قصة قصيرة
ظننته فلّاحاً .. فكان سيدي صاحب الزمان عليه السلام
محمد حسن عبد
خرج السيد (أحمد) من مدينة (رشت) عازماً على أداء فريضة الحج, وسار حتى وصل إلى تبريز, حيث وجد هناك صحبة من جماعة، ترافق الجميع على السفر, سلكوا الطريق حتى قطعوا جزءاً منه. وفي أثناء ذلك كانت المفاجأة.. حيث لا يحتسبون، فلقد تغيّر الهواء, وادلهمّ الفضاء, أظلمت الدنيا وبدأ الوفر بالتساقط.
بين كل ذلك استطاع رفقاء السيد من مواصلة الطريق, غير أنّه لم يتمكّن من ذلك، فقد أحس بضعف وقد بقي وحده, نزل عن فرسه وجلس في زاوية على جانب الطريق .. وقد اضطرب اضطراباً شديداً.
وبينا هو كذلك وفي تفكير وتأمل رأى أمامه بستاناً, وفي هذه البستان فلاح بيده مسحاته, يضرب بها الأشجار فيتساقط الوفر من عليها.
تقدم هذا الفلاح نحو السيد بحيث لم يبق بينهما سوى فاصلة قليلة, ثم قال له:
- من أنت؟
فأجابه بحشرجة.
- لقد ذهب أصدقائي وبقيت وحدي.
- فقال له الفلاح.
- صلّ نافلة الليل لتعرف الطريق.
وهكذا قام بأداء هذه الصلاة, ولما فرغ من أدائها, عاد الفلاح مرة أخرى ليقول له.
- ألم تذهب بعد؟
فقال له السيد بضعف:
- لا أعرف الطريق.
فرد عليه بسرعة:
- اقرأ الزيارة الجامعة.
فقرأ ها حتى نهايتها, وإذا بالفلاح قد عاد ثانية ليقول:
- ألم تذهب بعد؟
فقال السيد وقد أخذته العَبرة:
- أنا هنا متحيّر ولا أعرف الطريق.
فقال الفلاح في هذه المرّة:
- اقرأ زيارة عاشوراء.
وهكذا قرأها, والسيد في كل ذلك يمتثل لكل ما يأمره به الفلاح, وما له سلطان عليه ولا يعرف نتيجة الأمر.
وفعلاً لقد عاد الفلاح ليسأله نفس السؤال:
- ألم تذهب بعد؟
- فقال له:
- لا
فقال له الفلاح مطمئِناً:
- أنا أوصلك الى قافلتك
فدبّت الراحة في نفسه وشعر بالاطمئنان, ثم سلّم السيد لجام فرسه إلى الفلاح, فركب وأردف السيد خلفه وسارا.
لقد طاوعه الفرس بالانقياد, وكأنّما هو فارسه, فازداد عجب السيد من ذلك أشد العجب.
وما انقضى قليل من الوقت إلاّ وقد قال الفلاح للسيد:
- هذه هي قافلتك لقد وصلت.
وهنا وقع في نفس السيد السؤال الكبير:
- من هو هذا الإنسان الذي يتكلم الفارسية في منطقة لا ينطق أهلها إلا بالتركيّة؟ بل ويعتنقون النصرانية؟
ثم كيف أنّه أوصلني بهذه السرعة؟
والأعجب من كل ذلك إنني قد التفت فلم أره, فأين ذهبت؟ أهو فلاح بسيط.. لا.. لا يمكن أنْ يكون كذلك.
- لا شك ولا ريب انه من يرعانا.. إنه سيدي صاحب العصر والزمان عليه السلام.