الإجابة: بسم الله الرحمن الرحيم
الذي يظهر من الروايات الشريفة أن الابتلاء والمحنة في عصر الغيبة أشد منه في عصر الظهور، ولأجل ذلك ورد أن ثواب المنتظرين والمرابطين في زمن غيبة الإمام (عجّل الله فرجه) أعظم بمراتب كثيرة، فقد روى عمار الساباطي، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أيهما أفضل: العبادة في السر مع الإمام منكم المستتر في دولة الباطل، أو العبادة في ظهور الحق ودولته مع الإمام منكم الظاهر؟ فقال: يا عمار الصدقة في السر، والله أفضل من الصدقة في العلانية، وكذلك والله عبادتكم في السر مع إمامكم المستتر في دولة الباطل، وتخوفكم من عدوكم في دولة الباطل وحال الهدنة أفضل ممن يعبد الله (عزَّ وجلَّ ذكره) في ظهور الحق مع إمام الحق الظاهر في دولة الحق، وليست العبادة مع الخوف في دولة الباطل مثل العبادة والأمن في دولة الحق، واعلموا أن من صلّى منكم اليوم صلاة فريضة في جماعة مستتراً بها من عدوه في وقتها فأتمها كتب الله له خمسين صلاة فريضة في جماعة، ومن صلّى منكم صلاة فريضة واحدة مستتراً بها من عدوه في وقتها فأتمها كتب الله (عزَّ وجلَّ) بها له خمساً وعشرين صلاة فريضة وحدانية، ومن صلّى منكم صلاة نافلة لوقتها فأتمها كتب الله له بها عشر صلوات نوافل، ومن عمل منكم حسنة كتب الله (عزَّ وجلَّ) له بها عشرين حسنة، ويضاعف الله (عزَّ وجلَّ) حسنات المؤمن منكم إذا أحسن أعماله، ودان بالتقية على دينه وإمامه ونفسه وأمسك من لسانه، أضعافاً مضاعفة، إن الله (عزَّ وجلَّ) كريم.
قلت: جعلت فداك، قد والله رغَّبتني في العمل وحثثتني عليه، ولكن أحب أن أعلم كيف صرنا نحن اليوم أفضل أعمالاً من أصحاب الإمام الظاهر منكم في دولة الحق ونحن على دين واحد؟ فقال: إنكم سبقتموهم إلى الدخول في دين الله (عزَّ وجلَّ) إلى الصلاة والصوم والحج وإلى كل خيرٍ وفِقْهٍ، وإلى عبادة الله (عز ذكره) سراً من عدوكم مع إمامكم المستتر، مطيعين له صابرين معه منتظرين لدولة الحق، خائفين على إمامكم وأنفسكم من الملوك الظلمة، تنظرون إلى حق إمامكم وحقوقكم في أيدي الظلمة، قد منعوكم ذلك واضطروكم إلى حرث الدنيا وطلب المعاش، مع الصبر على دينكم وعبادتكم وطاعة إمامكم والخوف مع عدوكم، فبذلك ضاعف الله (عزَّ وجلَّ) لكم الأعمال فهنيئاً لكم.
قلت: جعلت فداك، فما ترى إذاً أن نكون من أصحاب القائم ويظهر الحق ونحن اليوم في إمامتك وطاعتك أفضل أعمالاً من أصحاب دولة الحق والعدل؟ فقال: سبحان الله، أما تحبون أن يظهر الله تبارك وتعالى الحق والعدل في البلاد، ويجمع الله الكلمة ويؤلف الله بين قلوب مختلفة، ولا يعصون الله (عزَّ وجلَّ) في أرضه، وتقام حدوده في خلقه، ويرد الله الحق إلى أهله فيظهر حتى لا يستخفي بشيء من الحق مخافة أحد من الخلق؟! أما والله يا عمار لا يموت منكم ميت على الحال التي أنتم عليها إلّا كان أفضل عند الله من كثير من شهداء بدر وأُحُد، فأبشروا. [الكافي للشيخ الكليني: ج١، ص٣٣٣]
وكذلك روي في الاختصاص للمفيد عن أمية بن علي، عن رجل، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أيما أفضل نحن أو أصحاب القائم (عليه السلام)؟ قال: فقال لي: أنتم أفضل من أصحاب القائم وذلك أنكم تمسون وتصبحون خائفين على إمامكم وعلى أنفسكم من أئمة الجور، إن صليتم فصلاتكم في تقية، وإن صمتم فصيامكم في تقية، وإن حججتم فحجكم في تقية، وإن شهدتم لم تقبل شهادتكم، وعد أشياء من نحو هذا مثل هذه. فقلت: فما نتمنى القائم (عليه السلام) إذا كان على هذا؟ قال: فقال لي: سبحان الله، أما تحب أن يظهر العدل وتأمن السبل وينصف المظلوم. [الاختصاص للشيخ المفيد: ص٢٠]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)