لا تستغربوا
مجموعة من النقولات التاريخية تهدف إلى رفع حالة الاستغراب التي تنشأ من الادعاءات الكاذبة. إذ يرصد وعبر التاريخ أسماء من ادّعوا الإلوهية أو النبوة أو الإمامة أو البابية والنيابة أو غيرها
هيئة التحرير
نحن في زمان كثر فيه ادعاء الباطل وأهلية من ليس بأهل لتسنّم المناصب الروحية سواء على مستوى الإلوهية أو النبوة أو الإمامة أو غيرها من المناصب الأخرى، ولكي لانستغرب عندما نواجه دعوة من مثل هذه الدعاوى فلا بد لنا أن نبرز قضايا قديمة وحديثة تتحد موضوعاً مع موضوع هؤلاء الأدعياء، بينما لا نستغرب من تلك، ونستغرب من هذه.
ففكرة لا تستغربوا تعتمد على ذكر الأشباه والنظائر ممن ثبت حالة الانحراف لديهم مع وجود أتباع لهم ومريدين كثيرين جدا يؤمنون بهم على أنهم عناصر هدى وحق وإسعاد وخلاص، بينما وبعد فترة من الزمن يتبين للأتباع قبل غيرهم إنحراف هؤلاء، من هنا تأتي أهمية أن نأتي بهذه الأشباه والنظائر ونكثر من بيان الحالات التي كانوا يستدلون بها على حقانيتهم ويصورونها على أنها أدلة لدعواهم بينما تبيّنت بعد ذلك أنها من المتشابها ت ولا تحمل من حقيقتها إلا الألفاظ.
وهذا ما تهدف إليه لا تستغربوا إذ أنّها لا تريد بالضرورة أن تقدم الأدلة العلمية لتزييف دعاوى أهل الباطل والضلال، بقدر ما تريد أن تضع المواد المتشابهة والعناصر التي كانت لها نفس الحظوة التي يتمتع بها هؤلاء إلا أنه تبين انحرافها وزيف مدعياتها، فيأتي التساؤل في نفس كل قارئ أنه ما فرق هؤلاء عن أولئك.
وهذه بعض أمثلة نطلعكم عليها ... فلا تستغربوا ...
الإله ... أبريق الشاي:
جماعة تأسست في سبعينات القرن الماضي، بلغ عدد اعضائها أكثر من ٢٢ مليون نسمة، وهم موجودون في (ترينقانوا) وهي مدينة شرق ماليزيا، وهؤلاء الأعضاء يوجدون في دول أخرى كماليزيا وبريطانيا والهند وغيرها، يتزعم الجماعة شخص يدعى (عرفان محمد) أو حسب الترجمات الأخرى (اياه باين بين) ويعتقدون أن زعيمهم إله مالك لكلّ شيء وأن مملكته سماوية.
ومن طقوسهم إيمانهم بالعلاج الروحاني وتفسير الأحلام، ولهم طقس يمارس يوم السبت والأحد بعد منتصف الليل حيث يركبون قاربا في البحر يرتلون فيه بعض التراتيل التي تمثل طقوسهم.
ومن أشهر رموزهم (إبريق للشاي)، يطوفون حوله، ويعتبر الطواف حوله عملا مقدسا لأنّ هذا الإبريق له القدرة على شفاء الأمراض، وقد بلغت تكلفة بناء هذا الإبريق (٥٤ مليون رنجت بالعملة الماليزية) ويرى اتباع الطائفة أنّ هذا العمل يرمز إلى انهمار الحب من السماء، ويشير إلى النقاوة ويجب على أفراد هذه الجماعة وكل عضو فيها أن يشرب من ذلك الإبريق لتحل عليه البركة.
ومن رموزهم الأخرى أن يقفوا تحت مظلة صفراء اللون كبيرة، إذ يرون أنها ملجأ ظل الله كون أنها ترتبط بالكواكب.
ومن رموزهم الدينية ومقدساتهم الأخرى سفينة صيد مزخرفة.
زعيم الطائفة على بعض التقارير كان مسلما ثم ارتد عن الإسلام وهو من مواليد ١٩٤٣، بدأ نشاطه عام ١٩٧٥، وفي عام ١٩٩٥ وبعد أن ترك أربعة من أعضاء الجماعة للإسلام علناً حكم على زعيم الجماعة بالسجن وغرامات مالية، ومؤخراً ألقي القبض عليه مع مجموعة من أعضاء الجماعة وتمكن من الهرب وقد أودعت ثلاث من زوجاته الأربعة السجن.
وقد أثيرت قضية إحدى زوجاته التي كانت تدرس في الأزهر _على ما نقلت بعض المواقع_ وتركت الإسلام واعتنقت ديانته وآمنت به إلهاً. ولمحاكمتها بإحدى المحاكم الماليزية أصداء كبيرة تحدثت عنها وسائل الإعلام.
فهذا إله يزعم أن بيته الذي يطاف حوله إبريق من الشاي يتزوج من أربعة نسوة ويطارد من قبل الشرطة ويختفي فجأة بعد هروبه من السجن مع ذلك يؤمن به ما يزيد على ٢٢ مليون نسمة ... فلا تستغربوا.
النبي طلبة (نبي الأرض الجديد) نبي التثبيت:
سيد طلبة محمد أبو علي المولود ١٩٤٦ الموظف في هيئة الطاقة الذرية المصرية من أهالي مدينة شبرا الخيمة، شاءت الأقدار أن تلعب الصدفة دورها فيصبح نبياً حيث أنه وذات مرة سمع أن من يقرأ سورتي الفلق والناس ثلاث مرات وينفخ في كف يده ثلاثاً أيضاً فيمسح بها الألم سيشفى، فجرّب ذلك فشاءت الصدفة أن يشفى المريض وبدلاً من أن يشكر الله سبحانه وتعالى جاءه وحيه ليخبره أنه نبي وأنه أوتي (كن فيكون).
بدأ سيد طلبة باستدراج المرضى، فمن يشفى منهم صارحه بأن لديه سر لايعرفه غيره بأنه مرسل من السماء وأنه النبي الجديد على الأرض.
وتلعب الصدفة دورها مرة أخرى مع النبي الجديد، إذ يؤمن به طبيب هذه المرة وهو منصور يوسف أمين قناوي، وبعد أن آمن بقدرة النبي الجديد استثمر النبي الفرصة وبين للناس أن اتباعه ليسوا من بسطاء الناس وسذجهم بل فيهم الأطباء فانظم إليهم مهندس يدعى حلمي السيد إبراهيم ومجموعة أخرى بلغ عددهم أكثر من عشرين شخصا.
بدأ النبي الجديد بتلاوة دروسه على أتباعه ولكي يثبت لهم حقانية دعوته أخبرهم بأن الله تعالى أعطاه معجزة شفاء المرضى بالقرآن وأخبرهم سرا مهماً وهو أن الله أعطاه سر كلمة (كن فيكون) فانبرى له أحد الأشخاص قائلاً إنّ النبي محمد خاتم الأنبياء فكيف تكون ياسيدنا نبي الأرض الجديد؟! فأجاب النبي الجديد نعم هو آخر الأنبياء! ولكنني نبي التثبيت!
إنما أرسلني الله لاثبت الناس على دين النبي الخاتم، وأخبرهم قائلاً إنني مؤمن بالقران مثلكم إلاّ أن نبوتي نبوة التثبيت للمؤمنين والإنذار للعاصين.
وبعد أن وصل أتباعه إلى ٢٩ تابعاً، وذات مرة وهو يعطيهم الدرس حيث يجلس هو على كرسي ويجلس الآخرون على الأرض، ويختار مجموعة من الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة ليفسرها على هواه وإذا به يغمض عينيه للحظات ثم يبدأ بالتفسير وبعد أن تمر مدة من الصمت يفتح عينيه ويقول: عليكم السلام ورحمة الله، ثم يقول لأتباعه تعرفون؟ أنا ألقي السلام على مين؟ على أحد من الملائكة كان يزورني ليعطيني الأوامر الجديدة التي أرسلها لكم فيعلو صياح الأتباع بالتكبير.
وفي أحد الأيام أخبر أتباعه بأن هناك مفاجأة جديدة لابد أن يحضروا ليعرفوها، ولما حضروا خاطبهم قائلاً أنه أصبحت لدي القدرة أن أؤجل الموت عن أتباعي وعن الناس فبدأ التكبير يعلو القاعة.
يدّعي أن له قدرة على علاج الأمراض، وقتل الجان، وتسخير الملائكة، وأن عنده سر كلمة (كن فيكون) وأنه يوحى إليه وأن له القدرة على معرفة بعض الأمور الغيبية.
بتاريخ ١٧ مارس ٢٠٠٢ القي القبض على نبي التثبيت وأودع السجن بتهمة الإزدراء بالدين الإسلامي هو وأتباعه.
وقد وجدت الشرطة ما يزيد على ثلاثين رسالة بخط يده موجهة إلى أتباعه وتنص بعضها على أنها جاءت من السماء وموجه إلى الأتباع للتمسك بالشيخ وسماع كلامه وعدم مخالفة أوامره وأنها أوامر إلهية.
ذكرت بعض المواقع جدولاً بأسماء أصحابه ومهنهم وأعمارهم ومدة سجنهم بعد إلقاء القبض عليهم نذكر منها منصور يوسف أمين، طبيب حبس سنة مع الأشغال في سنة ٢٠٠٤ م بجلسة ٢٨/١/٢٠٠٤م، سيد طلبة محمد أبو علي وهو مدّعي النبوة حبس ثلاث سنوات بجلسة ٢٨/٩/٢٠٠٢، جمالات محمد سليمان أمينة مكتبة حبست سنة، عبد اللطيف السيد علي صاحب مصنع ملابس حبس سنة، محمد عبد العظيم جمعة طالب هندسة حبس سنة، علياء عبدالله إبراهيم طالبة في كلية الآداب حبست سنة، وغيرهم من أتباعه الذين تم إلقاء القبض عليهم وحبسهم.
هذا هو حال شخص ادّعى النبوة فآمن به مثقفون وأطباء ومهندسون وطلبة جامعات رغم أنه لم يقدم لهم شيئاً من الأدلة سوى بعض الادعاءات وتفسير للآيات على هواه فما كان نتيجة ذلك إلاّ أن خسروا بضاعة الدنيا بسجنهم والتشهير بهم وبضاعة الآخرة بضلالهم وانحرافهم ... فلا تستغربوا.
المهدي الكاكائي:
كاكا، لفظة كردية تعني (الأخ) والكاكائية طائفة يعلنون أنهم مسلمون، ويشنّع الآخرون عليهم بالإنحراف، وهم غير معروفي العقائد، لشدة تكتمهم على عقيدتهم ولا يوجد تاريخ محدد يمكن الإستناد إليه لإثبات زمان تولد مذهبهم.
والكاكائية تنتشر في كثير من البلدان ومن أبرزها شمال العراق وتركيا وسوريا وآذربيجان وغيرها من البلدان الأخرى لهم عادات وتقاليد وتعاليم، فهم يصنفون على ثلاث طبقات، الطبقة الأولى وهم السادة والأمراء ورؤساء الدين، والطبقة الثانية ويسمى عندهم (مام) ولهم منزلة خاصة ويتولون الإرشاد ويقال للواحد منهم (المام) أي مرشد أو بابا، والطبقة الثالثة الإخوان وهم الباقون ويعرفون بالعامية الكاكائية.
الكاكائية لا يراعون العبادات والتكاليف الشرعية ويعرفون بالنيازية أي أصحاب النذور، في حين يسمون من يلتزم بالصلاة والعبادة (بالنمازية) أي أهل الصلوات، ولديهم يوم في كل سنة يصومونه ويسمونه يوم الإستقبال ثم يصومون ثلاثة أيام أخرى بعده ثم بعدها يأتي العيد، والزواج عندهم بمراسم خاصة، ولا يبطل عندهم الطلاق إلاّ من الطرفين.
إنهم لا يقصون شواربهم ليتميزوا عن غيرهم.
يطيعون السيد المعروف عندهم (البير) وهو رئيسهم ويتابعونه متابعة عمياء وهذا السيد لا يقبل هدية أو عطية ولكن له الحق في التصرف بجميع أموال الكاكائية.
من المقدسات عندهم خطبة البيان وهي ترجح عندهم على القرآن، إذ أنهم لا يرون القران معتبرا لأنّه من جمع عثمان، وعندهم كتاب اسمه (جاود آن عرفي) ويعد من كتبهم المهمة، ويقولون بالتناسخ أيضاً، ويرجعون في الكثير من عقائدهم إلى الحسين بن منصور الحلاج، ومما ينقل عن عقيدتهم في اليوم بالآخر ويقصدون به ظهور الله إذ يقولون للميت إذا جاءك منكر ونكير فقل عندي كذا حنطة وكذا شعير، فإذا لم يرض فأعطه صحن عدس وفنجان خمر فإن لم يقبل فقل أنا كاكائي فاغرب عني واذهب إلى غيري وحينئذ يذهب عنك وامض أنت إلى الجنة.
للكاكائية مراقد ومزارات يقومون بزيارتها والتبرك بها من أهمها (سلطان اسحاق) وهو في جبل (هاورمان) ويعد عندهم من أهل الظهور. (السيد أحمد ويراني سلطان) وهو من كبار الشخصيات عندهم بل معبود من أهل طاوون ويقولون إنه مقيم في تكية البكتاشية في النجف فرفع إلى السماء وصار أسداً. (باوه ياذ كار) في إيران في منطقة (ماي دشت) ويرون ان الله تجلى فيه. (مام إسماعيل) ويقدمون له النذور ويقولون: من حلف به كاذبا اعوجّ فكه، (شعب الدين) ويقولون إنه نائم وهو الموكل بالأمطار.
(سيد إبراهيم) ويعد من أهل الظهور ويدخل في سلسلة نسب السادة أمرائهم يقولون إنه ظهر بطريق التناسخ ستة مرات وإنهم ينتظرون ظهوره للمرة السابعة ويحترمونه احتراماً زائداً ويقولون إنه مهدي آخر الزمان ويقطعون بظهوره كإله.
عقيدة عجيبة غريبة جمعت بين الإلحاد والدعوة الباطلة فهم بين أن يجعلوا شخصياتهم التي يؤمنون بقداستها إلهة أو يعطوها منزلة الإمام والمهدي رغم أننا لم نلتمس عندهم ثمّة دليل يمكن أن يركن إليه بل لا دليل مطلقا مع ذلك يتبعون عقيدة الإيمان بإدعاء أحد الأشخاص المهدوية ويؤمنون به ... فلا تستغربوا.