رصدنا
صفحة الرصد المهدوي تهتم بتوثيق ونشر كل ما يتعلق بالقضية المهدوية من أخبار وموضوعات في المواقع الالكترونية والمنتديات والقنوات الفضائية والصحف والمجلات والإذاعات وتقويمها ورد الشبهات التي فيها إن كانت تتطلب ذلك خصوصا الموضوعات المنقولة من المواقع المخالفة للقضية المهدوية بهدف إطلاع القارئ على ما يدور في تلك المواقع ووسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية وكذلك تحديد الايجابيات والسلبيات في كيفية تناول القضية المهدوية في تلك الوسائل والتواصل معها في سبيل تطوير الايجابيات ومعالجة السلبيات.
هيئة التحرير
(افاتار) مخلّص شعب النافي / الفيلم الاول في السينما العالمية
كل الديانات بشكل أو بآخر تحمل في تعاليمها وقائع ما لنهاية العالم. وفي الغالب أن هذه الوقائع لا تخلو من أفكار أساسية مشتركة مثل: فساد الأرض، وتهتك الأخلاق، والكوارث الطبيعية، وظهور المخلِّص في آخر الزمان، سواء كان مسيحاً، أو مهدياً، أو ميتريا، أو كالكي آفاتار، أو ماسايا، أو باهانا...الخ، واندلاع الحرب الكبرى بين الأخيار والأشرار.
وعملت السينما على تصوير ذلك السيناريو تارة في اطار الخيال العلمي، وتارة اخرى في اطار الاحداث التاريخية المدونة في كتب التاريخ والعقيدة.
ورصدنا حرصت في اكثر من عدد ان تقدم لقرائها كل ما فيه تلميح او تصريح لقضية المخلص المنتظر ومتابعة احداثها وما كتب عنها من نقد وتضعه بين يدي القارئ الكريم ليكون على اطلاع على ما هو كائن بين سطور مشاهد تلك الافلام، وان كان لكل فهمه لها، الا ان قراءة المتأني المتأمل لاحداثها مطلوبة ايضا.
ومن تلك الافلام فيلم (الافاتار) الذي يعرض الآن في صالات العرض العالمية حيث حقق أرقاماً عالمية في التذاكر ويتوقع له تحقيق نجاح كاسح يجعله من أشهر عروض السينما العالمية والذي سيكون موضوع رصدنا لهذا العدد.
من هو الآفاتار؟
(افاتار) مصطلح من الديانة الهندوسية ينم عن الحلول الإلهي، حسب معتقداتهم، في جسد كائن حي. وهو القائد المرشد المنتظر والذي سيحل بدوره مشاكل البشرية كافة ويدعى حسب معتقدهم ( كالكي أواتار) وجماهير الهندوس في أنحاء العالم كافة، وتقول البروناس الهندوسية بأن مخلص العالم المستقبلي الذي يدعي (كالكي أفاتارا) ، هو التجسيد العاشر والأخير لروح (فيشنو) الذي سيأتي على رأس جيش عظيم ليحرر العالم من البربرية والطغيان ، ويسود العالم عصر ذهبي من جديد.
فيلم الافاتار
هو آخر اعمال المخرج الكندي (جيمس كاميرون) الذي يقول: انه عكف ١٤عام على تخيل اشكال وأنماط شخصيات الفيلم لدرجة انه غطس إلى قاع المحيطات بحثاً عن أشكال جديدة للشخصيات تختلف كلياً وجزئيا عن تلك التي طالما شهدها المشاهد في اغلب أفلام الخيال العلمي. بالإضافة إلى استخدام مخرج الفيلم لأحدث أنظمة العرض السينمائى وهى خاصية (الثري دي) والتي تعطي للمشاهد نوعا خاصا من الرؤية تعمل على أحساس المشاهدين أنهم داخل المشاهد الطبيعية للفيلم .
قصة الفيلم
تدور قصة الفلم في المستقبل، عام ٢١٥٤ بالتحديد، حول شركة (إدارة تنمية الموارد) التي أقامت قاعدة عسكرية على كوكب (باندورا) الذي يعيش فيه شعب النافي، الذي يبعد ٤,٣ سنة ضوئية عن الأرض، لاستخراج خامات معدن سيحل مشكلة الطاقة، بعد أن تم استنزاف الشركات لموارد الطاقة الأرضية حتى النهاية. وهولاء _شعب النافي_ ليسوا بشراً مئة بالمئة، بل هم عرق أخر ذو صفات جسدية مختلفة نوعاً ما، فهم أكثر طولاً عن كثير من البشر، ويميل لون بشرتهم للأزرق ولكنه عرق عاقل ذو حس وإدراك متطور.وكوكب (باندورا) لايستطيع البشر أن يتنفسوا فيه بشكل طبيعي، ولذلك قامت شركة إدارة الموارد البشرية بتطوير بعض أجساد النافي من خلال الهندسة الوراثية ليحل فيها بشرٌ محددون عن طريق برنامج اسمه (أفاتار) Avatar، وهو اسم الفيلم. وكان كاميرون قد استعان باستاذ لغويات ليطور لغة خاصة لشعب النافي وهي في الواقع مزيج من اللغة الأمهرية المستخدمة في الحبشة، ولغة الماوري للسكان الأصليين في نيوزيلندا وكذلك تم استخدام علماء نبات وأحياء، و خبراء البرمجة، لتطوير الأنظمة البيولوجية لكوكب (باندورا). وقد صدر كتاب من ٢٢٤ صفحة في ٢٤/١١/٢٠٠٩ عن التاريخ الاجتماعي والحياة البيولوجية لكوكب باندورا الخيإلى، أي قبل إطلاق الفيلم رسمياً في ١٨/١٢/٢٠٠٩ في الولايات المتحدة!.
يحكي الفيلم قصة مخلص شعب الافاتار المنتظر الذي يأتي بغاية ثم ينقلب عليها.. والمخلص هذه المرة ليس ابيضا ، لكنه من صنع البيض، يصفه الفيلم بالمخلص لأن الطبيعة تحتفي به وترسل علامات وإرهاصات قبل مجيئه وبعده، مثل سقوط الأزهار عليه وهو يتمتع بشجاعة فائقة، وهو الوريث الشرعي للجد الأكبر لشعب (النافي) فهو مروض (طائر التاروك الديناصوري) المخلوق العلمي الخيالي الذي دسّه برنامج تنمية الموارد البشرية الأمريكي المسمى بالافاتار على شعب النافي لمعرفة أسرارهم ونقاط ضعفهم وقوتهم. تبدأ المهمة بنزول البطل في عمق الغابة بجوار مدينة الأفيتاريين واستكشاف البيئة الطبيعية وحيواناتها ضمن مجموعة الانزال الأولى وبعد معاناة طويلة كسب ثقة الأفيتاريين وبعد ولوجه إلى عمق أسرارهم ارتأت قيادة قاعدة العمليات تسريع وتيرة تنفيذ مخططها وكادت تعطي إشارة البدء بالتنفيذ العسكري لمخططها القسري بعدما اكتمل وصول الآليات الثقيلة اللازمة لمهمة إزالة مدينة الأفتاريين وطردهم عنها وهنا بدء البطل افيتار بتحذير الأفيتاريين من ذلك المخطط الهمجي ونصحهم بالانتقال طوعاً إلى موقع آخر بعيداً عن أرضهم لاستحالة مقاومة تلك القوة التي ستستخدم لتنفيذ ذلك المخطط الا ان شعب النافي رفض الإنصياع لتلك النصيحة مع فشل محاولة البطل إيقاف الهجوم الوشيك فحدث انقسام في القاعدة بخروج البطل وجميع أفراد التجربة العلمية المكون من العالمة وطاقم البحث العلمي وطاقم النقل والإسناد الجوي ومعظم من له علاقة مباشرة بذلك البرنامج وانتقالهم إلى المخبر السري لمساندة الأفيتار في التصدي لذلك الهجوم ، والذي كانت نتيجته تدمير تلك المدينة وسحقها بقوة الحديد والدم مع قطع وإحراق شجرة الحياة ومقتل معظم أفراد القبيلة. وعقب تلك المجزرة يقرر البطل (افيتار) البدء بعملية إعادة جمع شمل شعب النافي وتوحيدهم في مواجهة قوى الشر فيقوم بهبوط مفاجيء على طائر (الإيكران او التاروك الأحمر الكبير) والذي يعتبر ترويضه علامة عظيمة لدى الأفيتاريين لشبه استحالة الأمر وشراسة ذلك الإيكران العظيم وامتناعه عن إعطاء ظهره لأحد ما لم يكن ذلك الفرد مختصاً بعناية إلهية عظيمة تمنحه ذلك الشرف العظيم.
ونظراً للاتصال الروحي المتكامل بين جميع عناصر تلك البيئة وتدخل الإرادة العليا لصالح شعب الأفيتار الطيِّب ينجح البطل بالاستحواذ على قبول الإيكران العظيم له فيمتطيه ليهبط به بين حشود بقية الأفيتار أثناء تجمعهم لصلاة الاستغاثة والحاجة أمام شجرة النفوس وطلب النصرة من القوة العليا بشفاعة الأجداد فتكون تلك العلامة أكثر من كافية لهؤلاء الأفيتار على استجابة إيواه - إلاله- لدعائهم بإرساله المخلِّص المنتظر الافيتار الموعود لهم ، فيبدأ الافيتار المخلص بإرسال الرسل إلى بقية قبائل الأفيتار التي كانت تنعم بالهدوء بعيداً عن أرض شجرة الحياة وعلى أطراف الأرض خاصة تلك القبيلة في الشاطيء الشرقي لجمعهم للتصدي لذلك المخطط الذي يستهدف وجودهم بالكامل لصالح هؤلاء الغزاة الأرضيين الذين تركوا خلفهم أرضاً محروقة مدمَّرة نتيجة جهلهم وحماقتهم البيئية وأطماعهم الجشعة العمياء غير متبصِّرة فيجتمع إليه المحاربون للتصدي لموجة الهجوم الثانية ويكون اشتراكه فيها فاعلاً ومباغتاً لتنتهي تلك الهجمة الثانية بهزيمة منكرة لقوات الغزو مع الاستيلاء على تلك القاعدة الرئيسية وترحيل بقية هؤلاء الغزاة من شركات الاستثمار الطامعة مع بقاء من رضي منهم بقبول شروط الحياة في كوكب باندورا وينتهي الفيلم برجوع السلام والهدوء والألفة بين شعب النافي وكل مافي الطبيعة من نباتات وحيوانات.
الفيلم على طاولة النقد
ناقدو الفيلم قالوا ان فيلم افاتار رسالة شبه ثورية من مخرجه ضد سياسات الامبريالية الأمريكية في نهب ثروات شعوب العالم الثالث بجانب التقنية المرعبة التي تبشر بعهد جديد للسينما الامريكية . والمدهش فى الفيلم هو عرض رؤية المؤلف والمخرج لفكرة الاحتلال وتعاطفه مع حق السكان الاصليين فى المقاومة والدفاع عن الوطن بكل أشكالها في محاولة لنقض السياسات الامريكيه في احتلال بلدان العالم الثالث بحجة محاربة الارهاب وإرساء مبادئ الديمقراطية لهذه الشعوب مما ادى الى تناقض المخرج في طرحه لهذا النقض ونهاية الفيلم والتي دفعته لتكرار نفس السيناريو الذى طالما فرضته هوليود في كل افلامها على المشاهدين بأن المنتظر والمخلص دائما ما يكون امريكيا على الرغم من أن بطل الفيلم لم يعايش سكان هذا الكوكب الا ثلاثة اشهر فقط إلا انه اقتنع بحقهم في وطنهم وهذا ما دفعه لمحاربة أهل وطنه الأمريكي. ولم يفت التحليل الفلسفي ان يسجل نقده للفيلم حيث ذكر المشاركون ضمن الملتقى الدولي للسينما والفلسفة في وهران أن رموز الفيلم تنتمي لعوالم متنوعة بين الإغريقية والإستلهام الثقافي مرورا بالترجمة الحرفية والاصطلاحية لمعنى الاسم (أفاتار) وهي كلمة ذات الأصل (السنسكريتي) وتعني (حلول الإله) في العقيدة الهندوسية مما يجعل الفيلم يحمل في عمقه رسالة ميتافيزيقية تهدف لتوحيد الكائنات الحية مع الإله في العالم بشكل ومضمون جديدين تتجاوز المادي الى الروحي وتجعل الفيلسوف يتوه في فرضيات علمية تعود للحياة الهندوسية ذات العقائد المتعددة، فيعمل على ربطها برموز فلسفية ودلالات تعبيرية خاصة بالإنسانية مئة بالمئة، حتى يعطي مفهوماً واضحاً وتحليلياً لكل حركة سينمائية خصوصا أنّ فيلم (آفاتار) ضم حركات تعبيرية ذات صبغة خيالية ملهمة تطرح بالدرجة الأولى فكرة (العودة الى الحياة من جديد) والتي تعتبر أكبر ميزة ألهمت الفلاسفة والنقاد وإمتاع المشاهد بلحظات سينمائية مؤثرة برزت بوضوح من خلال بطل الفيلم، واشار التحليل الفلسفي للفيلم بأن الأفلام العلمية في السينما الأمريكية مغرمة بوضع نهايات حتمية للعالم وبدء حياة أخرى في كواكب غريبة ونائية.
كلمة رصدنا:
القراءات لهذا الفيلم تعددت بين كونها سياسية واخرى دينية فالقراءة السياسية تركزت على ان الفيلم يحكي قصة غطرسة دول الاستكبار العالمي في تحصيل مصالحها حتى وان كان ذلك على حساب سحق الابرياء وتدمير بلدانهم اما القراءة الدينية فتمحورت حول مجيء الفرج بعد الشدة فالمخلص المنتظر جاء عندما تعلقت القلوب بإلهها لطلب الخلاص من خلال الدعاء والتوسل بقلوب صادقة متيقنة ان النجاة والخلاص سيكون على يد من ترسله السماء لينقذها مما هي فيه من الدمار والابادة وبغض النظر عن صحة ماورد على لسان النقاد من عدمه الا ان الفيلم من خلال قصته واقبال الناس على مشاهدته بشكل متزايد لا يرسل اشارات فحسب بل انه يصرح بأن المخلص المنتظر هو الامل الوحيد للنفوس للخلاص من مآسيها وهذا ما عبرت عنه نهاية الفيلم وخرس عنه لسان النقاد الذي ابى التصريح بتلك الحقيقة متغافلين عن وجودها وكأنها لم تكن إلا إن النور لا يحجبه الغربال والشمس تبقى مضيئة وان جللها السحاب.