قصة قصيرة
_ إنّه بقيّــة اللّـــه _
محمد حسن عبد
عُرف الحاج أمين في مدينته الكاظمية, بصدق اللهجة وحبّ مساعدة أهل بلدته والزائرين.
أتاحت له مهنته (حلاقاً) أن يقدم المساعدة للآخرين.. وكان الحلاق يوم ذاك يقوم إلى جانب الحلاقة بأعمال الختان, و لايتردّد عن القيام بعمليات الجراحة الصغرى.
وذات يوم والحاج أمين في دكانه كعادته, جاءه رجل كان قد وفد على هذه البلدة لزيارة مرقدي الإمامين الكاظمين عليهما السلام.. كان الرجل في حالة يرثى لها .. لقد أنتشرت في أنحاء جسمهِ _والعياذ باللّـه_ عـــدّة غــدد وأورام أصابت حتى لسانه .. كان الرجل يتأوّه من آلامــهِ.
طلب هذا الزائر من الحاج أمين أن يستأصل هذه الغدد.. لكنه تردد عن القيام بذلك هذه المرّة.. مع أنه رق لحاله ولغربته وصعوبة ما يعانيه.. إذْ وجد الأمر فوق طاقته..
قصد الحاج طبيباً جراحاً من الحاذقين.. اصطحبهُ إلى دكانهِ.. فقام بفحص المريض.. ثم التفت إلى الحاج قائلاً:
- يا حاج إنّ مرضه خطير وقاتل .. ولابدّ من إجراء عملية استئصال لهذه الغدد.. ولكنّ احتمال نجاح العملية ضئيل..
وإن لم يمت الرجل بها فإنّه _في أحسن الأحوال_ إضافــةً إلى العرج.. سيصاب بالخرس.
ذهب الحاج أمين بمريضه إلى أطباء آخرين وكانت نتيجة الفحص .. أن كرّر الأطباء ما قاله سابقهم.
رجع الحاج أمين بكثيرٍ من القلق و الإضطراب.. وقد سيطر عليه الحزن والأسى.
لقد فارقه الزائر وقضى هو ليلته حزيناً يفكرُ في مصير مريضه المسكين.. ويدعو له بالشفاء العاجل.
وكانت المفاجأة.. فبينما الحاج في دكانه في صباح اليوم التالي وإذا بصاحبه يفاجئه بطلعةٍ جديدةٍ.. وقد طفحت على محيّاه علائم الحيويّة والنشاط والصحة والبهجة.. وهو يلهج بصوت مسموع.. مردّداً شكره لله سبحانه وتعالى.. والدعاء لإمام زمانه عليه السلام.. ثم الصلاة على محمد صلى الله عليه وآله وسلم وآله.
قال الحاج أمين لصاحبه باستغراب:
- أأنت نفسك مريض البارحة؟!
أجاب الزائر تملؤه فرحة عارمة:
- بلى أنا هو.. لقد ودّعتك البارحة وأنا موقن بقرب حلول أجلي.. فقررت أن أذهبَ لزيارة إماميّ الجوادين كي أودّعهما.. لقد دخلت الحرم المبارك.. وهناك التقيت ذا الطلعة الرشيدة والغرة الحميدة.. أجل لقد التقيته هناك. فمسح بيده المباركة على رأسي وبدني.. فذهب ما بي بالكامل.. لكن ّإمامي عليه السلام غاب عنّي.. ودموع الشوق تملأ عينيّ.
ابتهج الحاج أمين بما رأى وسمع.. ثم قال للزائر:
- هلمّ نذهب إلى الطبيب المختص مرةً أخرى.
أكّد الطبيب الشفاء الكامل لهذا الزائر.. ولكنْ هذه المرة بمعجزة من وليّ الله.. وبقدرة الله.
ولا عجب:
فإنّــــهُ بقيّــــة اللّــــه عليه السلام.