الإجابة: بسم الله الرحمن الرحيم
عقيدة المنقذ والمخلص في آخر الزمان هي مشترك عند جميع الديانات السماوية، كما أن العقيدة المهدوية مشترك إسلامي بين مذاهبه على الاختلاف الواقع بينها، وهذه الحقيقة يؤكدها القرآن الكريم كما في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ﴾، ولا يخفى أن هذه الآية الكريمة تغنينا عن البحث واستقصاء ما ورد في الكتب السماوية التي طالها التحريف وغيّر الكثير من نصوصها ومتونها، ولكن من حسن الحظ أن زبور داوود (عليه السلام) الموجود في العهد العتيق يحتوي على مضمون هذه الآية بصراحة كما جاء في [المزمور السابع والثلاثون، الإصحاح ٢٢]: (لأن المباركين منه يرثون الأرض، والملعونين منه يقطعون).
وعلى كل حال يمكن للباحث المدقق أن يعيد قراءة تلك النصوص السابقة ليكتشف كثيراً من المؤشرات التي لا تخلو من دلالات تتحدث عن دوام الدولة المهدوية وقيامها بالعدل والحق، فنجد في [سفر دانيال ٢: ٤٤]: (وفي أيام هؤلاء الملوك يقيم إله السماوات مملكة لن تنقرض أبداً, ومُلكها لا يُترك لشعب آخر, وتُسحَق وتفنى كل هذه الممالك وهي (أي المملكة الإلهية) تثبت إلى الأبد)، ومن الواضح أن هذا النص يتوافق تماماً مع ما ورد في رواياتنا الشريفة التي أكدت أن الدولة المهدوية هي الدولة التي سوف تسيطر على كل أرجاء المعمورة ولا قيام لدولة أخرى تأتي بعدها، ففي الكافي عن الإمام الباقر (عليه السلام) في تفسير قوله (عزَّ وجلَّ) ﴿وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ﴾ قال (عليه السلام): إذا قام القائم (عليه السلام) ذهبت دولة الباطل. [الكافي للشيخ الكليني: ج٨، ص٢٨٧، ح٤٣٢]
وكذلك ما رواه ابن سنان عن أبيه عن الإمام الصادق (عليه السلام) في سياق حديثه عن الإمام الثاني عشر (عليه السلام): خاتمهم الذي ينزل في زمن دولته عيسى (عليه السلام) من السماء ويصلّي خلفه وهو الذي يقتل الدجال ويفتح الله على يديه مشارق الأرض ومغاربها ويمتد سلطانه إلى يوم القيامة. [النجم الثاقب للشيخ الطبرسي: ج١، ص٥١٨، ب٥]
ونجد كذلك في سفر دانيال إشارة واضحة إلى لقب الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) المعروف لدينا بـ(القائم) وإشارة أخرى إلى ما نعتقد من الرجعة التي تحصل في عصر الظهور المقدس فقد جاء في [سفر دانيال ١٢: ١]:
(وفي ذلك الوقت يقوم ميخائيل الرئيس العظيم (القائم)، ويكون زمان ضيق لم يكن منذ كانت أمة إلى ذلك الوقت. وكثيرون من الراقدين في تراب الأرض يستيقظون، أمّا أنت يا دانيال فأخف الكلام واختم السفر إلى وقت النهاية).
وجاء كذلك في سفر زكريا ٩: ٩ (ابتهجي جداً يا بنت صهيون, اهتفي يا بنت أُورشليم؛ هو ذا ملك قادم إليك, هو عادل ومنصور)، وهاتان الصفتان (العادل والمنصور) لا تنطبقان إلّا على الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وهما من الأوصاف الواضحة التي صرحت بها الأحاديث المروية عن أهل البيت (عليهم السلام)، ومما جاء في سفر المزامير ٧٢ من الأوصاف التي تنطبق على الإمام (عجّل الله فرجه):
(ويسجد له كل الملوك وكل الأُمم تتعبد له. لأنه ينجي الفقير المستغيث والمسكين إذ لا معين له يشفق على المسكين والبائس ويخلص أنفس الفقراء من الظلم والخطف، ومبارك اسم مجده إلى الدهر ولتمتلئ الأرض كلها من مجد).
وكذلك ما جاء في سفر أشعياء:
١ - ويحل عليه روح الرب وروح الحكمة والفهم وروح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرب.
٢ - ولذته في مخافة الرب ولا يقضي بحسب مرأى عينيه ولا بحسب مسمع أذنيه.
٣ - ويحكم بالإنصاف لبائسي الأرض ويضرب الأرض بقضيب فمه ويميت المنافق بنفخة شفتيه.
٤ - ويسكن الذئب والخروف ويربض النمر مع الجدي والعجل والشبل معاً، وصبي صغير يسوقها.
٥ - ويلعب الرضيع سرب الصل ويمد الفطيم يده على حجر الأفعوان.
٦ - لا يسيئون ولا يفسدون في كل جبل قدسي لأن الأرض تمتلئ من معرفة الرب كما تغطي المياه البحر.
٧ - وفي ذلك اليوم سيرفع القائم راية للشعوب والأُمم التي تطلبه وتنتظره ويكون محله مجداً.
وهذه النصوص والمعاني كلها قد وردت في أحاديثنا عن النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته من الأئمة المعصومين (عليهم السلام) في التبشير بإمامنا الثاني عشر المنتظر العادل المنتصر والذي نسميه دون غيره من الأئمة (القائم) الوارد هنا باسمه الشريف.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)