التمهيد للظهور / انتظار الفرج
الدكتورة بشرى العطار
إنّ انتظار الفرج يعني انتظار الدولة الإسلامية المباركة بقيادة وليّ الله الأعظم عليه السلام وكما ورد في الزيارة (وَعَلَيْكَ إلاّ مُتَّكَلاً وَمُعْتَمَداً، وَلِظُهُورِكَ إلاّ مُتَوَقِّعاً وَمُنْتَظِرَاً، وَلِجِهادي بَيْنَ يَدَيْكَ مُتَرَقِّباً).
الانتظار هو فرع الشوق، والشوق فرع المحبة، والمحبة تستلزم المتابعة والطاعة، والقران الكريم يخاطب من يدّعي الحب لله ولايتّبع رسوله فيقول (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) فالإمام المهدي عليه السلام في زمان الغيبة له عناية ببعض محبّيه المنتظرين له، فهؤلاء بالنسبة لهم لا يفرق زمان الظهور عن زمان ما قبل الظهور لانّهم يستشعرون وجوده عليه السلام دائما.
إنّ المنتظر الحقيقي هو الذي يكون على أهبة الاستعداد ليلبّي نداء الإمام الحجّة عليه السلام حين يأذن الله له بالظهور، وها هو إمامنا الصادق عليه السلام يقول (من سرّه أن يكون من أصحاب القائم عليه السلام فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر).
انتظار الفرج يخالف تماما مفهوم تمنّي الفرج، فالزارع مثلا يحرث الأرض ويرعاها ثم يبذر البذور ويسقيها، ثم ينتظر المحصول، ونوعية هذا المحصول يتناسب طرديا مع مقدار الجهد الذي بذله الزارع . وكذلك الإنسان الرسالي بتورعه عن محارم الله وانتهاجه لسيرة نبي الرحمة وأهل بيته عليهم السلام يكون قد هيّأ التربة الصالحة لمنقذ البشرية (الحجة عليه السلام) ليقيم دولته المباركة.
الانسان الذي يحمل همّ الرسالة وهمّ الدين يعبّر عن مستوى راق من التفكير والمسؤولية فهو يعيش هذا الهمّ ويعيش الضيق، لعدم ظهور الإمام عليه السلام (عزيز عليّ أن أرى الخلق ولا ترى) هذه العبارة لسان حال كل متألّم يعيش محنة الغيبة.
هناك صنف من الناس لا يهمّه سوى زوجته وعياله فإذا كانوا بخير فالإسلام على خير (رَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا) فهكذا أناس لا يعيشون انتظار الفرج، وهكذا صنف من الناس لايريدهم الإمام عليه السلام في دولته، أمّا الذي يبقى في خط الولاية وخط الانتظار فهم من سيحظى بشفاعة الإمام عليه السلام، لذا علينا أن نوصل حبالنا به عليه السلام في عالم المحبة والاعتقاد والموالاة، فكلما زاد الإنسان قربا من وليّ أمره زاد قرباً من الله عزّ وجلّ وانه عليه السلام له عناية خاصة ببعض محبيه والمنتظرين له، فهؤلاء بالنسبة لهم لا يفرق زمان الظهور عن زمان ما قبل الظهور لانهم يستشعرون حضور الإمام عليه السلام في كل وقت من حياتهم، ومصداق ذلك قول الإمام العسكري عليه السلام لولده الحجة: (واعلم أنّ قلوب أهل الطاعة والإخلاص نزّع إليك مثل الطير إذا أمّت أوكارها).
إنّ الناس ينتظرون الإمام عليه السلام والإمام عليه السلام ينتظرهم, وانتظار الإمام عليه السلام لنا هو الذي يجب أن يحركّنا في الحياة، فمما لا شك فيه انّ الإمام لو أراد أن يخرج خروجاً إعجازياً معتمداً على قوى ما وراء الطبيعة لآثر أن يخرج منذ ولد عليه السلام ولكن انتظار خروجه يتوقف على عناصر مادّية في حياة الأمة والفرد بصورة خاصة.