أصحاب الإمام الحجة عليه السلام عند ظهوره المقدس
الشيخ عبد العظيم القنبري
وردت روايات مختلفة وبعبارات شتى في شأن القضايا التي تتعلق بالاِمام المهدي عليه السلام، والتحاق ٣١٣ نفراً من أصحابه إليه عند ظهوره من مكة المكرمة، إمام العصر عليه السلام أيضاً في انتظار تكامل عدّتهم، وهؤلاء الاَصحاب هم السابقون الاَولون لبيعة الامام عليه السلام، وبحضورهم يعلن الاِمام عليه السلام عن خروجه، الذي يبدأ بشكل مراحل، فهؤلاء الاَصحاب هم حملة ألوية الاِمام عليه السلام، وولاته على الكرة الاَرضية بأسرها.
ورد هذا الحديث بعبارات مختلفة، بل هو لا ينحصر بحديث واحد، وهناك عدّة أحاديث واردة في هذا الشأن، تحكي عن (٣١٣) نفراً من أصحاب الاِمام عليه السلام.
ورد في تفسير الآية ٨٠ من سورة هود عليه السلام حيث قال لوط عليه السلام لقومه المعاندين: (لَوْ أَنَّ لي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوي إِلى رُكْنٍ شَديدٍ)، عن صالح بن سعيد عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام قال عليه السلام: (القوة القائم عليه السلام،والركن الشديد ثلاثمائة وثلاثة عشر أصحابه).
وفي رواية عن الاِمام الباقر عليه السلام قال: (لكأني أنظر إليهم مصعّدين من نجف الكوفة ثلاث مائة وبضعة عشر رجلاً كأنّ قلوبهم زبر الحديد...).
وتذكر لنا الروايات إن لهؤلاء الاَصحاب مميزات، فمع التأمل فيها يتضح لنا أنّ البشرية في عصر الغيبة تفتقد لمثل هؤلاء الاَفراد.
وعلى سبيل المثال:نقرأ في رواية عن الاِمام السجاد عليه السلام، يذكر فيها القائم في خبر طويل إلى أن يقول: (ثمّ يخرج إلى مكة والناس يجتمعون بها، فيقوم رجل منه فينادي: أيها الناس هذا طلبتكم قد جاءكم، يدعوكم إلى ما دعاكم إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: فيقومون، ثم يقوم هو بنفسه، فيقول عليه السلام: أيها الناس أنا فلان بن فلان أنا ابن نبيّ الله، أدعوكم إلى ما دعاكم إليه نبيّ الله صلى الله عليه وآله وسلم.
فيقومون إليه ليقتلوه، فيقوم ثلاثمائة وينيف على الثلاثمائة فيمنعونه منه، خمسون من أهل الكوفة، وسائرهم من أفناء الناس لا يعرف بعضهم بعضاً، اجتمعوا على غير ميعاد).
ووردت روايات عديدة في أوصافهم منها: (يجمعهم الله بمكة قزعاً كقزع الخريف).
بمعنى: أنهم يحضرون عند القائم عليه السلام في مكة كالبرق الخاطف، وقال الاِمام الصادق عليه السلام: (وكأنّي أنظر إلى القائم عليه السلام على منبر الكوفة، وحوله أصحابه ثلاثمائة وثلاث عشر رجلاً عدّة أهل بدر، وهم أصحاب الألوية، وهم حكام الله في أرضه على خلقه).
نفهم من هذا الحديث انه يجب أن يكون أصحاب الاِمام القائم عليه السلام على مستوى عالٍ من العلم والكمال والشجاعة وسائر القيم والفضائل والصفات الاِسلامية الحميدة، فمثلاً لو قسمنا الكرة الاَرضية إلى ٣١٣ ولاية، فيكون كل واحد منهم لائقاً وكفوءً وقائداً لرفع راية هذه الولاية، وهل تملك اليوم الكرة الاَرضيةهذا العدد من القوّاد، وبهذه الخصوصيات والمميزات حتى يستطيع كل واحدٍ منهم أن يتولى ولاية في حكومة الاِمام المهدي عليه السلام.
نقرأ في الآية ١٤٨ من سورة البقرة: (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَميعاً) فقد ورد عن الاِمام الصادق عليه السلام أنّه قال بعد ذكر الآية الشريفة: (يعني اصحاب القائم الثلاثمائة والبضعة عشر رجلاً، وهم والله الاَمة المعدودة، يجتمعون والله في ساعة واحدة قزعاً كقزع الخريف).
ومن مميزاتهم: أنهم يأتون من البلاد النائية إلى مكة، كما جاء في الحديث عن أميرالمؤمنين عليه السلام في حديث طويل إلى أن قال: (فيجمع الله تعالى عسكره في ليلة واحدة وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً من أقاصي الاَرض) .
وينتظرهم الاِمام المهدي عليه السلام في (ذي طوى) يبعد عن مكة فرسخاً واحداً، حتى يلتحقون به في جانب الكعبة، فقد ورد عن الاِمام الصادق عليه السلام قال: (إن القائم يهبط من ثنية ذي طوى في عدة أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، حتى يسند ظهره إلى الحجر ويهز الراية الغالبة) . وهؤلاء الاَصحاب أول من يبايعه عليه السلام، عن الاِمام الصادق عليه السلام قال: (فيكون أول من يبايعه جبرئيل، ثم الثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً).
فترعاهم الاِمدادات الغيبية العظيمة، ويد الله وعنايته فوق رأس الاِمام المهدي عليه السلام وأصحابه كما ورد حديث في هذا الشأن عن الاِمام السجاد عليه السلام، عن أبي خالد الكابلي قال: قال لي علي بن الحسين عليه السلام: (كأني بصاحبكم قد علا فوق نجفكم بظهر كوفان في ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً،جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن شماله، وإسرافيل أمامه، معه راية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد نشرها لا يهوي بها إلى قوم إلا أهلكهم الله صلى الله عليه وآله وسلم).
ولكن لماذا تنطق الاَحاديث عن الرجال فقط في ركب الاِمام المهدي عليه السلام دون النساء؟
وجواباً على هذا نقول: ان علة ذكر الرجال دون النساء يرجع إلى بداية ظهور الاِمام المهدي عليه السلام وهي مرحلة عصيبة فيها الجهاد والحرب والدفاع عن الاِسلام، فتقتضي حضور الرجال في هذه الميادين، وللنساء دور مهم وخطير خلف ميادين الجهاد والدفاع عن الاِمام المهدي عليه السلام.
وأشارت بعض الروايات الواردة في موضوع ٣١٣ رجلاً من خواص الاِمام عليه السلام إلى دور النساء وحضورهنّ أيضاً، منها:
عن الاِمام الباقر عليه السلام: (ويجيء والله ثلاث مائة وبضعة عشر رجلاً فيهم خمسون امرأة، يجتمعون بمكة على غير ميعاد قزعاً كقزع الخريف).
وعن المفضل، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: (يكن مع القائم عليه السلام ثلاث عشرة امرأة) قلت: وما يصنع بهن؟ قال عليه السلام: (يداوين الجرحى، ويقمن على المرضى كما كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم).
هؤلاء الركب الاَُول الذين يلتحقون بالاِمام عليه السلام عند ظهوره، ثم مع مرور الزمن يتكاثر المؤمنون حوله ويزدادون عدداً وقوة، وبعبارة أخرى: يعتبر هؤلاء خواص الاِمام عليه السلام، ويشكلون النواة المركزية لمقر حكومته العالمية كما ورد في الرواية.
جاء في (فصل الخطاب) عن الشيخ محي الدين بن العربي في ذكر المهدي عليه السلام قال: (يكون معه ثلاثمائة وستون رجلاً من رجال الله الكاملين يبايعونه بين الركن والمقام... وله رجال يقيمون دعوته وينصرونه، هم الوزراء يحملون أثقال المملكة) .
وقال أيضاً: (يفتحون مدينة الروم بالتكبير، فيكبرون التكبيرة الاَولى فيسقط ثلث سورها، ويكبرون التكبيرة الثانية فيسقط الثلث الثاني من السور، ويكبرون التكبيرة الثالثة فيسقط الثالث فيفتحونها من غير سيف).
وفي رواية اُخرى: عن الاِمام الباقر عليه السلام قال: (إذا ظهر القائم عليه السلام ودخل الكوفة بعث الله تعالى من ظهر الكوفة سبعين ألف صدّيق، فيكونون من أصحابه وأنصاره ويردّ السواد إلى أهله، وهم أهله).