الوهابية ومعوقات التمهيد
سلسلة من الابحاث تسلط الضوء على الحركة الوهابية وتكشف إرتباطاتها الخفية
التاريخ السعودي الوهابي اليهودي: الحلقة الرابعة
السيد مرتضى الرضوي
إن ابن عبد الوهاب نشأ في بلدة العينية من بلاد نجد، فقرأ على أبيه الفقه على مذهب أحمد بن حنبل، وكان من صغره يتكلم بكلمات لا يعرفها المسلمون، وينكر عليهم أكثر الذي اتفقوا على فعله، لكن لم يساعده على ذلك أحد، فسافر من العينية إلى مكة ثم إلى المدينة، فأخذ عن الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف، وشدد النكير على الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم عند قبره، ثم رحل إلى نجد، ثم إلى البصرة يريد الشام. فلما ورد البصرة أقام فيها مدة، وأخذ فيها عن الشيخ محمد المجموعي، وأنكر على أهلها أشياء كثيرة فأخرجوه منها فخرج هارباً، ثم جاء بعد عدة تحولات إلى بلد حريملة من نجد، وكان أبوه بها فلازمه وقرأ عليه، وأظهر الإنكار على مسلمي نجد في عقائدهم، فنهاه أبوه فلم ينته حتى وقع بينهما نزاع، ووقع بينه وبين المسلمين في حريملة جدال كثير، فأقام على ذلك سنتين حتى توفي أبوه سنة (١١٥٣هـ)، فاجترأ على إظهار عقائده، والإنكار على المسلمين فيما أطبقوا عليه، وتبعه حثالة من الناس.
وعقيدة ابن عبد الوهاب تنحصر في أربعة أمور:
١. تشبيه الله سبحانه وتعالى بخلقه.
٢. توحيد الإلوهية، والربوبية.
٣. عدم توقيره النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
٤. تكفير المسلمين.
قال أبو حامد بن مرزوق في مقدمة كتابه عن (التوسل بالنبي وبالصالحين):
(فهذه خلاصة علمية في عقائد محمد عبد الوهاب ومقلديه، جمعت أكثرها من المنقول والمعقول من تحقيق علماء الإسلام الأعلام، وشيدت صرحها بتاريخ الإسلام، ودعمتها بكثير من آيات الكتاب الحكيم، وسنته عليه الصلاة والسلام، فجاءت بحمد الله حصناً منيعاً لا يرام).
وقد ردّ بعض أتباع الأئمة الأربعة عليه وعلى مقلديه بتآليف كثيرة جيدة، وممن رد عليه من الحنابلة: أخوه سليمان بن عبد الوهاب.
ومن حنابلة الشام: آل الشطي، والشيخ عبد القدومي النابلسي في رحلته، وكلها مطبوعة، في ناحيتين: زيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والتوسل به وبالصالحين من أمّته، وقالوا: إنه مع مقلديه من الخوارج.
وممن نص على هذا: العلّامة المحقق السيد محمد أمين بن عابدين في حاشيته (رد المحتار على الدر المختار) في باب البغاة، والشيخ الصاوي المصري في (حاشيته على الجلالين)، لتكفيره أهل (لا إله إلا الله محمد رسول الله) برأيه.
ولاشك (أنّ التكفير سمة الخوارج وكل المبتدعة الذين يكفّرون مخالفي رأيهم من أهل القبلة، ولا تفيد هذه الخلاصة من مرق إلى الجهة الاخرى، لأنّ العلماء قالوا:
إنّ البدعة إذا رسخت في قلب لا يرجع صاحبها عنها، ولو رأى ألف دليل واضح وضوح الشمس يبطلها، إلاّ إذا أدركته عناية الله، وإنما هي عاصمة إن شاء الله تعالى من لم يدخل في بدعهم).
ونشرت مجلة المرشد البغدادية في عددها العاشر مجلد ٢ ص٣٨٨ والصادرة عام (١٣٤٦هـ-١٩٢٧م) ما يلي:
(الوهابية فرقة حديثة التكوين وجدت منذ قرنين، أو أقل، وقائدها الأول محمد بن عبد الوهاب من علماء نجد، قام بالدعوة إلى مذهبه في بلاده، وأيّدته السلطة السعودية آنئذ، وكانت أهم مبادئه بادئ بدء هدم القبور التي يتوجّه المسلمون إليها لطلب الحوائج، وتقديم النذور، والقرابين والحكم على أولئك المتوجهين بالكفر، والشرك، وقد نشر دعوته في كتبه، ورسائله).