لا تستغربوا
مجموعة من النقولات التاريخية تهدف إلى رفع حالة الاستغراب التي تنشأ من الادعاءات الكاذبة. مثل دعوى (احمد اسماعيل كويطع) إذ يرصد وعبر التاريخ أسماء من ادّعوا الإلوهية أو النبوة أو الإمامة أو البابية والنيابة أو غيرها
هيئة التحرير
نحن في زمان كثر فيه ادّعاء الباطل وأهليّة من ليس بأهل لتسنّم المناصب الروحية، سواء على مستوى الإلوهية أو النبوة أو الإمامة أو غيرها من المناصب الأخرى، ولكي لا نستغرب عندما نواجه دعوة من مثل هذه الدعاوى فلابدّ لنا أن نبرز قضايا قديمة وحديثة تتحد موضوعاً مع موضوع هؤلاء الأدعياء، بينما لا نستغرب من تلك ونستغرب من هذه.
ففكرة (لا تستغربوا) تعتمد على ذكر الأشباه والنظائر ممن ثبتت حالة الإنحراف لديهم مع وجود أتباع لهم ومريدين كثيرين جداً يؤمنون بهم على أنهم عناصر هدى وحق وإسعاد وخلاص بينما _وبعد فترة من الزمن_ يتبيّن للأتباع قبل غيرهم إنحراف هؤلاء، من هنا تأتي أهمية أن نأتي بأهمية هذه الأشباه والنظائر ونكثر من بيان الحالات التي كانوا يستدلّون بها على حقانيتهم ويصورونها على أنها أدلّة لدعواهم، بينما تبيّنت بعد ذلك أنها من المتشابهات، ولا تحمل من حقيقتها إلاّ الألفاظ.
وهذا ما تهدف إليه _لا تستغربوا_ إذ أنها لا تريد بالضرورة أن تقدم الأدلّة العلمية لتزييف دعاوى أهل الباطل والضلال، بقدر ما تريد أن تضع المواد المتشابهة والعناصر التي كانت لها نفس الحظوة التي يتمتع بها هؤلاء إلاّ أنّه تبين انحرافها وزيف مدّعياتها فيأتي التساؤل في نفس كل قارئ أنّه ما فرق هؤلاء عن أولئك.
وهذه بعض أمثلة نطلعكم عليها ... فلا تستغربوا ...
١. الإله الروسي يشعل في نفسه النار:
سبق وان نشرت صحيفة (صدى المهدي عليه السلام) في عددها الثاني عشر/السنة الأولى جمادى الأولى ١٤٣١هـ تقريراً مفصلاً تحت عنوان (شهود يهوه) في الرصد المهدوي تنظيم دولي محكم ونشاط مريب، تحدثت الصحيفة عن أصل وجودهم _أي شهود يهوه_ وماهية تنظيمهم وكيفية نموهم، وبماذا يؤمنون، وأساليب نشر معتقداتهم، وعن نظرة المجتمع إليهم، ومناطق انتشارهم، حيث يعتقدون أن أهم قضية بشرية هي مشروع هيمنتهم، وأنهم يسعون لإقامة الدولة العالمية وإقامة الفردوس في الأرض.
ورغم التكتم الشديد وندرة المعلومات من داخل هذه الجماعة عن أفرادها إلاّ انه تسرب خبر مفاده ان أحد أفراد هذه الجماعة قد أدّعى الإلوهية، ولم تبرز دعواه هذه إلاّ بعد ان عُثر عليه بعدما أقبل على الانتحار مشعلا النار في نفسه، على ما نقلته جملة من وكالات الإعلام، نقلاً عن مصادر في الشرطة الروسية.
وهذا الخبر الذي بحثنا كثيراً عن حيثياته وعن حقيقة تلك الدعوى ومضامينها فلم نعثر فيه على أية معلومة سوى أن هناك رجلا من جماعة شهود يهوه ادعى الإلوهية ثم أشعل في نفسه النار بعد فترة واحترق.
والذي نستفيده من هذه الدعوى ان هناك تكتماً شديداً عليها من قبل الجماعة المؤمنة بها، ولا تريد هذه الجماعة ان تبرزها أو تبرز حالة الضعف فيها، أو التفكك لدى جماعتها، حتى وصل الأمر ببعضهم إلى ان يدّعي الإلوهية بعد ان تم انتزاع جميع معتقداته السابقة لدى انتمائه إلى هذه الجماعة المشبوهة المتطرفة.
والقضية المتيقنة أن هناك شخصاً ممن ينتمون إلى هذه الجماعة قد أحرق نفسه، وان هذه الجماعة موجودة ومنتشرة، بل ويقال ان لها في سهول نينوى وجوداً في أوساط العراقيين.
واللاّفت للانتباه هو حالة التكتم على هذه الدعوى وعدم إبرازها خوفاً من فقدان الجماعة لمكانتها في نفوس المؤمنين بها، أو مصداقيتها لدى من هو خارج عنها.
أذن لا نشك في وجود إله من شهود يهوه قد ادعى لنفسه ذلك، ما لبث ان أحرق نفسه أو احرقوه حفاظاً على التنظيم وسريّته.
ففي دول ديمقراطية تمتاز _على ما تدّعي هي_ بالتحضر والابتعاد عن الغيبيات تنشط دعوى الإلوهية فما بالك بالمجتمعات التي ينتشر فيها الجهل أو التجهيل، وتؤمن بالغيبيات ... فلا تستغربوا.
٢. النبي حيثم هو الخاتم وأما محمد صلى الله عليه وآله وسلم فهو زينتهم:
(هيثم محمود الأحمد بن زبيدة) شخص سوري أودع سجن أدلب سنة ٢٠٠٥ بتهمة ازدراء الأديان وادّعاء النبوة، وكان محمود الاحمد والد النبي هيثم يكتب الحجب لفك الأحراز الشريرة وموانع الزواج ولتقريب المحبين والتفريق وما الى ذلك من هذه الاعمال، وكانت له شهرة واسعة بين النساء، وما أن توفي (محمود هذا) حتى تزعم الامر من بعده ولده (هيثم) فقام بتطوير الامر، بعد ان سافر إلى عدة دول منها الهند ولبنان وغيرها، تعلّم فيها صنوفاً كثيرةً من السحر والشعوذة وما الى ذلك فأصبح يمارس بين مريديه وقاصديه طقوسا غامضة وسرية وغريبة يوحي من خلالها للمراجعين بأنه شخص مميز ومتفوق على جميع من يقصده تمهيداً لأمرٍ ما.
هيثم أو حيثم الذي يقطن بلدة (كفر نبل) في محافظة أدلب منطقة معرة النعمان، والتي يسكنها حوالي ثلاثون ألف نسمة وتمتاز بأن نسبة المثقفين فيها عالية جداً فليس من شخص هناك إلا ولديه شهادة جامعية، من المستغرب أشد الاستغراب أن ينشر هيثم النعسان أو الملقب بحيثم الزبيدة فيها دينه الجديد الذي يصر فيه أتباعه على أن (حيثم) نبي وليس شخصاً عادياً.
مميزات دعوته:
أ. معظم الاشخاص الذين يتبعونه وغالبيتهم من النساء يتميزون بصلابة، واخلاص له منقطع النظير.
ب. يتشهد اتباعه الشهادة بحيث يدرجون اسمه في الشهادتين اذ يقولون: وان حيثم ولي الله.
ج. ينقل عمن كتب عن هذه الجماعة أن هذا النبي اسقط الكثير من الفرائض عن اتباعه.
د. لا يسمح لاي شخص انتمى الى طريقته واكتشف اسرارها ان يتركها، واذا ما اصر على ذلك فان مصيره القتل.
ه. ينقل احد اتباعه واسمه (ضياء الدين الخطيب) بعض الرسائل التي يتداولونها فيما بينهم فيذكر فيها المقاطع التالية (سيدي وحبيبي وقرة عيني أبو محمد هيثم عليه وعلى اله افضل الصلاة والتسليم)، (وانا من خلال صحبتي لسيدي وحبيبي وقرة عيني أبو محمد علمت انه ولي الله في الارض لانه لا يعجز عليه معرفة أي أمر من أمور الدنيا والاخرة)، (والآن نحن أبونا الحقيقي هو سيدي وحبيبي وقرة عيني سيدنا أبو محمد عليه افضل الصلاة والتسليم ... من خلال هذه الصلة نعرف أوامر ديننا ونواهيه وهو في صلة دائمة مع الله ... والطريق الذي نسلكه مع سيدنا أبو محمد هو طريق الأنبياء والرسل ولقد اتهموا أبو محمد بالسحر وهذا هو حال كل نبي بعثه الله اتهموه بنفس الاتهام)، (فالاتجاه الى الله فلا يكون بالالتجاء الى رجل له صلة مع الله ... واذا التجأت بصدق ومحبة حقيقية فسوف اطلعك على امور في الدين لا يعلمها اي مخلوق على وجه الارض ما عدا سيدنا أبو محمد ومن حوله وانصحك بعدم الاخذ من القرآن والتفاسير والكتب...)، (والمال الذي بين ايدينا للجميع فأنا لا أملك ولا قرش واحد الآن ولكن اي إنسان في طريقنا كل قد وضع ماله تحت تصرف هذا الطريق وضع ماله ونفسه عن عقيدة خالصة لوجه الله ...)، (وادعوا كل من يتساءل عن طريقنا تعالوا وتساءلوا واستفسروا على سيدنا ابو محمد وعن صفاتنه وعن علمه وارتباطه بالله والرسول N خاتم الانبياء اي زينتهم وليس تعني انه نهايتهم والرسول بشر ببعثت سيدنا المهدي والمهدي نبي ورسول ولكن لا يكشف نفسه إلا للصادق) إِنتهى.
نستنتج من ذلك:
١. أن هذه الحركة وان بدت بسيطة وتم القضاء عليها بشكل أو بآخر إلا أنها تكشف عن الوجه الحقيقي والدموي الذي تمارسه هذه الحركات وامثالها، حيث تنص بعض كتاباتهم على لزوم القضاء على من يخرج منهم بعد دخوله معهم) وأنّهم يستبيحون دمه وينتهكون حرمته.
٢. أن هناك حالة من العمياوية على أبصار الاتباع بحيث انهم يبذلون كل ما يملكون مالاً ونفساً وعرضاً في سبيل النبي حيثم وهذا يكشف لنا عن التبعية الكاملة لهذا الشخص من قبل الاتباع، اذ تراهم يعبرون عنه بأشرف الخلق وأصدقهم وما إلى ذلك.
٣. انهم يعتبرونه نبياً بديلاً عن النبيN بدلالة النصوص المتقدمة من كلماتهم حيث قالوا: أن النبي محمداًN ليس خاتم الانبياء بل زينتهم، فهو خاتم الزينة لا خاتم الانبياء.
٤. تلاحظ أن السرية والغموض والهالات القدسية التي يضفيها الاتباع _فضلاً عن النبي حيثم_ على نفسه بادية في جمل كلامهم الذي نقلناه.
في وسط _على أقل تقدير_ يقال عنه أنه متعلم ومن الجامعيين والاكاديميين تنتشر دعوى تنسف نبوة الخاتم وتنشيء ديناً جديداً وتستنزف الناس ذواتاً وأموالاً وأعراضا وتسخر طاقة البشر المؤمن بها وتجيرها بالكامل دون أن يمنع عن ذلك مانع من دين أو خلق أو انتماء ... فلا نستغرب سماعنا بوجود الاتباع الأكاديميين والمثقفين لأمثال ضياء الكرعاوي وحيدر مشتت القحطاني وأحمد إسماعيل كاطع.
٣. الإمام الرباني فاضل المرسومي:
يتكلم هذا المدعي _والذي سمع به أغلبنا_ عن نفسه في الموقع الرسمي الذي يمتلكه على صفحة الانترنت بأنه من قضاء الخالص في محافظة ديالى، وأنه من عائلة فلاحية كما يقول، وأنه دخل كلية الآداب في جامعة بغداد قسم اللغة العربية وإن كان لا يحسن منها شيئاً، والغريب أنه يدعي تدريس اللغة العربية لسنوات طويلة، ثم يقول انه رغم انشغاله بالتدريس لم يترك مهنته الفلاحية.
ويدعي ان الله سبحانه وتعالى اجتباه في آخر مرحلة من مراحل الدراسة وكانت فترة الاجتبى _كما يكتبها بنفسه_ متزامنة مع فترة دخول النظام البائد بلد الكويت، واستمرت مرحلة الاجتباء والامتحان كما يقول خفية وسرية إلى أن سقطت سلطة البعث في العراق وبعد ذلك أعلن دعوته بصفة إمام رباني ظهر من أرض العراق، دعوته الإصلاح وتوحيد الإسلام بالعمل بالتوحيد اللاهي.
_وهنا ننقل بعض النصوص من كلماته بالخط الإملائي، والذي كتبها بنفسه رغم انها رسماً وإعراباً خطأ ويمكن مراجعة الموقع الالكتروني له لملاحظة الواقع المتردي والهابط لهذا المدعي وأمثاله_ وبالعقيدة بنور الملة الحنيفية الابراهيمية المحمدية وهو نفس نهج محمد في وقته ونهج الحسين عليه السلام بالحق الذي جهله أهل الكوفة كما يجهل أكثر مدعي التشيع علماء الرحمة.
ثم يقول متحدثاً عن نفسه:
عمله الآن واضح كحاكم في الفتنة بين الطوائف يدعوهم بالعقيدة إلى طريق التوحيد في محافظة ديالى وفي بغداد وبحزب بين الاحزاب عاملاً بينهم ومعهم لبناء عراق جديد وحياة جديدة بنور الله رب العالمين، له بأسم الأمر الرباني عمل مؤسساتي في النجف وبغداد وقضاء الخالص من قبل انصاره وعمل هذه المؤسسات يتخلص بنشر الأمر الرباني بين الناس.
هذا ما تحدث به عن نفسه في الموقع الرسمي له، وانت تلاحظ عزيزي القاريء مدى حالة الفقر المعرفي وحالة العوز في كل شيء _الاّ من الشيطنة والدجل_ لهذا الرجل، فتراه رغم انه لا يملك اي شيء يؤهله لان يتزعم، تراه دجالا مشعوذا شيطانا مبتدعاً لا لشيء إلاّ لان يهتك الدين ويكثر القول بأن من الدين يخرج الانحراف وان اتباع هذا المذهب بدأوا يتشظون ويوجدون لانفسهم كيانات تلبي طموحاتهم ورغباتهم بعد ان لم يجدوا لها تحقيقاً، وهذه الرسائل هي التي يراد إرسالها من وراء إيجاد هذه النماذج المفتضحة وقد اشارت لذلك بعض الدراسات التي تسربت عن دوائر صناعة القرار العالمي سبق لصحيفة (صدى المهدي عليه السلام) أن نشرت في عددها السادس السنة الاولى (ذي القعدة ١٤٣٠هـ) خبراً عن وكالة الاستخبارات الامريكية وكيف تخطط للقضاء على الشيعة، ذكر فيه تفاصيل من بينها ان الوثائق المسربة تقول يجب تشويه سمعة المراجع وعلماء الدين عبر الشائعات وعبر ايجاد اشخاص محدودي الكفاءة والقدرة وذوي خلفيات تاريخية واجتماعية هابطة ومخدوشة بعد ان يعطوا الفرصة لتسنم مقاعد روحية وزعامات دينية رغم عدم اهليّتهم.
فهذه واحدة من الرسائل التي يراد إرسالها من خلال إيجاد هؤلاء.
وهذه بعض مقاطع أخرى والتي ننقلها نصاً وكما هي وبرسمها الإملائي للدلالة على بطلان هذه الدعوى وعدم إمتلاكها أي دليل، فمجرد الاطلاع عليها كاف في إثبات بطلانها.
المقطع الأول: (الحسين عليه السلام كان يدعوا إلى إسلام بفرقة واحدة حنيفية ابراهيمية محمدية ربانية واليوم بإمام رباني).
المقطع الثاني: (ان قتل الحسين بن علي واصحابه المستشهدين معه من قبل اعداء الله تعالى كان سببا من الله تعالى لموت نفسه بهذه الشهادة من أجل ملاقاة الله تعالى).
المقطع الثالث: (عجباً ممن يريد الآية من إمام رباني بنفسه ولا يطلبها بعقله فإذا طلبها بعقله فسيجد آيات وآيات وآيات).
المقطع الرابع: (لا ندعو إلى شعائر ورثها الناس فاصبحوا بها مقلين ومغالين بل ندعو الى حقيقة الشعور التي ملكها الأئمة فاصبحوا عند الله يمسون ويصبحون).
المقطع الخامس: (نحن اليوم بالمدرسة الربانية بقائدها ومعلمها الإمام الرباني العربي الأصل أي أعرب عن نفسه أمام ربه وبدء يعرب للناس عن حقيقته التي حملها من ربه).
ولا تحتاج إلى التعليق أكثر مما قلنا فدعوى تبطل نفسها كهذه لم نر ولكن لا تستغربوا ان له اتباعاً فكيف بغيره.