الدعاوى المهدوية ودعوى أحمد إسماعيل كاطع
(الحلقة الأولى)
السيد ضياء الخباز
إن المناصب الإلهية لا بدّ من إثباتها بالبرهان:
لقد ادّعى من يسمى أحمد بن الحسن الإمامة، وهو منصب إلهي، ونحن نعلم بأن المناصب الإلهية لا بدّ في إثباتها من الدليل والبرهان.
فالأئمة عندما يدعون إمامتهم يثبتون ذلك بالدليل من طريق النص من الله عزوجل ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم وعن طريق المعجزة والكرامة.
وعندما يأتي شخص اليوم ويدّعي الإمامة، فمن حق الناس أن يطالبوه بالدليل والبرهان على إمامته هذه.
المعرفة الدينية لها طريقان:
إن المعرفة أيّة معرفة كانت، لها طريقان، هما العلم، واليقين الذي يعيّن مطابقة الواقع وإصابته من غير خطأ ولا اشتباه.
فالإنسان في مقام الوصول إلى المعرفة الدينية، أمّا أن يسلك طريق العلم واليقين، وأمّا أن يسلك طريق الظن، ويقول الأصوليون إن طريق العلم حجيته ذاتية، أي لا يحتاج لأن تجعل له حجية، لأنه هو بنفسه كاشف عند الواقع انكشافا تاماً.
أي أن العلم حجة فلا يحتاج إلى حجة، فطريق العلم واليقين حجة بالحجية الذاتية لا بطريق آخر.
أمّا الظن فيحتاج في حجيته إلى أن يجعل له الشارع مثل هذه الحجية، وهذه القاعدة قاعدة أساسية، فكل ظن ليس بحجة إلا أنْ يدل دليل غيره على حجيته، أي حجية الظن.
الرؤى والأحلام أمور ظنية:
إذا فهمنا أن الظن لكي نأخذ به في مجال المعرفة يحتاج إلى حجة ودليل نقول إن الأحلام والرؤى هل هي أمور ظنية أم علمية؟
يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (الرؤيا ثلاثة، بشارة من الله الواحد، وتحزين من الشيطان، وما يحدّث به الإنسان نفسه فإنه يراه في منامه) بمعنى أن الرؤى والأحلام لها مصادر ثلاثة، المصدر الأول هو الله تعالى والمصدر الثاني هو الشيطان _أعاذنا الله_ أما المصدر الثالث فهو الخيالات النفسية، أي إذا حدّث الإنسان نفسه بشيء معين فإنّه يرى ذلك الشيء في عالم الرؤيا.
إذن ليس كل الأحلام من الله، بل بعضها من الله وبعضها من الشيطان، وبعضها من الإنسان نفسه.
إذن الأحلام لا تصلح دليلاً يحتج به، ولو أن لها ثمرات أخرى أوجدها الله تعالى من أجلها.
وإذا عمد أحد إلى قياس رؤياه برؤيا الأنبياء فهو قياس مع الفارق، فرؤيا الأنبياء كما يعبر عنها أمير المؤمنين عليه السلام: (رؤيا الأنبياء وحي) فهي وحي لا يشتبه ولا يخطيء، وهل رؤيا الناس مثل رؤيا الأنبياء؟
وكيف وكثير من رؤى الناس مصدرها إبليس وأعوانه.
يقول الإمام الصادق عليه السلام:
(يا مفضل هل فكرت في الأحلام كيف دبّر الأمر فيها فمزج صادقها بكاذبها، فإنها لو كانت كلها تصدق لكان الناس كلهم أنبياء...).
إن الروايات المعتمدة عن أهل البيتK تؤكد على أنّ الدين لا يؤخذ من طريق الرؤيا، حيث جاء عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال لابن أذينه: (ماذا يقول هؤلاء الناصبة قلت في ماذا قال عليه السلام في سجودهم وركوعهم وآذانهم قلت جعلت فداك إنهم يقولون إن ابن أبي كعب رأى ذلك في عالم النوم، فقال الإمام عليه السلام: كذبوا إن دين الله أعز من أن يرى في النوم).
بطلان دعوى أحمد اسماعيل:
إن دعوى أحمد إسماعيل كاطع ترتكز بين ما تركز عليه أنه ابن الإمام المهدي عليه السلام ومن ذريته، وإنها لدعوى باطلة زائفة كاذبة، لأن الإمام الحجة عليه السلام لا ذرية له وهذا ثابت عندنا.
وقد صرّح الإمام الصادق عليه السلام برواية صريحة بأن المهديين الاثني عشر الذين يكونون بعد القائم إنّما هم من الشيعة الذين يدعون إلى موالاته عليه السلام ومعرفته وليسوا من الأئمة.
أذن هذه القضية التي نحن بصددها (قضية أحمد اسماعيل) وفي ادعائه بأنّ جماعة من الناس رأوا المعصومين يباركون إمامته ويدعون إلى بيعته قضية باطلة، وذلك لما قدمناه من أنه اعتمد في قضيته على الرؤى والأحلام، وإنها من الظن، وإنّ الظن في حجيته يحتاج إلى حجة، وهذه الحجة غير متحققة في قضية هذا المدعي.
وحيث أنه لا دليل عنده فهو مفترٍ مزيّف في ما يدّعيه، وكاذبة مقولته، وباطلة دعواه.
أعاذنا الله من الضلال والضلاليين والكاذبين المضلين. وكتبنا في الصالحين، وجعلنا من الممهدين لخاتم الوصيين المهدي الحجة بن الحسن صاحب العصر والزمان عليه السلام.