تمهيدنا شعبان الامل
تجذب الإنسان مجموعة من العوامل، تأخذه جملة من القضايا، يعيشها يؤثّر فيها وتؤثّر فيه، ومن بين أبرز ما ينجذب إليه الإنسان السرور والابتهاج للأحداث السارّة والأخبار المفرحة والوقائع المريحة، وتتصاعد غمرة الابتهاج لديه كلما كبرت تلك الأمور وتعلقت بها خيوط النفس، فمن يحبّ شخصاً مثلاً فإنّه يبتهج لكل حدث موجبٍ لسرور ذلك الشخص، ويصل الأمر بالمحب أنْ يفنى في سبيل أن يعيش المحبوب حالة السرور، وتمثل هذه الحالة للمحبّ وهي حالة الفناء والذوبان وانعدام الذات، أرقى حالات الإبتهاج النفسي والروحي.
ولا نبالغ إذا وصفنا هذه الحالة بأنّها من بين الحالات الوجدانية الأبرز التي يعيشها البشر.
وفي شهر شعبان الأغر الذي يحمل بين جنبتيه، ويقدم للمحبين على راحة كفيه ولادة من وصف في روايات أهل العصمة والتقى بمسعد البشرية ومفتاح السرور.
ونحن نبتهج لما يسرّ الإنسان العادي، وذلك إذا أحببناه، ونحتفل إذا صادفته في يومٍ بهجة من بهجاته ومسرّة من مسرّاته.
فكيف بيوم ولادة أغلى محبوب يحمل أثمن قضية، ويقدّم جوهرة السعادة الكاملة للبشرية، ذلك الشخص الذي تعلقت به آمال الجميع وانعقدت بظهوره مسرّات الكون، وسينبلج بظهوره مكنون السعادة وحقيقة الفرح، ذلك الظهور الذي ستمحو به يداه الكريمتان كل ظلم، وستزيل كل واقع مر.
فكيف بمحبّي هذا الشخص في النصف من شعبان، إذ بزغت شمس ولادة منتهى السعادة التي غيّبها الظالمون، وأبعدتها النفوس المريضة؟ كيف هي إذن ابتهاجة هؤلاء بيوم هكذا وصفه، بيوم يقدّم مثل هذا المولود؟
إنّه لابّد لمن يحتفل ويسعد في هذه الأيام أن يستحضر أنه يسعد لأنَّ السعادة، ولأنّ السرور، ولأنّ الفرج، ولأنّ الحق قد ولد في هذا اليوم، وإنّه سيتحقق بصاحب وبمولود هذا اليوم.
هكذا ينبغي لنا أنْ نحيي شعبان، وأن نوجد في شعبان ثقافة أننا نحيي القيم والمبادئ، ونحتفل لأجل الحق، لنرسم لوحة السعادة البشرية بولادة منقذها في هذا الشهر البهيج.
رئيس التحرير