الإجابة: بسم الله الرحمن الرحيم
إن العلوم والمعارف الإسلامية تؤخذ من عدّة طرق وليس من الصحيح أن نطلب الدليل بحسب أمزجتنا، ولكن لابد من الرجوع إلى الأدلة التي وُضعت لذلك، فمن هنا نقول: إن الأدلة في الأحكام الشرعية لها أربعة مصادر وهي القرآن والسُّنة والإجماع والعقل.
فكما أنه لا يوجد نص صريح على اسم علي بن ابي طالب (عليه السلام) وأنه هو الخليفة الأول في القرآن الكريم، فكذلك لا توجد أمور كثيرة أخرى في القرآن الكريم ومن ضمنها التصريح بالإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، لكن ومن خلال الأحاديث الشريفة الواردة عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته الكرام (عليهم السلام) والتي تعتبر الدليل الثاني من أدلة المعارف الإسلامية يمكننا أن نستفيد الكثير من الأحكام والمعارف كما في عدد ركعات الصلاة فلا توجد في القرآن الكريم آية تقول بأن صلاة الصبح ركعتان والظهر أربع وهكذا، ولكن لنا أن نأتي إلى الأحاديث فنتبيّن عدد الركعات، وهكذا في القضايا العقائدية فما لم يوجد في القرآن الكريم يمكن أن نجده في السُنّة الشريفة أو من دليل الإجماع أو العقل.
ومعه نقول: إن هناك الكثير من الآيات القرآنية التي بيَّنت الروايات الشريفة أنها تقصد الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، ومن أمثلة ذلك:
١- قوله (عزَّ وجلَّ) في سورة البقرة: ﴿الم * ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ [البقرة: ١- ٣]
عن الصادق (عليه السلام): المتقون شيعة علي والغيب هو الحجة (عليه السلام).
وشاهد ذلك قوله تعالى: ﴿وَيَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ المُنْتَظِرِينَ﴾ [يونس: ٢٠]
٢- قوله تعالى: ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً﴾ [البقرة: ١٤٨]
عن أبي عبد الله (عليه السلام): يعني أصحاب القائم (عجّل الله فرجه) الثلاثمائة والبضعة عشر. قال (عليه السلام): هم والله الأمة المعدودة يجتمعون والله في ساعة واحدة قزع كقزع الخريف، فبايعوه بين الركن والمقام ومعه عهد من رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وقد توارثوا الأبناء من الآباء.
وفي غيبة النعماني: قال الصادق (عليه السلام): نزلت الآية في القائم وأصحابه يجمعون على غير ميعاد.
وعن الرضا (عليه السلام): وذلك والله أن لو قام قائمنا يجمع الله جميع شيعتنا من جميع البلدان.
٣- قوله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران: ٢٠٠]
عن الباقر (عليه السلام): اصبروا على أداء الفرائض وصابروا عدوكم ورابطوا إمامكم المنتظر.
٤- قوله تعالى: ﴿وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾ [آل عمران: ١٤٠]
في البحار عن أبي عبد الله (عليه السلام): مازال منذ خلق الله آدم دولة لله ودولة لإبليس فأين دولة الله؟ ما هو إلّا قائم واحد.
٥ - قوله تعالى في سورة الحج: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ [الحج: ٣٩]
عن أبي جعفر (عليه السلام): في القائم (عليه السلام) وأصحابه.
وعن الصادق (عليه السلام): العامة يقولون نزلت في رسول الله لما أخرجته قريش من مكة، وإنما هو القائم (عليه السلام) إذا خرج يطلب بدم الحسين (عليه السلام)، وهو قوله: نحن أولياؤكم في الدم وطلب الدية.
٦ - قوله تعالى في سورة الشعراء: ﴿إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ﴾ [الشعراء: ٤]
عن عبد الله بن سنان قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فسمعت رجلاً من همدان يقول: إن هؤلاء العامة يغيرون ويقولون: إنكم تزعمون أن منادياً ينادي باسم صاحب هذا الأمر، وكان مُتَّكئاً فغضب وجلس، ثم قال: لا ترووه عني وارووه عن أبي، ولا حرج عليكم في ذلك، أشهد أني سمعت أبي يقول: والله إن ذلك في كتاب الله (عزَّ وجلَّ) لبَيِّن حيث يقول: ﴿إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ﴾ فلا يبقى في الأرض يومئذٍ إلّا خضع وذلّت رقبته، فيؤمن أهل الأرض إذا سمعوا الصوت من السماء، ألا إن الحق في علي بن أبي طالب (عليه السلام) وشيعته. قال: فإذا كان من الغد صعد إبليس في الهواء حتى يتوارى عن أهل الأرض ثم ينادي ألا إن الحق في عثمان بن عفان فإنه قتل مظلوماً فاطلبوا بدمه. قال: ﴿يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ﴾ [إبراهيم: ٢٧] على الحق وهو النداء الأول، ويرتاب يومئذٍ الذين في قلوبهم مرض، والمرض والله عداوتنا، فعند ذلك يتبرؤون منا ويتناولوننا ويقولون: إن المنادي الأول سحر من سحر أهل هذا البيت، ثم تلا أبو عبد الله (عليه السلام) ﴿وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ﴾ [القمر: ٢]
٧ - قوله تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ﴾ [الشعراء: ٢٠٥- ٢٠٦]
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: في هذه الأمة خروج القائم (عليه السلام) ﴿ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ﴾ [الشعراء: ٢٠٧] قال: هم بنو أمية الذين متعوا بدنياهم.
٨ - قوله تعالى: ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٧]
عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم): من أحب أن يتمسك بديني ويركب سفينة النجاة بعدي فليقتد بعلي بن أبي طالب وليعاد عدوَّه وليوالِ وليَّه، فإنه خليفتي ووصيي على أمتي في حياتي وبعد وفاتي، وهو أمير كل مسلم وأمير كل مؤمن بعدي، قوله قولي وأمره أمري ونهيه نهيي وتابعه تابعي وناصره ناصري وخاذله خاذلي، ثم قال (صلّى الله عليه وآله): من فارق علياً بعدي لم يرني ولم أره يوم القيامة، ومن خالف علياً حرَّم الله عليه الجنة وجعل مأواه النار، ومن خذل علياً خذله الله يوم يعرض عليه، ومن نصر علياً نصره الله يوم يلقاه ولقاه حجته عند المنازلة.
ثم قال (صلى الله عليه وآله): الحسن والحسين إماما أمتي بعد أبيهما وسيدا شباب أهل الجنة، وأمهما سيدة نساء العالمين، وأبوهما سيد الوصيين، وولد الحسين (عليهم السلام) تسعة أئمة، تاسعهم القائم (عليه السلام) من ولدي، طاعتهم طاعتي ومعصيتهم معصيتي، إلى الله أشكو المنكرين لفضلهم والمضيعين لحقهم بعدي وكفى بالله وليّاً وكفى بالله نصيراً لعترتي وأئمة أمتي ومنتقماً من الجاحدين لحقهم ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٧]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)