرير مذهبهم كانوا في رديف الشيخ المفيد وابن بابويه، ويعدون من أركان الدين(٧٢)، وفي جمع الأخبار والاشعار كان أبو نؤاس والبحتري وابن الرومي من آل نوبخت من أهم وأوثق المراجع التي يرجع بها إليهم، فخلّفوا فكراً وذوقاً في الأدب العربي، وفي الترجمة كانوا في عداد أكابر المترجمين(٧٣).
ترحم عليهم الشيخ المفيد وغيره من كبار العلماء(٧٤).
ويستفاد مما تقدم أن السفير الثاني محمد بن عثمان كان ملتفتاً لهذه الطائفة خدمتهم للأمة؛ فكان كثيراً ما يقربهم إليه، ويساهمهم في أمر السفارة عن الإمام المهدي (عليه السلام).. ومنهم أبو سهل اسماعيل بن علي النوبختي الذي كان يجري مجرى الوزراء في جلالة الكتاب وكان له مقاماً رفيعاً في الدولة العباسية يقرب من مقام الوزارة؛ وله نفوذ تام في الدولة، وكانت الدولة ترسله في مهماتها للربط بين الحكومات ومعاقبة المعتدين والسارقين(٧٥).
أما على الصعيد الديني والعقائدي؛ فقد كانت له منزلة رفيعة عند الأئمة (عليهم السلام)؛ وقد أراه الإمام العسكري ابنه المهدي (عليه السلام) في أصعب الفترات(٧٦)، فوصف اسماعيل بن علي النوبختي الإمام المهدي (عليه السلام) قائلاً: فلما مثل الصبي بين يديه - أي أبيه العسكري (عليه السلام) - وذا هو دريُّ اللوم وفي شعر رأسه قطط مفلج الأسنان؛ فلما رآه الحسن (عليه السلام) بكى وقال: يا سيد أهل بيته.. أبشر يا بني، فأنت صاحب الزمان، وأنت المهدي، وأنت حجة الله على أرضه وأنت ولدي ووصيي(٧٧).. إلخ؛ وشاع خبر اسماعيل بن علي النوبختي في الأمة وبين علماء الشيعة بأنه سيكون السفير بعد العمري لما يروه من تقريبه له، وكان جماعة من أهل مصر يذكرون ذلك، فلما قدم اسماعيل بن علي النوبختي عليهم سألوه: كيف صار هذا الامر إلى الشيخ ابي القاسم الحسين بن روح دونك؟! فقال لهم: هم أعلم وما اختاروه، ولكن أنا رجل القى الخصوم وأناظرهم، ولو علمت بمكانه - يعني الإمام المهدي (عليه السلام) - كما علم ابو القاسم - الحسين بن روح النوبختي - وضغطتني الحجة على مكانه، لعلي كنت ادل على مكانه(٧٨). وقد استطاع اسماعيل بن علي النوبختي أن يكشف خدع والاعيب الحلاج ويفضحه امام الأمة كما سيأتي.
ثانياً- جعفر بن أحمد بن متيل وأبيه:
وساهمت هاتان الشخصيتان في امر السفارة فترة العمري وقربهما اليه وبلغ به الامر ان يبقى اياما في بيت جعفر بن احمد بن متيل وابنه، وكان لا يتناول طعاماً الا ما قد طبخ واصبح في بيت جعفر بن احمد(٧٩)، وقال مشائخ الامة وأعلامها: كنا لا نشك انه ان كان كائنة من ابي جعفر العمري لا يقوم مقامه الا جعفر بن احمد بن متيل وابوه، لما رأينا من الخصوصية به وكثرة كينونته في منزله، وكان الاصحاب لا يشكون ان كانت حادثة؛ لم تكن الوصية الا اليهما من الخصوصية بهما(٨٠)، وكان من شدة قربه لهما: انه لا يجلس مجلساً الا وكانا معه في صدر المجلس وعند رأسه، فكان يسألهما ويحدثهما(٨١).
ثالثاً- الحسين بن روح النوبختي:
وقد بدأ عمله فترة سفارة العمري وكيلا عنه (رضي الله عنه)، وهو أحد الوكلاء العشرة الذين كانت تجبى لهم الاموال إلى بغداد؛ وكان هؤلاء الوكلاء كلهم أخص من الحسين بن روح في أمر السفارة؛ حتى انه اذا كان قد احتاج إلى حاجة او إلى سبب فانه ينجزه على يد غيره، لما لم يكن له تلك الخصوصية(٨٢)، كان ابن روح بعيداً عن الاحداث، ولم تسلط عليه الاضواء بداية سفارة العمري، ولم نجد نصاً في توثيقه من الائمة السابقين (عليهم السلام)؛ ولا نعرف سر هذا الاهمال؛ وانما ذكر بانه من اصحاب الامام العسكري وكان باباً له (عليه السلام)، فكان يتلقى الاسرار منه (عليه السلام) ويوصل اخباره إلى الامة بأمره (عليه السلام)(٨٣)؛ ولا يهمنا هذا الاهمال منهم (عليهم السلام) ما دمنا نقطع بصحة سفارة العمري عن الإمام المهدي (عليه السلام) وان قوله قول الأئمة وفعله فعلهم(٨٤)، وتسالم الأمة أيضاً على صحة أقوال أبي جعفر العمري وأفعاله (رضي الله عنه)(٨٥).
واقتضت المشيئة الالهية في ان يكون الحسين بن روح سفيراً عن الإمام المهدي (عليه السلام)؛ فأصدر أوامره لسفيره العمري في أن يمهد له ليتصدى أمر السفارة بعد وفاته، وقد تمّ الإعلان عن سفارته قبل سنتين أو ثلاثة سنوات من وفاة أبي جعفر العمري(٨٦)، فلما علمت الأمة ذلك؛ ومما وقع عليه الاختيار على أبي القاسم الحسين بن روح سلّموا له، ولم ينكروا عليه، وكانوا معه كما كانوا مع أبي جعفر العمري(٨٧)، قال جعفر بن أحمد بن متيل: فقمت واخذت بيد أبي القاسم وأجلسته في مكاني وتحولت عند رجليه(٨٨)؛ ولم يزل جعفر بن أحمد في جملة أبي القاسم (رضي الله عنه) وبين يديه كتصرفه بين يدي أبي جعفر العمري إلى ان مات (رضي الله عنه)، فكل من طعن على أبي القاسم فقد طعن على أبي جعفر وطعن على الحجة (عليه السلام)(٨٩)، فكانت الأموال تحمل اليه وهي التي حصلت في باب الوقف إلى ابي جعفر العمري (رضي الله عنه)(٩٠).
أما الأساليب التي اتبعها ابو جعفر تمهيداً لسفارة ابن روح النوبختي فأهمها:
أولاً- تقريبه منه واختصاصه به:
لقد استعمله العمري ابن روح في بداية أمره وكيلاتً خاصاً عنه في املاكه لعدة أعوان، ينظر فيها ويلقي بأسرارها إلى الرؤساء من علماء الامامية؛ وصار خصيصاً به، وجعله اول من يدخل عليه حين جعل الشيعة طبقات (٩١)، وكان يحدثه بما يجري بينه وبين جواريه لقربه منه، وأنسه به(٩٢)؛ وجعل له ثلاثين ديناراً ورزقاً له كل شهر؛ غير ما يصل اليه من الوزراء والرؤساء من الشيعة مثل آل الفرات وغيرهم لجاهه ولموضعه وجلالة محلّه عندهم(٩٣).
ثانياً- توثيقه وأمر الأمة بمراجعته:
لقد أمر محمد بن عثمان العمري قبل وفاته بسنتين أو ثلاثة أصحابه ووكلاءه بحمل الاموال إلى ابي القاسم الروحي (رضي الله عنه) فأمر (رحمه الله) أبا جعفر محمد بن علي الأسود بحمل ما وصل من الاموال اليه(٩٤). وقوله لابن قزدا المدائني الذي حمل معه اربعمائة دينار: امض بها إلى الحسين بن روح(٩٥)؛ وكان بعض اصحابه يتوقف مغضباً ويخاطبهم أحياناً؛ إني أقمت أبا القاسم بن روح النوبختي مقامي، ونصبته منصبي(٩٦).
ثالثاً- التصريح بسفارته وكونها بأمر المهدي (عليه السلام):
وقد استعمل محمد بن عثمان عبارات واضحة تدل على ان ابن روح النوبختي هو السفير بعده، وانه لا مجال للشك فيه، وكون ذلك بأمر الإمام المهدي (عليه السلام)(٩٧)، كقول لجعفر بن أحمد بن متيل: (أمرت) أن أوصي إلى أبي القاسم بن روح(٩٨)، وقوله لجماعة من وجوه الشيعة وشيوخها: إن حدث عليّ حدث الموت فالأمر إلى أبي القاسم الحسين بن روح النوبختي، فقد (أمرت) أن أجعله في موضعي بعدي، فارجعوا اليه وعولوا في أموركم عليه(٩٩)، وتصريحه أمام كثير من وجوه وعلماء الأمة أمثال: أبي علي بن همام، وأبي عبد الله بن محمد الكاتب، وأبي عبد الله الباقطاني، وأبي سهل بن علي، وأبي عبد الله بن الوجناء، وغيرهم بقوله: هذا أبو القاسم الحسين بن روح بن ابي بحر النوبختي، القائم مقامي، والوكيل والثقة الامين، فارجعوا اليه في اموركم، وعوّلوا عليه في مهماتكم، فبذلك (أمرت) وقد بلّغت(١٠٠)، فلما علم ابن روح بانه السفير من بعد أبي جعفر العمري وقد كان في دار ضيقة؛ فسرّ به وشكل الله (عزَّ وجلَّ)(١٠١)، وصارت تدفع اليه الاموال التي كانت تصله من اقصى البلاد، والرد على الاسئلة والاحتجاج على أهل الفِرق والمقالات.
أما منزلته من الامام المهدي (عليه السلام):
ذكرنا ان اختيار ابن روح النوبختي لأمر السفارة انما كان بأمر المهدي (عليه السلام)، والوصية اليه من قبل أبي جعفر العمري قبل وفاته بسنتين أو ثلاث(١٠٢). قالت ام كلثوم بنت أبي جعفر العمري (رضي الله عنه): فمهدّت له الحال طول حياة أبي إلى أن انتهت بالنص عليه(١٠٣)؛ وكانت هناك مصلحتان في اختيار ابن روح النوبختي لأمر السفارة هما:
أولاً- تكامل الشخصية والإخلاص:
إن منصب السفارة عن الإمام المهدي يستدعي رجالاً يتصفون بالوعي والايمان؛ والقابلية والقدرة على ادارة شؤون الأمة، مضافاً إلى عامل الاخلاص والولاء التام للإمام (عليه السلام)، ويكون بمستوى المسؤولية بحيث يستحيل عليهم بث أخبارهم والإمام المهدي (عليه السلام) إلى السلطات وإن مزق لحمهم ودق عظمهم، فالسفارة لم تكن لإسماعيل بن علي ولا لجعفر بن متيل وأبيه، لعدم توفر المستلزم الآخر لقوام الشخصية المتكاملة وهي الولاء والإخلاص والتضحية للمبدأ؛ أو تعريض النفس للأخطار ومنه القتل إن تطلب ذلك، مع توفر العلم والوعي الثقافي والسياسي؛ وقد أكد إسماعيل بن علي هذه الحقيقة بقوله: وأما أبو القاسم - النوبختي - فلو كان الحجة (عليه السلام) تحت ذيله وقرّض بالمقاريض ما كشف الذيل عنه(١٠٤).
ثانياً- غلق الشبهات أمام المشككين والمرجفين:
لقد كانت فترة سفارة العمري مليئة بالمتاعب والآلام؛ بسبب طولها وظهور الكثير من المدعين للسفارة كذباً وزوراً؛ وصعوبة الزمان؛ وملاحقة السلطان لأنصار الإمام المهدي (عليه السلام)، وقد وفّق العمري كثيراً في اتباعه أسلوب الحذر والكتمان، والسير على خطة وبرامج منظمة وضعها منهجاً له في عمله وقد تقدّم ذكره. ثم تولى ابن روح السفارة رسمياً عن الإمام المهدي (عليه السلام) عام ٣٠٥ه، أي بعد موت أبي جعفر العمري وكانت مدة سفارة ابن روح حوالي الواحد والعشرين عاماً؛ أي إلى وفاته في ست خلون من شعبان عام ست وعشرين وثلاثمائة(١٠٥)، فكان أول كتاب ورد عليه من الإمام المهدي (عليه السلام) في تعيينه سفيراً رسمياً عنه (عليه السلام) هو يوم الأحد لست خلون من شوال سنة خمس وثلاثمائة(١٠٦)، وأمره (عليه السلام) في البدء بمهمته في السفارة، ودعا له بالتوفيق في عمله.. أما نص بيانه (عليه السلام):
روى الطوسي بإسناده عن العباس بن نوح قال: وجدت بخط محمد بن نفيس فيما كتبه بالأهواز أول كتاب ورد من أبي القاسم (رضي الله عنه): (نعرفه عرّفه الله الخير كلّه ورضوانه وأسعده بالتوفيق؛ وقفنا على كتابه؛ وثقتنا بما هو عليه، وأنه عندنا بالمنزلة والمحلّ اللذين يسرانه زاد الله في إحسانه إليه، إنه ولي قدير، والحمد لله لا شريك له وصلى الله على رسول محمد وآله وسلم تسليماً كثيراً)(١٠٧).
وقد ورد هذا التعيين لابن روح من قبله (عليه السلام) بعد خمسة أشهر من وفاة أبي جعفر العمري (رضي الله عنه) المتوفى في جمادى الأول من نفس العام(١٠٨). فبدأ بأمر السفارة، وقام بها خير قيام، واتبع مذهب التقية في أسلوبه؛ وإظهاره مذهب أهل السنة بنحو ملفت للنظر، مما ساعده هذا المنهج كثيراً في تسهيل عمله في السفارة، ومواجهة تيار الانحراف المتمثل في السلطة والأمة، والقضاء على المدعين للسفارة كذباً ولا سيما الشلمغاني والحلاج اللذان شكلاً خطراً حقيقياً على الإسلام وقواعد الإمام المهدي (عليه السلام)، ودخل البلاط العباسي؛ واستقطب الكثير من الوزراء والأمراء، مما كان له الأثر الايجابي في تخليصه من سجن المقتدر(١٠٩)، لأجل الاتهامات التي وجهها له أعداؤه، ومنها تهمة تعاونه مع القرامطة ودعوتهم إلى احتلال بغداد(١١٠). ولم يكن ابن روح النوبختي يتصرف في أمر سفارته م نقبل نفسه بل يلبي كل ما يملي عليه الإمام المهدي (عليه السلام) حيث قال: لئن أخر من السماء فتخطفني الطير أو تهوي بي الريح في مكان سحيق أحبّ إليّ من أقول في دين الله برأيي؛ ومن عند نفسي، بل ذلك من الأصل ومسموع من الحجة(١١١).

المبحث الثاني: التحرك الثقافي والسياسي لابن روح النوبختي وأسباب اعتقاله

لقد خلف الانحراف القائم مادياً وعقائدياً في أغلب فترات التاريخ بؤساً اقتصادياً، وتخلفاً اجتماعياً مؤسفاً، وابتعاداً عن القيم والمبادئ الأصيلة المتبلورة في الخط الاسلامي الصحيح للأئمة (عليهم السلام)، وربما أنهم كانوا يمثلون المعارضة الاسلامية الحادة لذلك الانحراف بأشكاله وانواعه وأياً وتطبيقاً، لكن هذا التحرك كان قد اوجد حالة عدم الارتياح من قبل السلطات جعلها تسعى في كفكفة نشاطهم بأساليبها المتنوعة، فظهر الانحراف وتفشى في مخالف قطاعات الأمة وكيانها الاسلامي؛ أما ارتباطهم (عليهم السلام) بأصحابهم فقد كان مقتصراً على الدوائر الضيقة التي كانت تتسع حيناً، وتضمر حيناً آخر بسبب الظروف التي يمرّ بها الأئمة (عليهم السلام) وكانت تتناسب تناسباً عكسياً مع ضعف السلطة القائمة آنذاك؛ وقد كان السفراء فترة الغيبة على ارتباط تام بالإمام المهدي (عليه السلام) مع حاجز الخوف الذي فرضته السلطات حينها؛ وعاشوا معمعة التضحيات الكبرى وقدموا تراثاً ضخماً للأجيال؛ وحافظوا فيه على أطروحات الأئمة وما رسموه من مشاريع ضخمة للأمة الإسلامية؛ ولم تكن الثقافة المعطاة منهم (عليهم السلام) دائماً التي تتفق مع خط السفير واعتقاده بل قد يمتزج بها غيرها نظراً لاقتضاء المصلحة الاسلامية العامة.
أما فترة سفارة ابن روح النوبختي:
فقد برز فيها جنبان -كانا فريدان من نوعهما- هما:
أولاً- دمج الأمة بمذاهبها ومعتقداتها:
لقد ربط ابن روح فترة سفارته بين المذاهب والمسلمين؛ ووحد كلمتهم، وآخى بينهم؛ وكان العامة يذكرونه بكل خير تاركاً التعصب المذهبي وكل ما يؤدي إلى الفرقة والتخاصم.
ثانياً- إقحام من ادعى السفارة الكاذبة عن الإمام المهدي (عليه السلام):
وقد سعى ابن روح النوبختي بروح اسلامية عالية، مليئة بالتفاهم لإيجاد شعار الوحدة الذي دعا اليه وسعى لتحقيقه؛ فكان يحضر المجالس العلمية ويدعو لإقامتها؛ كالمجالس التي تعقد في دار ابن مقلة الوزير(١١٢)، ودار الخليفة المقتدر العباسي(١١٣)، ودار ابن يسار(١١٤)، وغيرها؛ فأبدى فيها تفوقاً ونجاحاً باهراً على أقرانه ونظائره؛ ومسكتاً لخصومه(١١٥).
وقد كان له في دار الوزير حامد بن العباس أمور وخطوب يطول شرحها(١١٦). وكان يخبرهم بما لا يعرفوه، ويروي لهم ما لم يرووه(١١٧)، فعظم في أعينهم وكبر في نفوسهم وأبدوا له احتراماً واجلالاً لا نظير له. وكانت له مناظرات كلامية مع علماء الكلام ومنهم ترك الهروي الذي قال عن ابن روح بعد انتهاء المناظرة: فما رأيت أحداً تكلم وأجاب في هذا الباب بأحسن ولا أوجز من جوابه(١١٨). وله مناظرات مع المفوضة بعد اختلاف الأصحاب في مسألة التفويض(١١٩). ونقاشه لمسألة تسليط الله الاعداء على الأولياء كما في قصة الحسين (عليه السلام) وتسليط يزيد عليه لقتله وحلّه هذه الشبهة(١٢٠).
أما تحركه السياسي:
فقد ذكرنا أن فترة سفارة ابن روح كانت قد بدأت عام ٣٠٥ه وانتهت بوفاته عام ٣٢٦ه، وقد استغرقت حوالي الواحد وعشرين عاماً، وقد عاصر فيها ثلاثة من الخلفاء العباسيين هم: ١ - المقتدر العباسي.. وقد عاصر فيها خمسة عشر عاماً من خلافته التي بدأت عام ٢٩٥ه، وانتهت عام ٣٢٠ه، ٢ - خلافة القاهر.. وعاصر سنتين من خلافته التي بدأت عام ٣٢٠ه، وانتهت عام ٣٢٢ه؛ ٣ - خلافة الراضي بالله.. وعاصر أربع سنوات من خلافته التي بدأت عام ٣٢٢ه، وانتهت عام ٣٢٩ه. وقد رافقت فترة سفارة ابن روح بعض الحوادث ونلخصها بما يلي:
أولاً- خلافة المقتدر العباسي:
أما أهم ميزاتها:
أ- الضعف الإداري:
ذكرت النصوص التاريخية بأن دولة المقتدر العباسي كانت ذات تخليط كثير، لصغر سنه، واستيلاء أمه ونسائه وخدمه عليه، فكانت دولة تدور أمورها على تدبير النساء والخدم، وهو مشغول في لذاته، فخربت الدنيا في أيامه؛ وخلت بيوت الأموال، واختلفت الكلمة، فخلع ثم أعيد ثم قتل(١٢١).
ب- النقمة العسكري وتدهور الجيش:
وانتشرت الفتن في عهد المقتدر العباسي، فخرج عليه مؤنس الخادم سنة ٣١٧ه، بعد أن بلغه أنه فكر في تولية هارون بن غريب مكانه، وأرسل مؤنس إلى المقتدر ينبؤه بتذمر الجيش من اسراف الحاشية والخدم وضياع الاموال وافساد الحكم بسبب تدخلهم في أمور الدولة ويلح عليهم في اخراجهم من قصره والاستيلاء على ما في أيديهم، فرد المقتدر عليه بكتاب ينفي فيه التهم التي وجهت اليه والى رجال حاشيته، فطلب القواد وعلى رأسهم أبو الهيجاء الحمداني ونازوك.. فثاروا على الخليفة وأخرجوه من داره ونادوا بخلعه وبايعوا محمد بن المعتضد ولقبوه القاهر بالله(١٢٢).
ج- استنزاف بيت المال وفقدان الرقابة:
وقد استنزف بيت المال في عهد الخليفة المقتدر بين عام ٢٩٥ه إلى ٣٢٠ه لأن المال أخذ منه بزعم اعادته متى تحسن الحال، وفي عام٣١٩ه عرض الوزير على المقتدر ما كان من العجز وهو سبعمائة ألف دينار.. فعظم ذلك على المقتدر(١٢٣).
د- الاستهتار بالقيم والمبادئ:
ولقد ذكر المؤرخون في حوادث عام ٣١٣ه فترة سفارة ابن روح النوبختي أن الشيعة البغداديين كانوا يجتمعون في مسجد براثا(١٢٤)، فعلم الخليفة بأن قوماً منهم يجتمعون فيه لسبّ الصحابة، فأمر بكسبه في يوم الجمعة وقت الصلاة، فوجد فيه ثلاثون انساناً يصلون، فقبض عليهم وفتشوا فوجد معهم خواتم من طين أبيض عليها اسم الإمام، كما كان يفعل دعاة الفاطميين مع من ينتسب إليهم، وقد استصدر الخليفة فتوى بهدم المسجد حتى سوّي بالأرض وعفي رسمه ووصل المقبرة التي تليه(١٢٥).
ثانياً- الخليفة القاهر بالله:
وقد امتازت خلافته بميزات نلخصها:
أ- قبح السريرة والتظاهر بالمحرمات:
وصف الصولي الخليفة القاهر بالله: بأنه كان أهوجَ، سفاكاً للدماء؛ قبيح السريرة، كثير التلوّن والاستحالة، مدمن خمر، ولولا جودة حاجبه (سلامة) لأهلك الحرث والنسل(١٢٦).
ب- اشاعة الارهاب والاستهانة بالنفوس:
وصف المسعودي الخلفة القاهر: باشتهاره بالقسوة؛ فقد اتخذ حربة يحملها بيده إذا سعى في ذلك، ويطرحها بين يديه حال جلوسه يباشر بتلك الحربة لمن يريد قتله، فسكن من كان قبله من الخلفاء، والشغب والوثب عليهم، وكان مخوف السطوة(١٢٧).
ج- تناصر الطوائف الإسلامية:
اشتد الخلاف في فترة سفارة ابن روح النوبختي بين الفرق والمذاهب الاسلامية فيما بينها، وقد كان في بغداد آنذاك أكبر الفرق وهما الحنابلة والشيعة(١٢٨)، فكان أنصار الطائفة الشيعية يسكنون بنوع خاص حول سوق الكرخ، ولم يتقدموا الجسر الكبير ويحتلوا باب الطاق إلا في أواخر القرن الرابع الهجري، ولم يستطيعوا التعدي إلى القسم الغربي، لأن الهاشميين كانوا يكونون عصبة قوية هناك لا سيما حول باب البصرة، وكانوا من أشد أعداء الشيعة(١٢٩)، على أن ياقوت الحموي وجد أن أهل محل باب البصرة بين كرخ بغداد والقبلة وكلهم سنّيون حنابلة، وأن يسار الكرخ وفي جنوبها سنية، أما الكرخ فأهلها كلهم شيعة إمامية، لا يوجد فيها سنّي البتة(١٣٠).. فمن ذلك التناحر:
١- ما ذكره ابن كثير في حوادث عام ٣١٧ه من وقوع فتنة ببغداد بين أصحاب أبي بكر المروزي الحنبلي وبين طائفة من العامة، اختلفوا في تفسير قوله تعالى: (عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا)(١٣١)، فقالت الحنابلة: يجلسه معه على العرش، وقال الآخرون: المراد بذلك الشفاعة العظمى، فاقتتلوا بسبب ذلك، وقتل بينهم قتلى(١٣٢).
٢- وما ذكره آدم متز في حوادث عام ٣٢١ه قال: وهم علي بن يلبق وهو من القواد الترك مرة أخرى بأن يلعن معاوية وابنه يزيد على المنابر، فاضطربت العامة، وكان البربهاري رئيس الحنابلة يثير الفتن هو واصحابه(١٣٣)، فتقدم علي بن يلبق ليقبض على البربهاري هذا فهرب وقبض على جماعة من كبار اصحابه، فجعلوا في زورق مطبق واحدروا إلى البصرة(١٣٤).
٣- ما ذكره ادم متز في حوادث عام ٣٢٣ه قال: نودي في جانبي بغداد بان لا يجتمع مع الحنابلة نفسان في موضع واحد، وكان ذلك لكثرة تشرطهم على الناس وايقاعهم الفتن المتصلة فخرج توقيع الخليفة الراضي بكتاب بيّن فيه أخطاء الحنابلة وتوعدهم بالعقاب... الخ(١٣٥).
د- استنزاف الطاقة وحروب القرامطة:
استغرقت معظم فترة ابن روح النوبختي بحروب القرامطة؛ حيث اتصفوا بالصرامة والشدة والاستهانة بالدماء، فبثوا الرعب وانهارت المبادئ والقيم، وكبدوا سوريا والعراق والبحرين تضحيات جليلة، وقد شهد عام ٣١١ه مأساة البصرة وهاجموا الكوفة عام ٣١٥ه هجوماً مميتاً ونهبوا قوافل الحجاج عام ٣١٢ه، وجبوا ضريبة من الحجاج وكفّوا عنهم عام ٣١٣ه، وعطلوا الحج عام ٣١٧ه إلى عام ٣٢٧ه، وهجموا على مكة عام ٣١٧ه، وسفكت دماء الحجاج في المسجد الحرام وقلعوا الحجر الأسود(١٣٦)، وأبقوه ثلاثين عاماً عندهم(١٣٧).
ه- الهرج والمرج وتدهور الأوضاع السياسية:
كان الوزراء والوزارة ممن كانوا يتناوبون الحكم سرعان ما يبدو فشلهم في معاملة الناس، وتوزيع الأموال وتدبير الشؤون السياسية؛ فيعزلون وقد يذوقون بعد العزل صنوف العذاب والسجن والنهب مما لا يحصى بحديث.
ولقد ذكر المؤرخون بأن ابن روح النوبختي كان أحد الرؤساء في خلافة المقتدر العباسي وله وقائع في ذلك مع الوزراء(١٣٨)، وكان وافر الحرمة..
وجرت له خطوب مع الوزير ابن العباس(١٣٩)، واكتسب له الكثير من الانصار في البلاط العباسي(١٤٠). وحصل له عند المقتدر محل عظيم(١٤١)؛ وكذا عند الخليفة الراضي بالله(١٤٢)؛ وصار له رزقاً يدفع من خزينة الدولة يقدمه إليه الوزراء والرؤساء مثل آل الفرات وغيرهم، لجاهه وموضعه وجلالة محله عندهم(١٤٣)؛ وكثرت غاشيته حتى ركب إليه الأمراء والوزراء والمعزولون عن الوزارة والأعيان(١٤٤).. ويعود هذا النفوذ في البلاط العباسي إلى ثلاثة أمور رئيسية هي:
أولاً- علومه وسعة اطلاعه:
لقد كان ابن روح النوبختي عارفاً بمجريات الأحداث وقوانين الأمة والدولة.
ثانياً- أسلوبه ومنهجيته المتكاملة في العمل.
ثالثاً- القرابة التي كانت بينه وبين آل نوبخت:
لقد ذكرنا أن ابن روح ينسب إلى بني نوبخت، وخاصة إلى أبي سهل اسماعيل بن علي الذي حصل على مقام رفيع في الدولة العباسية يقرب من مقام الوزارة، وكان له نفوذ تام فيها بحيث تبعه لمحاسبة الوزراء(١٤٥). ولقرابته من أبي عبد الله الحسين بن علي الذي كان وزيراً في حكومة الراضي بالله، والمدبر للملك لابن رائق ومن ساق إليه تلك النعمة(١٤٦). وهناك من الأمراء والكتاب من آل نوبخت تربطه معهم رابطة النسب(١٤٧). وكانت الدولة تنظر إلى النوبختيين بعين الاحترام والاجلال، وتهابهم وتستشيرهم وتأخذ برأيهم في تنصيب الخلفاء وتجعله فوق الآراء.
قال ابن العبري: لما قتل المقتدر العباسي عام ٣٢٠ه عظم قتله على مؤنس وقال: الرأي أن ننصب ولده أبا العباس، فإنه تربيتي وهو صبي عاقل فيه دين وكرم ووفاء لما يقول؛ فاعترض عليه اسحاق النوبختي وقال: بعد الكدّ استرحنا من خليفة له أم وخدم يدبرونه، فنعود إلى تلك الحالة، لا والله لا نرضى إلا برجل كامل يدبّر نفسه ويدبّرنا وما زال حتى رد مؤنساً عن رأيه، وذكر له أبو منصور محمد بن المعتضد القاهر بالله؛ ليكون خليفة، فأجابه مؤنس عن ذلك، وكان النوبختي في ذلك كالباحث عن حتفه بظلفه، فإن القاهر قتله(١٤٨). ويعلم أن إسحاق بن إسماعيل كان من أهل الحل والعقد يجري مجرى الوزراء(١٤٩). وقد ذكره الصدوق في قائمة من شاهد المهدي (عليه السلام)(١٥٠).
وهنا نتساءل:
ما هي طبيعة العمل الذي قام به ابن روح النوبختي في البلاط العباسي؟ وما هي أسباب اعتقاله من قبل السلطة وزجه في السجن مع منزلته الرفيعة عند المقتدر والراضي؟! ومع وجود النوبختيين في الحكم!!
ونجيب عن هذه التساؤلات:
ذكرنا بأن ابن روح النوبختي صارت له المنزلة العظيمة عند المقتدر الذي كانت أنه علوية: بسبب عقله ودرايته التي جعلته لمحل اعتماد المخالف والمؤالف(١٥١)، واستطاع أن يكسب كثيراً من الأنصار في البلاط العباسي(١٥٢) وصارت له وقائع مع الوزراء(١٥٣)، خاصة مع حامد بن العباس؛ فقد كانت له معه خطوب(١٥٤).. فما تلك الخطوب يا ترى؟!
روى المؤرخون أن حامد بن العباس هذا كان قد ألقى القبض على ابن روح النوبختي وأودعه السجن الذي في دار المقتدر(١٥٥)، أو الممطورة(١٥٦)؛ وذكروا أن مدة حبسه كانت خمس سنوات فقط(١٥٧). وعرفنا هذه المدة من جهتين:
أولاً: إخبار رجال الإمامية الثقات بسجن ابن روح النوبختي(١٥٨)؛ واستتاره(١٥٩).
ثانياً: أخبار وتواريخ أهل العامة.. فقد ذكر الحافظ الذهبي في حوادث عام ٣١٧ه: أن المحبوسين في دار الخلافة الذي أخرجهم مؤنس - كما تقدم - الحسين بن روح بن بحر أبا القاسم القيني - أو القمي - المتوفى سنة ٢٢٦ه، وكان قد قبض عليه الوزير حامد بن العباس وسجن خمسة أعوام(١٦٠)، وأطلق سراحه وقت خلع المقتدر(١٦١)، وقد سرد ابن أبي طي المتوفى عام ٦٣٠ه في اوراق حال ابن روح النوبختي وكيفية اعتقاله(١٦٢)؛ فيكون بناء على هذا فترة اعتقاله في عام ٣١٢ه، وكان معه جماعة في السجن منهم: المقتدر العباسي بعد أن خلعه القادة والموالي وتولى الخلافة عام ٣١٧ه. والطريف في الأمر أن القاهر هذا كان قد ذاق طعم الخلافة لمدة يومين فقط!! في غضون أيام يلفه، ولما رأى القاهر أن المقتدر سيرجع إلى دست الخلافة خاطبه المقتدر قائلاً: يا أخي قد علمت أنك لا ذنب لك وأنك قهرت، ولو لقبوك بالمقهور لكان أولى من القاهر!! فبكى القاهر وقال: يا أمير المؤمنين: نفسي نفسي أذكر الرحم التي بيني وبينك(١٦٣). وكان في السجن مع ابن روح النوبختي أيضاً أم المقتدر وولده، وعلي بن عيسى الوزير وآخرين؛ وكان مؤنس المظفر وأبو الهيجاء من حمدان قد صمما على ارجاع المقتدر المعزول إلى الخلافة، فدخل مؤنس الدار وسأل بعض الخدم عن المقتدر فأعلموه بمكانه فاحتال في اخراجه واخراج امه وولده، فوجه معهم ثقاته إلى داره ليستتروا فيها، وأخرج علي بن عيسى من المكان الذي كان محبوساً فيه فصرفه إلى منزله، وأخرج الحسين بن روح عام ٣١٧ه معهم ايضاً وأرجعوه إلى بيته(١٦٤). ودار حوار بين المقتدر ومؤنس المظفر بعد الاخراج حول ابن روح النوبختي فقال المقتدر العباسي دعوه!! فبخطيئته جرى علينا ما جرى(١٦٥). فما هي خطيئة ابن روح وما الذي جرى حتى أوجب سجنه وسجن الخليفة معه؟!
وأما الإجابة عنها:
أولاً- اتهامه في دسائس القرامطة:
قال الذهبي والصفدي: ومما رموه - أي ابن روح النوبختي - به أنه كان يكاتب القرامطة ليقدموا ويحاصروا بغداد(١٦٦)، فإنه كان يهيئ لهم الأسباب للاستيلاء على سواحل الخليج والحجاز وزرع الخوف والقلق في بغداد؛ ولكنه بما أوتي من نبوغ ودهاء ووفور عقل حاول دفع ذلك عن نفسه(١٦٧) - أقول: ولا يتفق هذا مع سياسة ابن روح في كتمان أمره والحذر ومسلك الاحتجاب والتقية التي استعملها في عمله في السفارة، ومع الذكاء والعقل الذي امتلكه ابن روح كما ذكراه، ولا يمكن للإمام المهدي (عليه السلام) تأييد القرامطة الذين اشتهروا بالصرامة والشدة والاستهانة بالدماء، وبث الرعب وقلع الحجر الاسود من المسجد الحرام!!، وهو الذي يدافع عن مصالح الأمة اينما اقتضت؛ بل كان على العكس من ذلك؛ حيث استنكر (عليه السلام) أعمال القرامطة وفضحهم وكشف زيغهم وخدعهم أمام الأمة، وكيف يوافق أفعال القرامطة وقد اشتهر عنه في الحديث النبوي الشريف: بأنه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً.. فما جاء في ذلك ان رجلاً جليلاً من فقهاء أصحابنا - بتعبير الراوي - كتب إلى الإمام المهدي (عليه السلام) رسالة عن طريق بعض سفرائه، فلم يرد فيها الجواب على كثرة ما كان يرد من أجوبة وتوقيعات عنه (عليه السلام).. قال الراوي: فنظرنا فإذا العلّة في ذلك أم الرجل تحول قرمطياً(١٦٨)، ولذلك فإن اعتناق شخص لمذهب القرامطة يعتبر سبباً كافياً لمقاطعته والإعراض عنه مهما بلغ علمه.
ثانياً- اتهامه بكثرة الديون ومطالبات الدولة:
ذكر الطبري في تاريخه كيفية اطلاق سراح ابن روح النوبختي من السجن وأسباب اعتقاله فقال: كان محبوساً بسبب مال طولب به من قبل الديوان(١٦٩).
أقول: وهذا غير تام أيضاً؛ فلا يعقل من ابن روح أن يسجن خمسة أعوام في السجن لأجل هذا المال مع وجود بني نوبخت وهم أصحاب المراتب والمناصب العالية في الدولة!!؛ وما كانوا يسلمون له من الأموال من الوزراء والأمراء؛ وكان له رزقاً من بيت المال.. إلخ(١٧٠). ومع أنه كان لا يفعل إلا الصواب بأمر الإمام المهدي (عليه السلام) فكيف يسمح الإمام له بأن يقترض أموالاً من الدولة بحيث يبقى عاجزاً عن تسديدها!! ويبقى بعيداً عن المهمة التي اختير ابن روح لها في أمر السفارة!!.
ثالثاً- كثرة أنصاره وأتباعه:
لقد كانت الدولة تتوجس خفية من نشاط ابن روح؛ حتى انه جمع لنفسه انصاراً واتباعاً له في البلاط العباسي، وكان هذا يثير من تساؤلاتهم نحوه، وقد حصلت الدولة على وقائق دامغة تثبت ارتباطه بالإمام المهدي كالاعتراف الذي حصلت عليه من الشلمغاني بعد تقدميه للمحاكمة قائلاً: بأنه كان وكيلاً عن ابن روح وليس إلهاً(١٧١)، لكن الدولة لم تسأل عن معنى هذه الوكالة؟ ولم ترسل خلف ابن روح ليدلي بتوضيحاته حول هذه الوكالة؟ ولمن هي؟..
ولكن عقل ابن روح ودرايته كانت قد نفت عنه كل تلك التهم الموجهة إليه، فمن جهة انه يعلن عن أن مذهبه أهل السنة؛ ودفاعه عن الصحابة والخلفاء أمام الأمة، ومن جهة أخرى ارتباطه بالخليفة الراضي والقاهر وبني نوبخت وآل الفرات وغيرهم؛ وعلاقته القوية بهم كان قد رفع عنه كل تلك التهم الموجهة له؛ قال الذهبي: وكثرت غاشيته حتى كان الأمراء والوزراء يركبون إليه والأعيان، وتواصف الناس عقله وفهمه(١٧٢) - وقال الصفدي: ولم يزل أبو القاسم - النوبختي - على مثل هذه الحالة حتى ولي حامد بن العباس الوزارة(١٧٣)، وقد كاد أمره أن يظهر ويستفحل(١٧٤)، وجرت لحامد مع ابن روح خطوب، وكان جمع الأنصار داخل البلاط سبباً في أن يأمر حامد بن العباس بإيداع ابن روح النوبختي في السجن(١٧٥).
رابعاً- اعتقاله بسبب ما يصله من أموال:
قال الذهبي: وكانت الإمامية تبذل له الأموال(١٧٦)، وتجبى من كل البلاد الإسلامية(١٧٧)؛ وكان يفتي الشيعة ويفيدهم(١٧٨)؛ وكان قدوتهم وله جلالة عجيبة(١٧٩)، وله رتبة عظيمة بينهم(١٨٠)؛ ثم قال الذهبي: ومما رموه به أن الأموال تجبى إليه(١٨١). ولعل هذا السبب في اعتقاله وما تقدم من الصفدي في الامر الثالث.. لأن الخزينة المالية للدولة كانت تعاني من النقص والحرمان بسبب الحروب التي كانت تهددها وقد صرفت لأجلها الكثير من النفقات.
وعلى كل حال:
أطلق سراح بان روح النوبختي عام ٣١٧ه بعد ان استغرق سجنه خمسة أعوام منذ عام ٣١٢ه، وتابع فيها أعماله ولم يتغير موقعه الاجتماعي في الامة، وبقيت منزلته رفيعة بين الأمراء والوزراء فقد روي ان محمد بن رائق اصدر مرسوماً حكومياً في التصرف في ممتلكات وضياع ابن مقلة وابنه عام ٣٢٤ه، فقام أبو علي بن مقلة بزيارة لأبي عبد الله الحسين بن علي النوبختي وزير ابن رائق لعلّه يرفع ما صدر من المرسوم الحكومي وايقاف ممتلكاته، وفي ضمن تشبثاته ايضاً طلب من ابن روح النوبختي ان يتوسط له ابو عبد الله عند ابن رائق، فكانت نتيجة الوساطة هي: إصدار مرسوم حكومي إلى أبي عبد الله الحسين بن علي من قبل ابن رائق في رفع الحصار عليه ووقف ممتلكات ابن مقلة وفتح ما كان مغلقاً(١٨٢)، وبما ان وزارة أبي عبد الله الحسين بن علي النوبختي لم تطل اكثر من ثلاثة أشهر وثمانية أيام(١٨٣)، فيكون تشبث ابن مقلة في ارجاع امواله اليه بابن روح هو عام ٣٢٥ه كما ذكره الصولي(١٨٤).
ثالثاً- خلافة الراضي بالله:
وقد امتازت خلافته بعدة ميزات نلخصها بما يلي:
حاول ابن روح النوبختي فترة خلافة الراضي بالله ان يحصل على رتبة جليلة في السلطة عند المؤالف والمخالف، وقد كانت تصله الأموال الكثيرة من أقصى البلاد الإسلامية في الوقت الذي كانت فيه الخزينة المالية تعاني من النقص والافلاس، فأثار ذلك العمل السلطة وسعى به جماعة إليها، وصار الخليفة الراضي بالله يتحدث عن ابن روح وما يصله من الأموال.. فقد ذكر الصولي المتوفى عام ٣٣٥ه وقد عاصر ابن روح النوبختي قائلاً: إن الخليفة كان كثيراً ما يقول: إن الإمامية يحملون إليه الأموال فنرد عنه، ونكذب فيقول لنا: وما في هذا!! والله؛ لوددت أن مثله ألفاً!! تحمل إليه أموالها إليه؛ فيفقرهم الله، ولا أكره غنى هؤلاء من أموالهم(١٨٥).

المبحث الثالث: الحسين بن روح النوبختي ومدعو السفارة الكاذبة عن الإمام المهدي (عليه السلام)

المنحرفون عن الاسلام والتعاليم السماوية والمتاجرون باسمه هم أشد وقعاً وأكثر تأثيراً وخطراً من الكفرة والملحدين؛ فقد ظهر رجال فترة الغيبة الصغرى وهم منحرفون عن مذهب أهل البيت (عليهم السلام) ارتبطوا بالعوام ليبعدوهم عن الفكر الأصيل ويشككوا في عقائدهم؛ من خلال تزريقهم الأفكار المسمومة في جسد الأمة والسلطة من ورائهم في ذلك، بعد أن تكون الأمة أحوج إلى التثقيف والتوعية؛ وقد عرف الإمام المهدي (عليه السلام) حيلهم وألاعيبهم ففضحهم وهم في عقر دارهم وقد كلّف هذا الأمر العناء والكثير من الجهود لإقناع الأمة بكذب هؤلاء. ولقد كان بإمكان هؤلاء إخبار السلطات عن الإمام المهدي (عليه السلام) أو أصحابه ولكنهم لم يفعلوا ذلك لأمور:
أولاً: علمهم بأن خط السلطة هو غير مشروع؛ ومن جهة يريدون الارتزاق عن هذا الطريق وبأسهل الوسائل، فالدخول في خط السلطة معناه الابتعاد عن الأمة وفيه نهايتهم المحتومة إن علمت بذلك. ولا تحصل من السلطات على شيء لعلمها بإفلاس الخزينة المالية ونقصانها. وربما لا تتجاوب السلطات معهم، لأنه يسبب لها مشاكل عديدة هي في غنى عن ذلك ومواجهة أكبر تيار يمكن أن تستفيد منه لصالحها في حروبها الخارجية وهي الأمة التي هي رصيد الإمام (عليه السلام)؛ فهي لا تقدر على مواجهتها أبداً، ولا ترى ضرورة في ذلك.
ثانياً: علمهم بأن الإمام المهدي (عليه السلام) سيفضحهم قبل أن يقوموا بأي عمل ومعنى ذلك موتهم التدريجي في ساحة الصراع؛ فعلى هذا ينبغي أن يفكر هؤلاء في طريق يضمن لهم سلامتهم في جانب، وعدم فقدان الأمة في جانب آخر؛ ثم يسيروا في تحصيل رغباتهم لإيذاء الإمام (عليه السلام) تدريجياً.
قال أبو علي بن همام: كل هؤلاء المدعين إنما يكون كذبهم أولاً على الإمام (عليه السلام) وأنهم وكلاؤه، فيدعون الضعفة بهذا القول إلى موالاتهم، ثم يترقى الأمر بهم إلى قول الحلاجية كما اشتهر من أبي جعفر الشلمغاني ونظرائه عليهم جميعاً لعائن الله تترى(١٨٦).
ونشير هنا إلى شخصيتين فترة سفارة ابن روح النوبختي – كانتا قد ادعيتا السفارة عن الإمام المهدي (عليه السلام) كذباً وزوراً؛ وهدداً سفارة ابن روح وكانتا أكثر خطراً من غيرهما... وهما:
أولاً: الحلاج
الصوفي المشهور؛ اجتمع حوله تلاميذه الحلاجية عند عودته إلى بغداد عام ٢٩٦هـ واتهمه المعتزلة بالشعوذة، وأخرج من الطريقة بمقتضى توقيع من الإمامية وفتوى من الظاهرية، وقبض عليه مرتين من قبل رجال الشرطة العباسيين، وأحضر أمام الوزير ابن عيسى وعذب في عام ٣٠١هـ، وأمضى ثماني سنوات في سجن بغداد؛ وكانت رعاية «شغب» أم المقتدر والحاجب نصر سبباً في أن عاداه الوزير حامد بن العباس وزير المقتدر فأمر بقتله بعد محاكمة دامت سبعة أشهر بمقتضى فتوى أقرها القاضي المالكي أبو عمرو، وآل إليه ما آل أمره(١٨٧)، وقد عمل الشيخ المفيد كتاباً في الرد على الحلاجية، فقال: والحلاجية ضرب من أصحاب التصوف وهم أصحاب الإباحة والقول بالحلول، وكان الحلاج يتخصص بإظهار التشيع، وإن كان ظاهر أمره التصوف، وهم قوم ملاحدة وزنادقة يموهون بمظاهرة كل فرقة بدينهم ويدعون للحلاج الأباطيل؛ ويجرون في ذلك مجرى المجوس في دعواهم لرهبانهم الآيات والبينات؛ والمجوس والنصارى أقرب إلى العمل بالعبادات منهم وهم أبعد إلى الشرائع والعمل بها من النصارى والمجوس(١٨٨)، عدّه الصدوق: بأنه من الغلاة(١٨٩)، والطوسي: بأنه من الكذابين والملعونين بلسان الأئمة (عليهم السلام) لادعائه البابية والرؤية للإمام المهدي (عليه السلام)(١٩٠)، وأمّا المرتضى والطبرسي وابن طاووس والحلي وغيرهم فقد رأوا أنه من المذمومين(١٩١).
وقد وافق أبناء العامة هذا الرأي؛ فقال ابن النديم: إنه رجل مختال مشعبذ(١٩٢)، ورأى الذهبي: أنه المقتول على الزندقة(١٩٣)؛ ذكر الصولي: أن الحلاج جاهل يتعاقل، وغبي يتبالغ وخبيث مدعٍ، وراغب يتزهد، وتاجر يتعبد(١٩٤).
واختلفت آراء المفكرين الأوروبيين في الحلاج.. فقد رأى مولر ودربلّو: أن الحلاج كان نصرانياً في سريرة نفسه، واتهمه (ريسكه) بالكفر، ورأى (ثولوك): أنه كان متناقضاً في أقواله؛ وعده «كريمر» من القائلين بوحدة الكون، ورأى «كازنسكي» أنه كان مريضاً بأعصابه؛ وعده «براون» دساساً ماهراً خطراً؛ وأنه كان رائداً للغزالي، لأنه حاول أن يوفق في آرائه بين الدين والفلسفة اليونانية على أساس من التجربة الصوفية، وقد جعل الصوفية من الحلاج أعظم شهدائهم وإن كان قد أنكر تسترهم(١٩٥)، ولم يبقَ لننا من مؤلفات الحلاج إلّا كتاب الطواسين(١٩٦).
وقد تناولت ادعاءاته أربعة أمور: المجاهدات، الكشف والحقيقة المدركة من عالم الغيب، التصرفات في العوالم والأكوان بأنواع الكرامات؛ وألفاظ موهمة الظاهر يعبّر عنها بالشطحيات وله آراء أخرى كادعاء الربوبية وقطبية الأرض وعلوم الغيب، ورؤيته للإمام المهدي (عليه السلام) والنيابة والبابية عنه (عليه السلام). وذكر الخطيب البغدادي عنه: أنه استغوى كثيراً من الناس والرؤساء، وكان طمعه في الرافضة أقوى. لدخوله من طريقهم(١٩٧)، وكان يتقرب إلى الإمامية ليستميل قلوبهم ويحصل على منزلة عندهم، وكان يدعو الناس إلى نصرة مذهب أهل البيت (عليهم السلام) ويبشّرهم بالفرج، وخروج الصاحب (عليه السلام) من أرض طالقان عما قريب(١٩٨).
وقد حاول مراراً التقرب من إسماعيل بن علي النوبختي وعلي بن الحسين بن بابويه القمي (الصدوق)؛ وكان يعتقد أنه بإمكانه إطلاء الخدع والحيل والمخرقة عليهما. روى الطوسي بإسناده عن أبي نصر هبة الله قال: لما أراد الله تعالى أن يكشف أمر الحلاج ويظهر فضيحته ويخزيه، وقع له أن أبا سهل إسماعيل بن علي النوبختي ممن يجوز عليه مخرقته وتتم حيلته، فوجه إليه يستدعيه وظن أن أبا سهل كغيره من الضعفاء في هذا الأمر بفرط جهله، وقدر أن يستجره إليه فيتمخرق به ويتسوف بانقياده على غيره، فيتسبب له ما قصد إليه من الحيلة والبهرجة على الضعفة لقدر أبي سهل في أنفس الناس ومحلّه من العلم والأدب أيضاً عندهم ويقول له في مراسلته إياه: إني وكيل صاحب الزمان (عليه السلام)، وبهذا أولاً كان يستجر الجهال ثم يعلو منه إلى غيره؛ وقد «أمرت» بمراسلتك، وإظهار ما تريده من النصرة لك لتقوى نفسك ولا ترتاب بهذا الأمر، فأرسل إليه أبو سهل (رض)، يقول له: إني أسألك أمراً يسيراً يحق مثله عليك في جنب ما ظهر على يديك من الدلائل والبراهين وهو: إني رجل أحب الجواري وأصبو إليهن، ولي منهن عدة أتخطاهن، والشيب يبعدني عنهن، وأحتاج أن أخضبه في كل جمعة، وأتحمل منه مشقة شديدة لأستر عنهن ذلك، وإلّا انكشف أمري عندهن!! فصار القرب بعدًا والوصال هجرًا؛ وأريد أن تغنيني عن الخضاب وتكفيني مؤنته، وتجعل لحيتي سوداء، فإني طوع يديك وصائر إليك وقائل بقولك وداع إلى مذهبك مع ما لي في ذلك من البصيرة ولك من المعونة، فلما سمع ذلك الحلاج من قوله وجوابه علم أنه قد أخطأ في مراسلته وجهل في الخروج إليه بمذهبه وأمسك عنه ولم يرد إليه جواباً!! ولم يرسل إليه رسولًا!! وصيّره أبو سهل (رض) أحدوثة وضحكة ويطنز – يسخر – به عند كل أحد، وشهر أمره عند الصغير والكبير، وكان هذا الفعل سبباً لكشف أمره وتنفير الجماعة عنه(١٩٩).
وفعل كذلك مع الصدوق بمراسلته له قائلاً: أنا رسول الإمام ووكيله؛ فخرقها وقال: ما أفرغك للجهالات، وضحكوا منه وهزءوا به... وأمر الصدوق غلامه بضربه برجله بقفاه، فخرج عدو الله ورسوله.. ثم قال: أتدعي المعجزات!! عليك لعنة الله؛ فأخرج بقفاه فما رأي بعدها بقم(٢٠٠).
لقد أغضبت تصرفات الحلاج وأفعاله ابن روح النوبختي(٢٠١)؛ فقال فيه: هذا كفر بالله تعالى وإلحاد قد أحكمه هذا الرجل الملعون – أي الحلاج – في قلوب هؤلاء القوم ليجعله طريقاً، إلى أن يقول لهم: بأن الله تعالى اتحد به وحل فيه كما يقول النصارى في المسيح (عليه السلام)(٢٠٢)، وخرج من الإمام المهدي (عليه السلام) توقيع: يلعن فيه جماعة ممن ادعى البابية والرؤية له كذباً وزوراً كالنميري والهلالي والبلالي والحلاج وغيرهم(٢٠٣)، وقد اتهم فيه الحلاج بالزندقة والخروج من الدين(٢٠٤)، وإدخاله الأباطيل والخرافات(٢٠٥)؛ ودعوته للقرامطة(٢٠٦)؛ وسعي به في وزارة علي بن عيسى الأولى(٢٠٧).
وقد استمال جماعة من الوزراء وطبقات وحواشي السلطات وأمراء الأمصار وملوك العراق والجزيرة وما والاها؛ فأمر المقتدر بتسليمه إلى حامد بن العباس وجرى له معه خطوب(٢٠٨)، ومكث الحلاج محبوساً في دار الخلافة ثمانية أعوام موسعاً عليه(٢٠٩)، وحاكمه ابن العباس قائلًا له: ألست تعلم أني قبضت عليك بدور الراسبي وأحضرتك واسط فذكرت في دفعة أنك المهدي(٢١٠)!! ثم أخرج إلى رحبة المسجد وأمر الجلاد بضربه بالسوط فضرب تمام الألف، ثم قطعت يداه ورجلاه وحزّ رأسه وأحرقت جثته(٢١١)، وبقي أربعة آلاف من الحلاجية في العراق ينتظرونه(٢١٢)؛ إلى عام ٤٤٩هـ، ويقفون بحيث صلب على دجلة يتوقعون ظهوره(٢١٣).
ثانياً: الشلمغاني
وُلِد في شلمغان وهي من قرى واسط بالعراق(٢١٤)؛ وانتقل إلى بغداد؛ فكان أحد كُتابها وأحد مؤلفي علماء الشيعة(٢١٥)؛ والمتقدمين في الأصحاب(٢١٦). نصّبه ابن روح وكيلاً عنه؛ بعد أن فرغ من دفن أبي جعفر العمري (رض)(٢١٧)، فقصده الناس في حوائجهم ومهماتهم(٢١٨)، خرجت على يديه توقيعات الإمام المهدي من قبل ابن روح النوبختي(٢١٩)؛ لما كان شيخاً مستقيم العقيدة والسلوك والصلاح(٢٢٠)، ثم حمله الحسد لأبي القاسم بن روح على ترك المذهب والدخول في المذاهب الردية(٢٢١)؛ وظهرت منه مقالات منكرة(٢٢٢)، وأصبح غالياً(٢٢٣)، واعتقد بالتناسخ وحلول الألوهية فيه(٢٢٤).
فظهر توقيع من الإمام المهدي (عليه السلام) بلعنه والبراءة منه وممن تولاه، وشاع خبره وبلغ الخليفة الراضي بالله فأمر بالقبض عليه؛ وقتله واستراحت الشيعة والأمة الإسلامية منه(٢٢٥)، وكان الشلمغاني يلقب نفسه بالحلاج أيضاً(٢٢٦)؛ وكان يتعاطى الكيمياء(٢٢٧)، وقد ذكرت عقائده في أربعة مصادر مهمة من مصادر التاريخ الإسلامي(٢٢٨)، وقد كان للشلمغاني تأليفات كثيرة فترة استقامته وبعضها فترة انحرافه، وقد ذكرها ابن النديم والنجاشي والطوسي وغيرهم(٢٢٩).. ونشير إلى جملة منها لارتباطها بسفارة ابن روح النوبختي..
أولاً - كتاب التكليف:
وقد ألفه الشلمغاني في حال استقامته، فلما حصلت نسخة منه بيد ابن روح النوبختي قال لأصحابه: اطلبوه لأنظره؛ فجاءوا به فقرأه من أوله إلى آخره فقال: ما فيه شيء إلّا وقد روي عن الأئمة إلّا موضعين أو ثلاثة؛ فإنه كذب عليهم في روايتها «لعنه الله»(٢٣٠). قال العلامة الحلي: كتاب التكليف رواه المفيد (رحمه الله) إلّا حديثاً منه في باب الشهادات: أنه يجوز للرجل أن يشهد لأخيه إذا كان له شاهد واحد من غير علم(٢٣١).
ولكن الصحيح هو ما رواه الطوسي بإسناده عن محمد بن أحمد بن داوود والحسين بن علي بن بابويه أنهما قالا: مما أخطأ محمد بن علي – الشلمغاني – في المذهب في باب الشهادة أنه روى عن العالم أنه قال: إذا كان لأخيك المؤمن على رجل حق فوضعه ولم يكن له البينة عليه إلا شاهد واحد، وكان الشاهد ثقة رجعت إلى الشاهد فسألته عن شهادته؛ فإذا أقامها عندك شهدت معه عند الحاكم على مثل ما يشهده عنده لئلا يتوى – أي يهلك – حق امرئ مسلم – واللفظ لابن بابويه – قال: هذا كذب منه، لسنا نعرف ذلك.
وقال في موضع آخر: كذب فيه؛ نسخة التوقيع الخارج في لعنه(٢٣٢).
وروى الطوسي بإسناده عن محمد بن الفضل بن تمام قال: سمعت أبا جعفر محمد بن أحمد الزكوزكي (رحمه الله) – وقد ذكرنا كتاب التكليف وكان عندنا أنه لا يكون إلّا مع غال، وذلك أنه أول ما كتبنا الحديث فسمعناه يقول: وأيش كان لابن أبي العزاقر – الشلمغاني – في التكليف! إنما كان يصلح الباب ويدخله إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح (رض) فيعرضه عليه ويحككه، فإذا صح الباب خرج فنقله، وأمرنا بنسخه، قال أبو جعفر: فكتبته في الأدراج بخطي ببغداد، قال ابن تمام: فقلت له: تفضل يا سيدي فادفعه حتى أكتبه من خطِّك، فقال لي: قد خرج من يدي، فقال ابن تمام: فخرجت وأخذت من غيره، وكتبت بعدما سمعت هذه الحكاية(٢٣٣).
ثانياً: كتاب التأديب(٢٣٤).
ثالثاً: رسالة ابن همام(٢٣٥).
رابعاً: كتاب الأوصياء
وقد جاء فيه ولادة القائم (عليه السلام) وكيفية زيارته للإمامين العسكريين (عليهما السلام) وما رآه من معاجز؛ وقد ذكره الطوسي في موضعين؛ فقد روى بإسناده عن محمد بن علي الشلمغاني في كتاب الأوصياء قال: حدثني حمزة بن نصر غلام – الإمام الهادي (عليه السلام) – عن أبيه قال: لما وُلِد السيد – أي الإمام المهدي (عليه السلام) – تباشر أهل الدار بذلك، فلما نشأ خرج إليّ الأمر: أن أبتاع في كل يوم مع اللحم قصب مخ، وقيل: إن هذا لمولانا الصغير(٢٣٦).
وروى بإسناده عن الشلمغاني في كتاب الأوصياء أنه قال: قال أبو جعفر المروزي: خرج جعفر بن محمد بن عمر وجماعة إلى العسكر ورأوا أيام أبي محمد (عليه السلام) في الحياة وفيهم علي بن أحمد بن طنين فقال له علي بن أحمد: لا تكتب اسمي؛ فإني لا أستأذن فلم يكتب اسمه، فخرج إلى جعفر: ادخل أنت وإن لم يستأذن(٢٣٧).
خامساً: كتاب الغيبة
قال الطوسي ذكر محمد بن علي بن أبي العزاقر الشلمغاني في أول كتاب الغيبة الذي صنفه: وأما ما بيني وبين الرجل المذكور – زاد الله توفيقه – فلا مدخل لي في ذلك إلا لمن أدخلته فيه لأن الجناية علي فإني وليّها؛ وقال في فصل آخر: ومن عظمت منّته عليه وتضاعفت الحجة عليه ولزمه الصدق فيما ساءه وسره، وليس ينبغي فيما بيني وبين الله إلا الصدق عن أمره، مع عظم جنايته؛ وهذا الرجل منصوب لأمر من الأمور لا يسع العصابة العدول عنه فيه، وحكم الإسلام مع ذلك جار عليه كجريه على غيره من المؤمنين وذكره(٢٣٨).
ودخلت كتب الشلمغاني البيوت لقربه من ابن روح حال استقامته؛ فسئل ابن روح عن كتبه بعدما ذم وخرجت فيه اللعنة، فقيل له: فكيف نعمل بكتبه وبيوتنا منه ملاء؟! فقال ابن روح: أقول فيها ما قاله أبو محمد العسكري (عليه السلام) وقد سُئل عن كتب بني فضال(٢٣٩): فقالوا: كيف نعمل بكتبهم وبيوتنا منهم ملاء؟ فقال (عليه السلام): خذو بما رووا؛ وذروا ما رأوا(٢٤٠)، فإن الانحراف في العقيدة لا ينافي إمكان صحة الرواية حال الاستقامة.
لقد كان الشلمغاني وجيهاً عند الناس(٢٤١)، ونال احترام بني بسطام(٢٤٢)؛ الذين سكنوا بغداد قديماً فصار منهم كتاباً وعمالاً في الديوان العباسي، ومنهم: أبو العباس أحمد بن محمد بن بسطام وأولاده أبو القاسم علي وأبو الحسين بن محمد الذين ربطتهم صلة القرابة بآل الفرات، فلقد كان محمد هذا صهر حامد بن العباس وزير المقتدر، وكانت هذه الطائفة من المدافعين عن مذهب أهل البيت (عليهم السلام) والإمامية، ولكن بعد إعلان الشلمغاني عن عقيدته، بقوا على اعتقادهم السابق فيه وتابعوه في أفعاله، مما كان سبباً في بث المقتدر جواسيسه حول بيوتهم ليرقبوا تحركاتهم ويقتنصوا أخبارهم، وحصل الشلمغاني على احترام آل الفرات الذين كانوا بداية أمرهم على مذهب الإمامية، وهم رهط الوزير أبي الفتح الفضل بن جعفر بن الفرات الذي كان من وزراء بني العباس، وهو الذي صحح الخطبة الشقشقية لأمير المؤمنين (عليه السلام)، ويحتمل أنهم نزلوا بشط الفرات، وكان منهم أبو الحسن بن الفرات الذي وزر ثلاث مرات للمقتدر كان آخرها عام ٣١١ه(٢٤٣)، وكان ولده المحسن هو الغالب على الأمور في هذه الوزارة(٢٤٤)؛ حتى عزل عام ٣١٢هـ واختفى ولده المحسن وصودر ابن الفرات على جملة من المال مبلغها ألف ألف دينار(٢٤٥). وابن الفرات هذا فرع من أب وأخ منحرفين، كانا قد اتبعا محمد بن نصير النميري الذي ادعى السفارة كذباً عن الإمام المهدي (عليه السلام) فترة سفارة أبي جعفر العمري وقد تقدم ذلك.
وكان المحسن بن علي وقحاً سيء الأدب ظالماً ذا قسوة شديدة، وكان الناس يسمونه: الخبيث بن الطيب(٢٤٦)، وروي له شنائع في التعذيب والمصادرة(٢٤٧)، وكان الشلمغاني من أقربائه، وله معه رابطة النسب؛ ومن المقربين إليه(٢٤٨).
وأمّا ميزات تلك الفترة:
أولاً:
ما رواه الطوسي بإسناده عن علي بن همام أنه قال: إن محمد بن علي الشلمغاني لم يكن قط باباً إلى أبي القاسم ولا طريقاً له ولا نصبه أبو القاسم لشيء من ذلك على وجه ولا سبب، ومن قال بذلك فقد أبطل؛ وإنما كان فقيهاً من فقهائنا وخلط وظهر عنه ما ظهر، وانتشر عنه الكفر والإلحاد(٢٤٩)، ولا تنافي هذه الرواية ما ذكره أبو غالب الزراري من أن الشيخ الحسين بن روح نصب الشلمغاني وكيلاً عنه حال استقامته(٢٥٠)، خاصة وأن ابن همام نفسه اعترف بأن الشلمغاني كان وكيلاً صالحاً لابن روح حال استتاره عن الخليفة المقتدر(٢٥١).
ثانياً:
كان تنصيب الشلمغاني وكيلاً لابن روح بعد وفاة العمري ودفنه(٢٥٢)؛ وفي بعض النصوص أنه كان وقت استتاره واختفائه عن الوسط الإسلامي(٢٥٣).
وقد ذكرنا أنه اعتقل عام ٣١٢هـ، فيكون تنصيبه للشلمغاني إذن في بداية وزارة حامد بن العباس أو آخرها حيث كان مستقيم السلوك والعقيدة في تلك الفترة(٢٥٤)، ثم خرج عن المذهب وكذب على ابن روح، وحكى عنه لبني بسطام وآل الفرات كل كذب وبلاء وكفر، وأسنده إلى ابن روح النوبختي، فكانوا يقيلونه منه ويأخذونه عنه(٢٥٥)، وعندما لعنه ابن روح قال الشلمغاني في تأويل كلامه: إن لهذا القول باطناً عظيماً، وهو أن اللعنة هي الإبعاد، فمعنى قوله (لعنه الله) أي باعده الله (عن) العذاب والنار!!، ثم قال: والآن قد عرفت منزلتي، ومرغ خدّه على التراب وقال: عليكم بالكتمان لهذا الأمر، وادعى الشلمغاني: أن روح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) انتقلت إلى العمري أبي جعفر؛ وروح أمير المؤمنين (عليه السلام) انتقلت إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح، وروح مولاتنا فاطمة (عليها السلام) انتقلت إلى ابنة أبي جعفر العمري(٢٥٦)، وعدّ الشلمغاني إلى قول الحلاج لعنه الله(٢٥٧)، واستهوى قلوب الضعفاء، واستزل خلقاً كثيراً من المسلمين وأشرك طوائف العمهين(٢٥٨)، وكان يقول لبني بسطام: إنني أذعت السر وقد أخذ عليّ الكتمان، فعوقبت بالإبعاد بعد الاختصاص، لأن الأمر عظيم لا يحتمله إلّا ملك مقرب أو نبي مرسل أو مؤمن ممتحن، فيؤكد في نفوسهم عظم الأمر وجلالته(٢٥٩)، وكانت له حكاية مع أبي سهل إسماعيل بن علي النوبختي مشابهة لحكاية الحلاج وافتضاحه، حيث راسله الشلمغاني يدعوه فيها إلى الفتنة ويبذل له المعجز وإظهار العجب – كما حكاه ابن النديم – قال: وكان بمقدم رأس أبي سهل جلح – يشبه القرع – فقال للرسول: أنا ما أدري أي شيء هو! ينبت صاحبك – الشلمغاني – بمقدم رأسي الشعر حتى أؤمن به!! فما عاد إليه الرسول(٢٦٠).
وحذر ابن روح النوبختي كل أصحابه من الشلمغاني، وكذا في بني نوبخت، فلم يبقَ أحد إلّا وتقدم إليه الشيخ أبو القاسم وكاتبه بلعن أبي جعفر الشلمغاني والبراءة منه، وممن يتولاه ورضي بقوله أو كلّمه فضلاً عن موالاته(٢٦١)، وخرج توقيع من ابن روح النوبختي وهو في السجن عام ٣١٢هـ بلعن الشلمغاني، وقد رواه الطوسي بأسانيد مختلفة، قال: خرج التوقيع من الحسين بن روح في الشلمغاني، وأنفذ نسخته إلى أبي علي بن همام في ذي الحجة سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة(٢٦٢).
وقال محمد بن الحسن الصيمري: أنفذ الشيخ الحسين بن روح (رض) من محبسه في دار المقتدر إلى شيخنا أبي علي بن همام في ذي الحجة سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة وأملاه أبو علي وعرفني: أن أبا القاسم (رض) راجع في ترك إظهاره؛ فإنه في يد القوم وحبسهم، فأمر بإظهاره وأن لا يخشى ويأمن، فتخلص وخرج من الحبس بعد ذلك بمدة يسيرة والحمد لله(٢٦٣).
ويظهر أن التوقيع كان قد شاع وانتشر قبل خروج ابن روح من السجن بقليل أي ما يقرب من عام ٣١٧هـ وإليك نصه:
روى الطوسي والطبرسي بإسنادهما: بسم الله الرحمن الرحيم، اعرف أطال الله بقاك، وعرّفك الخير كله؛ وختم به عملك من تثق بدينه وتسكن إلى نيته من إخواننا أدام الله سعادتهم بأن محمد بن علي المعروف بالشلمغاني - عجل الله له النقمة ولا أمهله - قد ارتد عن الإسلام وفارقه وألحد في دين الله وادعى ما كفر معه بالخالق جل وتعالى، وافترى كذباً وزوراً، وقال بهتاناً وإثماً عظيماً، كذب العادلون بالله، وضلوا ضلالًا بعيدًا وخسروا خسرانًا مبينًا، وإنا برئنا إلى الله تعالى وإلى رسوله صلوات الله وسلامه ورحمته وبركاته منه، ولعنّاه؛ عليه لعائن الله تترى في الظاهر منا والباطن والسر والجهر وفي كل وقت؛ وعلى كل حال، وعلى كل من شايعه وبلغه هذا القول منا وأقام على من تولاه بعده.
أعلمهم – تولاك الله – أننا في التوقي والمحاذرة منه على مثل ما كنا عليه ممن تقدمه من نظرائه من السريعي والنميري والهلالي والبلالي وغيرهم، وعادة الله جل ثناؤه مع ذلك قبله وبعده عندنا جميلة وبه نثق وإياه نستعين وهو حسبنا في أمورنا ونعم الوكيل(٢٦٤).
وقد ترك هذا التوقيع آثارًا بليغة في الحد من نشاط الشلمغاني ولعنه في المحافل العلمية والسياسية والاجتماعية(٢٦٥).
ولم يأبه الشلمغاني بهذا القرار وكان يعلن بين الآونة والأخرى عن رفضه لهذا القرار واستنكاره؛ وصب جام غضبه على أنصار الإمام (عليه السلام)؛ فكتب كتاب الغيبة؛ وادعى فيه منصبًا لم يصنعه الله فيه، وافترى الكثير على الإمام المهدي (عليه السلام)(٢٦٦).
قال الشلمغاني: ما دخلنا مع أبي القاسم الحسين بن روح النوبختي في هذا الأمر إلّا ونحن نعلم فيما دخلنا فيه، لقد كنّا نتهارش على هذا الأمر كما تتهارش الكلاب على الجيف، ولكن الأمة لم تلتفت إلى هذا القول وأقامت على لعنه والبراءة منه(٢٦٧).
ثم أظهر الشلمغاني أن الأجوبة التي كانت تخرج من الإمام المهدي (عليه السلام) هي له؛ ولا دخل للإمام (عليه السلام) فيها، فخرج توقيع من الإمام المهدي (عليه السلام) لأهل قم فيه: بسم الله الرحمن الرحيم؛ قد وقفنا على هذه الرقعة وما تضمنته، فجميعه جوابنا، ولا مدخل للمخذول الضال المضل المعروف بالعزاقري – الشلمغاني – لعنه الله في حرف منه؛ وقد كانت أشياء خرجت إليكم على يدي أحمد بن بلال وغيره من نظرائه، وكان من ارتدادهم عن الإسلام مثل ما كان من هذا؛ عليهم لعنة الله(٢٦٨).
وأراد الراوي أن يتأكد أن ما خرج من هؤلاء قبل انحرافهم صحيح أم لا؟
قال الراوي: فاستثبتُّ قديمًا في ذلك، فخرج الجواب منه (عليه السلام): على من استثبتّ فإنه لا ضرر في خروج ما خرج على أيديهم وإن ذلك صحيحًا(٢٦٩).
وقد كانت الضربة التي وجهها ابن روح للشلمغاني شديدة كانت قد أنهت بحياته(٢٧٠)، وافتضح على أثرها في آخر وزارة حامد بن العباس حيث أظهر قبائح أفعاله وكفره وإلحاده؛ فنبذته الأمة وطردته من بينها، فلاذ بالبلاط العباسي بعد عزل الوزير حامد بن العباس ومجيء أبي الحسن بن الفرات وللمرة الثالثة عام ٣١١هـ إلى الوزارة، فارتبط مع ابنه المحسن وقرّبه إليه(٢٧١)، ونصّبه في بعض أعمال الديوان(٢٧٢)، ليخفف عنه وطأة المعارضين ويخفي الأموال التي سرقها من الأمة؛ وحين اضطرب أمر المحسن وأبيه قام باضطهاد المنكوبين، فاستخلف الشلمغاني بالحضرة لجماعة من العمال، وكان للشلمغاني صاحب يعرفه بملازمته مقدام على الدماء من أهل البصرة، فسلم إليه جماعة، فذبحهم كما يذبح الغنم، ثم استخرج أموال جماعة كانوا مستترين وصادر القسم الآخر(٢٧٣).
وبعد أن قتل المحسن وأبوه، حلّ محلّهما في الوزارة أبو القاسم الخاقاني فهرب الشلمغاني إلى الموصل وصار في ضيافة الأمير ناصر الدولة الحمداني؛ روى النجاشي: أن الشلمغاني أخبر بقائمة كتبه عند استتاره بمعلثايا(٢٧٤)، وبعد بقائه مدة من الزمن هناك، رجع إلى بغداد واستتر فيها، وأظهر أنه يدعي لنفسه الربوبية(٢٧٥)!!
فتابعه الكثيرون من وزراء وشعراء(٢٧٦)؛ ولم يكن الإمساك بالشلمغاني يسيرًا، فقد استمرت حملات المطاردة والتفتيش عليه من قبل علي بن مقلة وزير المقتدر عام ٣٢٢هـ، وكان الشلمغاني قد أحس بالخطر ورأى كثرة أنصاره؛ فوجه بخطابه إلى ابن روح يدعوه للمباهلة وقال: أنا صاحب الرجل – يقصد الإمام المهدي (عليه السلام) – قد (أمرت) بإظهار العلم، وقد أظهرته باطنًا وظاهرًا، فباهلني!!
فأنفذ إليه ابن روح جوابًا شفويًا: أيّنا تقدم صاحبه فهو المخصوم، فتقدم العزاقري – الشلمغاني(٢٧٧) - ، وأقيم مجلس المباهلة في دار الوزير ابن مقلة وحضره الخاصة والعامة، فلما دخل الشلمغاني المجلس خفية توجهت إليه الأعناق ليسمعوا ما يقوله!! وفوجئ الشلمغاني بتحشد الشيعة الإمامية في هذا المجلس وكل منهم يحكي عن ابن روح لعنه والبراءة منه، فلم يرَ غير أن يقول كلمته الأخيرة ويخرج هاربًا بسرعة قائلًا: اجمعوا بيني وبينه – يقصد ابن روح – حتى آخذ بيده ويأخذ بيدي، فإن لم تنزل عليه نار من السماء تحرقه، وإلّا فجميع ما قاله فيّ حق(٢٧٨)، فوصل هذا الخبر إلى أسماع الخليفة الراضي بسرعة عام ٣٢٢هـ فأمر جنوده بإلقاء القبض عليه وكبس داره، فألقي القبض عليه وفتش داره تفتيشًا دقيقًا فوجد فيه عدة رسائل من أتباعه وخطابات مجملة له بأنه الله سبحانه(٢٧٩)!!، وعرضت هذه الرسائل كلها على الخليفة الراضي بالله، فأقرّ بها الشلمغاني كلها واعترف بأنها كانت من أتباعه!! فثبت صحتها، فأحضر الخليفة اثنين من أتباعه، فأمرهما بصفع الشلمغاني فصفعه أحدهما(٢٨٠)؛ وأمّا الثاني فخاطبه: مولاي الكبير!! ثم مدّ يده إلى لحية الشلمغاني على سبيل التوقير والتكريم وقال: مولاي مولاي وإلهي وسيدي ورازقي(٢٨١)!!
فقال الراضي بالله مخاطبًا الشلمغاني: قد زعمت أنك لا تدعي الألوهية؛ فما هذا؟! فقال: وما عليّ، من قول ابن أبي عون والله يعلم أنني ما قلت له أنني إله قط(٢٨٢).
ثم جرت عدة لقاءات بينه وبين الفقهاء والقضاة(٢٨٣)، فأصدروا حكمًا بإراقة دمه وأتباعه؛ فجلد أمام الناس ثم قتل وأحرق جسده أمام المارة والنظارة.
وقد روى الطوسي له أشعارًا أثناء موته(٢٨٤)؛ واستراحت منه الأمة بأسرها.

المبحث الرابع: التراث الذي خلّفه الحسين بن روح النوبختي للأمة الإسلامية

لقد خلف الحسين بن روح النوبختي تاريخًا وتراثًا ضخمًا للأجيال الإسلامية مع تصديه لمهمة السفارة عن الإمام المهدي (عليه السلام) ونلخصه بما يلي:
أولًا- ما تركه من روايات وأحاديث وكتب:
برع ابن روح النوبختي في ميادين العلم وحاز السبق في حلبات الأدب، وروى عن الأئمة (عليهم السلام) كثيرًا من الروايات؛ وصنف في شتى العلوم ومتنوع الفنون، وزهت صورته العلمية زهو الطاووس في حدائق الكمال؛ ولكن التاريخ لم يمهله حيث امتدت إليه يد الغدر فلم تبق له من كتبه التي ألفها سوى كتابًا واحدًا كما ذكره المؤرخون(٢٨٥)، وهو كتاب التأديب وفيه مسائل فقهية كالصلاة والصيام وأمور أخرى(٢٨٦)، وقد نسخ الشلمغاني نسخة منه وأدخل فيه فرعًا فقهيًا مخالفًا لما عليه مذهب الأصحاب، روى الطوسي بإسناده عن سلامة بن محمد قال: أنفذ الحسين بن روح (رض) كتاب التأديب إلى قُم، وكتب إلى جماعة الفقهاء بها وقال لهم: أنظروا في هذا الكتاب، وانظروا فيه شيء يخالفكم؟! فكتبوا إليه: إنه كله صحيح، وما فيه شيء يخالف إلّا قوله: الصاع في الفطرة نصف صاع من طعام والطعام عندنا مثل الشعير من كل واحد صاع(٢٨٧).
وأمّا كتاب التكليف وقد ذكرناه في عداد مؤلفات الشلمغاني؛ فلعلّه من تعليمات ابن روح أيضًا وهو كتاب في الحديث، وكان الشلمغاني – لعنه الله – قد أدخل فيه أمورًا كثيرة ونسبها إلى الأصحاب ولم يقولوا بها، وكان ابن روح يصلح كل ما يكتبه الشلمغاني(٢٨٨).
أما روايته؛ فقد روى ابن روح النوبختي عن الأئمة (عليهم السلام) في شتى العلوم؛ فروى في الإمامة(٢٨٩)؛ وإيمان أبي طالب (عليه السلام)(٢٩٠)، والمتعة(٢٩١)، وزيارة العسكريين (عليهما السلام)(٢٩٢) وغيرها.
قال التستري: والغريب مما وقع من بعض العلماء ولعله وقع منهم غفلة أن رجال الشيخ الطوسي غفل عن عنوانه مع عموم موضوعه(٢٩٣)، وقد روى عن محمد بن زياد وروى عنه الحسن بن جمهور في باب فضل زيارة الإمامين العسكريين (عليهما السلام) كما تقدمت الرواية عنه(٢٩٤).
وأمّا تراثه في الأدعية:
فقد روى أدعية مشهورة من الأئمة (عليهم السلام) ومنه أيضًا.. ونلخصها بما يلي:
أولًا– الأدعية الرجبية:
قال ابن طاووس: ومن الدعوات كل يوم من رجب ما رويناه عن جدي أبي جعفر الطوسي - قدس الله روحه – فقال: قال ابن عياش: وخرج إلى أهلي على يد الشيخ أبي القاسم (رض) في مقامه عندهم هذا الدعاء في أيام رجب: اللهم إني أسألك بالمولودين في رجب.. إلخ(٢٩٥).
ثانيًا – الزيارة الرجبية:
وروى الطوسي زيارة رواها ابن عياش قال: حدثني خير بن عبد الله عن مولانا أبي القاسم الحسين بن روح (رض) قال: زر أي المشاهد كنت بحضرتها في رجب ثم تقول إذا دخلت: الحمد لله الذي أشهدنا مشهد أوليائه في رجب.. إلخ(٢٩٦).
ثالثًا– دعاء وصلاة يوم المبعث:
وروى ابن طاووس بإسناده إلى جده أبي جعفر الطوسي (رحمه الله) بإسناده إلى أبي القاسم بن روح (رحمه الله) قال: تصلّي في هذا اليوم اثنتي عشرة ركعة تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وما تيسّر من السور.. إلخ(٢٩٧).
رابعًا– التوسل بالإمام الحسين (عليه السلام):
وهو دعاء خرج منه (عليه السلام) على يد الحسين بن روح إلى القاسم بن العلاء الهمداني جاء فيه: إن مولانا الحسين (عليه السلام) وُلِد يوم الخميس لثلاث خلون من شعبان، فصمه وادع بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك بحق هذا المولود في هذا اليوم.. إلخ(٢٩٨).
خامسًا– دعاء وزيارة الجامعة:
روى الطبرسي عن محمد بن عبد الله الحميري مع مسائله التي بعثها عام ثمان وثلاثمائة إلى ابن روح النوبختي ليوصلها إلى الإمام المهدي (عليه السلام) أنه قال: خرج توقيع من الناحية المقدسة حرسها الله بعد المسائل: بسم الله الرحمن الرحيم، لا لأمره تعقلون، حكمة بالغة، فما تغني النذر عن قوم لا يؤمنون... إلخ(٢٩٩).
سادسًا– زيارة للصادق (عليه السلام):
روى المجلسي عن مجموع الدعوات لأبي محمد هارون بن موسى التلعكبري قال: روى أبو الحسين أحمد بن الحسين بن جابر الصيداوي هذه الزيارة لعثمان بن سعيد ومعه أبو القاسم بن روح قال: عند زيارتهما لمولانا أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) وقفا على باب السلام فقالا: السلام عليك يا مولاي وابن مولاي وأبا مولاي ورحمة الله وبركاته؛ السلام عليك يا شهيد دار الفناء، وزعيم دار البقاء.. إلخ(٣٠٠).
أما تراثه من التوقيعات التي خرجت على يديه من الإمام المهدي (عليه السلام):
لقد خرجت توقيعات منه (عليه السلام) للأوضاع السياسية التي أحاطت تلك الفترة بالأمة؛ كقلع القرامطة للحجر الأسود ونقله إلى هجر، وتحذيره الوكلاء من السلطات وغيرها.. ونلخص بعض توقيعاته (عليه السلام):
التوقيع الأول– في أهل قُم:
ذكر ابن نوح أن هذا الدرج بعينه كتب به أهل قُم إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح (رحمه الله) وفيه مسائل، فأجابهم على ظهره؛ بخط أحمد بن إبراهيم النوبختي وحصل الدرج عند أبي الحسن بن داوود.. نسخة الدرج: مسائل محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري: بسم الله الرحمن الرحيم، أطال الله بقاءك وأدام عزك وتأييدك وسعادتك وسلامتك وأتم نعمته وزاد في إحسانه إليك وجميل مواهبه لديك وفضله عندك؛ وجعلني من السوء فداك وقدّمني قبلك، الناس يتنافسون في الدرجات، فمن قبلتموه كان مقبولًا، ومن دفعتموه كان وضيعًا، والخامل من وضعتموه، ونعوذ بالله من ذلك، وببلدنا – أيدك الله – جماعة من الوجوه يتساوون ويتنافسون في المنزلة؛ وورد أيدك الله كتابك إلى جماعة منهم... إلخ(٣٠١) وهو خبر طويل جدًا وردت فيه المسائل الفقهية والاجتماعية والسياسية فراجعه في مظانه.
التوقيع الثاني– أسئلة الحميري:
وقد روى الطوسي والطبرسي كتاب لمحمد بن عبد الله بن جعفر الحميري إلى الإمام المهدي (عليه السلام) في مثل ذلك جاء فيه: رأيك أدام الله عزك في تأمل رقعتي والتفضل بما يسهل لأضيفه إلى سائر أياديك علي، واحتجت أدام الله عزك أن تسأل لي بعض الفقهاء: عن المصلي إذا قام من التشهد الأول للركعة الثانية هل يجب عليه أن يكبر.. إلخ(٣٠٢) وهو خبر طويل أيضًا كسابقه وقد جاء في آخره: قال ابن نوح: نسخت هذه النسخة من المدرجين القديمين اللذين فيهما الخط والتوقيعات(٣٠٣).
التوقيع الثالث– أسئلة في الحج:
وروى الطبرسي كتابًا آخر لمحمد بن عبد الله الحميري إلى صاحب الزمان (عليه السلام) من جواب مسائله التي سأله عنها في سنة سبع وثلاثمائة – أرسلها لابن روح – يسأل عن المحرم يجوز أن يشد المئزر من خلفه إلى عقبه الطول... إلخ(٣٠٤) وهو طويل أيضًا اشتمل على مسائل عديدة في الحج.
التوقيع الرابع– الأسئلة الفقهية المتنوعة:
وأرسل محمد بن عد الله بن جعفر الحميري أيضًا مسائل عام ثمان وثلاثمائة إلى ابن روح النوبختي ليوصلها إلى الإمام المهدي (عليه السلام)، جاء فيه: أطال الله بقاك وزاد في إحسانه إليك وجميل مواهبه لديك وفضله عليك وجزيل قسمه لك، وجعلني من السوء كله فداك وقدمني قبلك: إن قبلنا مشايخ وعجائز يصومون رجبًا منذ ثلاثين سنة... إلخ وهو خبر طويل اشتمل على مسائل فقهية عديدة متنوعة(٣٠٥).
التوقيع الخامس– إنزال العقوبة في بعض المشعوذين:
روى الطوسي بإسناده عن جماعة عن أبي الحسن محمد بن أحمد بن داوود القمي قال: وجدت بخط أحمد بن إبراهيم النوبختي وإملاء أبي القاسم الحسين بن روح (رض) على ظهر كتاب فيه جوابات ومسائل أنفذت من قُم يسأل عنها، وهي جوابات الفقيه (عليه السلام) أو جوابات محمد بن علي الشملغاني؛ لأنه حكي أنه قال: هذه المسائل أنا أجبت عنها!! فكتب إليهم (عليه السلام) على ظهر كتابهم: بسم الله الرحمن الرحيم، قد وقعنا على هذه الرقعة وما تضمنته، فجميعه جوابنا.. إلخ(٣٠٦).
وقال ابن نوح: أول من حدثنا بهذا التوقيع أبو الحسين محمد بن علي بن تمام وذكر أنه كتبه في ظهر الدرج الذي عند أبي الحسن بن داوود، فلما قدم أبو الحسن بن داوود قرأته عليه(٣٠٧).

المبحث الخامس: معجزات الإمام المهدي (عليه السلام) على يدي الحسين بن روح النوبختي

إن المعجزة تترك آثارًا وتجاوبًا سريعًا في النفوس ما لا يمكن أن تتركه الأنظمة والتشريعات العامة، لأنها فرضتها الضرورات الملحة لإقناع من بهرتهم الحياة ولا يؤمن إلّا بالمحسوس، ولا يهمنا تحديد الشكل الذي كانت تتم فيه المعجزة، فإن المعجزات إنما ظهرت لدعم قولهم وصحة الانتساب، فإن ظهور المعجزات والكرامات على أيدي السفراء الذي هو من الممكن الذي ليس بواجب عقلًا ولا ممتنع قياسًا، قد جاءت الأخبار على التظاهر والانتشار بكونه منهم (عليهم السلام)، فقطع عليه من جهة السمع والآثار(٣٠٨)، وإنهم (عليهم السلام) إنما جاءوا بخوارق العادات والمعجزات حيث مصلحة الدين التي تفرض عليهم ذلك(٣٠٩)، وظهور المعجزات على المنصوبين من الخاصة والسفراء المنصّبين من قبل صاحب الأمر (عليه السلام) جائز لا يمنع منه عقل ولا سنة ولا كتاب(٣١٠).
ونذكر ملخصًا عن بعض المعجزات التي ظهرت على يد ابن روح النوبختي من قبل الإمام المهدي (عليه السلام):
أوّلًا– القرامطة والأسرار الغيبية:
روى الطوسي بإسناده عن أبي عبد الله الحسين بن علي بن الحسين بن بابويه (رحمه الله) قال: حدثني جماعة من أهل بلدنا المقيمين كانوا ببغداد في السنة التي خرجت القرامطة على الحاج وهي سنة تناثر الكواكب أن والدي (رض) كتب إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح (قدس الله) يستأذن في الخروج إلى الحج فخرج الجواب عنه (عليه السلام): لا تخرج في هذه السنة، فأعاد وقال: هو نذر واجب، أفيجوز لي القعود عنه؟ فخرج في الجواب: إن كان لابد، فكن في القافلة الأخيرة؛ وكان في القافلة الأخيرة فسلم بنفسه وقتل من تقدمه في القوافل الأخر(٣١١).
ثانيًا– ولادة الصدوق بدعاء المهدي (عليه السلام):
روى الطوسي بإسناده عن أبي جعفر محمد بن علي الأسود (رحمه الله) قال: سألني علي بن الحسين بن موسى بن بابويه (رض) بعد موت محمد بن عثمان العمري أن أسأل أبا القاسم الروحي – قدس الله روحه – أن يسأل مولانا صاحب الزمان (عليه السلام) أن يدعو الله أن يرزقه ولدًا ذكرًا، قال: فسألته فأنهى ذلك، ثم أخبرني بعد ثلاثة أيام أنه قد دعا لعلي بن الحسين (رحمه الله) فإنه سيولد له ولد مبارك ينفع الله به، وبعده أولاد... قال: فولد لعلي بن الحسين (رض) تلك السنة محمد بن علي وبعده أولاد(٣١٢)... إلخ.
ثالثًا– رسالة تكتب بلا مداد!!
روى الطوسي بإسناده عن الصفواني قال: وافى الحسن بن علي بن الوجناء النصيبي سنة ثلاثمائة، ومعه محمد بن الفضل الموصلي وكان رجلًا شيعيًا غير أنه ينكر وكالة أبي القاسم بن روح (رض) ويقول: إن هذه الأموال تخرج في غير حقوقها!!
فقال الحسن بن علي الوجناء لمحمد بن الفضل: يا ذا الرجل؛ اتقِ الله، فإن صحة وكالة أبي القاسم كصحة وكالة أبي جعفر محمد بن عثمان العمري، وقد كانا نزلا ببغداد على الزاهر، وكنا حضرنا للسلام عليهما، وكان حضر هناك شيخ لنا يُقال له: أبو الحسن بن ظفر، وأبو القاسم بن الأزهر، فطال الخطاب بين محمد بن الفضل وبين الحسن بن علي، فقال الحسن بن علي الوجناء: أبيّن لك ذلك بدليل يثبت في نفسك، وكان مع محمد بن الفضل دفتر كبير فيه ورق طلحيّ مجلد بأسود، فيه حساباته، فتناول الدفتر الحسن وقطع منه نصف ورقة كان فيه بياض وقال لمحمد بن الفضل: ابروا لي قلمًا!! فبرى قلمًا، واتفقا على شيء بينهما، لم أقف أنا عليه، واطلع عليه أبا الحسن بن ظفر وتناول الحسن بن علي الوجناء القلم، وجعل يكتب ما اتفقنا عليه في تلك الورقة بذلك القلم المبري بلا مداد!! ولا يؤثر فيه، حتى ملأ الورقة ثم ختمه وأعطاه لشيخ كان مع محمد بن الفضل أسود يخدمه، وأنفذ بهما إلى أبي القاسم الحسين بن روح، ومعنا ابن الوجناء لم يبرح، وحضرت صلاة الظهر فصلينا هناك ورجع الرسول فقال: قال لي: امضِ فإن الجواب يجيء!! وقدمت المائدة، فنحن في الأكل إذ ورد الجواب مكتوب بمداد عن فصل فصل!! فلطم محمد بن الفضل وجهه ولم يتهنأ بطعامه، وقال لابن الوجناء: قم معي، فقام معه حتى دخل على أبي القاسم بن روح وبقي يبكي ويقول: يا سيدي أقلني!! أقالك الله؛ فقال أبو القاسم: يغفر الله لنا ولك إن شاء الله(٣١٣).
أقول:
وهناك معاجز كثيرة للإمام المهدي (عليه السلام) ظهرت على يدي ابن روح النوبختي رواها أهل السير والأخبار؛ ومنها: معجزات ظهرت للقاسم بن العلاء وقد عمّر مائة وسبعة عشر عامًا وصار أعمى لا يبصر فأعاد الله إليه بصره وظهرت له معاجز أخرى من الإمام (عليه السلام)(٣١٤)؛ ومعجزات ظهرت للزراري وحلّ مشكلاته العائلية(٣١٥)؛ وشفاء الأخرس على يديه (عليه السلام)(٣١٦)، وقصة السبائك الذهبية(٣١٧)؛ وظهور معجزته (عليه السلام) لرجل أنكر ولده(٣١٨)؛ وقصة الحقّة التي ألقتها المرأة في ماء الفرات فرأتها في بيتها بعد رجوعها(٣١٩)، وكلام ابن روح النوبختي باللسان الآبيّ لأهل قم(٣٢٠)، وقصة رجل شكى قلبه ونصائح الإمام (عليه السلام) له(٣٢١).

المبحث السادس: وفاة الحسين بن روح النوبختي

ذكرت النصوص التاريخية أن تاريخ وفاة ابن روح النوبختي كان في يوم الأربعاء لاثنتي عشرة ليلة من شعبان سنة ست وعشرين وثلاثمائة(٣٢٢)، وقبره في النوبختية في الدرب الذي كانت فيه دار علي بن أحمد النوبختي النافذ إلى التل وإلى درب الآجر وإلى قنطرة الشوك(٣٢٣) - ويوجد اليوم في الجانب الشرقي من بغداد وهو في آخر زقاق يمرّ في وسط سوق العطارين، يقع في وسط بيت ينبغي الاستيذان والدخول فيه(٣٢٤).
ومع الأسف الشديد لم يتبرع ولحد الآن رجل من أهل الخير لشراء هذا البيت ليُبنى فيه صحن مختصر مع مجموعة من الغُرف والحياض، فإن له منافع خيرية لا تحصى علاوة على تجليل وتعظيم لصاحب هذا القبر الشريف، فإن غالب الزوار في بيع وشراء ومعاملات، وهم يحتاجون إلى مكان للاستراحة فيه بضع ساعات والتطهير والصلاة، ولا يوجد في بغداد محلًّا كهذا لهم في الكاظميين (عليهما السلام)، ولو بُني هذا المقام لصار مقرًّا لآلاف الزوار في كل أسبوع وشهر وسوف يجلب له الإعانات الدينية والدنيوية ويكون حاميًا للنفوس والأعراض. وقد حقق الدكتور مصطفى جواد البغدادي في نشرته مجلة العرفان حول قبر ابن روح النوبختي فقال: إن قبره في الجانب الغربي، وقد درس فيما درس من قبور العظماء والعلماء في ذلك الجانب، واستدل لذلك بقول ابن خلكان في ترجمة الحسن بن محمد المهلبي الوزير: أنه دفن بمقابر قريش في مقبرة النوبختية، فعلم من هذا: أن مقبرة النوبختية كانت في مقابر قريش التي دفن فيها الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) بالجانب الغربي من بغداد(٣٢٥)، فإن أراد الطوسي من النوبختية هي محلة النوبختية لا مقبرتهم فلا يضر، لأن محلّة النوبختية كانت في الجانب الغربي أيضًا، ويدل عليه قول هبة الله الكاتب؛ أن النوبختية في الدرب النافذ إلى درب الآجر(٣٢٦).
قال ياقوت الحموي في كلمة الآجر: إن درب الآجر محلة من محال نهر طابق ببغداد وخربت، وبنهر معلّى درب الآجر بالجعفرية، عامر أهل(٣٢٧)، ونهر طابق كان في الجانب الغربي.
قال ياقوت الحموي: إن نهر طابق محلة كانت ببغداد من الجانب الغربي ونهر معلى كان بالجانب الشرقي(٣٢٨).
وأراد هبة الله بدرب الآجر المحلة التي كانت بالجانب الغربي؛ لذكر قنطرة الشوك التي هي في الجانب الغربي.
قال ياقوت الحموي: نهر عيسى كورة كبيرة في غربي بغداد؛ يأخذ الفرات ثم يتفرع منه أنهار تخرق إلى مدينة السلام وتمر بعدّة قناطر؛ وعد منها قنطرة الشوك ثم يصب في دجلة(٣٢٩)، فعلم من ذلك أن النهر الذي على بعضه قنطرة الشوك يأتي من الفرات ويصب في دجلة؛ فتكون قنطرة الشوك غربي دجلة(٣٣٠).
لقد ترك ابن روح النوبختي من الأولاد الذكور ابنًا اسمه (روح) وقد ذكره العلماء وأثنوا عليه، وكان أحد أعلام الشيعة وثقاتهم والمرضيين عندهم، وكان محدثًا فاضلًا ومتكلمًا مناظرًا، روى عنه الحسين بن علي بن موسى بن بابويه وجماعة من كبار الشيعة(٣٣١)، قال الخوئي: وكان روح ابن أبي روح النوبختي يروي عن أبيه (رض) وغيره من أئمة العلم الكبار في المائة الثالثة(٣٣٢)، وقد روى له الطوسي في كتاب الغيبة: أنه قرأ الحسين بن روح هذا الكتاب من أوله إلى آخره وقال: ما فيه شيء إلّا وقد روي عن الأئمة.. الخبر(٣٣٣).
وطوى ابن روح صفحة مشرقة من حياته بعد تمهيده للسمري في أمر السفارة كما سيأتي؛ وانتقل إلى الرفيق الأعلى ولم يكن عمر الإمام المهدي (عليه السلام) سوى واحد وسبعين عامًا(٣٣٤).

الهوامش:

(١) الدرر الكامنة للطباطبائي: ١٨٢.
(٢) الغيبة للطوسي: ٢٢٦، الأوراق للصولي: ١٤٧.
(٣) الغيبة للطوسي: ٢٢٥ و١٩٥.
(٤) رجال الكشي للطوسي: ٣٤٥، مجمع الرجال للقهبائي: ١/٩٥.
(٥) الاحتجاج للطبرسي: ٢/٤٧٨.
(٦) رجال النجاشي ورجال العلامة.
(٧) الغيبة للطوسي: ٢٢٥.
(٨) وهو محمد بن يوسف قاضي قضاة كان يضرب المثل بعقله وحلمه، توفي عام ٣٢٠ه له ترجمة في تاريخ بغداد ٣/٤٠١ - ٤٠٥.
(٩) سير أعلام النبلاء: ١٥/٢٢٢.
(١٠) تاريخ الإسلام للذهبي: ٢٤/١٩٠.
(١١) تاريخ الإسلام للذهبي: ٢٤/١٩٠.
(١٢) الوافي بالوفيات: ٢/٢٦٦، لسان الميزان: ٢/٢٨٣، معجم رجال المؤلفين: رضا كحالة: ٤/٨، دائرة المعارف الإسلامية المعربة: ١/١٨١.
(١٣) لسان الميزان: ٢/٢٨٣، صلة عريب: ١٤١، تجارب الأمم لابن مسكويه: ٥/١٩٥ حوادث عام ٣١٧ه.
(١٤) مرآة الجنان: ٢/٢٨٥.
(١٥) الكامل في التاريخ: ٨/٢٩٠.
(١٦) عدة رسائل للمفيد: ٣٦١، المناقب: ٤/٤٦٠.
(١٧) الغيبة للطوسي: ٢٣٨، التهذيب للطوسي: ٦/٩٣، جامع الرواة للأردبيلي: ١/٢٤٠.
(١٨) الغيبة للطوسي: ٢٢٧، تاريخ الإسلام للذهبي: ٢٤/١٩٠.
(١٩) الغيبة للطوسي: ٢٢٧.
(٢٠) وسائل الشيعة: ٢٠/١٧٤.
(٢١) تأسيس الشيعة: ٤١٢.
(٢٢) معجم رجال الحديث: ٥/٢٣٦.
(٢٣) قاموس الرجال: ٣/٢٨٤.
(٢٤) تنقيح المقال: ١/٣٢٨؛ وبحار الأنوار للمجلسي: ٥٠/٣١٠.
(٢٥) الغيبة للطوسي: ٢٣٨، الأوراق للصولي: ١٠٤، الوافي بالوفيات للصفدي: ١٢/٣٦٦، سير أعلام النبلاء للذهبي: ٥/٢٢٢، تاريخ الإسلام للذهبي: ٢٤/١٩٠ وغيرهما.
(٢٦) الكنى والألقاب للقمي: ١/٩٥.
(٢٧) تأسيس الشيعة للصدر: ٣٦٢ نقلاً عن أخبار الحكماء للقطفي.
(٢٨) فرج المهموم لابن طاووس: ١٢١.
(٢٩) تأسيس الشيعة للصدر: ٣٦٢.
(٣٠) تاريخ بغداد للبغدادي: ١/٦٧.
(٣١) نهر جويبر هو نهر الحويزة، ذكره ابن الاثير في الكامل: ٥/٥٧٠، وتاريخ الطبري: ٧/٦٤٨.
(٣٢) ابن خرداذبه: ٧.
(٣٣) الأغاني لأبي الفرج: ٣/١٦١.
(٣٤) تجارب الأمم لابن مسكويه: ٥/٢٧١ و٦/١٩٧.
(٣٥) تاريخ اليعقوبي: ١/٣٢١.
(٣٦) كشف الظنون: حاجي خليفة: ٥/٣٥.
(٣٧) فرج المهموم لابن طاووس: ١٢١.
(٣٨) الفهرست لابن النديم: ٣٣٣ وتاريخ الحلاج: «ماسينون» في ترجمة الفضل بن نوبخت.
(٣٩) الفهرست لابن النديم: ٣٣٣ وتاريخ الحلاج: «ماسينون» في ترجمة الفضل بن نوبخت.
(٤٠) روضات الجنات للخونساري: ١/١١١، رجال النجاشي، خلاصة العلامة، تاريخ ابن خلكان؛ الملل والنحل للشهرستاني، لسان الميزان.. قال الذهبي عنه: كان كاتباً بليغاً وشاعراً،... وغيرها.
(٤١) لسان الميزان لابن حجر العسقلاني: ١/٢٥١.
(٤٢) أعيان الشيعة: محسن الأمين ١٢/٢١.
(٤٣) خاندان نوبختي (بالفارسية): عباس إقبال: ٢١٢.
(٤٤) تجارب الأمم: ابن مسكويه: ٥/٣٦٠ حوادث عام ٣٢٥ه.. قال الصولي: مات في هذا الوقت علي بن العباس النوبختي وقد قارب ثمانين عاماً وكان حسن الادب والشعر، وكان الحسين بانه يكتب لابن رائق ويدبر أموره.. الأوراق: ٧٦ و٨٧ و١٠٦...
(٤٥) تجارب الأمم: ابن مسكويه: ٥/٣٦٢.
(٤٦) تجارب الأمم: ابن مسكويه: ٥/٣٦٢.
(٤٧) تجارب الأمم: ابن مسكويه: ٥/٣٦٣.
(٤٨) الغيبة للطوسي: ٢٢٨، وتأسيس الشيعة ٣٧٢.
(٤٩) تاريخ الإسلام للذهبي: ٢٤/١٩٠؛ سير أعلام النبلاء للذهبي: ١٥/٢٢٢، وخاندان نوبختي (بالفارسية): عباس إقبال: ٣١٢.
(٥٠) رجال الكشي للطوسي: ٣٤٥.
(٥١) مجمع الرجال للقهبائي: ١/٩٥.. و(حلوان) مدينة واقعة على طريق كرمانشاهان وبغداد.. أعيان الشيعة للأمين: ٧/٢٦٣.
(٥٢) الغيبة للطوسي: ١٩٥.. و(آية) مدينة قريبة من قم.
(٥٣) خاندان نوبختي (بالفارسية) عباس إقبال: ٢١٢.
(٥٤) الغيبة للطوسي: ٢٢٧.
(٥٥) الغيبة للطوسي: ٢٢٧.
(٥٦) الغيبة للطوسي: ٢٢٥.
(٥٧) الغيبة للطوسي: ٢٣٦، تأسيس الشيعة للصدر: ٤١٢.
(٥٨) الغيبة للطوسي: ٢٣٧، صلة عريب: ١٤١، تجارب الأمم لابن مسكويه: ٥/١٩٥، اللسان لابن حجر: ٢/٢٨٣، مرآة الجنان لليافعي: ٢/٢٨٥، الكامل لابن الاثير: ٨/٢٩٠.
(٥٩) الغيبة للطوسي: ٢٣٧.
(٦٠) تاريخ الإسلام للذهبي: ٢٤/١٩٠.
(٦١) سيرة أعلام النبلاء: ١٥/٢٢٢.
(٦٢) الوافي بالوفيات: ١٢/٣٦٦.
(٦٣) الغيبة للطوسي: ٢٣٧؛ ٢٢٧.
(٦٤) الغيبة للطوسي: ٢٣٧؛ ٢٢٧.
(٦٥) الغيبة للطوسي: ٢٣٨.
(٦٦) الغيبة للطوسي: ٢٣٧.
(٦٧) الغيبة للطوسي: ٢٣٧.
(٦٨) ديوان ابن الرومي: ١٢٢ و١٢٣.
(٦٩) بحار الأنوار للمجلسي: ١٤/٣٥٢ - ٣٥٥.
(٧٠) شرح نهج البلاغة لان أبي الحديد: ١/٢٩٥، ومروج الذهب للمسعودي: ٧/١٥٧، تلبيس إبليس لان الجوزي.
(٧١) معجم الأدباء للحموي: ٢/٢٧٩.
(٧٢) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ٢/٥٩٧.
(٧٣) ابن أبي أصبعة: ١/٣٠٩.
(٧٤) أوائل المقالات للمفيد: ٤١ وغيرها.
(٧٥) أعيان الشيعة للأمين: ١٢/١٢.
(٧٦) الغيبة للطوسي: ١٦٥.
(٧٧) الغيبة للطوسي: ١٦٠.
(٧٨) الغيبة للطوسي: ٢٤٠.
(٧٩) الغيبة للطوسي: ٢٢٥.
(٨٠) الغيبة للطوسي: ٢٢٥.
(٨١) الغيبة للطوسي: ٢٢٦.
(٨٢) الغيبة للطوسي: ٢٢٥.
(٨٣) بحار الأنوار للمجلسي: ٥٠/٣١٠.
(٨٤) الغيبة للطوسي: ٢١٩ و١٤٦ و٢١٥.
(٨٥) الغيبة للطوسي: ٢١٦ و٢٢١.
(٨٦) الغيبة للطوسي: ٢٢٥.
(٨٧) الغيبة للطوسي: ٢٢٥.
(٨٨) الغيبة للطوسي: ٢٢٦.
(٨٩) الغيبة للطوسي: ٢٢٥.
(٩٠) الغيبة للطوسي: ٢٢٥.
(٩١) تاريخ الاسلام للذهبي: ٢٤/١٩٠، وسير أعلام النبلاء للذهبي: ١٥/٢٢٢، والوافي بالوفيات للصفدي: ١٢/٣٦٦.
(٩٢) الغيبة للطوسي: ٢٢٧.
(٩٣) الغيبة للطوسي: ٢٢٧.
(٩٤) الغيبة للطوسي: ٢٢٥.
(٩٥) الغيبة للطوسي: ٢٢٣.
(٩٦) الغيبة للطوسي: ٢٢٤.
(٩٧) الغيبة للطوسي: ٢٢٣.
(٩٨) الغيبة للطوسي: ٢٢٦.
(٩٩) الغيبة للطوسي: ٢٢٦.
(١٠٠) الغيبة للطوسي: ٢٢٧.
(١٠١) الغيبة للطوسي: ٢٢٤.
(١٠٢) الغيبة للطوسي: ٢٢٥.
(١٠٣) تاريخ الإسلام للذهبي: ٢٣/١٩٠، سير أعلام النبلاء للذهبي: ١٥/٣٢٢.
(١٠٤) الغيبة للطوسي: ٢٤٠.
(١٠٥) الغيبة للطوسي: ٢٢٣، الكامل لابن الاثير: ٨/١٠٩، المختصر لأبي الفداء: ١/٦٩.
(١٠٦) الغيبة للطوسي: ٢٢٧ و٢٢٨.
(١٠٧) الغيبة للطوسي: ٢٣٧ و٢٣٨.
(١٠٨) الغيبة للطوسي: ٢٢٣.
(١٠٩) الغيبة للطوسي: ١٨٣، تاريخ الإسلام للذهبي: ٢٤/١٩٠؛ سير أعلام النبلاء للذهبي: ١٥/٢٢٢؛ الوافي بالوفيات للصفدي: ١٢/٣٦٦.
(١١٠) تاريخ الإسلام للذهبي: ٢٤/١٩٠؛ الوافي بالوفيات للصفدي: ١٢/٣٦٦.
(١١١) الغيبة للطوسي: ١٩٩.
(١١٢) الغيبة للطوسي: ٢٥٠.
(١١٣) الغيبة للطوسي: ٢٣٦.
(١١٤) الغيبة للطوسي: ٢٣٦.
(١١٥) الغيبة للطوسي: ٢٣٧.
(١١٦) تاريخ الإسلام للذهبي: ٢٤/١٩٠، سير أعلام النبلاء للذهبي: ١٥/٢٢٢.
(١١٧) الغيبة للطوسي: ٢٣٩.
(١١٨) الغيبة للطوسي: ٢٣٩.
(١١٩) الغيبة للطوسي: ٢٣٨.
(١٢٠) الغيبة للطوسي: ١٩٨، الاحتجاج للطوسي: ٢/٤٧٢.
(١٢١) الفخري: ابن طقطقا: ٢٣٥.
(١٢٢) تجارب الامم، ابن مسكويه: ٥/١٨٩ - ١٩٢.
(١٢٣) تجارب الامم، ابن مسكويه: ٥/٣٥١، الكامل لابن الاثير: ٨/١٧٦، الحضارة الاسلامية: آدم متز: ١/١٧٢.
(١٢٤) قال الشهيد في الذكرى/١٥٥ ما لفظه: (ومن المساجد الشريفة مسجد براثا غربي بغداد وهو باقٍ إلى الآن وفيه فضائل عديدة...)، الحضارة الإسلامية: آدم متز ١/٨٨ نقلاً عن المنتظم: ٢٩.
(١٢٥) الحضارة الاسلامية: آدم متز ١/٨٨ نقلاً عن المنتظم: ٢٩.
(١٢٦) تاريخ الاسلام، حسن ابراهيم حسن: ٣/٢٣.
(١٢٧) مروج الذهب: المسعودي: ٢ و٤ و٥.
(١٢٨) المقدسي: ١٢٦.
(١٢٩) الكامل في التاريخ، ابن الاثير: ٩/١٤٦.
(١٣٠) معجم البلدان للحموي: ٤/٢٥٥.
(١٣١) سورة الإسراء: الآية ٧٩.
(١٣٢) البداية والنهاية، ابن كثير: ١١/١٦٢.
(١٣٣) الحضارة الإسلامية، آدم منز: ١/٨٨.
(١٣٤) تجارب الأمم، ابن مسكويه: ٥/٢٦٠.
(١٣٥) الحضارة الإسلامية: آدم متز: ١/٨٨؛ المختصر لأبي الفداء: ١/٨٣، تجارب الأمم: ابن مسكويه: ٥/٣٢٠.
(١٣٦) الكامل في التاريخ، ابن الاثير: ٦/٢٠٤.
(١٣٧) تاريخ الشعوبية الاسلامية: ٢/٧٥.
(١٣٨) اللسان، ابن حجر: ٢/٣٨٣، معجم المؤلفين، رضا كحالة: ٤/٨.
(١٣٩) تجارب الأمم، ابن مسكويه: ٥/١٩٥؛ وصلة عريب: ١٤١.
(١٤٠) دائرة المعارف الاسلامية المعربة: ١/١٨١.
(١٤١) الغيبة للطوسي: ١٨٧ و٢٥٢.
(١٤٢) الغيبة الصغرة للصدر: ٤٤٥.
(١٤٣) الغيبة للطوسي: ٢٢٧.
(١٤٤) الوافي بالوفيات للصفدي: ١٢/٣٦٦.
(١٤٥) أعيان الشيعة للأمين: ١٢/٢٢.
(١٤٦) تجارب الأمم، ابن مسكويه: ٥/٣٦٠.
(١٤٧) خاندان نوبختي (فارسي) إقبال اشتياقي: ١١٢.
(١٤٨) تأسيس الشيعة: ٣٧١.
(١٤٩) تأسيس الشيعة: ٣٧١.
(١٥٠) تأسيس الشيعة: ٣٧١.
(١٥١) الغيبة للطوسي: ٢٣٦، تاريخ الاسلام للذهبي: ٢٤/١٩٠، سير اعلام النبلاء للذهبي: ١٥/٢٢٢.
(١٥٢) دائرة المعارف الاسلامية المعربة: ١/١٨١.
(١٥٣) اللسان، ابن حجر: ٢/٢٨٣، الوافي بالوفيات للصفدي: ١٢/٣٦٦.
(١٥٤) تجارب الأمم، ابن مسكويه: ٥/١٩٥.
(١٥٥) تجارب الأمم لابن مسكويه: ٥/٦٩٥، صلة عريب: ١٤١، الغيبة للطوسي: ١٨٧ و٢٥٢.
(١٥٦) اللسان لان حجر: ٢/١٨٣.
(١٥٧) تجارب الأمم: ٥/١٩٥.
(١٥٨) الغيبة للطوسي: ٢٥٢.
(١٥٩) الغيبة للطوسي: ١٨٣ و٢٥٢.
(١٦٠) تجارب الأمم، ابن مسكويه: ٥/١٩٥.
(١٦١) تاريخ الاسلام للذهبي: ٢٤/١٩٠، سير اعلام النبلاء للذهبي: ١٥/٢٢٢، الوافي بالوفيات للصفدي: ١٢/٣٦٦.
(١٦٢) المصدر السابق.
(١٦٣) الكامل في التاريخ، ابن الاثير: ٦/٢٠٢.
(١٦٤) تاريخ الطبري: ١١/١٢٢ في حوادث عام ٣١٧ه.
(١٦٥) تجارب الأمم، ابن مسكويه: ٥/١٩٥، تاريخ الإسلام للذهبي: ٢٤/١٩٠، سير أعلام النبلاء: ١٥/٢٢٢، الوافي بالوفيات للصفدي: ١٢/٣٦٦.
(١٦٦) تاريخ الإسلام للذهبي: ٢٤/١٩٠، الوافي بالوفيات للصفدي: ١٢/٣٦٦.
(١٦٧) تاريخ الإسلام للذهبي: ٢٤/١٩٠.
(١٦٨) الإرشاد للمفيد: ٣٣٢.
(١٦٩) تاريخ الطبري: ١١/٣١٧.
(١٧٠) الغيبة للطوسي: ٢٢٧.
(١٧١) الكامل في التاريخ، ابن الاثير: ٦/٢٤١.
(١٧٢) سير أعلام النبلاء للذهبي: ١٥/٢٢٢.
(١٧٣) الوافي بالوفيات للصفدي: ١٢/٣٦٦.
(١٧٤) سير أعلام النبلاء للذهبي: ١٥/٢٢٢.
(١٧٥) تاريخ الإسلام للذهبي: ٢٤/١٩٠.
(١٧٦) سير أعلام النبلاء للذهبي: ١٥/٢٢٢.
(١٧٧) تاريخ الإسلام للذهبي: ٢٤/١٩٠.
(١٧٨) تاريخ الإسلام للذهبي: ٢٤/١٩٠.
(١٧٩) سير أعلام النبلاء للذهبي: ١٥/٢٢٢.
(١٨٠) تاريخ الإسلام للذهبي: ٢٤/١٩٠.
(١٨١) تاريخ الإسلام للذهبي: ٢٤/١٩٠.
(١٨٢) الأوراق للصولي: ١٢٢.
(١٨٣) تجارب الأمم لابن مسكويه: ٥/٣٦٣.
(١٨٤) الأوراق: ١٢٢.
(١٨٥) الأوراق للصولي: ١٤٧، خاندان نوبختي (بالفارسي): ٢٢٠.
(١٨٦) الغيبة للطوسي: ٢٤٤.
(١٨٧) روضات الجنات للأصبهاني: ٣/١٤٤.
(١٨٨) أوائل المقالات للمفيد: ٢٤٠.
(١٨٩) سفينة البحار، القمي: ١/٢٩٦.
(١٩٠) الغيبة للطوسي: ٢٤٦.
(١٩١) روضات الجنات للأصبهاني: ٣/١٤٤.
(١٩٢) الفهرست: ابن النديم: ٢٤١.
(١٩٣) ميزان الاعتدال للذهبي: ١/٥٤٨.
(١٩٤) البداية والنهاية لابن كثير: ١١/١٣٩ نقلاً عن الصولي.
(١٩٥) دائرة المعارف الإسلامية المعربة: ٨/١٩.
(١٩٦) الفهرست: ابن النديم: ١٩١.
(١٩٧) تاريخ بغداد للبغدادي: ٨/١٢٤.
(١٩٨) مجالس المؤمنين للشوشتري: ٢٧١.
(١٩٩) الغيبة للطوسي: ٢٤٦؛ وفي تاريخ البغدادي ٨/١٢٤، بعد ذكره ما أراده أبو سهل إسماعيل بن علي من وصل شعره ورد لحيته سوداء قال: «آمنت بما يدعوني إليه كائناً ما كان إن شاء قلت أنه باب الإمام ووكيله وإن شئت قلت: الإمام... إلخ».
(٢٠٠) الغيبة للطوسي: ٢٤٧ و٢٤٨.
(٢٠١) دائرة المعارف الإسلامية المعربة: ١٤/٧٧.
(٢٠٢) الغيبة للطوسي: ٢٤٤.
(٢٠٣) الاحتجاج للطبرسي: ٣/٤٧٩.
(٢٠٤) مجالس المؤمنين للشوشتري: ٢٧١.
(٢٠٥) تلبيس إبليس لابن الجوزي: ٢٧١، تاريخ بغداد للبغدادي: ٨/١٢٧ و١٣٥.
(٢٠٦) تاريخ الخلفاء للسيوطي: ٣٨٠.
(٢٠٧) الحضارة الإسلامية: آدم متز ٢/٤٣.
(٢٠٨) تاريخ بغداد للبغدادي: ٨/١٢٧.
(٢٠٩) الحضارة الإسلامية: آدم متز ٢/٤٣.
(٢١٠) تاريخ بغداد للبغدادي: ٨/١٣٥.
(٢١١) تاريخ بغداد للبغدادي: ٨/١٣٥.
(٢١٢) كشف المحجوب - نيكلسون: ٢٦٠؛ الحضارة الإسلامية - آدم متز: ٢/٤٣.
(٢١٣) رسالة الغفران للجمعية الآسيوية Jras, ١٩٠٢ - ٩ S.٨٣٣.
(٢١٤) الكامل في التاريخ - ابن الأثير: ٨/٢٩٠.
(٢١٥) التنبيه للمسعودي: ٣٩٦ - ٣٩٧.
(٢١٦) رجال النجاسي: ٢٩٣.
(٢١٧) خاندان نوبختي (بالفارسي) عباس إقبال: ٢٢٢.
(٢١٨) الغيبة للطوسي: ١٨٣.
(٢١٩) الغيبة للطوسي: ١٨٤.
(٢٢٠) الفهرست للطوسي: ١٧٣، رجال النجاشي: ٢٩٣، الغيبة للطوسي: ١٨٣.
(٢٢١) رجال النجاشي: ٢٩٣.
(٢٢٢) الفهرست للطوسي: ٥١٢.
(٢٢٣) رجال الطوسي: ٥١٢.
(٢٢٤) الكامل في التاريخ - ابن الأثير: ٨/٢٩٢.
(٢٢٥) الغيبة للطوسي: ٢٥٠.
(٢٢٦) معجم الأدباء للحموي: ١/٢٣٨٧؛ تجارب الأمم - ابن مسكويه: ٨/١٢٣؛ الغيبة للطوسي: ٢٤٩.
(٢٢٧) معجم الأدباء للحموي: ١/٢٣٦.
(٢٢٨) معجم الأدباء للحموي: ١/٢٣٨؛ الغيبة للطوسي: ٢٥٠ و٢٥١؛ الكامل لابن الأثير: ٨/٢٩٢.
(٢٢٩) الفهرست: ٤٢٥، رجال النجاشي: ٢٩٣؛ الغيبة للطوسي: ٢٤٠ - ٢٤١.
(٢٣٠) الغيبة للطوسي: ٢٥١ - ٢٥٢.
(٢٣١) الخلاصة للعلامة: ٢٥٤؛ رجال الأسترآبادي: ٢٠٧.
(٢٣٢) الغيبة للطوسي: ٢٥٢.
(٢٣٣) الغيبة للطوسي: ٢٣٩.
(٢٣٤) الغيبة للطوسي: ٢٤٠.
(٢٣٥) وهو محمد الإسكافي من كبار شيوخ الإمامية، وأجداده من الزرادشتية الفرس، له كتاب في تاريخ الأئمة يسمى الأنوار، وُلِد سنة ٢٥٨هـ وتوفي سنة ٣٢٦هـ، وكان أول من أسلم من أهله وهداه الله إلى الحق.. رجال النجاشي: ٢٩٥.
(٢٣٦) الغيبة للطوسي: ٢٠٨ و٢٠٩.
(٢٣٧) الغيبة للطوسي: ٢٠٨ و٢٠٩؛ رجال النجاشي: ٢٩٣.
(٢٣٨) الغيبة للطوسي: ٢٤٠ - ٢٤١.
(٢٣٩) بنو فضال هم ثلاثة أولاد لأبي الحسن بن فضال الكوفي المتوفى عام ٢٢٤هـ، وأولاده الثلاثة هم من الفقهاء الفطحيين وهم أحمد المتوفى عام ٢٦٠هـ، ومحمد، وعلي البالغة كتبه الثلاثون كتاباً وله كتاب في تأييد مذهبه.. رجال الكشي للطوسي: ٣١٩؛ ورجال النجاشي وغيرهما.
(٢٤٠) الغيبة للطوسي: ٢٣٩.
(٢٤١) الغيبة للطوسي: ٢٤٨.
(٢٤٢) الغيبة للطوسي: ٢٤٨.
(٢٤٣) الكامل في التاريخ: ٦/١٧٣.
(٢٤٤) الكامل في التاريخ: ٦/١٧٧.
(٢٤٥) مروج الذهب للمسعودي: ٤/٢١٤.
(٢٤٦) الكامل في التاريخ: ٦/١٧٤.
(٢٤٧) الكامل في التاريخ: ٦/١٧٤.
(٢٤٨) الكامل في التاريخ: ٨/٢٩٠.
(٢٤٩) الغيبة للطوسي: ٢٥٠.
(٢٥٠) الغيبة للطوسي: ١٨٣.
(٢٥١) الغيبة للطوسي: ١٨٧.
(٢٥٢) مهج الدعوات - ابن طاووس: ٤٥؛ وخاندان نوبختي (فارسي) - إقبال: ٢٢٢.
(٢٥٣) الغيبة للطوسي: ١٨٣.
(٢٥٤) الغيبة للطوسي: ١٨٣.
(٢٥٥) الغيبة للطوسي: ١٨٣.
(٢٥٦) الغيبة للطوسي: ٢٤٩.
(٢٥٧) الغيبة للطوسي: ٢٤٩.
(٢٥٨) معجم الأدباء للحموي: ١/٢٣٨ - ترجمة ابن أبي عون.
(٢٥٩) الغيبة للطوسي: ٢٤٨.
(٢٦٠) تأسيس الشيعة للصدر: ٣٦٨.
(٢٦١) الغيبة للطوسي: ٢٥٠.
(٢٦٢) الغيبة للطوسي: ٢٥٢ - ٢٥٣.
(٢٦٣) الغيبة للطوسي: ٢٥٣.
(٢٦٤) الاحتجاج - للطبرسي: ٣/٤٧٤ - ٤٧٥؛ الغيبة للطوسي: ٢٥٣.
(٢٦٥) الغيبة للطوسي: ٢٥٠.
(٢٦٦) الغيبة للطوسي: ٢٤٠.
(٢٦٧) الغيبة للطوسي: ٢٤١.
(٢٦٨) الغيبة للطوسي: ٢٢٨.
(٢٦٩) الغيبة للطوسي: ٢٢٨.
(٢٧٠) الكامل في التاريخ: ١/٢٩٠؛ الفَرق بين الفِرق للبغدادي: ٢٦٤؛ تاريخ الإسلام للذهبي.
(٢٧١) الكامل في التاريخ: ٨/٢٩٠.
(٢٧٢) معجم البلدان للحموي: ١/٢٣٥؛ تجارب الأمم - ابن مسكويه: ٥/١٢٣؛ حوادث عام ٣١٢هـ
(٢٧٣) تجارب الأمم - ابن مسكويه: ٥/١٢٣.
(٢٧٤) قرب جزيرة ابن عمر من نواحي الموصل بالعراق.. رجال النجاشي.
(٢٧٥) الفَرق بين الفِرق للبغدادي: ٢٦٤؛ العبر للذهبي: ٣/١٩٠.
(٢٧٦) الكامل في التاريخ: ٨/٢٩٠ وقائع عام ٣٢٢هـ.
(٢٧٧) الغيبة للطوسي: ١٨٦ - ١٨٧.
(٢٧٨) الغيبة للطوسي: ٢٥٠.
(٢٧٩) معجم الأدباء للحموي: ١/٢٤٨.
(٢٨٠) الكامل في التاريخ: ٨/٢٩١؛ الفَرق بين الفِرق للبغدادي: ٢٦٤؛ العبر للذهبي: ٣/١٩٠.
(٢٨١) معجم الأدباء للحموي: ١/٢٥١.
(٢٨٢) الفَرق بين الفِرق: ٢٦٤؛ العبر للذهبي: ٢/١٩٠.
(٢٨٣) معجم الأدباء: ١/٢٥٢.
(٢٨٤) الغيبة للطوسي: ٢٥٠.
(٢٨٥) الغيبة للطوسي: ٢٤٠؛ الرقعية للطهراني: ٣/٢١٠؛ معجم المؤلفين - رضا كحالة: ٤/٨.
(٢٨٦) الغيبة للطوسي: ٢٤٠.
(٢٨٧) الغيبة للطوسي: ٢٤٠.
(٢٨٨) الغيبة للطوسي: ٢٣٩.
(٢٨٩) الغيبة للطوسي: ٢٣٩.
(٢٩٠) كمال الدين الصدوق: ٢/١٩٨؛ البحار: ٣٥/٧٩؛ معاني الأخبار للصدوق: ٢٨٦.
(٢٩١) الغيبة للطوسي: ٢٤٠.
(٢٩٢) التهذيب للطوسي: ٦/٩٣؛ جامع الرواة للأردبيلي: ١/٢٤٠.
(٢٩٣) قاموس الرجال للتستري: ٣/٢٨٤.
(٢٩٤) معجم رجال الحديث للخوئي: ٥/٢٣٦.
(٢٩٥) مصباح المتهجد للطوسي: ٧٤٣؛ الإقبال: ٦٤٧.
(٢٩٦) مصباح المتهجد للطوسي: ٧٥٥.
(٢٩٧) مصباح المتهجد للطوسي: ٧٥٢؛ الإقبال لابن طاووس: ٦٧٥ - ٦٧٦.
(٢٩٨) مفاتيح الجنان للقمي: ١٦٤.
(٢٩٩) الصافات: ١٣٠؛ الاحتجاج للطبرسي: ٢/٤٩٢.
(٣٠٠) مستدرك الوسائل للنوري: ١٠/٣٥١.
(٣٠١) الغيبة للطوسي: ٢٣٠؛ الاحتجاج للطبرسي: ٣/٤٨١.
(٣٠٢) الغيبة للطوسي: ٢٣٢؛ الاحتجاج للطبرسي: ٢/٤٨٣.
(٣٠٣) الغيبة للطوسي: ٢٣٢؛ الاحتجاج للطبرسي: ٢/٤٨٣.
(٣٠٤) الاحتجاج للطبرسي: ٣/٤٨٥.
(٣٠٥) الاحتجاج للطبرسي: ٢/٤٨٧.
(٣٠٦) الغيبة للطوسي: ٢٢٨ - ٢٢٩.
(٣٠٧) الغيبة للطوسي: ٢٢٨ - ٢٢٩.
(٣٠٨) أوائل المقالات للمفيد: ٨٠.
(٣٠٩) التصوف والتشيع - هاشم معروف الحسيني: ١٤٦.
(٣١٠) أوائل المقالات للمفيد: ٨٠.
(٣١١) الغيبة للطوسي: ١٩٦؛ بحار الأنوار للمجلسي: ٥١/٢٩٣.
(٣١٢) الغيبة للطوسي: ١٨٨ و١٩٥.
(٣١٣) الغيبة للطوسي: ١٩٢.
(٣١٤) الغيبة للطوسي: ١٨٨ وما بعدها.
(٣١٥) الغيبة للطوسي: ١٨٤ - ١٨٥؛ مدينة المعاجز للبحراني: ٦١٤، نقلًا عن الراوندي.
(٣١٦) الغيبة للطوسي: ١٨٨.
(٣١٧) كمال الدين للصدوق: ٢/١٩٦؛ بحار الأنوار للمجلسي: ٥١/٣٤٢؛ وروى الصدوق قصة مشابهة لها أيضًا في كمال الدين ٢/١٩٣؛ البحار: ٥١/٣٤٠.
(٣١٨) الغيبة للطوسي: ١٨٧.
(٣١٩) كمال الدين للصدوق: ٢/١٩٦؛ بحار الأنوار للمجلسي: ٥١/٣٤٢.
(٣٢٠) الغيبة للطوسي: ١٩٥.
(٣٢١) الغيبة للطوسي: ١٩٦.
(٣٢٢) الغيبة للطوسي: ٢٣٨؛ الوافي بالوفيات للصفدي: ١٢/٣٦٦؛ تاريخ الإسلام للذهبي: ٢٤/١٩٠؛ سير أعلام النبلاء للذهبي: ١٥/٢٢٢.
(٣٢٣) الغيبة للطوسي: ٢٣٨.
(٣٢٤) تتمة المنتهى للقمي: ٣/٤٠٣.
(٣٢٥) الغيبة للطوسي: ٢٣٨؛ مجلة العرفان: ٤/٣٧٩؛ أعيان الشيعة للأمين: ٦/٢١.
(٣٢٦) مراصد الاطلاع للحموي باب (آجر).
(٣٢٧) مراصد الاطلاع للحموي باب (آجر).
(٣٢٨) مراصد الاطلاع للحموي باب (آجر).
(٣٢٩) مراصد الاطلاع للحموي: ٥/٤٠٣.
(٣٣٠) تاريخ بغداد للبغدادي: ١/٩١؛ مناقب بغداد لابن الجوزي: ١٨؛ مراصد الاطلاع للحموي: ٥/٤٠٣.
(٣٣١) تأسيس الشيعة للصدر: ٢٧٣.
(٣٣٢) معجم رجال الحديث للخوئي: ٧/٣٠٥؛ وتأسيس الشيعة للصدر: ٢٧٣.
(٣٣٣) الغيبة للطوسي: ٢٦٧.
(٣٣٤) الغيبة الصغرى للصدر: ٥٤٧.

التقييم التقييم:
  ٠ / ٠.٠
 التعليقات
لا توجد تعليقات.

الإسم: *
الدولة:
البريد الإلكتروني:
النص: *

 

Specialized Studies Foundation of Imam Al-Mahdi (A-S) © 2016