مقام الخضر عليه السلام
يعظمه المسلمون والنصارى والدروز
اعداد: محمد النخيلاوي
للخضر عليه السلام في الاردن مقامات كثيرة, كما هي الحال في بلدان العالم الأخرى.
ونحن اليوم نسلط الضوء على مقام الخضر عليه السلام في بلدة "ماحص".
ماحص بلدة أردنية تبعد عن غرب العاصمة عمان ٨ كيلومترات فقط.
إداريا تقع ماحص في محافظة البلقاء وهي ضمن لواء مستقل (لواء ماحص والفحيص) يحدها غربا وادي شعيب وشرقاً حدود بلدية عمان ويطل عليها من الشرق ضريح الملكة علياء ومن الجنوب الشرقي منطقة بدر الجديدة. تطل ماحص شمال شرق على مدينة السلط/جبال البلقاء, يبلغ عدد سكانها ٢٠,٠٠٠ نسمة.
تقع على تلة مرتفعة ٨٠٠ مترا.عن سطح البحر وهو موقع مميز مطل على أراضي فلسطين وجبال البلقاء و البحر الميت و في وقت الغروب في يوم صاف يمكن مشاهدة أسوار مدينة القدس منها بالعين المجردة.
تشتهر ماحص ببساتينها، وتمتاز بعيون الماء العذبة التي يجاوز عددها الـ ٢٧٠ عيناً. ولعل أهم هذه الينابيع نبع عين ماحص التي لا ينقطع ماؤها صيفاً وشتاءً وهي كالسيل المتدفق تروي بساتينها.
كانت ماحص مركزا على نبع ماحص " لتمحيص " البضائع القادمة من الهند جنوب سرق آسيا عبر الجزيرة العربية ومن أوروبا عبر السواحل الشرقية للبحر الأبيض المتوسط لفلسطين ومصر إلى عمّان، عن طريق أريحا وادي شعيب في زمن الرومان.
و كانت أيضاً نقطه حدودية بين فيلادلفيا و بيرا اليهودية زمن الرومان بين حدود أراضي جدارا و فيلادلفيا في زمن البيزنطيين.
في منطقة ماحص توجد العديد من الكهوف المنحوتة التي يعود تاريخها إلى حوالي ٤ ألاف عام كما وجد في ماحص فخاريات تعود لآلاف السنين.
اما اصل التسمية فيرجع البعض كلمة ماحص عربياً إلى فاحص وهي رمز مشتقة من داحص.
يقول محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري في كتابه لسان العرب "والدحص إثارة الأرض وفي حديث إسماعيل عليه السلام فجعل يدحص الأرض بعقبيه أي يفحص ويبحث ويحرك التراب".
مقام الخضر عليه السلام في ماحص
في ماحص يقع مقام الخضر عليه السلام, وعلى بعد (٥) كم غرب ماحص وهو عبارة عن غرفة بلا نوافذ فوقها قبة خضراء صغيرة وعليها راية خضراء، لها باب حديدي يتجه نحو الشمال وتعلوه صبة اسمنتية قبابية، يخرج من وسطها عمود مربع بطول خمسة وسبعين سنتيمترا وبارتفاع نصف متر، وفي داخل البناء الذي يأتي بسعة ٤×٤م، يوجد قبر عليه بعض الخلع الخضراء، وكان مفتوحاً للناس، لأنهم كانوا يهابونه ويعظمونه، ويتبركون به المسلمون منهم والنصارى والدروز، مما يجدر ذكره أن مقام النبي الخضر عليه السلام في ماحص يقع في منطقة الميدان التي تطل على وادي شعيب عليه السلام.
ويبعد المقام حوالي٢٥ كم من عمان.
جاء في كتاب (العشائر الأردنية) (ص/١٣٨ ـ الدار العربية ) للدكتور أحمد العويدي : ( يقول حسين الشياب : أذكر في طفولتي أنني كنت أشاهد هلالاً ونجمة خماسية تعلوان هذا العمود ، مع وجود بعض شرائح القماش الأخضر.
يقع المقام على حوالي دونم وربع ، وفيه ثلاث شجرات ، اثنتان منهما من البلوط يزيد عمرها على الألف عام ، وهنالك شجرة هي أصغر حجماً وعمراً، وهي من السنديان وهناك أيضاً اشجار الخضر الاخضر.
لمقام الخضر سور وأن لهذا السور قصة حيث حاول نصارى الفحيص بناء كنيسة هناك، فاحتج المسلمون، وأخيراً توصل الطرفان إلى إبقاء الأمور كما هي ، وبناء سور يحيط بالأرض بحيث تدفع بلدية ماحص نصف التكاليف نيابة عن المسلمين ، وبلدية الفحيص تدفع كلفة النصف الآخر نيابة عن النصارى، وتم فرز أرض الخضر على هذا النحو عام ١٩٤٢م) .
وتتفرع من عين ماء أبو الجربان قناتان الأولى أبو الجربان العليا والثانية أبو الجربان السفلي كما تتفرع عين ماحص ( قناتا ماء ) الأولى الشمالية والثانية الطريم ، أما عين أم النعيم فتتفرع من وادي الأزرق بينما تتفرع من عين ماء وادي شعيب قناة النحاسية وأخرى تتجه نحو وادي الأزرق .
الخضر عليه السلام في الذكر والخبر
ورد ذكر الخضر عليه السلام في القرآن الكريم في قصة موسى عليه السلام باسم العبد الصالح, كذلك فيما جاء من أخبار عن النبي الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم وآل بيته الاطهار عليهم السلام.
جاء في حقيقة كتاب حقيقة الاعتقاد بالامام المهدي المنتظر عليه السلام لأحمد حسين يعقوب ص٢٤١:
وروى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام انه قال: يا أبا محمّد كأني أرى نزول القائم عليه السلام في مسجد السهلة بأهله وعياله، قلت: يكون منزله جعلت فداك، قال: نعم، كان فيه منزل إدريس، وكان منزل إبراهيم خليل الرحمان، وما بعث الله نبياً إلاّ وقد صلى فيه، وفيه مسكن الخضر والمقيم فيه كالمقيم في فسطاط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وما من مؤمن ولا مؤمنة إلاّ وقلبه يحن إليه، وفيه صخرة فيها صورة كل نبي، وما صلى فيه أحد فدعا الله بنية صادقة إلاّ صرفه الله بقضاء حاجته، وما من أحد استجاره إلاّ أجاره الله مما يخاف.
وجاء في الزام الناصب في اثبات الحجة الغائب للشيخ علي اليزدي الحائري, ج١, ص٢٥٨:
وقال الحسن بن عليّ العسكري عليه السلام لأحمد بن إسحاق، وقد أتاه ليسأله عن الخلف بعده، فقال مبتدئاً: (مثله مثل الخضر، ومثله مثل ذي القرنين. إن الخضر شرب من ماء الحياة، فهو حي لا يموت حتّى ينفخ في الصور وإنه ليحضر الموسم كل سنة، ويقف بعرفة، فيؤمن على دعاء المؤمنين وسيؤنس الله به وحشة قائمنا في غيبته، ويصل به وحدته. فله البقاء في الدنيا مع الغيبة عن الأبصار).