من لايؤمن بالمهدي عليه السلام كافر
السيد اسد الله الهاشمي
قد يتصور بعض الافراد _رجماً بالغيب_ ان عقيدة ظهور الامام المهدي عليه السلام المبارك وكل مصادرها ومستنداتها تختص بالشيعة، وكذا يتصورون ان رواة الاحاديث المتعلقة بظهوره عليه السلام هم علماء واكابر الشيعة، لذلك يجب ان نلفت النظر الى ان عقيدة ظهور الامام المهدي عليه السلام المبارك لا تختص بالشيعة فحسب، بل يوافقهم فيها كثير من الفرق الاسلامية ن ويعتبرونها جزءا من العقائد القطعية والمسلم بها.
ان الايمان بعقيدة ظهور الامام المهدي عليه السلام ايمان اصيل ومتجذر وهام في الاسلام ، بحيث ان علماء وكبار العامة _مثلهم كمثل علماء الشيعة_ يعتبرونه ضرورة من ضروريات دين الاسلام المبين، وان منكره خارج عن هذا الدين.
وفي هذا المجال نقل علماء العامة روايات عن النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : (من كذّب بالمهديّ فقد كفر).
وقد افتى بعضهم بمضمون هذا الحديث.
ومن هذا الباب روى الشيخ سليمان القندوزي الحنفي في (ينابيع المودة) نقلاً عن كتاب (فرائد السمطين) عن جابر بن عبد الله الانصار ي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، انه قال : (من انكر خروج المهدي عليه السلام فقد كفر بما انزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم).
لقد وردت الاحاديث المرتبطة بخروج الامام المهدي عليه السلام عند الفريقين، وتناولت اكثرها بعض خصال الإمام عليه السلام، وميزاته نسبه، وحياته، وعلائم ظهوره، ومحل بيعته، وعدد اصحابه، ومكان ظهوره، واموراً اخرى تتعلق به عليه السلام.
هذا مضافاً الى تصريح العلماء في (٣٥) كتاباً بان الإمام المهدي عليه السلام هو الابن المباشر للامام الحسن العسكري عليه السلام، حتى اعترف كثير منهم بان هذه الاحاديث المتعلقة بالامام المهدي عليه السلام مشهورة او متواترة.
ونحن نضع امام القراء الكرام صورة موجزة لهذا المعتقد الذي ورد في المصادر المعتبرة عند اهل السنة ، منها الصحاح الستة ،وهي اشهر الكتب الروائية واوثقها لديهم:
- فكتاب مسند احمد بن حنبل من الكتب القديمة والمعتبرة عند اهل السنة. وقد ورد فيه ١٣٦ حديثاً حول الإمام المهدي عليه السلام.
- ثم محمد بن اسماعيل البخاري نقل في صحيحه (كتاب الاحكام) _بالرغم من تعصبه على ائمة اهل البيت عليهم السلام_ احاديث تصرح ان خلفاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم اثنا عشر، كلهم من قريش بهم يعز الاسلام ويعلو.
وانه في (كتاب الانبياء) باب نزول عيسى بن مريم عليه السلام نقل مناصرة عيسى للامام المهدي عليه السلام.
- وذكر مسلم بن حجاج النيسابوري وهو بالرغم من انه سعى كالبخاري لعدم ذكر الإمام المهدي عليه السلام اسماً، لكنه ذكر في كتابه (صحيح مسلم)، ثاني كتب الصحاح، في كتاب (الفتن واشراط الساعة) وباب نزول عيسى عليه السلام - بعض الروايات المرتبطة بالامام المهدي عليه السلام.
- كذلك ابن ماجه القزويني المتوفى سنة ٢٧٥ هـ ؛ حيث ذكر في كتابه (السنن) - وهو من الصحاح الستة_ احاديث تتعلق بالامام المهدي عليه السلام في باب خروج الامام المهدي عليه السلام.
- وكذا ابو داود السجستاني المتوفى عام ٢٧٩هـ ؛ حيث ذكر في قسم من كتابه (السنن) -وهو من كتب الصحاح الستة- حول الامام المهدي عليه السلام تحت عنوان (كتاب المهدي عليه السلام).
- ومحمد بن عيسى الترمذي المتوفى عام ٢٧٩هـ ؛ ذكر في كتاب (الفتن) من سننه _وهو من الصحاح الستة_ روايات عن الإمام المهدي عليه السلام.
وروى ابو عبد الرحمن احمد بن شعيب المعروف بالنسائي في سننه _وهو من الصحاح الستة_ في كتاب الجهاد (غزوة الهند)، عن ثوبان خادم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال : قال النبي الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم: (عصابتان من امتي احرزهما الله من النار،عصابة تغزو الهند، وعصابة تكون مع عيسى بن مريم عليه السلام).
وروى عن سننه _في (غاية المرام) و(ينابيع المودة) في باب (ما جاء في العرب والعجم) في المجلد الثالث_ عن مسعدة، (عن جعفر، عن ابيه، عن جده)، عن النبي الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم قال : (ابشروا وبشروا، انما امتي كالغيث لا يدري آخره خير ام اوله، او كحديقة اطعم منها فوج عاماً ثم اطعم منها فوج عاماً، لعل آخرها فوجاً يكون اعرضها عرضاً واعمقها عمقاً واحسنها حسناً، كيف تهلك امة انا اولها والمهدي اوسطها والمسيح آخرها، ولكن بين ذلك ثبج اعوج ليسوا مني ولا انا منهم).
وهؤلاء الستة هم من اعاظم محدثي اهل السنة، وقد ذكروا الروايات المتعلقة بالامام المهدي عليه السلام.
وقد ذكر الاستاذ محمد علي دخيل في كتابه القيم (الإمام المهدي عليه السلام) اسم ٢٠٥ كتاب لكبار علماء السنة، ٣٠ نفراً منهم افردوا كتباً مستقلة حول الإمام المهدي عليه السلام و٣١ نفراً منهم وضعوا في كتبهم فصولاً حول الإمام المهدي عليه السلام، و١٤٤ نفر الباقين واوردوا في كتبهم روايات حول الإمام المهدي عليه السلام بنسب متفاوتة.
الى هنا نكون نقلنا قليلاً من كثير الروايات من كتب المحدثين المعروفة والمعتبرة لاهل السنة، وهذا ردٌ على الاشخاص المتعصبين الذين لهثوا وراء اهوائهم ونهضوا لمواجهة الشيعة واعتبروا المهدوية خرافة تختص بهم. ونحن نأمل ان ينتبهوا يوماً كي لا يسرفوا في ظلم ميراث نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم وعترته الطاهرة اكثر من هذا .
على كل حال : يفهم من خلال المصادر التاريخية واحاديث العامة، ان مسألة ظهور الامام المهدي عليهم السلام متفق عليها، وان اجماع المسلمين قائم عليها.
ومن جانب آخر تصدر في كل عصر كتب مختلفة حول المهدوية، وحول الإمام المهدي عليه السلام، وهذا دليل على اهمية المهدوية عند المسلمين.