أحمد بن كاطع أول الدجالين
يوسف جبرائيل حسين
يدعي احمد بن كاطع الذي أنكر أصله واتّهم امّه بانه هو أول المهديين, وهو أول انصار الإمام المهدي ويستدل على كلامه هذا برواية يرويها عن كتاب (بشارة الإسلام) ومضمون الرواية التي ينقلها ناظم العقيلي في كتيب الرد الحاسم تحت عنوان الاضاءة الثالثة (ابن الإمام المهدي) ينقل عن ص١٤٨ من بشارة الاسلام ما هذا لفظه: (عن امير المؤمنين عليه السلام في خبر طويل ألا ان اولهم من البصرة وآخرهم من الابدال...), ثم ينقل في البين رواية عن الإمام الصادق عليه السلام حيث يقول ما هذا لفظه عن الإمام الصادق عليه السلام في خبر طويل سمى به اصحاب القائم عليه السلام: (...ومن البصرة عبد الرحمن بن الاعطف بن سعد واحمد ومريح وحماد) ونحن نقف مع هاتين الروايتين ثلاث وقفات,وقفة سندية ووقفة دلالية ووقفة اصولية عقائدية.
الوقفة الاولى: البحث السندي
١ _ إنّ هذه الرواية وردت بألسنة متعددة, فقد روى السيد ابن طاووس صاحب (الملاحم والفتن) في ص٢٨٩ ما هذا لفظه (فذكر المهدي وخروجه وخروج من يخرج معه واسمائهم إلى أنْ قال أولهم من البصرة وآخرهم من اليمامة) وابن طاووس يروي هذه الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام وينقلها عن كتاب الفتن لاحمد بن عيسى بن الشيخ الحساني المعروف بـ أبي صالح السليلي, وهذا الكتاب ليس له نسخة مطبوعة ولا يوجد لهذا الخبر مصدر سوى الملاحم والفتن, ومن حيث السند فإن رواة هذا الحديث فضلاً عن كونهم من ابناء العامة فإن أغلبهم لم يترجم له, وبالتالي فهذه الرواية بهذا النص ساقطة عن الاستدلال لانها ليست بحجة في فروع الدين فضلاً عن أن تكون حجة في اصول الدين.
اللسان الآخر الذي وردت به هذه الرواية هو ما ينقله جماعة احمد بن الحسن وينقلونه عن كتاب (بشارة الاسلام) للسيد مصطفى آل سيد حيدر الكاظمي, أما المصادر الاخرى التي وجدناها تنقل الرواية بهذا اللسان فهو كتاب (الزام الناصب) للشيخ علي اليزدي الحائري وينقلها تحت عنوان خطبة البيان, وإذا رجعنا إلى كتاب (بشارة الاسلام) وجدناه ينقلها في ص٢١١ من طبعة المكتبة المرتضوية ومطبعتها الحيدرية وايضاً ينقلها بعنوان خطبة البيان ومما نسب إلى امير المؤمنين, ونحن لسنا بحاجة أن نقف كثيراً مع خطبة البيان بعد أن تحدث نفس الشيخ اليزدي الحائري عن هذه الخطبة, إذ قال في ص٧٥ من بشارة الاسلام (إنا لم نعثر على مستند صحيح لهذه الخطبة المسماة بالبيان ولم يثبتها أحد من المحدثين كالشيخ الطوسي والكليني ونظائرهم, وعدم ذكر المجلسي لها توهين لها لاحاطته بالاخبار, ويبعد عدم اطلاعه عليها مع انها غير بليغة كثيرة التكرار غير بينة الالفاظ) فهذا النص من السيد حيدر الكاظمي كافٍ في إسقاط خطبة البيان عن الحجية والاعتماد, فهي فضلاً عن أن انها لا ترقى للاستدلال الفقهي فكيف بها في الاستدلال العقدي الاصولي.
٢ _ ملاحظة في غاية الاهمية: (إنّ هؤلاء يزعمون ان احمد بن كاطع بن الإمام المهدي وان هذه البنوة حجة في التلقي حيث يقول احمد بن كاطع في رسالة له (أمرني الإمام المهدي) ويقول في محلٍ آخر من هذا البيان (يا اهل العراق ان أبي قد ارسلني لاهل الارض وبدأ بكم) ويقول في موضع آخر (فلن يطول الامر حتى اعود مع ابي محمد بن الحسن المهدي) ويقول في موضع ومحل آخر (وسيأتيكم ابي غضبان اسفا بما فعلتم بي), ثم يختم رسالته بانه الركن الشديد وبقية آل محمد عليهم السلام وانه المؤيد بجبرائيل المسدد بميكائيل المنصور باسرافيل, تاريخ الرسالة ٢٨/ شوال/١٤٢٤ هـ).
فمع هذا الزعم الخطير الذي يصل إلى حد العصمة كما صرحوا بها في مواضع ومواطن عديدة من كتبهم نجدهم يكذبون علينا وهذه هي الطامة الكبرى والرزية العظمى كيف يكون المعصوم كاذباً, وهذا التناقض الخطير والانحراف الكبير, فاحمد بن كاطع المؤيد بجبرائيل والمسدد بميكائيل والمنصور باسرافيل يكذب على الناس إذ يستدل عليهم بالاخبار الضعيفة التي ليست لها حجية في فروع الدين فضلاً عن أن تكون لها حجية في اصول الدين ولا يكتفي بذلك بل يبتر النصوص وينقلها كذباً فهذا هو نص ما نسب إلى امير المؤمنين ورواه السيد الكاظمي في بشارة الاسلام في ص٢١١ استمع اليه اخي القاريء الكريم ودقق فيه وتأمله جيداً فستجد ان هؤلاء الضالين المضلين مهنتهم الكذب والتزوير والتدليس (فقام إليه جماعة من اصحابه فقالوا سألناك بالله يا بن عم رسول الله سمهم لنا وعلمنا باسمائهم وامصارهم فقد ذابت قلوبنا من كلامك هذا, فقال عليه السلام: ألا إن اولهم من البصرة وآخرهم من الابدال فاما الذين من البصرة فعلي ومحارب...) ولكي يتضح النص اكثر انقل لكم مقاطع من الكلام المنسوب إلى امير المؤمنين والتي سبقت كلامه الآنف الذكر حيث قال: (وإن المهدي احسن الناس خلقاً وخلقاً ألا وانه اذا خرج فاجتمع اليه اصحابه على عدد اهل بدر واصحاب طالوت وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً...).
فأنْتَ تجد ايها القاريء الكريم أن النص المنسوب إلى امير المؤمنين عليه السلام يصرح في هذا المقطع من أن هؤلاء الرجال وهم انصار الإمام المهدي واصحابه الخاصين يخرجون اذا خرج ويجتمعون اليه بعد خروجه ولا يكونون قبل خروجه وليس لهم حجيةٌ بمعزل عنه, بل وليس لكل فرد منهم حجية قبل خروجه حتى وان ادعى ذلك.
الوقفة الثانية: البحث الدلالي:
١ _ بعد ان تبين ضعف هذا الخبر بل ذهب البعض من العلماء إلى انه موضوع على امير المؤمنين عليه السلام نقول انه لا ملازمة بين كون انصار الإمام ثلاثمائة وثلاثة عشر وبين الذين يحكمون بعد الإمام وهم اثنا عشر وبين ما يدعي هؤلاء من ان هناك حجية وحاكمية لانصار الإمام أو ذرية الإمام قبل قيام الإمام وظهوره, ثم اننا نؤكد على ان حجية المهديين الاثني عشر وحاكميتهم وان لهم شيئاً من السلطات هو في طول حكومة الإمام المهدي أو حكومة ائمة اهل البيت عليهم السلام الذين يكونون بعد الإمام المهدي عليه السلام, فلا حجية لهؤلاء الذين هم من ذرية الإمام الحسين عليه السلام وقوم من شيعة اهل البيت عليهم السلام والذين سوف نقف مع الاحاديث التي ذكرتهم مفصلاً ونبين للجميع سقم وبطلان ما يدعيه هؤلاء المنمسون من ان للمهديين الاثني عشر عليهم السلام حجية استقلالية وبمعزل عن حجية اهل البيت عليهم السلام من الائمة الاثني عشر وانهم يكونون قطب الرحى دون اهل البيت عليهم السلام.
٢ _ ان هذه الرواية وامثالها تخالف الضرورات التي قامت في مذهب اهل البيت عليهم السلام من قبيل انقطاع السفارة والنيابة عن الإمام المهدي عليه السلام بمعنى تلقي الاحكام منه وايصالها إلى الناس مباشرة إلى حين خروجه وظهوره, ومنها انه لا حجية وامامة إلا للائمة الاثني عشر من اهل البيت عليهم السلام, فاذا ما جائت رواية وتحدثت عن ان هناك امكان للاتصال والارتباط بالامام المهدي عليه السلام بمعنى السفارة الخاصة فان هذه الاخبار لانها تصطدم مع تلك الضرورة وتلك السنة القطعية لابد من رفضها أو تأويلها, وهذا له نظائر كثيرة عند المسلمين عامة وعند مسلمي الشيعة خاصة, فمن هذا القبيل روايات تحريف القرآن فإنّها حتى وإنْ صح سند بعضها إلا انّنا نرفضها لانها تخالف القرآن وتخالف السنة, فكذلك إذا قلنا بصحة روايات أن للإمام المهدي ذرية في عصر الغيبة وان لذريته حجية وهذا اشبه بالمستحيلات البحثية (ومعنى المستحيل البحثي اننا اثناء بحثنا وتنقيبنا في روايات اهل البيت عليهم السلام لم نجد رواية واحدة معتبرة تثبت انّ الإمام المهدي متزوج في عصر الغيبة وان له ذرية بل ان الروايات تنفي ان يكون له ذرية وعقب كرواية الإمام الرض عليه السلام التي جاء فيها (لا يكون الإمام إلا وله عقب إلا الإمام الذي يخرج عليه الحسين بن علي عليه السلام فانه لا عقب له),أو أنّ لذريته بعد خروجه عليه السلام حجية بمعزل عن أئمة أهل البيت عليهم السلام).
الوقفة الثالثة: أصولية عقائدية:
حيث ان هؤلاء يعتقدون بان احمد اسماعيل كاطع رجل معصوم وأنّ له حجية في الدين ويجب على الناس الاقتداء به ولا يجوز اخذ الدين إلا منه, وهذه الدعاوى تنسجم بل هي صريحة في أن ما يدعونه من اصول الدين فلابد أنْ يثبتوا مضامين دعاواهم من سنخ ما تثبت به اصول الدين بمعنى ان تكون الادلة قطعية من حيث الصدور ومن حيث الدلالة وحيث انهم يصرحون في اكثر من كتاب وفي اكثر من مورد ان كل خبر لن يصل حد التواتر لا يوجب العلم وانه من اخبار الآحاد وان اخبار الآحاد ليست حجة في اصول الدين, فهذا الكلام من هؤلاء ينبغي أن نأخذه بعين الاعتبار في محاسباتنا لهم إذ انهم يسقطون رواية السمري عن الاعتبار بحجة انها خبر واحد مع انه وفي نفس الوقت يستعينون باخبار ضعيفة لا تكاد تصل إلى مستوى ما تثبت به مضامين اخبار الآحاد, ومع ذلك يحتجون بها ويتشبثون بمضامينها موهمين الآخرين بان هذه الاخبار حجة في اصول العقيدة خصوصاً الامامة والنيابة, مع انها كما قلنا على احسن احوالها لا تثبت احكاماً فقهية إذ هي تتأرجح ما بين الموضوع والضعيف والمضطرب والمعارض, وسوف نلاحظ فيما يأتي من ابحاث ان شاء الله تعالى ان هؤلاء ليس لهم رواية واحدة صحيحة السند قطعية الدلالة على حجية احمد بن كاطع أو حجية ان هناك ذرية للإمام المهدي عليه السلام في غيبته الكبرى وأنّ ابناءه وذريته لهم حجية في الامور الدينية.
اذن يتبين لنا أنّ هذه الرواية التي وقفنا معها ثلاث وقفات انها رواية لا تصلح للاستدلال الفقهي فضلاً عن انها لا تصلح للاستدلال العقائدي, اما رواية الإمام الصادق عليه السلام التي يروونها ايضا عن بشارة الاسلام والتي اخذها السيد حيدر الكاظمي صاحب بشارة الاسلام من كتاب غاية المرام, فبعد أنْ بحثنا عن هذه الرواية وجدنا فيها الآتي:
١ _ إنّ هذه الرواية مصدرها الاول هو كتاب دلائل الإمامة للمحدث الشيخ أبي جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري الصغير من اعلام القرن الخامس الهجري.
٢ _ جاء رقم الرواية في ص٥٦٤ هكذا: (٥٢٨/١٣٢ وبالاسناد الاول (والذي هو: ٥٢٧/١٣١ قال الطبري قال ابو حسان سعيد بن جناح حدثنا محمد بن مروان الكرخي قال حدثنا عبد الله بن داوود الكوفي عن سماعة بن مهران قال سأل ابو بصير الصادق عليه السلام عن عدة اصحاب القائم عليه السلام فاخبره بعدتهم ومواضعهم... الخ الرواية).
وجاء في الرواية (٥٢٨/١٣٢) ما هذا نصه (ومن البصرة عبد الرحمن بن الاعطف بن سعد, واحمد بن مليح وحماد بن جابر).
فهذه الرواية فضلاً عن انها ضعيفة السند بمحمد بن مروان وعبد الله بن داوود فهي أيضاً لا تدل على ما يدعيه هؤلاء إذ ان الرواية تصرح انه احمد بن مليح وليس احمد بن الحسن أو احمد بن اسماعيل كاطع فضلاً عن ان الرواية تتحدث عن اصحاب الإمام الـ ٣١٣ الذين يخرجون مع الإمام المهدي وليس قبله واذا صح من احمد السلمي أن يدعي من هذه الرواية حجيته فلابد ان يدعي ٣١٣ شخص من مختلف البلدان حجيتهم أيضاً تبعاً لهذه الرواية الضعيفة السند المجملة الدلالة, ثم ان نفس السيد حيدر الكاظمي صاحب بشارة الاسلام يعلق على هذه الرواية بقوله هذه النسخة كثيرة الغلط وقد سقط منها بعض الحروف وبدل بعضٌ...) فكيف يريد منا احمد البصري أن نطمئن إلى رواية مجملة قد سقط منها وأضيف وحذف بعض حروف كلماتها, ولعل احمد بن كاطع أيضاً زاد أو نقص في حروفها كما فعل في روايات اخرى, عجباً من هذا المعصوم.
تتميم: قد وردت عندنا جملة من الروايات تقول إنّ أول الدجالين من البصرة حيث جاء في كتاب (الملاحم والفتن) للسيد بن طاووس في ص٢٤٩ في باب ٣٧ الحديث رقم ٣٦٢ من خطبة لامير المؤمنين بالكوفة قال فيها: (...وكل من خرج من ولدي قبل المهدي فإنما هو جزور, واياكم والدجالين من ولد فاطمة فان من ولد فاطمة دجالين ويخرج دجال من دجلة البصرة, وليس مني وهو مقدمة الدجالين كلهم) فهذا الحديث يصرح بأن هذا الدجال الذي يدعي أنّه من ولد فاطمة هو ليس من امير المؤمنين عليه السلام وانما هو يدعي ذلك.
ثم ما هو المانع يا احمد السلمي أنْ تكون انت عوف السلمي، فهل تعرف من هو عوف السلمي؟.
هذه وقفة سريعة مع دعوى من دعاوى هذا الضال التي ادعى بموجبها انه صاحب الركن الشديد المؤيد بجبرائيل المسدد بميكائيل المنصور باسرافيل قد تبين بطلانها بل تبين كذبه وتزويره ووضعه للاحاديث وتلفيقها فهل هو إلى الآن ركن شديد أم أنّ هذا الركن انقض وانهار في نار جهنم.