لا تستغربوا
مجموعة من النقولات التاريخية تهدف إلى رفع حالة الاستغراب التي تنشأ من الادعاءات الكاذبة. إذ يرصد وعبر التاريخ أسماء من ادّعوا الإلوهية أو النبوة أو الإمامة أو البابية والنيابة أو غيرها
هيئة التحرير
نحن في زمان كثر فيه ادعاء الباطل وأهليّة من ليس بأهل لتسنّم المناصب الروحية، وعلى مختلف المستويات، ولكي لا نستغرب عندما نواجه دعوة من مثل هذه الدعاوى فلابدّ لنا أن نبرز قضايا قديمة وحديثة تتحد موضوعاً مع موضوع هؤلاء الادعياء، بينما لا نستغرب من تلك ونستغرب من هذه.
ففكرة لا تستغربوا تعتمد على ذكر الأشباه والنظائر ممن ثبتت حالة الانحراف لديهم مع وجود أتباع لهم ومريدين كثيرين جداً يؤمنون بهم على أنهم عناصر هدى وحق وإسعاد وخلاص بينما _وبعد فترة من الزمن_ يتبيّن للأتباع قبل غيرهم إنحراف هؤلاء، من هنا تأتي أهمية أن نأتي بأهمية هذه الأشباه والنظائر ونكثر من بيان الحالات التي كانوا يستدلّون بها على حقانيتهم ويصورونها على أنها أدلّة لدعواهم، بينما تبيّنت بعد ذلك أنها من المتشابهات، ولا تحمل من حقيقتها إلاّ الألفاظ.
وهذا ما تهدف إليه _لا تستغربوا_ إذ أنها لا تريد بالضرورة أن تقدم الأدلّة العلمية لتزييف دعاوى أهل الباطل والضلال، بقدر ما تريد أن تضع المواد المتشابهة والعناصر التي كانت لها نفس الحظوة التي يتمتع بها هؤلاء إلاّ أنّه تبين انحرافها وزيف مدّعياتها فيأتي التساؤل في نفس كل قارئ أنّه ما فرق هؤلاء عن أولئك.
وهذه بعض الأمثلة، نطلعكم عليها ... فلا تستغربوا ...
الإله المتقاعد _كوماري_:
في (كاتاماندو) عاصمة مملكة النيبال، المملكة الهندوسية الوحيدة في العالم المستظلة تحت جبال الهمالايا، وفي معبد (ميربار) الذي يسمى بـ(منزل كوماري) في هذا المعبد الخشبي المزخرف يتم اختيار الإله الحي، الطفلة التي لم تتجاوز من العمر أربعة أعوام حيث تنصب إلهاً للناس ليركع أمامها الملك وجميع الشعب فتصبح رباً وإلهاً يجب على الجميع الخضوع له وعبادته وطاعته، بما فيهم الملك والرهبان الذين اختاروا هذا الإله قبل أن ينصب بعد أن يمر بمجموعة كبيرة من الاختبارات ويكون حائزاً على مواصفات تبلغ الاثنين وثلاثين، تبدأ من الأسرة ودور الحضانة إلى ساقيها وخدودها وشعرها ولون عينيها وصوتها مروراً بمواصفات كثيرة يجب أن تجتازها، فضلا عن الطقوس العبادية المستهجنة التي تمر بها حتى تصبح إلهاً حيث تذبح العديد من الجواميس والخراف وتوضع رؤوسها المقطوعة في غرفة مظلة ثم توضع الطفلة ذات الأربع سنوات طوال الليل في هذه الغرفة فإذا بكت أو رجفت أو نامت أو امتنعت عن الدخول لن تكون إلهاً، أمّا إذا دخلت أو صلّت أو رقصت أو قامت بأيّ عمل آخر، فهو دليل على نجاحها وتربّعها على عرش الإله وبعد أن يعلن الرهبان صيرورتها إلهاً يركع أمامها جميع الشعب بما فيهم الملك باستعراض شعبي جماهيري كبير.
(كوماري) الطفلة التي يعبدها شعب كامل تجلس في غرفة صغيرة في المعبد تتزين باكثر من ثماني كيلو غرامات من الزينة وعليها أن تلبس هذه الحلي طيلة ساعات النهار لاستقبال الزوار متزينة بالحرير الأحمر، وتظهر بالعينين السوادوين المكحلتين بكثافة، وعلى جبهتها عين ثالثة مرسومة وهذه القطع التي تلبسها الكوماري ذات دلالات دينية خاصة.
هذا الإله الصغير السن يتمتع بالقداسة من حين اختياره إلى أن يبلغ سن الرشد، أما بعد بلوغها أو تعرضها لخدش أو نزيف فانها تفقد الوهيتها وتعود مواطنة عادية ويجب على الشعب أن يتوقف عن عبادة هذا الإله، وتبدأ عملية البحث عن الإله الجديد مرة أخرى.
سكان مملكة النيبال التي يبلغ تعداد ٢٣ مليون نسمة يعتقدون أن مصير البلاد مرتبط بتصرفات الإله الطفل، فكل حركة لها دلالة، فالغضب يدل على منع السماء المطر، والدمعة من عينيها تعني الفيضان، وإن اهتزت اغضبت الملك وكل حركة هناك لها دلالة خاصة.
أجرت بعض الصحف ووسائل الإعلام مجموعة من اللقاءات مع بعض الإلهة المتقاعدة وعبّرت هذه الإلهة عن شعورهن بخيبة الأمل عند إنتهاء دورة الإلوهية والإحالة على سن التقاعد حيث تبقى هذه الإلهة المتقاعدة في عزلة ولا تتمتع بحرية من الحركة ولا يحق لها الزواج أو الدراسة أو أي عمل آخر، فضلاً عن فقدها منصبها وكونها إلهةً للشعب.
تطالب جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان بالتدخل من قبل الجهات المختصة لمنع هذه الطقوس باعتبارها تجاوزاً على حقوق الإنسان وتضييقاً على حريته وتعدٍ على كرامته.
هذا هو مصير الإله الذي يختاره الناس فهو إله متقاعد لا حول له ولا قوة بعد أن تنتهي دورة إلوهيته، ثلاثة وعشرون مليوناً يتّبعون إلها من صنع أنفسهم، وفي هذا الزمان الذي بلغ فيه الرقي الإنساني إلى أعلى مراتبه، ثم بعد ذلك يتقاعد هذا الإله ويصبح حبيس الدار ويفقد كل خصوصيات الإلوهية من القدرة والتحكم والسيطرة.
هذا هو مصير الإله الإنساني ينتهي إلى التقاعد ..... فلا تستغربوا.
نبي الأرقام ورسول الميثاق:
محمد رشاد عبد الكريم خليفة، مصري من مدينة (كفر الزيات) بمحافظة الغربية ولد ١٩٣٥ وتوفي مقتولا في ١٩٩٠، نال بكالوريوس في ١٩٥٧، وحصل على الدكتوراه في الكيمياء الحيوية من جامعة كاليفورنيا من امريكا ١٩٦٤، تربّى في أحضان والده عبد الكريم خليفة الذي كان أبرز شيوخ الصوفية في طنطا، ترجم القرآن الكريم إلى اللغة الانكليزية شعوراً منه بأهمية القرآن الذي أراد تعليمه لأولاده في امريكا.
ظهر بفكرة الإعجاز العددي القراني في عام ١٩٧٢ وله بحث بعنوان (عليها تسعة عشر) ويعتبر خلاصة لنظريته العددية في القرآن. وقد تطورت عملية البحث لديه بقضية الأعداد بالقران الكريم وعلم الجفر وغيرها.
إدعى دعوى مفادها أن المسلم لا يحتاج إلاّ إلى كتاب الله وحده، فمن خلال الكتاب يتمكن أن يعبد الله سبحانه وحده دون الرجوع إلى الأحاديث القدسية.
ادّعى أن أحاديث النبي وسنته ليست إلاّ افتراءات ألصقها أعداء الله بالدين الإسلامي ثم تطور فادّعى أنه رسول القرن العشرين وأن النبي محمد خاتم النبيين وليس خاتم المرسلين، حيث كان يروّج لهذه الفكرة من مسجده في مدينة توسان بولاية اريزونا الامريكية، إذ أعلن من هناك أنه رسول الله وأنه رسول الميثاق المذكور في القران في سورة آل عمران الاية (٨١) (وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ ميثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَ لَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَ أَقْرَرْتُمْ وَ أَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْري قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَ أَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدينَ) .
يدّعي رشاد خليفة أن ذكر النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم في الأذان وفي الصلاة شرك ويجب حذف اسمه منهما.
ويرى أن المسلمين اتخذوا من قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم صنماً أعظم، ويقول إن هناك آيتين شيطانيتين أضيفتا للقران من اجل تمجيد النبي محمد وقال إن هاتين الايتين مدسوستين على القرآن وهما قوله تعالى (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَريصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنينَ رَؤُفٌ رَحيمٌ*فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظيمِ).
يقول رشاد بما أن القرن نزل قبل ١٣ عام من الهجرة فإن الأعوام من بداية نزول الوحي إلى تاريخ اكتشاف نظريته عام ١٩٧٤ هي ١٤٠٦ أعواماً قمرية ويقول أن هذا العدد دليل على أنه رسول لأنه يقبل القسمة على ١٩ فإن
١٤٠٦= ١٩× ٧٤ كما أن العددين ١٩ و٧٤ هما العددان المركبان للعدد ١٩٧٤ وهو تاريخ اكتشاف نظريته كما أن العدد ١٩ نفسه قد تم ذكره مرة واحدة في القران في سورة المدثر رقم ٧٤.
حقاً إنها لمهزلة وضحك على الذين يعيشون في القرن العشرين وقد آمنوا بهذا النبي الأضحوكة _رشاد_ فبمقدار ما يضحكنا حديثه عن الأدلّة التي يستدل بها يبكينا ويعتصرنا الألم بأن حال الأمة وصل إلى هذا المستوى من الابتعاد عن الموازين، والتشبث بالقشاشة بدلاً من حبل الله المتين .... فلا تستغربوا ممن يدعي ما هو أدون.
سفير السفير وباب المولى:
عبد الوهاب حسن أحمد البصري (البحريني), حفلت حياته بتاريخ متناقض مضطرب, يثير الشكوك والشبهات والغموض, فقد رحل في أول عهده إلى إيران لتعلّم العلوم الدينية, ثم رحل منها إلى موسكو, ثم توجه إلى الهند لتعلم السحر وفنون الشعوذة, وبعدها إلى إحدى الدول الأوربية لتعلم اللغة الانكليزية, وتوج رحلاته تلك في البحرين بعنوان مناضل.
جلال القصاب
يقول أحد الملازمين له: (إنه دخل لنادي العراة في الهند التي تشارك فيه نساء عاريات, وإن عبد الوهاب قد أخذ دروساً في فن قراءة الفنجان وقراءة الكف).
أسس عبدالوهاب (جماعة السفارة) في البحرين وأطلق عليها أيضاً (باب المولى), حيث ادعى في سجن (جو المركزي) في المنامة/ البحرين أنه يتصل بسفير الإمام المهدي عليه السلام في المنام, وأنه يتلقى الأوامر والنواهي عنه, تعتمد دعوة عبد الوهاب البصري على الرؤى، وفحوى تلك الرؤى أنه، أي عبد الوهاب البصري، كان يرى الإمام الحجة عليه السلام, وبعد فترة من تلك الرؤى ادعى أن الإمام المهدي عليه السلام أخبره أنه لن يأتيه في المنام, وأنه سيبعث له (السفير الثالث) الحسين بن روح النوبختيH ليكون حلقة وصل بينه وبين الإمام عليه السلام.
رضا احمد رجب
من ادعاءاته أن الإمام الحجة عليه السلام يبعث عصفوراً يراقب جماعته اسمه (فرقد), وأنه ينقل له ما يحدث بينهم, فاخذ البعض يصمت حينما يرى أي عصفور, وعندما يناقشه شخص أو يعارض يغضب ويدعي بأن هذا الشخص قد أغضب الإمام الحجة عليه السلام وأنه يحاربه.
عيسى الشارقي
من مدعيات جماعة السفارة:
أنه لابد للوصول للكمال من أن يجعل الله تعالى ما يقربهم من الوصول إلى ذلك, ولا يصلون إلى ذلك إلاّ بأن يعين المولى الإمام عليه السلام باباً له, ليطّلع الناس على الحقائق من أجل الإعداد للظهور, وهذا الإعداد يسمّونه بالظهور الأصغر تمهيداً للظهور الأكبر, وهو ما يقتضيه الوصول إلى الكمال, وبالتالي يستغنى عن الفقهاء, لأن الفقهاء يعيشون مرحلة الحكم الظاهري, وأن العيش في فترة الحكم الظاهري قد انتهت بظهور (باب المولى) الذي يرجع للإمام عليه السلام مباشرة, ويكون الإمام عليه السلام حينئذ ظاهراً ظهوراً أصغر.
وعليه فلابد من الرجوع إلى باب المولى المعين وعلى هذه الفكرة قامت جماعتهم.
المسؤول في جمعية البدعة رابحة الزبرة
ولديهم بعض الأفكار الأخرى مثل:
١. عمموا فكرة أن لا يمكن لأحد أن يكذب على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام فاستخدموها دليلاً على صدق دعوى عبد الوهاب البصري.
٣. الإيمان بقضية الجزيرة الخضراء, ومثلث برمودا, الأطباق الطائرة, وإنها إرهاصات لخروج الإمام الحجة عليه السلام.
٤. الاعتقاد بأنهم الصفوة, وإنهم نالوا درجة أو منزلة أرفع مما ناله أنصار الإمام الحسين عليه السلام وإنهم حملة اللواء الأول لراية المهدي عليه السلام.
تقول (رابحة الزيرة), وهي من الناشطات في الحركة: (إن القول برؤيته (أي الإمام عليه السلام) أو الإيمان بذلك, وإنّا رأيناه ليس بشيء نرجع فيه إلى الفقيه..)
وتقول أيضاً: لو خرج علينا ابن طاووس أو الشيخ المفيد قدس سره وقال إنه قد رآه فهل ستصدقه الناس أم ستصرخ في وجهه: سفيه, زنديق.
أحلام منامات، رؤى، شعوذة، سحر، تسفيه، دجل، تسقيط للعلماء إزاحة للفقهاء، دعاوى يحملها جميع من سمعنا أنه ادعى أنه سفير الإمام .... فلا تستغربوا.