من الخيال القصصي
الخسف في البيداء
الحاج (أبو أسعد)
كانت السماء ملبدة بالغيوم، وتباشير المطر قد لاحت في الأفق، الراعي محمود يسرع بأغنامه الى حيث مضارب قومه وعشيرته في تلك البيداء الشاسعة، كانت هناك قوافل متفرقة تسير في الطريق جيئة وذهاباً قادمة من مدينة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وذاهبة الى مكة المكرمة ...
حدّق محمود جيداً ليرى جيشاً عرمرماً يملأ الأفق تلوح راياته الحمراء وكأنّها الشفق المحمر، وقد كتب على بعضها عبارات تمجد بقائدها السفياني الآتي من بلاد الشام للعبث بأرض المقدسات.
اقترب الجيش، ومحمود يطيل النظر حيث لا نهاية لذلك الجيش، وحدثت المفاجأة، وصعق محمود وسقط مغشياً عليه.. وبعد لحظات انتبه فزعاً لا يصدّق ما رأى.. كيف انشقت الارض وابتلعت ذلك الجيش عن آخره إلا اثنين فرّا مرعوبين باتجاهين متعاكسين..
جمع محمود قوته وترك أغنامه وهرول خلف احدهما قاصداً مكة، وهو يقول:
- يا رجل يا رجل قف لي لحظة..
ولكن الرجل اسرع، واسرع محمود خلفه، وقد بدأ المطر ينزل بغزارة فدعاه الى بيته ليستظل به عن المطر، فوافق الرجل وجاء الى الخيمة، فسأله محمود:
- ماذا حدث؟
أجاب الرجل:
- إنها المعجزة، إنها إرادة السماء، فجيش السفياني لم يبق منه إلا أنا وأخي، وقد مضى هو لينذر السفياني القابع في مقره، وأتيت أنا إلى مكة لأبشر المهدي عليه السلام... المنتصر لا محالة، وقد رأيت بعيني أن وعد الله حق.
إنّه الخسف ... الخسف في البيداء.