رصدنا
صفحة الرصد المهدوي تهتم بتوثيق ونشر كل ما يتعلق بالقضية المهدوية من أخبار وموضوعات في المواقع الالكترونية والمنتديات والقنوات الفضائية والصحف والمجلات والإذاعات وتقويمها ورد الشبهات التي فيها إن كانت تتطلب ذلك خصوصا الموضوعات المنقولة من المواقع المخالفة للقضية المهدوية بهدف إطلاع القارئ على ما يدور في تلك المواقع ووسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية وكذلك تحديد الايجابيات والسلبيات في كيفية تناول القضية المهدوية في تلك الوسائل والتواصل معها في سبيل تطوير الايجابيات ومعالجة السلبيات.
المهــــــــــــــــــــــــــــــــدوية امن ام فــــــــــــــــــــــــوبيا؟
هيئة التحرير
بين حين وآخر تظهر علينا صورة جديدة من صور تشويه العقيدة المهدوية، فتارة هي يوتوبيا، واخرى خرافة واساطير، ومرة هي ثمرة قهر ويأس الشعوب واضطهادها، وآخر صورة يتم عرضها هي تلك التي تجعل من المهدوية فوبيا لتبعد الاخرين عنها.
ورصدنا لهذا العدد هو تسليط الضوء على تلك الفوبيا، ومعرفة اسبابها، ومدى صحتها، وما علاقة المهدوية بها.
ما هي الفوبيا؟
هي نوع خاص من أمراض نوبات الهلع والذعر الشديد، ويعرف مرض الخوف غير الطبيعي على أنه خوف كامن مزمن وغير مبرر من شيء أو مكان أو سلوك او موقف او موضوع معين يؤدي لقيام المريض بمحاولات واضحة للهروب من ذلك الموقف، لمواجهة الشيء أو الظرف الذي يعتبره المريض خطرا على حياته.
يتضح مما تقدم ان المراد من فوبيا المهدوية هو الخوف من المهدوية. فهل المهدوية مخيفة؟!
في هذا المضمار ومما رصدت رصدنا:
نشرت جريدة (الوطن اون لاين) السعودية بتاريخ ١١/١٠/٢٠١١ مقالاً تحت عنوان (فوبيا الفتن والملاحم) جاء فيه: ان لدى البعض تصورات وتفسيرات عجيبة للأحداث التي تجري هنا وهناك، وهي تنطلق عادة من حتمية نهاية الحياة التي يؤمن بها كل سكان الكوكب ولو بطرق مختلفة،ومن حقك أن تحلم برؤية الأمة في أحسن حال وأن ترجو لها تغييراً نحو الأفضل؛ على ألا يعني ذلك نسيان الفرق الكبير بين الأحلام والتوقعات من جهة، وبين المعلومات المؤكدة التي لا تقبل الشك والتدليس من جهة ثانية.. الخوض في الفتن والملاحم والنهايات، ومعركة هرمجدون والمهدي المنتظر، والسفياني الأول والثاني؛ أحاديث تكاد تتكرر مع كل حدث مفصلي يجري في العالم العربي، أو مع كل هبوب لرياح التغيير في نظام سياسي ما؛ فعند وقوع أي حدث تتفاجأ بمن يحاول إقناعك أنه مرتبط بنهاية العالم وقيام الساعة، أو يقول لك إن حدثاً هامشياً آخر وقع ولم يلتفت إليه أحد سيعني خروج السفياني أو المهدي المنتظر، وما يدهش حقاً أن هناك أشباه دعاة كثر يتحدثون اليوم باستفاضة مذهلة عن أشراط الساعة، والفتن والملاحم، والمهدي المنتظر؛ وكل ذلك خارج السياق الوعظي المعتاد، وكأنهم يقومون باستجابات غير مباشرة لما يردده العامة من تصورات متواضعة للحياة والنهاية والأحداث، مما يخلق فوبيا لا لزوم لها، وخصوصاً لدى صغار الشباب الذين يعشقون الغرائب والأسرار، وكل ما يتعلق بالميتافيزيقيا والماورائيات بشكل عام، وبالتأكيد فإن شحن المجتمع بمثل هذه المعلومات المغلوطة يؤدي إلى خلل كبير في طريقة البحث عن المعرفة، واستنفاد القدرات الفكرية فيما لا فائدة منه، والحديث عن نهاية العالم مغرٍ جداً، لكن الخوض فيه بطرق مبالغ فيها له عواقب وخيمة. (انتهى)
وهنا تقف رصدنا عدة وقفات امام هذا الخلط العجيب بين الغث والسمين، فصاحب المقال يشكل على من يسقط تلك الاحداث على أي واقع تغييري، وهو في ذات الوقت يسقط افكاره وقراءته الشخصية على عقائد لايفقه منها شيئاً، ولو كان مطلعا على العقيدة المهدوية لنأى بإتهاماته بعيدا عنها.
صحيح، ان اسقاط ماذكر في الملاحم والفتن على الواقع امر غير صحيح، كذلك لايعني هذا ان ينسحب الامر على ثوابت في عقائد المسلمين كعقيدة المهدي المنتظر التي عليها اجماع المسلمين، وان اختلفوا في بعضها، هذا من جهة ومن جهة اخرى فان اتهام من يؤمن بالغيب (الماورائيات والميتافيزيقيا) يؤدي الى خلل كبير، فهو امر فيه انحراف كبير، لانه يعارض نص القرآن الكريم الذي اثنى كثيراً على من يؤمنون بالغيب ووصفهم بالمتقين، اضف الى هذا كله ان الايمان باحداث ستكون في المستقبل، او تسليط الضوء عليها لايعني انها تسبب فوبيا او خوفاً لدى الاخرين، الا اذا تم تزييف تلك الحقائق وتلك الاحداث، بشكل مقصود، وعندها لن يكون الخلل في تلك الاحداث وانما في اسلوب الطرح والبيان.
و نشرت صحيفة (الوطن) السعودية في عددها ٣٣٨٧ في ٧ يناير ٢٠١٠ مقالاً بعنوان (فوبيا الرعب من نهاية العالم) وقد ربط المقال بين عرض الفيلم السينمائي (٢٠١٢) الذي زاد من فوبيا الرعب ونشر الذعر في قلوب بعض من يعتقد ان نهاية العالم آتية قريبا، وبالتحديد في ٢١ ديسمبر من عام ٢٠١٢، وبين من يجد في تجربة الانفجار الكبير، سبباً أو إشارة إلى قرب نهاية التاريخ على كرة الأرض، بل ونهاية الوجود بكامله. بحجة تصادم بروتونات بكامل قوة التصادم ستنتج كمية مهولة من الطاقة تكفي لدمار كوكب الارض.
نشرت (مدونات مكتوب) على موقع الياهو بتاريخ ٢٤/٩/٢٠٠٩ مقالا بعنوان (هلع وخوف من نهاية العالم) يوم ٢١ ديسمبر ٢٠١٢، مشيرا الى ان مانشرته وكالة ناسا حول كوكب (نيبيرو) Nibiru الذي سيقترب من الارض مسبباً سلسلة من الكوارث والحوادث،مشيرا الى ان هناك فلكيين يتآمرون على البشرية بادعائهم ان الارض ستمر في منتصف درب التبانة لتعلن نهاية حياة الكائنات الحية،مؤكدا ان هذا محض ادعاء كاذب لايؤيده أي دليل علمي اضافة الى ان بقية الوكالات الفلكية لم تعلن ولم تشر الى وجود هذا الكوكب. (انتهى)
وهذا دليل آخر على ان سبب الفوبيا وحالة الهلع والذعر التي يعانيها بعض الناس ليس سببها المهدوية، وانما سببها ما اشار له المقال المنشور في موقع (مركز النور) بتاريخ ٥/١١/٢٠١١ بعنوان (التاريخ يبدأ غدا) الى ان هناك ثقافة عامة في الغرب وفي امريكا تحديدا تشير اليها حتى اغلب قصص السينما الامريكية، وهي ان المستقبل يحمل كارثة مدمرة للبشرية ، وهي اما غزو فضائي , او كارثة طبيعية , او زلازل او غير ذلك. (انتهى)
والقراءة الدقيقة لاسباب وجود وانتشار تلك الثقافة في الاوساط الغربية وتسربها الى المجتمعات الاسلامية عبر الغزو الثقافي والفكري يرجع لسببين، اولهما ديني كما اشارت الى ذلك مجلة (التسامح العمانية) في عددها ٢٦ وفي مقال بعنوان (مسار حركة الاديان في العالم) حيث يقول المقال: ان الدين يبدو حاضراً وبقوة في كل الأحداث والقضايا الكبرى في عالم اليوم، وكان على العالم أن يتجه مرة أخرى للبحث والتنقيب في مسارات الصعود الجديد للظاهرة الدينية بعد أن أفلت مقولة المدنية العلمانية، التي ظلت زمنا تحكم مسار دراسات الاجتماع الديني، وايضا الى ضرورة تغيير التصور التقليدي للإنترنت في علاقته مع الدين، من أنه وسيلة لنقل المحتوى الديني،ولا بد من معرفة إلى أي مدى يمكن أن يؤثر الإنترنت في المضمون الديني نفسه من عقائد أو طقوس، مشيرا الى ان هناك تخوفا واسعا من الإسلام، حتى انه بات مصدراً للخوف الديني الجديد الذي يخلف الخوف القديم من الطوائف الدينية في الغرب، ولتلافي حالة التحول الديني (اعتناق الاسلام) هناك لابد من تشويه عقائد الدين الاسلامي من خلال توجيه النقد لها. هذا ما قاله (جان فرانسو ماير) الباحث السويسري في الاديان الحاصل على شهادة الدكتوراه من جامعة ليون في فرنسا ضمن لقاء اجراه معه صاحب المقال المنشور في (مجلة التسامح) واكد جان فرانسو: الى ان النقد الموجه للإسلام في الغرب لن يمنع الناس من الاهتمام بالإسلام وبالتحول الديني للإسلام. (انتهى)
والسبب الثاني لوجود وانتشار ثقافة الخوف من نهاية العالم بشكل عام، والمهدوية بشكل خاص هو الجانب الاعلامي الذي يسعى لتشويه صورة العقيدة المهدوية، وهذا ما اشارت له تصريحات علماء الدين في اكثر من مناسبة.
وهذا التشويه العالمي للمهدوية تسرب الى الاعلام المحلي ايضاً مما دعا (الشيخ مكارم الشيرازي) وكما نشرت ذلك شبكة (الفجر الثقافية) نقلا عن (وكالة الانباء القرآنية العالمية) بتاريخ ٢٥/٩/٢٠١٠. الى بيان خطورة هذا الامر منتقدا بعض وسائل التبليغ والاعلام الخاطئ حول ظهور الامام المهدي عليه السلام، وقال: ان البعض يطرحون موضوع ظهور الامام المهدي عليه السلام بشكل يجعله مخيفا للناس، وهؤلاء يروجون للخوف من المهدوية وليس التمهيد للظهور.
ولخطورة دور الاعلام في هذا التشويه الحاصل للعقيدة المهدوية دعت (مجلة النبأ) في عددها ٥١ في بحث بعنوان (حقيقة المهدوية ودلائل الغيبة) الى ضرورة بيان الصورة الناصعة والصحيحة للأمام المهدي عليه السلام ورفع التشويه الاعلامي المخادع بأنه سيقتل ويصلب ويسجن ويجلد وغير ذلك، بل يعمل عمل الأنبياء لإصلاح النفوس ورفع الأمراض وإرجاع الصحة والأمان ونشر العدالة ورفع الظلم، فهو كما قال امير المؤمنين عليه السلام واصفا رسول اللهN: (كان طبيبا دوارا بطبه)، فاذا اراد قتل احد فانما يقطع الجراثيم المعدية من المجتمع لئلا يسري الفساد، فلم الخوف منه بل لابد من التباشر به وبهذا نعرف سر كون الانتظار من افضل الاعمال.(انتهى)
وفي المضمون نفسه اشار مقال مجلة (الفرات الالكترونية) في عددها ٨١ بعنوان (الاعلام والعقيدة المهدوية) الى ضرورة اعتماد النظرية الصحيحة والابتعاد عن الخرافات وكل ما من شأنه تشويه هذه النظرية المباركة (العقيدة المهدوية) بالاعتماد على الأدلة الصحيحة، وهذا يحتاج إلى جهد علمي معمق، وبحث متواصل لإرساء أسس عقيدة صحيحة معتمدة على الأدلة الشرعية الواضحة من المنابع الأصيلة للإسلام المتمثلة بالقرآن والسنة الشريفة المقدسة على ضوء منهج للبحث المهدوي توضح أسسه ومبادئه ليشكل منهجا أساسيا لبحث الفكر المهدوي. والسعي الجدي لتنقية العقيدة المهدوية من الخرافات التي لحقتها من عمل الدجالين الذين يوظفون الدين لخدمتهم، فقد مرت هذه العقيدة بمراحل حاول فيها أتباع المصالح الخاصة وضعاف النفوس الدس لحرفها هذا من جهة ومن جهة أخرى هناك ضعاف العقول والبسطاء الذين حملوا هذه العقيدة الأثقال الخطرة التي شكلت في النهاية تراكم من الخرافات والخزعبلات، وحقل من الألغام التي تهدد هذا البناء المبارك.
اضافة الى ذلك لابد من عرض العقيدة المهدوية بشكل واضح وشفاف يمكّن عموم المؤمنين من فهما وهضمها واستيعابها، فإن الساحة العريضة من المجتمع لها الحق في أن تستوعب أبعاد اليوم الموعود، وان تساهم في الإعداد لذلك اليوم المشهود. والاستفادة الجادة من العنصر الشبابي سواء في مجال البحث والدراسة او مجال النشر والتوضيح. وهذا كله لا يكون الا بوجود عملية إعلامية كبرى منسقة ومدروسة. (انتهى)
اما (شبكة النبأ) فقد وصفت في مقال نشرته بعنوان (المولد المهدوي وصناعة العدل الإسلامي) ان المحاولات التي نراها لتشويه حقيقة المهدوية تنطلق خوفا من الشعار الذي تحمله العقيدة المهدوية المكنونة والمنبعثة من العقيدة الإسلامية، إنه شعار: العدل في العالم (يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا).
كلمة رصدنا
اتضح للقارئ الكريم ان ليس للمهدوية اية علاقة بحالة الفوبيا او الخوف المرضي الذي تعاني منه بعض فئات المجتمع العالمي او المحلي، وإنما السبب يكمن في وسائل بيان المهدوية للمجتمع وما تضمره من غايات التشويه لهذه العقيدة عبر التبليغ الإعلامي او الديني، فهؤلاء يرون الحضارة العظيمة الاتية , الحضارة الكونية التي سوف يقيمها الإمام المهدي عليه السلام نهاية لحضارتهم، وهم من ذلك يتوجسون, ويخافون ولعلهم محقون في مخاوفهم .. فالحياة التي بنيتْ على كل ما فيه معصية لله تعالى , لابد لأصحابها ان يترقبوا النهاية دائما، مهما طال الزمن.
هذا من جهة المغرضين، أما من جهة المتأثرين بتلك الادعاءات والذين لديهم خوف وهلع مما تحمله المهدوية، فنقول لهم ان الدواء عند أمير المؤمنين عليه السلام حيث قال عليه السلام: (اذا هبت أمرا فقع فيه فإن شدة توقيه أعظم من الوقوع فيه) بمعنى ان من يخاف المهدوية وما تحمله من أحداث مستقبلية فليتفضل بقراءتها من معينها الصافي وليطلع على حقيقتها من أهلها لا من أعدائها، فهو أفضل من البقاء على خوف منها، ومن ثم الندم يوم لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا.