الأسئلة الموجهة إلى مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عليه السلام
عندما يظهر السفياني هل أحاربه أم أنتظر الإمام عليه السلام؟
وفاء فاضل
السؤال:
ماهو واجب المسلم في حال ظهور السفياني، هل يقوم بمحاربته أو لا يبقى لينتظر ظهور الإمام عليه السلام؟
الجواب:
لا شكّ أنّ التكليف الشرعي هو معارضة السفياني وعدم الانخراط في صفوفه، وتوضيح أمره إلى عامّة الناس.
نعم، ورد في بعض الروايات الشريفة أنّه (كونوا احلاس بيوتكم) والظاهر منها هو الجلوس عن إثارة الفتن وعن الدخول في تيارات لا يُعلم أنّها حقّة، كما في رواية أبي بكر الحضرمي، قال: دخلت أنا وابان على أبي عبد الله عليه السلام وذلك حين ظهرت الرايات السود بخراسان فقلنا: ما ترى؟ قال: اجلسوا في بيوتكم فإذا رأيتمونا قد اجتمعنا على رجل فانهدوا إلينا بالسلاح.
أو رواية (هلك المحاضير) التي فسّرها الإمام الصادق عليه السلام عندما سئل عنها فقال: هلك المستعجلون، ونجا المقربون، .. كونوا احلاس بيوتكم فإنّ الغبرة على من أثارها... غيبة النعماني ح٥و٦ ب١١ ص٢٠٣.
عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال: كأنّي بقوم قد خرجوا بالمشرق، يطلبون الحق فلا يعطونه ثم يطلبونه فلا يعطونه، فإذا رأوا ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتى يقوموا، ولا يدفعونها الا الى صاحبكم قتلاهم شهداً ... أما إنّي لو أدركت ذلك لأبقيت نفسي لصاحب هذا الأمر.
عن أبي جعفر عليه السلام: (قال لي يا أبا الجارود، إذا رأيت الفلك وقال الناس مات القائم أو هلك بأيّ واد سلك وقال الطالب أنّى يكون ذلك وقد بليت عظامه. فعند ذلك فارجوه فإذا سمعتم به فأتوه ولو حبوا على الثلج). (النعماني ب١٤ ح١٣ ص ٣٦٤).
***
طريقة الإمام عليه السلام في إبطال دعوى أهل الضلال والكذب؟
حنان حسن
السؤال:
ما هي العلامة التي علَّمها الإمام المهدي عليه السلام أحمد بن إسحاق طريقة لإبطال دعوى جعفر الكذَّاب في الإمامة؟
الجواب:
جاء في (الاحتجاج) ج٢ ص٢٧٩ ومابعدها رواية طويلة هي مكاتبة الإمام المهدي عليه السلام إلى احمد بن إسحاق وكانت مكاتبة شديدة اللهجة وقد بيّن فيه عليه السلام عدّة أدلّة وطرق لابطال دعوى جعفر بالإمامة خلاصتها:
١) أن في كتاب جعفر _الذي أرسله يدعو الناس فيه لنفسه_ أخطاءً إملائية يستحيل صدورها من إمام الزمان عليه السلام.
٢) أنّ جعفر ليس عنده علم بالحلال والحرام وانّه لايعرف حتى حدّ الصلاة، فكيف يكون إماماً؟!
٣) من الناحية العلمية تحداه بمطالبته بتفسير ولو آية واحدة من الكتاب فإنْ عجز كشف ذلك عن بطلان دعواه.
٤) مطالبته بإقامة حجة واضحة الدلالة على إمامته.
٥) نفى أنْ تكون الإمامة في أخوين بعد الإمامين الحسن والحسين عليه السلام.
ولمزيد من الفائدة نذكر نص الرواية في (بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٠ - ص ٢٢٨ – ٢٣١).
عن أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري رحمة الله عليه أنّه جاءه بعض أصحابنا يعلمه بأنّ جعفر بن علي كتب إليه كتابا يعرّفه نفسه، ويعلمه أنّه القيّم بعد أخيه، وأنّ عنده من علم الحلال والحرام ما يحتاج إليه، وغير ذلك من العلوم كلّها (كان معروفا بحبّ الجاه وطلب الدنيا وصرف أكثر عمره مع الأوباش والأجامرة ولعب الطنبور وسائر ما هو غير مشروع، ولكن كان متظاهرا بإمامة أخيه الحسن العسكري عليه السلام. ثم من بعد وفاته عليه السلام ادّعى الإمامة وكان يجبر الناس على اطاعته والقول بإمامته بل سأل وزير الخليفة أنْ يعرّفه بأنّه وارث أخيه منحصرا، ليثبت له عند الناس العوام إمامته، فزبره الوزير عن ذلك واستخفّ به كما سيأتي عن حديث أحمد بن عبيد الله الخاقان في باب وفاة العسكري عليه السلام تحت الرقم ١. وقد أراد أن يصلّي على جنازة أخيه الحسن العسكري فمنعه عن ذلك الحجة الغائب صاحب الأمر عليه السلام).
قال أحمد بن إسحاق: فلما قرأت الكتاب كتبت إلى صاحب الزمان عليه السلام وصيّرت كتاب جعفر في درجه، فخرج إليَّ الجواب في ذلك: (بسم الله الرحمن الرحيم أتاني كتابك أبقاك الله والكتاب الذي في درجه وأحاطت معرفتي بما تضمّنه على اختلاف ألفاظه، وتكرر الخطاء فيه. ولو تدبرته لوقفت على بعض ما وقفت عليه منه، والحمد لله رب العالمين حمداً لا شريك له، على إحسانه إلينا وفضله علينا، أبى الله عز وجل للحق إلاّ تماما، وللباطل إلاّ زهوقا وهو شاهد عليّ بما أذكره، ولي عليكم بما أقوله إذا اجتمعنا ليوم لا ريب فيه، و سألنا عما نحن فيه مختلفون، وأنّه لم يجعل لصاحب الكتاب على المكتوب إليه ولا عليك ولا على أحد من الخلق جميعا إمامة مفترضة، ولا طاعة ولا ذمة، وسأبيّن لكم جملة تكتفون بها إن شاء الله يا هذا يرحمك الله إنّ الله تعالى لم يخلق الخلق عبثا، ولا أمهلهم سدى بل خلقهم بقدرته، وجعل لهم أسماعا وأبصارا وقلوبا وألبابا، ثم بعث إليهم النبيين عليهم السلام مبشرين ومنذرين، يأمرونهم بطاعته، وينهونهم عن معصيته ويعرّفونهم ما جهلوه من أمر خالقهم ودينهم، وأنزل عليهم كتابا وبعث إليهم ملائكة وباين بينهم وبين من بعثهم بالفضل الذي لهم عليهم، وما آتاهم من الدلائل الظاهرة، و البراهين الباهرة، والآيات الغالبة . فمنهم من جعل عليه النار بردا وسلاما، واتخذه خليلا، ومنهم من كلمه تكليما وجعل عصاه ثعبانا مبينا، ومنهم من أحيى الموتى بإذن الله وأبرأ الأكمه والأبرص بإذن الله، ومنهم من علّمه منطق الطير، وأوتي من كل شيء. ثم بعث محمد صلى الله عليه وآله وسلم رحمة للعالمين وتمم به نعمته، وختم به أنبياءه ورسله إلى الناس كافة، وأظهر من صدقه ما ظهر، وبيّن من آياته وعلاماته ما بين، ثم قبضه حميدا فقيدا سعيدا وجعل الامر من بعده إلى أخيه وابن عمه ووصيّه ووارثه علي بن أبي طالب عليه السلام ثم إلى الأوصياء من ولده عليه السلام واحدا بعد واحد، أحيى بهم دينه، وأتّم بهم نوره، وجعل بينهم وبين إخوتهم وبني عمهم والأدنين فالأدنين من ذوي أرحامهم فرقا بينا تعرف به الحجة من المحجوج، والإمام من المأموم. بأنْ عصمهم من الذنوب، وبرّأهم من العيوب، وطهّرهم من الدنس و نزّههم من اللبس، وجعلهم خزّان علمه، ومستودع حكمته، وموضع سره، وأيدهم بالدلائل، ولولا ذلك لكان الناس على سواء ولادعى أمر الله عز وجل كل واحد ولما عرف الحق من الباطل، ولا العلم من الجهل. وقد ادعى هذا المبطل المدعي على الله الكذب بما ادعاه، فلا أدري بأية حالة هي له رجاء أن يتمّ دعواه، أبفقه في دين الله، فوالله ما يعرف حلالا من حرام ولا يفرّق بين خطأ وصواب، أم بعلم، فما يعلم حقّا من باطل، ولا محكما من متشابه ولا يعرف حدّ الصلاة ووقتها، أم بورع، فالله شهيد على تركه لصلاة الفرض أربعين يوما يزعم ذلك لطلب الشعبذة، ولعلّ خبره تأدّى إليكم، وهاتيك ظروف مسكره منصوبة، وآثار عصيانه لله عز وجل مشهودة قائمة، أم بآية فليأت بها، أم بحجة فليقمها، أم بدلالة فليذكرها. قال الله عز وجل في كتابه العزيز : (بسم الله الرحمن الرحيم*حم*تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ*مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ*قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ*وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَ هُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ*وَ إِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَ كانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرينَ (الأحقاف: ١_٦).
فالتمس تولّى الله توفيقك من هذا الظالم ما ذكرت لك، وامتحنه واسأله آية من كتاب الله يفسّرها أو صلاة يبيّن حدودها، وما يجب فيها لتعلم حاله ومقداره ويظهر لك عواره ونقصانه والله حسيبه . حفظ الله الحق على أهله، وأقره في مستقره، وقد أبى الله عز وجل أنْ تكون الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام وإذا أذن الله لنا في القول ظهر الحق واضمحلّ الباطل وانحسر عنكم، وإلى الله أرغب في الكفاية، وجميل الصنع والولاية، وحسبنا الله ونعم الوكيل