اين معجزة المدعي ابن كاطع
الشيخ علي الدهنين
ظهر في الآونة الأخيرة رجل في البصـرة باسم أحمد إسماعيل كاطع وادَّعىٰ النيابة الخاصّة، وأنَّه وصيّ الإمام المهدي عليه السلام، وأنَّه ابن الإمام المهدي عليه السلام، وأنَّه هو اليماني، بل ادَّعىٰ أنَّه هو الإمام المهدي عليه السلام الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً، إلىٰ غيرها من الادّعاءات الباطلة، وقد رأينا من الواجب علينا أن نردَّ هذا المدَّعي ونُبيِّن كذبه للقرّاء الكرام، فنقول:
كذب من يدَّعي النيابة الخاصّة بعد السمري رحمه الله:
أمَّا دعواه النيابة الخاصّة فهي باطلة بدليل التوقيع الشـريف الصادر من الإمام المهدي عليه السلام إلىٰ نائبه الرابع علي بن محمّد السمري رحمه الله:
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، يَا عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ السَّمُريَّ أَعْظَمَ اللهُ أَجْرَ إِخْوَانِكَ فِيكَ، فَإِنَّكَ مَيِّتٌ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ سِتَّةِ أَيَّامٍ فَأَجْمِعْ أَمْرَكَ وَلَا تُوصِ إِلَىٰ أَحَدٍ يَقُومَ مَقَامَكَ بَعْدَ وَفَاتِكَ، فَقَدْ وَقَعَتِ الْغَيْبَةُ الثَّانِيَةُ فَلَا ظُهُورَ إِلَّا بَعْدَ إِذْن اللهِ عزوجل وَذَلِكَ بَعْدَ طُولِ الأَمَدِ وَقَسْوَةِ الْقُلُوبِ وَامْتِلَاءِ الأَرْضِ جَوْراً، وَسَيَأْتِي شِيعَتِي مَنْ يَدَّعِي الْـمُشَاهَدَةَ أَلَا فَمَن ادَّعَىٰ الْـمُشَاهَدَةَ قَبْلَ خُرُوجِ السُّفْيَانِيِّ وَالصَّيْحَةِ فَهُوَ كَاذِبٌ مُفْتَرٍ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ)، وقد أشرنا إلىٰ ذلك في فصول سابقة فلا نُعيد.
النيابة الخاصّة تحتاج لإثباتها إلى معجزة:
ولا بدَّ من الإشارة إلىٰ أنَّ النيابة العامّة للإمام المهدي عليه السلام الذي تتمثَّل اليوم بمراجعنا العظام لا تحتاج إلىٰ معجزة لإثباتها، بل يكفي أن نعلم باجتهاده من خلال أساتذته وأبحاثه وتلامذته، بخلاف النيابة الخاصّة التي لا تكون لأحد إلَّا بتعيين الإمام عليه السلام للنائب فإنَّها بحاجة إلىٰ معجزة لإثباتها.
ومثال ذلك ما جاء حول الحلَّاج الذي ادَّعىٰ النيابة الخاصّة للإمام المهدي عليه السلام، فعن أبي نصـر هبة الله بن محمّد الكاتب ابن بنت أُمّ كلثوم بنت أبي جعفر العمري، قال:
(لـمَّا أراد الله تعالىٰ أن يكشف أمر الحلَّاج ويظهر فضيحته ويُخزيه، وقع له أنَّ أبا سهل إسماعيل بن علي النوبختي رضي الله عنه ممَّن تجوز عليه مخرقته وتتمّ عليه حيلته، فوجَّه إليه يستدعيه وظنَّ أنَّ أبا سهل كغيره من الضعفاء في هذا الأمر بفرط جهله، وقدر أن يستجرّه إليه فيتمخرق به ويتسوف بانقياده علىٰ غيره، فيستتبَّ له ما قصد إليه من الحيلة والبهرجة علىٰ الضعفة، لقدر أبي سهل في أنفس الناس ومحلِّه من العلم والأدب أيضاً عندهم، ويقول له في مراسلته إيّاه:
إنّي وكيل صاحب الزمان عليه السلام _وبهذا أوّلاً كان يستجرّ الجهّال ثمّ يعلو منه إلىٰ غيره_، وقد أُمرت بمراسلتك وإظهار ما تريده من النصرة لك لتقوي نفسك، ولا ترتاب بهذا الأمر.
فأرسل إليه أبو سهل رضي الله عنه يقول له: إنّي أسألك أمراً يسيراً يخفُّ مثله عليك في جنب ما ظهر علىٰ يديك من الدلائل والبراهين، وهو أنّي رجل أُحبُّ الجواري وأصبو إليهنَّ، ولي منهنَّ عدَّة أتحظّاهنَّ، والشيب يُبعدني عنهنَّ ويُبغِّضني إليهنَّ، وأحتاج أن أخضبه في كلّ جمعة، وأتحمَّل منه مشقَّة شديدة لأستر عنهنَّ ذلك، وإلَّا انكشف أمري عندهنَّ، فصار القرب بُعداً والوصال هجراً، وأُريد أن تغنيني عن الخضاب وتكفيني مؤنته، وتجعل لحيتي سوداء، فإنّي طوع يديك، وصائر إليك، وقائل بقولك، وداعٍ إلىٰ مذهبك، مع ما لي في ذلك من البصيرة ولك من المعونة.
فلمَّا سمع ذلك الحلَّاج من قوله وجوابه علم أنَّه قد أخطأ في مراسلته وجهل في الخروج إليه بمذهبه، وأمسك عنه ولم يرد إليه جواباً، ولم يرسل إليه رسولاً، وصيَّره أبو سهل رضي الله عنه أُحدوثة وضحكة ويطنز به عند كلّ أحد، وشهر أمره عند الصغير والكبير، وكان هذا الفعل سبباً لكشف أمره وتنفير الجماعة عنه).
فأين معجزة هذا المدَّعي الكذّاب أحمد بن إسماعيل بن كاطع!؟