تمهيدنا
في ضيافة الإمام عليه السلام
الضيافة والوفادة والكرم من المفاهيم الإنسانية التي اهتمت بها الشرائع السماوية، وتختلف الوفادaة والضيافة بحسب الضيف الوافد، وبحسب الكريم الموفود عليه، وبحسب زمان الوفادة والضيافة، وشهر ذي الحجة الحرام من الأشهر التي دعي فيها الناس لضيافة الله سبحانه وتعالى وللسفر إليه وجعل انفسهم في محل ضيافته عند بيته المبارك، لا لأجل شيء إلاّ لأن تحل عليهم الرحمة ويتلقاهم صاحب المضيف بما لا عين رأت ولا سمعت أذن من الكرم وحسن الضيافة، وخير ما يدل على هذا الكرم من المضياف الكريم إنه لو ان أحداً من ضيوفه عزوجل كان في قلبه وجل وتذبذب تجاه هذا الكرم وحسن الضيافة كان معدوداً ممن أساء الظن بالله عز وجل كما ورد في احاديث عرفة.
وقد دلت الآثار بما لا يدع للشك مجالاً أن القائم بضيافة الله عزوجل والذي ينوب في إعطاء الجوائز ووهب المكرمات هو صاحب الموسم عليه السلام، إذ تتحدث بعض الآثار فتخبر أن الإمام عليه السلام يحضر الموسم وحضوره الدائم يعني أنه القيم والمخول من قبل صاحب المضيف عزوجل للقيام بخدمة الضيوف.
فإذا تأملنا في المضيف وصاحبه والقائم بخدمة الضيوف لوجدناه الله تعالى وبيته وحجته عليه السلام، هذا من جهتهم، فما عسى يكون من جهتنا، وكيف نؤهل أنفسنا لنكون ضيوفاً في هذا البيت بدلاً من أن نحلّ ضيوفاً في بيوت أخر، أصحابها غير، والقائمون فيها على الخدمة غير.
ينبغي لنا أن نتأمل جلياً وأن نفكر ملياً في أن بيتاً تقدم فيه الضيافة على يد صاحب الزمان لابدّ أن يكون فيها الضيوف على أتم الاستعداد لتقبل ما يجود به عليهم ولابدّ أن يكون الضيوف قد نالوا أهلّية أن يكونوا ضيوفاً لهذا البيت، وان الباب تفتح لهم والدعوة توجه إليهم، وهذا ما لابدّ من أن نحسب حسابه جيداً وان نتعاطى معه في إطاره الشرعي والأخلاقي حتى نضمن دخول البيت ونضمن ضيافة الصاحب والقيم.
فلابدّ لنا أيّها الأحبّة الوافدون والذين بذلتم في سبيل الدخول إلى بيت الله وضيافته كل غال ونفيس، أن نلتفت إلى أنه ليس كل من ذهب إلى المكان في الزمان دخل البيت، إذ ما أكثر الضجيج وأقل الحجيج، فما أكثر من يسافر ولا يصل وما أكثر من يضل به طريقه عن المقصد فيتراءى له أنه وصل إلى قصده بينما في الحقيقة أنّه رأى سراباً فحسبه ماء لا يروي ظمأً ولا يدفع عطشا.
رئيس التحرير