قصة قصيرة
سقاني شربة لم أذق أعذب منها
محمد حسن عبد
كان السفر شغلة الشيخ قاسم، فكان كثير السفر إلى حج بين الله الحرام.
وفي إحدى سفراته تعب الشيخ _وكان قد ذهب ماشياً كالعادة مع ركب_ لقد أعياه التعب.. وبينما هو يستريح، فقد ذهب في نومة طويلة.
انتبه الحاج فلم يجد الركب، فقد ذهب.
قال الحاج وهو يحدّث نفسه.
- لقد ذهب الركب بعيداً وهذا واضح من ظل الشجرة أمامي ومن موضع الشمس.
لم يدر الحاج قاسم اين يتوجّه حينها... ولكنّه مشى وهو ينادي بأعلى صوته..
- يا أبا صالح... قاصداً بذلك صاحب الأمر عليه السلام، إذ اعتاد منتظروه أنْ ينادوه عليه السلام خاصة حين يضلوا الطريق.
بينما الشيخ الحاج على هذه الهيئة، وإذا براكب على ناقة... وعليه زي أهل البادية.. لقد ناداه الراكب:
- أنت منقطع عن الحاج؟
فقال له بلغة المتلهّف على الفور:
- نعم.
فقال الراكب:
- أركب خلفي لألحقك بهم.
فما كان من الحاج إلاّ أن ركب خلفه.. وسارت بهم الدابة.. فلم تكن إلاّ ساعة، حتى قام بإنزاله.. وقال له:
- إمض لشأنك.
فقال له:
- ولكنّي عطشان.. بل إنّ العطش قد أضرّ بي.
فأخرج الراكب من رحله وعاءً فيه ماء، وسقاه منه.
قال الشيخ بعدها متلذذاً بشربة الماء.
- والله إنّه ألذّ وأعذب ماء شربته.
وظل يقول في نفسه:
- لقد سقاني إمامي شربة لم أذق أعذب منها.