ظاهرة الادعاء في القضية المهدوية
سلسلة في حلقات (الحلقة الاولى)
السيد أحمد الاشكوري
إنَّ ثراء القضيّة المهدوية ومفروغيّة تاريخيتها ومقبوليتها عند العقل الديني بمختلف أطيافه وإنْ اختلفت المسمّيات، اقترنت بظاهرة خطيرة وهي الأدعياء، ولم تنفكّ هذه المقارنة من حين الولادة إلى حين الإنجاز، بل لا غرابة في ذلك، فإنَّ ظاهرة النبوّة والرسالة على طول خطّ سيرها صحبت المقنَّعين أيضاً، ومن ظريف القول حينما ادّعى أحدهم النبوّة وكانت معجزته رمي الحصى في الماء فيتفتَّت، فلمَّا طُلب منه استبدال الحصى، قال: أنتم أقسى من فرعون، فإنَّه لم يطلب من موسى استبدال العصى، كما ادّعى ذلك بعض آخر، ولمَّا طُلب منه إظهار معجزته، قال: معجزة مَنْ تُريدون؟ قالوا: معجزة موسى، قال: وما هي؟ قالوا: العصى، فقال: آتوني بأسهل؟ قالوا: معجزة إبراهيم، وهي صيرورة النار برداً وسلاماً، قال: أريد الأسهل، فقال السلطان: معجزة عيسى، وهي إحياء الموتى، قال: هي ما ساُعطيكم، فإنّي سأقتل السلطان ثمّ أحييه، فقال السلطان: إنّي مصدّق معجزتك، ولا حاجة إلى أن تقوم بذلك.
وهكذا هو حال المزيّفين في القضيّة المهدوية فهم بين مدّع أنَّه المهدي، أو كونه النائب الخاصّ، أو اليماني، أو الخراساني، أو النفس الزكيّة، أو صاحب الراية السوداء، أو ابن الإمام، أو من الأبدال، أو غيرهم من العناوين الواردة في النصوص.
والمهمّ أن نلاحظ في هذا الدعاء اموراً منها:
أوّلاً: طوائف المدعين:
فهم على صنفين:
الصنف الأوّل: وهم المدعون في أنفسهم: كالمهدي العبّاسي، أو أصحاب الحركة البابيّة، أو محمّد بن حمد بن المهدي السوداني، وغيرهم من الحكّام الأمويين والعبّاسيّين، وغيرهم.
الصنّف الثاني: وهم من ادعي في حقهم: كمحمّد بن الحنفية، وزيد الشهيد، ومحمّد بن عبد الله الموسوم بالنفس الزكيّة، بل قد ادُّعي في حقّ بعض الأئمّة عليهم السلام أيضاً إنَّهم هم المهدي، كما فعل الواقفية والباقرية.
وثانياً: مناشيء الادعاء: وهذا ما نقف عنده في الحلقة الثانية من هذه السلسلة.