توجيه منطق القوة في روايات الظهور
يحيى غالي ياسين
إن المتتبع لكثير من الروايات المتعلقة بالظهور الميمون يجدها حافلة بمنطق القوة والسيف والدم ... الخ, وهذا الأمر قد يخلّف وراءه خوفاً نوعياً من مجمل حركة الظهور... نريد هنا أن نعطي بعض التوجيهات المنطقية لمنطق القوة هذا, ولكن قبل بيان تلك التوجيهات دعونا نذكر بعض الروايات التي تتسم بهذه الصفة:
• روي في (إلزام الناصب) عن أمير المؤمنين عليه السلام: ألا إنّ في قائمنا أهل البيت كفاية للمستبصرين وعبرة للمعتبرين ومحنة للمتكبرين لقوله تعالى (وَأَنذِرْ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ الْعَذَابُ). هو ظهور قائمنا المغيّب، لأنه عذاب على الكافرين وشفاء ورحمة للمؤمنين.
• عن محمد بن الحسن عن الصفار عن عباد بن سليمان عن محمد بن سليمان عن أبيه قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام قول الله عز وجل: (هَلْ أَتَك حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ). قال: يغشاهم القائم بالسيف... إلى أن قال: قلت: (تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً). قال: تصلى ناراً الحرب في الدنيا على عهد القائم عليه السلام وفي الآخرة نار جهنم.
• عن الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن الوشاء عن أحمد بن عايد عن أبي خديجة عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سُئِلَ عن القائم, فقال: (كلنا قائم بأمر الله واحد بعد واحد حتى يجيء صاحب السيف, فإذا جاء صاحب السيف جاء بأمر غير الذي كان).
والآن نذكر بعد توفيق الله جل وعلا بعض التوجيهات التي تمنطق لنا ( إذا صح التعبير ) منطق القوة وكما يلي:
التوجيه الأول: قد تكون توجيهاً معنوياً إيجابياً لمن يريد الإلتحاق به عند الظهور بعد ترسيخ مفهوم مفاده: أن هذه الحركة قوية وسيكون النجاح حليفها وأنها تحمي من ينتمي إليها, وفي قبال ذلك فإن هذه الروايات تحمل بين طياتها توجيهاً معنوياً سلبياً لأعداء حركة الحق، وتزرع في نفوسهم حالة من الخوف والهزيمة والوجل وهو مطلوب في منطق الحرب.
التوجيه الثاني: توسيعاً للتوجيه الأول.. تعتبر هذه الروايات حرباً باردة، حسب التعبير المعاصر، تسبق حروب المواجهة المباشرة , وهذا نوع من أنواع الردع وإستنزاف قدرات العدو بأشكالها كافة.
التوجيه الثالث: هذه الروايات توضح لنا مدى عنجهية وإستكبار وقوة العدو الذي سيخرج له الإمام عليه السلام وإن هذا الإسلوب هو الإسلوب الوحيد للتعامل معهم والضامن للإنتصار والنجاح.
التوجيه الرابع : علينا أن نعرف أن الحركة العسكرية للظهور لا تستمر سوى أشهر معدودة, وبالتالي فحسم المعركة بأسرع وقت وأكبر مقدار من الإنتصارات على مستوى العالم يحتاج إلى هكذا إجراءات قوية، وهي بطبيعتها أفضل من إطالة المعارك إلى سنين، والتي لا يجنى منها إلّا إهلاك الحرث والنسل.
التوجيه الخامس: تبين مقدار الحجة البالغة التي سيأتي بها الإمام عليه السلام إلى الناس والتي تلزمهم إتباعه عليه السلام ولا تجعل لهم سبباً للتخاذل وعدم الإلتحاق، فضلاً عن المواجهة, والمنطق يحتم أنه كلما كانت الحجة أبلغ على الآخر كانت العقوبة أشد عليه في حالة عدم هدايته .