وسائل بناء العلاقة مع الامام عليه السلام
السيد علي الحكيم
إنّ هناك مجموعة من الوسائل والطرق لبناء العلاقة السليمة مع الإمام الحجة عليه السلام. فالعلاقة لا بد أنْ تتناسب مع مقام الإمام عليه السلام من جهة، ومع بركاته، وما نعيش به من مننه عليه السلام من جهة اخرى، ويمكن إجمال هذه الطرق بما يلي:
أولاً: دراسة آثار الإمام عليه السلام وما يتعلق به:
إن الإمام عليه السلام هو الإمام الحي الواجب الإتباع والذي نرتبط به، ببيعتنا له في رقابنا، وحينئذ لا بد من تعويض عملية عدم اللقاء به والتشرف بخدمته، بدراسة الأمور المتعلقة به عليه السلام كافة، من حيث حياته وصفاته وتاريخ غيبته وتاريخ الغيبة الصغرى وما جرى فيها من احداث واتصال مع الإمام عليه السلام بواسطة سفرائه، وأيضاً من المهم جداً دراسة الروايات الواردة في ما يتعلق بالغيبة الكبرى، وما يجري فيها من علامات الظهور له عليه السلام، فإن هذه الدراسة لها أثرها الكبير في حياة الإنسان المؤمن وعلاقته بالإمام صاحب الأمر عليه السلام من حيث مجموعة من الأمور، منها:
١. زيادة المعرفة بالإمام عليه السلام، التي لها أثرها الكبير في سلامة العقيدة وزيادة الأجر والثواب، وعظم المقام عند الله سبحانه وتعالى، فالإيمان بالإمامة من المسائل العقائدية المهمة جداً، وبالتالي كلما ازداد التعمق في المسائل العقائدية وترسخت القضية العقائدية في نفس الإنسان المؤمن، كلما كان ذلك ادعى لزيادة الأجر والثواب وعمق المعرفة به عليه السلام.
فالمعرفة المطلوبة بإمام الزمان والتي تعد من الأمور الواجبة لها عدة مراتب، فكلما ازدادت هذه المعرفة زاد إيمان الإنسان، وكلما قلت كان ذلك سبباً مؤثراً على الحالة الايمانية له.
٢. الإحساس بحياة الإمام وتلمس آثار وبركات حياته عليه السلام وتأثيرها في حياتنا، فعندما يعرف الإنسان أن الإمام يعيش فيما بيننا، وأن اعمالنا تعرض عليه، وأن له تأثيرات كثيرة في حياتنا، وانه أحد أهم عوامل البركة، بل أن الكون وترابطه والمحافظة عليه انما هو بسبب وجوده الشريف، فكلما عرف الإنسان ذلك كلما تفاعل مع قضية الإمام، على انها قضية يعيشها يوميا لا انها مجرد فكرة سوف تحدث في مستقبل الأيام.
٣. في دراسة الروايات الواردة في ما يتعلق بالإمام الحجة عليه السلام يجد الإنسان المؤمن منهجاً حياتياً كاملا له، وذلك من خلال دراسة فترة الغيبة الصغرى والغيبة الكبرى، وما جرى فيهما على شيعة آل البيت عليهم السلام، وكيفية تدخل الإمام عليه السلام في حل الكثير من الإشكالات القائمة، ودفع المسيرة ببركة وجوده الشريف، فكل ذلك يعطي للإنسان منهجاً في حياته، وكيف يمكن أن يتحرك ويتفاعل مع الأحداث في زمن غيبته عليه السلام.
٤. عندما ينظر الإنسان إلى الدنيا وما يجري فيها من غلبة الكفر وضعف المسلمين وهوانهم، يعيش حالة اليأس والقنوط والحيرة في طريقة العمل للنهوض بهذه الأمة وإرجاع مجدها الغابر، ولكن عندما يرجع إلى الروايات الواردة بشأن الإمام الحجة عليه السلام يجد الأمل، ويجد الضوء في نهاية النفق المظلم، وهكذا يعيش الإنسان الموالي لأهل البيت عليهم السلام حالة الأمل الذي يضفي السعادة على حياته، وما أقسى الحياة من غير هذا الأمل؛ لذلك نلاحظ ان شيعة آل البيت عليهم السلام طيلة مسيرتهم الممتدة خلال الخمسة عشر قرناً الماضية تحملوا ما لايستطيع غيرهم تحمله؛ باعتبار أنهم يعيشون المستقبل ويعيشون الأمل.
ثانياً: من خلال الدعاء للإمام عليه السلام:
من الأمور التي أكد عليها أئمة أهل البيت عليهم السلام كثيراً هو الاكثار من الدعاء للإمام الحجة عليه السلام والطلب إلى الله سبحانه وتعالى بتعجيل فرجه الشريف، فالإنسان المؤمن لكي يعيش حالة الارتباط وتقوية العلاقة مع الإمام عليه السلام، لا بد ان يواظب على الدعاء له عليه السلام، لما للدعاء من آثار وبركات عجيبة، حتى ان بعض العلماء الف مصنفاً من جزءين باسم (مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم) يذكر فيه الفوائد والاثار المترتبة على الدعاء للإمام عليه السلام.
إن مسألة الدعاء للإمام عليه السلام تزيد من حالة الارتباط به، خصوصاً إذا التزم الإنسان بتقديم دعائه للإمام قبل الدعاء للوالدين والنفس، فإن ذلك يستدعي حالة الارتباط بالإمام ويمثل اهتمام الإنسان به عليه السلام، وتدريجياً تزيد هذه الحالة مسألة الارتباط، وتقوي العلاقة معه عليه السلام.
ثالثاً: الزيارة والمناجاة:
من وسائل الارتباط وتقوية العلاقة بالإمام عليه السلام هي مسألة الزيارة، ونحن نعلم ما لزيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل البيت عليهم السلام من الفضل والفضيلة، وأهمية هذه الزيارات ودورها في تقوية التشيع والارتباط بالنبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة الأطهار، وإن كان من المتعارف زيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وآل البيت عليهم السلام عند أضرحتهم وقبورهم، فإن من اللازم أيضاً زيارة الإمام الحي الذي نرتبط به ارتباطاً مباشراً، فنحن وإن كنا نوالي جميع الأئمة عليهم السلام ونؤمن بهم، إلا أن ما يميز الإمام المهدي عليه السلام انه الإمام المفترض الطاعة الذي له بيعة في أعناقنا، فمن الضروري الالتزام بزيارته؛ إظهاراً للولاء وتوثيقاً للعهد له عليه السلام، وخصوصاً الزيارة المعروفة بزيارة آل ياسين حيث خرج التوقيع من الناحية المقدسة، كما يروي ذلك محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري ... إذا أردتم التوجه بنا إلى الله والينا فقولوا كما قال الله سبحانه وتعالى: (سلام على آل ياسين) السلام عليك يا داعي الله ورباني آياته السلام عليك يا باب الله وديان دينه ...الخ.
والأمر الآخر الذي لا بد للمؤمنين من الالتزام به، هو الاستشفاع به عليه السلام في جميع حوائجنا وطلباتنا، فهو وسيلتنا إلى الله سبحانه وتعالى، بالإضافة إلى مسألة تخصيص وقت في كل يوم ولو لمدة دقائق معدودة يخصصها الإنسان للمناجاة مع صاحب الأمر والزمان، فهو يطلع على كل ما يصدر منا، ولا يتصور أحد أن هذه المناجاة لا تصل إليه. فليناجه الإنسان بهمومه وآلامه، بأفراحه وأتراحه لأنه الإمام الحي المسؤول عنا، فهو سيدنا وإمامنا وولي أمرنا.