عن الإمام أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) أنّه قال:
«إِنَّ صَالحاً (عليه السلام) غَابَ عَنْ قَوْمِهِ زَماناً، وَكَانَ يَوْمَ غَابَ عَنْهُمْ كَهْلاً، مُبَدَّحَ البَطْنِ، حَسَنَ الجِسْمِ، وَافِرَ اللِّحْيَةِ، خَمِيصَ البَطْنِ، خَفِيفَ العَارِضَيْنِ مُجْتَمِعاً، رَبْعَةً مِنَ الرِّجَالِ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلى قَوْمِهِ لَمْ يَعْرِفُوهُ بِصُورَتِهِ، فَرَجَعَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ عَلَى ثَلاثِ طَبَقَاتٍ: طَبَقَةٌ جَاحِدَةٌ لا تَرْجِعُ أَبَداً، وَأُخْرَى شَاكَّةٌ فِيهِ، وَأُخْرَى عَلَى يَقِينٍ، فَبَدَأ (عليه السلام) حَيْثُ رَجَعَ بِالطَّبَقَةِ الشَّاكَّةِ فَقَالَ لَهُمْ: أَنَا صَالِحٌ، فَكَذَّبُوهُ وَشَتَمُوهُ وَزَجَرُوهُ وَقَالُوا: بَرِئَ اللهُ مِنْكَ إِنَّ صَالِحاً كَانَ فِي غَيْرِ صُورَتِكَ، قال: فَأَتَي الجُحَّادَ فَلَمْ يَسْمَعُوا مِنْهُ القَوْلَ وَنَفَرُوا مِنْهُ أَشَدَّ النُّفُورِ، ثُمَّ انْطَلَقَ إِلى الطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ وَهُمْ أَهْلُ اليَقِينِ فَقَالَ لَهُمْ: أَنَا صَالِحٌ، فَقالُوا: أَخْبِرْنا خَبَراً لا نَشُكُّ فِيكَ مَعَهُ أَنَّكَ صَالِحٌ، فَإِنَّا لا نَمْتَرِي أَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الخَالِقَ يَنْقُلُ وَيُحَوِّلُ فِي أَيّ صُورَةٍ شَاءَ، وَقَدْ أَخْبِرْنَا وَتَدَارَسْنَا فِيمَا بَيْنَنَا بِعَلامَاتِ القَائِمِ إِذَا جَاءَ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ عِنْدَنَا إِذَا أَتَى الخَبَرُ مِنَ السَّمَاءِ، فَقَالَ لَهُمْ صَالِحٌ: أَنَا صَالِحٌ الَّذِي أَتَيْتُكُمْ بِالنَّاقَةِ، فَقَالُوا: صَدَقْتَ وَهِيَ الَّتِي نَتَدارَسُ فَمَا عَلامَتُها؟ فَقَالَ: لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ، قَالُوا: آمَنَّا بِالله وَبِمَا جِئْتَنا بِهِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعالَى ﴿إنَّ صَالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ﴾ فَقَالَ أَهْلُ اليَقِينِ: ﴿إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ﴾. قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا وَهُم الشُكَّاكُ وَالجُحَّادُ: ﴿إِنّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ﴾ قُلْتُ: هَلْ كَانَ فِيهِمْ ذَلِكَ اليَوْمُ عَالِمٌ بِهِ؟ قَال: اللهُ أعْدَلُ مِن أَنْ يَتْركَ الأَرْضَ بِلا عَالِمٍ يَدُلُّ عَلَى اللهِ (عزَّ وجلَّ)، وَلَقَدْ مَكَثَ القَوْمُ بَعْدَ خُرُوجِ صَالِحٍ سَبْعَة أَيَّاٍم عَلَى فَتْرَةٍ لا يَعْرِفُونَ إِماماً، غَيْرَ أَنَّهُمْ عَلَى مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ دِينِ اللهِ (عزَّ وجلَّ)، كَلِمَتُهُمْ وَاحِدَةٌ، فَلَمَّا ظَهَرَ صَالِحٌ (عليه السلام) اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ. وَإِنَّما مَثَلُ القَائِم (عليه السلام) مَثَلُ صَالِحٍ».
مصادر الحديث:
* كمال الدين: ج١ ص١٣٦ - ١٣٧ ب٣ ح٦ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار وسعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري قالوا: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن أسباط، عن سيف بن عميرة، عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
* قصص الأنبياء: ص٩٨ ف٤ ح٩١ – قال: (وبإسناده (الصدوق) عن الصفار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن أسباط، عن سيف بن عميرة، عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن صالحاً (عليه السلام) غَابَ عَن قَوْمِه زماناً، وَكانَ يَوم غاب كهلاً حسن الجسم، وافر اللحية، ربعة من الرجال، فلما رجع إلى قومه لم يعرفوه، وكانوا على ثلاث طبقات: طبقة جاحدة ولا ترجع أبدا، وأخرى شاكة، وأخرى على يقين، فبدأ حين رجع بالطبقة الشاكة فقال لهم: أنا صالح فكذبوه وشتموه وزجروه، وقالوا: إن صالحا كان على غير صورتك وشكلك، ثم أتى إلى الجاحدة فلم يسمعوا منه ونفروا منه أشد النفور. ثم انطلق إلى الطبقة الثالثة وهم أهل اليقين فقال لهم: أنا صالح، فقالوا أخبرنا خبرا لا نشك فيه أنك صالح، إنا نعلم أن الله تعالى الخالق يحول في أي صورة شاء، وقد أخبرنا وتدارسنا بعلامات صالح (عليه السلام) إذا جاء، فقال: أنا الذي أتيتكم بالناقة، فقالوا: صدقت وهي التي نتدارس فما علامتها؟ قال: لها شرب يوم ولكم شرب يوم معلوم، فقالوا: آمنا بالله وبما جئتنا به، قال عند ذلك الذين استكبروا وهم الشكاك والجحاد: وإنا بالذي آمنتم به كافرون.
قال زيد الشحام: قلت: يا بن رسول الله هل كان ذلك اليوم عالم؟ قال: الله أعلم من أن يترك الارض بلا عالم، فلما ظهر صالح (عليه السلام) اجتمعوا عليه، وإنما مثل علي والقائم صلوات الله عليهما في هذه الامة مثل صالح (عليه السلام)).
* البرهان: ج٢ ص٢٤ ح١ - كما في كمال الدين بتفاوت يسير، عن ابن بابويه.
* البحار: ج١١ ص٣٨٦ - ٣٨٧ ب٦ ح١٢ - عن قصص الأنبياء.
وفي: ج٥١ ص٢١٥ - ٢١٦ ب١٣ ح١ - عن كمال الدين.
ملاحظة:
(ذكرنا متن قصص الأنبياء بكامله مع أنه نقله عن الصدوق لان فيه تفاوتا واضحا، ولعله من نسخة قصص الأنبياء، لان كتاب كمال الدين للصدوق أكثر تداولا وضبطا على مر القرون، والله العالم).