قصة قصيرة
هذا مغتسل بارد وشراب
محمد حسن عبد
أعتاد السيد شهاب الدين أن يذهب ما سنحت له الفرصة، وسمح له الوقت، من سامراء حيث دراسته الحوزوية.. قاصداً زيارة مرقد السيد الجليل محمد بن الإمام علي الهادي عليه السلام.. قاطعاً الطريق بين هذه المدينة المقدسة والمرقد الجليل والبالغة ٤٠ كم مشياً على الأقدام قربة إلى الله تعالى..
وفي إحدى زياراته وكعادته _ماشياً_ ظل الطريق وقد أخذ منه الحر والعطش مأخذاً.. حتى وقع على الأرض مغشياً عليه.. فاقد الوعي.. لم يعِ مما حوله شيئاً.. ولمّا أفاق السيد وفتح عينيه.. وجد رأسه على ركبة رجل وهو يسقيه الماء..
يقول السيد شهاب الدين في نفسه:
- لقد شربت من يديه ماءً لم أذق مثله في حلاوته ولذّته حتى الآن ... ولم يكتفِ الرجل بسقيي الماء بل أنه بسط لي سفرة كرمه فناولني عدة أرغفة ثم قال لي:
- يا سيد شهاب الدين: إغسل يديك في هذا النهر البارد لتبرد.
ومع دهشتي رددت عليه عليه السلام القول:
- لم أرَ في هذه المنطقة ماءً يا سيدي.. وإلاّ لماذا أغمي علي.. أليس من العطش؟
لكنه ردّ عليّ من فوره قائلاً:
- أنظر: هذا نهر ماؤه زلال يجري إلى جوارك.
وفعلاً نظرت إلى جنبي فإذا بي أرى وعلى مسافة مترين منّي فقط نهراً يجري رقراقاً.. فما ازددت إلاّ تعجباً ودهشة.
وفي هذه الأثناء سألني الرجل:
- أين وجهتك يا سيد شهاب الدين؟
- قلت بتلهف:
- أريد زيارة السيد محمد عليه السلام فقد اعتدتها:
فقال:
- هذا حرم السيد محمد عليه السلام.
فنظرت فإذا بي أرى مرقده عليه السلام، علماً بأنه يبعد عنّي عدّة فراسخ.
ثم التفت الرجل إلي وأخذ يوصيني بعدة وصايا منها المواظبة على الصلاة وقراءة القرآن والزيارة والدعاء.
وبينما نحن كذلك وعلى مقربة من مرقد السيد محمد عليه السلام.. حدث ما لم يكن في الحسبان.. إذ افتقدت الرجل.. نعم.. لقد افتقدته.. وا أسفاه انها المرة الاولى التي اتشرف بها برؤية إمامي.. لقد غاب سيدي عن بصري.. ووجدت نفسي أواصل الطريق بمفردي.