عن الإمام أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) أنّه قال:
«أَمَا لَوْ كَمُلَتِ العِدَّةُ المَوْصُوفَةُ ثَلاثُمَائَةِ وَبِضْعَةَ عَشَرَ كَانَ الَّذِي تُرِيدُونَ، وَلكِنَّ شِيعَتَنَا مَن لا يَعْدُو صَوْتُهُ سَمْعَهُ وَلا شَحْنَاؤُهُ بَدَنَهُ، وَلا يَمْدَحُ بِنا مُعْلِناً، وَلا يُخَاصِمُ بِنَا قَالِياً، وَلا يُجَالِسُ لَنا عَايِباً، وَلا يُحَدِّثُ لَنا ثَالِباً، وَلا يُحِبُّ لَنَا مُبْغِضاً، وَلا يُبْغِضُ لَنا مُحِبّاً».
فَقُلْتُ: فَكَيْفَ أَصْنَعُ بِهذِهِ الشّيعَةِ المُخْتَلِفَةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ إِنَّهُمْ يَتَشَيَّعُونَ؟ فَقال:
«فِيهِمُ التَّمْيِيزُ، وَفِيهِمُ التَّمْحِيصُ، وَفِيهِمُ التَّبْدِيلُ، يَأْتِي عَلَيْهِمْ سِنُونَ تُفْنِيهِمْ، وَسَيْفٌ يَقْتُلُهُمْ، وَاخْتِلافٌ يُبَدِّدُهُمْ، إِنَّما شِيعَتُنا مَنْ لا يَهِرُّ هَرِيرَ الكَلْبِ، وَلا يَطْمَعُ طَمَعَ الغُرَابِ، وَلا يَسْألُ النَّاسَ بِكَفِّهِ وَإِنْ مَاتَ جُوعاً».
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَأَيْنَ أَطْلُبُ هَؤُلاءِ المَوْصُوفِينَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ؟ فَقَال:
«أَطْلُبْهُمْ فِي أَطْرَافِ الأَرْضِ، أُولَئِكَ الخَفِيضُ عَيْشُهُمْ، المُنْتَقِلَةُ دَارُهُمُ، الَّذِينَ إِنْ شَهِدُوا لَمْ يُعْرَفُوا، وَإِنْ غَابُوا لَمْ يُفْتَقَدُوا، وَإِنْ مَرِضُوا لَمْ يُعَادُوا، وَإِنْ خَطَبُوا لَمْ يُزَوِّجُوا، وَإِنْ مَاتُوا لَمْ يُشْهَدُوا، أُولَئِكَ الَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ يَتَوَاسَوْنَ، وَفِي قُبُورِهِمْ يَتَزَاوَرُونَ، وَلا تَخْتَلِفُ أَهْوَاؤُهُمْ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ بِهِم البُلْدَانَ».
مصادر الحديث:
* غيبة النعماني: ص٢١٠-٢١١ ب١٢ ح٤ - حدثنا أبو سليمان أحمد بن هوذة الباهلي قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق النهاوندي سنة ثلاث وسبعين ومائتين قال: حدثنا عبد الله بن حماد الأنصاري سنة تسع وعشرين ومائتين، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام): أنه دخل عليه بعض أصحابه فقال له: جعلت فداك إني والله أحبك وأحب من يحبك، يا سيدي ما أكثر شيعتكم، فقال له: أذكرهم، فقال: كثير، فقال: تحصيهم؟ فقال: هم أكثر من ذلك، فقال أبو عبد الله (عليه السلام):
وفي: ص٢١١ ب١٢ ح٥ - حدثنا محمد بن همام قال: حدثنا حميد بن زياد الكوفي قال: حدثنا الحسن بن محمد بن سماعة قال: حدثنا أحمد بن الحسن الميثمي، عن علي بن منصور، عن إبراهيم بن مهزم الأسدي، عن أبيه مهزم، عن أبي عبد الله (عليه السلام):
مثله، وزاد فيه: «وإن رأوا مؤمنا أكرموه، وإن رأوا منافقا هجروه، وعند الموت لا يجزعون، وفي قبورهم يتزاورون... ثم تمام الحديث».
* البحار: ج٦٨ ص١٦٤ ب١٩ ح١٦ - عن غيبة النعماني.