المرجعية الدينية ترد على دعوى اليماني المزعوم وغيره
س: ظهرت في الآونة الأخيرة ادّعاءات السفارة للإمام المهدي عليه السلام، بل يدّعي البعض أنه الإمام المنتظر، في حين لم يلق هؤلاء رادعاً قوياً وبياناً واضحاً من مصادر الفتيا والعلم، وقد استغل هؤلاء انعدام المعايير الصحيحة لدى عامة الناس، نتيجة الجهل، والتجهيل المتعمد من قبل الظالمين، والفقر، وانفلات الوضع الأمني، الذي ابتليت به أمّة المسلمين عموماً وفي العراق بالخصوص. وقد بان بطلان وفضيحة من ادّعى ذلك، في زمن الغيبة الكبرى بعد السفير الرابع أبي الحسن عليّ بن محمّد السمري رضي الله عنه، وبقي بعضٌ لم يتبيّن للناس زيفه. وقد انهالت على مركزنا الأسئلة حول هذا الموضوع. ولمّا كانت المرجعية الدينية هي الحصن الحصين للمذهب ولأبنائه لذا كان من الواجب أنْ نتوجّه إلى سماحتكم ممثلين عموم الشعب المؤمن الموالي لأهل بيت النبوة عليهم السلام، آملين من سماحتكم بيان الرأي في ردع هذه الدعاوى، وبيان المعايير التي يصح فيها ادعاء مثل هذه المدعيات، حتى يتبين للمؤمن: كيفية التمييز؟ ومتى يصدّق؟ ومتى يكذّب؟ هذه الدعاوى.
أدام الله ظلكم الوارف على رؤوس الأنام ولا حرمنا من فيوضاتكم المباركة.
إجابة سماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني(دام ظله):
قال أمير المؤمنين عليه السلام في كلام له لكميل بن زياد رضي الله عنه:
(الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجأوا إلى ركن وثيق).
إن من أهم الواجبات على المؤمنين في عصر غيبة الإمام عليه السلام هو أنْ يتعاملوا بتثبّت وحذرٍ شديدٍ فيما يتعلق به عليه السلام وبظهوره وسُبل الإرتباط به، فإنّ ذلك من أصعب مواطن الإبتلاء ومواضع الفتن في طول عصر الغيبة.
فكم من صاحب هوى مبتدع تلبس بلباس أهل العلم والدين ونسب نفسه إليه عليه السلام، مستغلاً طيبة نفوس الناس وحُسن ظنهم بأهل العلم وشدة تعلقهم بأهل بيت الهدى عليهم السلام وانتظارهم لأمرهم، فاستمال بذلك فريقاً من الناس وصلةً به إلى بعض الغايات الباطلة، ثم انكشف زيف دعواه وقد هلك وأهلك الكثيرين. وكم من إنسان استرسل في الاعتماد على مثل هذه الدعاوى الباطلة والرايات الضالة، بلا تثبّت وحذر، فظنّ نفسه من المتعلمين على سبيل نجاة ولكنه كان في واقعه من الهمج الرعاع، قد تعثر بعد الاستقامة وخرج عن الحق بعد الهداية، حتى اتخذ إليه عليه السلام طريقاً موهوماً، بل ربما استدرج للإيمان بإمامة غيره من الأدعياء، فاندرج في الحديث الشريف (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية).
وقد اتفق من هذه الحركات منذ الغيبة الصغرى إلى هذا العصر شيء كثير حتى أنه ربما كان في زمان واحد عدد من أدعياء الإمامة والسفارة، بحيث لو وقف الناظر على ذلك لكان فيه عبرة وتبصّر، ولتعجّب من جرأة أهل الأهواء على الله سبحانه وعلى أوليائه عليهم السلام بالدعاوي الكاذبة وصلة إلى شيء من حطام هذه الدنيا، وأستغرب سرعة تصديق الناس لهم والانسياق ورائهم مع ما أمروا به من الوقوف عند الشبهات والتجنّب عن الاسترسال في أمور الدين فإنّ سرعة الاسترسال عثرة لا تقال.
ألا وإنّ الإمام عليه السلام حين يظهر يكون ظهوره مقروناً بالحجة البالغة والمحجة الواضحة والأدلة الظاهرة، محفوفاً بعنايته سبحانه، مؤيداً بنصره حتى لا يخفى على مؤمن حجته ولا يضل طالب للحق عن سبيله، فمن استعجل في ذلك فلا يضلنّ إلا نفسه،فإن الله سبحانه لا يعجل بعجلة عباده.
كما أن المرجع في أمور الدين في زمان غيبته عليه السلام هم العلماء المتقون ممّن اُختبر أمرهم في العلم والعمل، وعلم بُعدهم عن الهوى والضلال، كما جرت عليه هذه الطائفة منذ عصر الغيبة الصغرى إلى عصرنا هذا.
ولا شك في أنّ السبيل إلى طاعة الإمام عليه السلام والقرب منه ونيل رضاه هو الالتزام بأحكام الشريعة المقدسة والتحلي بالفضائل والابتعاد عن الرذائل والجري وفق السيرة المعهودة من علماء الدين وأساطين المذهب وسائر أهل البصيرة التي لا يزالون يسيرون عليها منذ زمن الأئمة عليهم السلام، فمن سلك طريقاً شاذاً وسبيلاً مبتدعاً فقد خاض في الشبهة وسقط في الفتنة وضلّ عن القصد.
وليعلم أنّ الروايات الواردة في تفاصيل علائم الظهور هي كغيرها من الروايات الواردة عنهم عليهم السلام لابد في البناء عليها من الرجوع إلى أهل الخبرة والاختصاص لأجل تمحيصها وفرز غثّها من سمينها ومحكمها من متشابهها، والترجيح بين متعارضاتها ولا يصح البناء في تحديد مضامينها وتشخيص مواردها على أساس الحدس والتظني، فإنّ الظنّ لا يغني من الحق شيئاً. وقد أخطأ في أمر هذه الروايات فئتان:
١. فئة شرعوا في تطبيقها واستعجلوا في الأخذ بها _على حسن نيّة_ من غير مراعاة للمنهج الذي تجب رعايته في مثلها، فعثروا في ذلك ومهّدوا السبيل من حيث لا يريدون لأصحاب الأغراض الباطلة، وإنّ الناظر المطلع على ما وقع من ذلك يجد أنّ بعضها قد طبّق أكثر من مرة في أزمنة مختلفة، وقد ظهر الخطأ فيه كل مرة، ثم يعاد إلى تطبيقها من جديد.
٢. وفئة أخرى من أهل الأهواء، فإنّه كلما أراد أحدهم أنْ يستحدث هوى ويرفع راية ضلال ليجتذب فريقاً من البسطاء والسذج إختار جملة من متشابهات هذه الروايات وضعافها وتكلف في تطبيقها على نفسه وحركته، ليمنّي الناس بالأماني الباطلة، ويغرّرهم بالدعاوي الباطلة فيوقع في قلبهم الشبهة، وقد قال أمير المؤمنين عليه السلام (فاحذروا الشبهة واشتمالها على لبستها، فإن الفتنة طالما أغدقت جلابيبها وأعشت الأبصار ظلمتها) وقال عليه السلام (إنّ الفتن إذا أقبلت شبّهت وإذا أدبرت نبّهت، ينكرن مقبلات ويعرفن مدبرات).
نسأل الله تعالى أنْ يقي جميع المؤمنين شرّ الفتن المظلمة والأهواء الباطلة ويوفقهم لحُسن الانتظار لظهور الإمام عليه السلام. وقد ورد في الحديث الشريف(من مات منتظراً لأمرنا كان كمن كان مع قائمن عليه السلام) والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ١٢/صفر الخير/ ١٤٢٨هـ.
إجابة سماحة المرجع الكبير آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم(دام ظله) :
كل دعوى لا تستند الى دليل فلا تقبل من مدعيها حتى لو كان الادعاء أمراً لا أهمية له فكيف بمثل هذه الدعاوى الخطيرة التي تكون سبباً للضلال والفرقة.
ولتوضيح الصورة نذكر الأمور التالية: الأول: إنّ مدعي رؤية الامام الحجة¨ وأخذ المعلومات عنه لإيصالها الى الناس مجترئ على الله وعلى رسوله وأوليائه ورادٌ لما أعلنه عليه السلام في توقيعه الذي رواه أصحابنا في كتبهم واعتمدوا عليه وأذعنوا له وهو ما كتبه الامام المنتظر الى النائب الرابع علي بن محمد السمري رضي الله عنه وهو: (بسم الله الرحمن الرحيم. يا علي بن محمد السمري أعظم الله أجر إخوانك فيك فإنّك ميت ما بينك وبين ستة أيام فاجمع أمرك ولا توص الى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك فقد وقعت الغيبة التامة فلا ظهور إلاّ بعد إذن الله تعالى ذكره وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب وامتلاء الأرض جوراً وسيأتي شيعتي من يدعي المشاهدة ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كاذب مفتر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم). وإن من شواهد صدق هذا التوقيع ما حدث من ادعاءات كاذبة منذ الغيبة والى يومنا هذا حيث إن ذلك من إخبارات الغيب التي صدقتها الأيام، وبعد كل هذا فكل مدع للسفارة أو الوصاية كذاب ومفتر على الله وأوليائه.
الثاني: إنّ دعوى الإمامة لا تقل أهمية وخطورة على الدين من دعوة النبوة حيث إنّها تفرض على الآخرين الخضوع والطاعة ولا يمكن أنْ تكون صادقة إلا ببرهان ساطع لا يقبل الشك والإنكار (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ) وقد أذعن أولياء آل محمد وشيعتهم للأئمة عليهم السلام اعتماداً على النص القطعي أو المعجزة والكرامة الإلهية ولربما اجتمعا في أحيان كثيرة ولابد أن يحصل ذلك في حق الإمام المنتظر عليه السلام عند ظهوره حيث سيقترن ذلك بمعلومات قطعية ومعاجز وكرامات جلية لاتقبل التأويل أو الإنكار، فعلى كل من تطرق سمعه مثل هذه الادعاءات الغيبية الحذر والتثبت وعدم التسامح والتساهل فإنّ ذلك يجر الى الوبال وعظيم النكال. ونصيحتنا للباحثين في علائم الظهور الابتعاد عن الظنون والاحتمالات والتخرص فإنّ ذلك يؤدي الى خلق جو نفسي لرواج الادعاءات الكاذبة ولربما يتحمل هؤلاء جزءاً من المسؤولية من حيث لا يعلمون. وعلى المؤمنين كافة أنْ يكونوا على يقين من نصر الله سبحانه وتعالى وتأييده لهذه الثلة المؤمنة من أتباع آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ماداموا متمسكين بنهجهم وسائرين على هديهم في الاعتماد على من اجتمعت فيه شروط التقليد المعروفة وخاصة صفتي العلم والتقوى، فإنّ هذا المنهج هو المنهج الأصيل الذي بناه أهل البيت عليهم السلام جيلاً بعد جيل، وإن من أوضح صوره وأجلى مظاهره التوقيع الشريف المروي عن الإمام المنتظر: (وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله).
إجابة سماحة آية الله العظمى الشيخ اسحاق الفياض(دام ظله):
لا يخفى على المؤمنين أيدهم الله تعالى أن السفارة والنيابة الخاصة عن الإمام الحجة عليه السلام قد انقطعت بموت السفير الرابع علي بن محمد السمري رضي الله عنه وبدأت الغيبة الكبرى فمن ادّعى السفارة والنيابة الخاصة فيها فهو مفتر كذاب وعلى الناس أن يكذبوه، وكذا ينبغي عليهم تكذيب من يدعي انّه اليماني أو الخراساني أو صاحب النفس الزكية، فإنّ تلك الشخصيات المباركة لا تظهر إلاّ بعد الصيحة. ومنه يظهر بطلان دعوى مقام الإمامة وانّه الإمام عليه السلام ضرورة أنّ الإمام عليه السلام لا يظهر إلاّ بعد الصيحة والخسف في البيداء وخروج اليماني والسفياني والخراساني وقتل النفس الزكية بين الركن والمقام.
وبدورنا ننصح المؤمنين وفقهم الله تعالى بأخذ العقائد الصحيحة من المراجع العظام الأمناء على حلال الله وحرامه وعدم الإعتناء بتلك الدعاوى الباطلة، فإنّ عدم الاعتناء بها وإهمالها سبب لإجهاضها إن شاء الله تعالى. ٢ صفر/ ١٤٢٨هـ
إجابة سماحة آية الله العظمى الشيخ بشير النجفي (دام ظله):
يجب أنْ نعلم أنّ الحجة المنتظر عليه السلام، أرواحنا لمقدمه الفداء، قد بيّن على لسان نوابه _خصوصاً الرابع أبي الحسن علي بن محمد السمري_ وكذلك آبائه الأئمة الطاهرين خصوصياته ومشخصاته، وكذلك حددت على ألسنتهم الآيات والعلائم الحتمية التي يعقبها ظهوره وخروجه من حجاب الغيبة، ولم يتحقق شيء منها إلى الآن، وقد انقطعت السفارة الخاصة والمباشرة بينه عليه السلام وبين الشيعة، بموت السفير الرابع، فكل من يدعي السفارة فهو كذاب مفتر على لسانه عليه السلام، وكل من يدعي أنّه الإمام المنتظر والخارج قبل تحقق العلائم ولايمتلك مشخصاته ودلائله فهو في حكم المرتد، لأنّه يبتدع الدين، فعلى المؤمنين الانتباه فلا تفترسهم الذئاب وتستضلهم الشياطين، فاعلموا أنّه من وراء هؤلاء الضالين المضلين طغاة العالم يمدونهم في طغيانهم يعمهون.