ولادة الامام المهدي عليه السلام وحيرة بني العباس
السيد هادي عيسى الحكيم
اجمع الائمة عليهم السلام من اهل بيت النبوة عليهم السلام على ان المهدي المنتظر عليه السلام الذي بشر به رسول الله هو بالتحديد محمد بن الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر عليهم السلام
وقبل ان يولد هذا الامام انتشرت شائعة في اوساط الدولة العباسية وبين رعاياها مفادها ان مولوداً من ذرية محمد رسول الله سيولد وانه سيكون المهدي المنتظر عليه السلام، وانه عند ظهوره سيستولي على كل اقاليم الارض. (بما فيها الدولة العباسية) وسيخضع الخاصة والعامة لحكمه بما فيهم ذرية العباس وخلفاء الدولة العباسية، لذلك قامت الدولة العباسية وكلفت اجهزتها السرية بمراقبة مواليد اهل بيت النبوة عليهم السلام وعلى الاخص مواليد عميدهم آنذاك الحسن بن علي الهادي المعروف بالعسكري عليه السلام الذي كان امام العصر آنذاك، والذي يعلم علم اليقين ان ابنه محمد بن الحسن عليه السلام الذي سيولد هو بعينه الامام الثاني عشر وهو نفسه الامام المهدي المنتظر عليه السلام، وكان الامام العسكري عليه السلام يعلم بخيفة الدولة العباسية وبحركة اجهزتها السرية.
وقد حمل الامام عليه السلام خيفة السلطة وحركة الاجهزة السرية العباسية على محمل الجدية فاخفى ولادة ولده إخفاءً تاماً الا على الصفوة من اوليائه فلم يكن احد يعلم ان للامام الحسن العسكري عليه السلام ولداً، وان هذا الولد هو وارثه، وهو الامام من بعده.
ويوم وفاة الامام الحسن العسكري عليه السلام فوجئ اركان الدولة العباسية الذين حضروا مراسم دفن الامام عليه السلام بغلام لا يتجاوز عمره الخمس سنوات يقول لعمه الذي تأهب ليصلي بالناس على _اخيه الامام العسكري عليه السلام_ صلاة الجنازة تأخر ياعم، انا اولى بالصلاة منك على ابي، لقد كان هذا الغلام هو المهدي المنتظر عليه السلام فأخذ العم لهول المفاجأة وتأخر، ثم تقدم الامام عليه السلام الغلام ليصلي بالناس على ابيه صلاة الجنازة.
لقد علمت الدولة العباسية ان هذا الغلام هو الامام الثاني عشر بعد ابيه، وتساءلت متى ولد؟ انه من ذرية النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم وسليل الائمة الاطهار عليهم السلام، فكيف انها لم تعرف بولادته، واخذت اجهزتها السرية تخطط لمراقبة الامام عليه السلام لانها ايقنت انه هو المهدي المنتظر الذي عنته الاحاديث النبوية وانه سر الاشاعة التي انتشرت بين الناس بعد ما عرف اركان الدولة العباسية والخاصة والعامة من رعاياها ان للامام الحسن العسكري ولداً وان اسمه محمد، وانه الامام من بعد ابيه، وانه قد امّ الجميع بصلاة الجنازة على ابيه.
وبعد ان ربط الناس اشاعة المهدي الموعود المنتظر بهذا الغلام وبعد ان صممت اجهزة الدولة العباسية على وضع الخطط والقضاء عليه اختفى بالكامل وعجزت هذه الدولة بكل قوتها عن تحديد مكان وجوده ا واثبات وفاته وكأن الغلام الامام قد تبخر من على سطح الارض.
ومما زاد من حيرة الدولة العباسية واجهزتها السرية العملاقة انها ايقنت بان الامام الغلام كان يمارس مهام الامامة على اوليائه، حيث تجبى الاموال فيوزعها على مستحقيها وينفقها على مصارفها الشرعية وانه كان يصدر الاوامر والتوجيهات لاتباعه بواسطة السفراء. الذين عجزت هذه الدولة عن معرفتهم او معرفة امكنة إقامتهم.
لقد كان الامام عليه السلام وسفراؤه شغلها الشاغل ولكنها لم تصل الى نتيجة. فيئست من العثور عليه عليه السلام ويئست من العثور على سفرائه ومن معرفة وسائل اتصالهم به عليه السلام، وهكذا انتشرت الشائعات واستقر في اذهان العام والخاص من رعايا الدولة العباسية ان الامام الغلام هو المهدي المنتظر عليه السلام بالفعل وقدّروا انه هو وحده الذي سيخلصهم وينقذهم دون ان يضطروا لتقديم اية تضحية بل سيأتيهم الخلاص والانقاذ تماماً على يديه.
ومنذ ذلك التاريخ لم تره عناصر دولة الخلافة، واذا ما رأته فانها لاتعرفه، لقد احتارت هذه العناصر، اين ذهب الامام عليه السلام وكيف اختفى؟
وكل هذا يعني ان هذا الامام عليه السلام ما زال حياً يرزق ولكنه غائب او مغيّب عن اعين الناس إلهياً، وهو يعرفهم ويراهم وقد يرونه ولكنهم يجهلون انه الامام المهدي المنتظر عليه السلام بعينه او انه محمد بن الحسن العسكري عليه السلام، الامام الثاني عشر من ائمة اهل بيت النبوة عليهم السلام.