الإمام عليه السلام عند الظهور بين الإنكار والقبول
المهندس يحيى غالي ياسين
إنّ المتتبع للأحاديث الواردة عن أهل بيت العصمة عليهم السلام سيجد أنّ الإمام المهدي عليه السلام سيواجه بعد ظهوره قبولاً من طائفة، ورفضاً واستنكاراً من طائفة أخرى, وهذا القبول والاستنكار سيؤدي إلى معارك وحروب ومناوشات يسقط فيها نفر كثير, ولكل من القبول والإنكار أسبابه الخاصة, لذا وإتماماً للفائدة، سنذكر إن شاء الله بعض تلك الأسباب الداعية لكل من الموقف الايجابي و السلبي اتجاه الإمام عليه السلام من قبل مجتمع عصر الظهور المبارك:
أولاً: أصحاب الموقف الايجابي:
وهم ثلة من الأصحاب الخاصين الذين سيظهر بهم الإمام عليه السلام في مكة, ومعهم الذين سيجتمعون فيها بعد ظهور الإمام وإقامته هناك، حتى يتوجه نحو المدينة، وأضف إليهم الحركات الموالية له في باقي البلدان التي ستنظم إليه عليه السلام قبل و أثناء بعض الحروب و المعارك. هؤلاء سيكون بعضهم قادة وبعضهم جنوداً في حركة الإمام عليه السلام في فترة وضع السيف، والبعض الآخر سيقومون بأدوار أخرى ذات أهمية في مناطقهم. أما أهم الأسباب الموجبة التي جعلت هؤلاء يقفون هذا الموقف الحسن اتجاه الإمام فنستطيع أنْ نلخّص بعضها بالتالي:
١_ سبب يرجع إلى عالم الذر, وهذا بحث ليس هنا محله, إلا أن مختصره هو حديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الذي مضمونه (السعيد سعيد في بطن أمه والشقي شقي في بطن أمه), وعن الإمام الصادق عليه السلام (لو قد قام القائم عليه السلام لأنكره الناس...لا يثبت عليه إلاّ مؤمن قد أخذ الله ميثاقه في الذر الأول). روى ذلك النعماني في غيبته. وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: (إياكم و التنويه! أما والله ليغيبن إمامكم سبتاً من دهركم, ولتمحصنّ حتى يقال مات أو هلك بأي واد سلك! ولتدمعن عليه عيون المؤمنين, ولتكفأنّ كما تكفأ السفن أمواج البحر، فلا ينجو إلاّ من اخذ الله ميثاقه وكتب في قلبه الإيمان و أيّده بروح منه...).
٢_ سبب يرجع إلى حياة الانتظار الصحيحة التي قضاها الشخص أيام الغيبة الكبرى:
فمن إحدى ثمرات الانتظار الصحيح هو نصرة القائم عند إدراك ظهوره, بل الأمر أكثر من ذلك فإن بعض المنتظرين يرزقون نصرة الإمام حتى بعد وفاتهم, عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: (ليعدّنّ أحدكم لخروج القائم ولو سهما, فإن الله تعالى إذا علم ذلك من نيته, رجوت أن ينسى في عمره حتى يدركه, فيكون من أعوانه و أنصاره. عن أبي بصير قال: قال الصادق جعفر بن محمد عليه السلام في قول الله عز وجل: (يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً), يعني خروج القائم المنتظر عليه السلام منا, ثم قال عليه السلام: يا أبا بصير طوبى لشيعة قائمنا المنتظرين لظهور في غيبته و المطيعين له عند ظهوره, أولئك أولياء الله: (أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ). وعن أبي بصير, عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن قول الله: (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ في سَبيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَ يُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجيلِ وَ الْقُرْآنِ وَ مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذي بايَعْتُمْ بِهِ وَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظيمُ)؟ قال: يعني في الميثاق, قال ثم قرأت عليه: (التائبون العابدون), فقال أبو جعفر: لا, ولكن اقرأها: التائبين العابدين... وقال: إذا رأيت هؤلاء, فعند ذلك هؤلاء اشترى منهم أنفسهم وأموالهم يعني في الرجعة.
٣_الآيات و الكرامات و المعجزات التي يأتي بها الإمام عليه السلام قبل وأثناء الظهور المقدس: فعن الإمام الصادق عليه السلام: (ما من معجزة من معجزات الأنبياء والأوصياء الاّ ويظهر الله تبارك وتعالى مثلها في يد قائمنا, لتمام الحجة على الأعداء. فكل هذه الأمور بلا شك ستؤثر على الوضع العالمي ككل, بل سمعنا بعض الروايات بأنّ السفياني نفسه يتزعزع ويقرر الانضمام خلف الإمام عليه السلام لو لا حواشيه ومريديه, عن حنان بن سدير, عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل: (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعينَ)؟ قال: نزلت في قائم آل محمد صلوات الله عليهم, ينادي باسمه من السماء.
٤_ تطلع بعض الأشخاص إلى أي نظام جديد أو حركة جديدة عسى أنْ تخلصهم من ولاة الظلم والجور التي ستمتلأ بهما الأرض قبيل الظهور على حد تعبير بعض الروايات.
ثانياً: أصحاب الموقف السلبي:
وهم طائفة وللأسف الشديد أكبر وأوسع من الطائفة التي تنصر الإمام عليه السلام,ويتمثلون في أشخاص وحركات ودول, وهم الذين سيواجهون الإمام في القول وفي الفعل وسيواجههم الإمام عليه السلام ويضع عليهم السيف ويذيقهم شر عذاب, ولكي نستطيع أنْ نحصي هؤلاء ونذكر أكبر عدد منهم, يمكننا أن نقسم هذه الطائفة الضالة إلى صنفين من حيث الإنكار للإمام عليه السلام وكالتالي:
الصنف الأول: هم المنكرون لأصل الفكرة الإسلامية بالنسبة للمهدي عليه السلام ولا يعتقدون بها وسيواجهونها ويقفون ضدها. ونقصد بهم هنا من كانوا خارج الإسلام من روم وترك ما شابه ذلك, فيخوض عليه السلام معارك كبيرة مع اليهود والروم وباقي الطوائف والحركات، مثل الدجال ويأجوج و مأجوج وقد ذكرنا بعض الروايات التي تشير لذلك.
الصنف الثاني: من كان داخل الإطار الإسلامي, وهؤلاء سيكون أكثر إنكارهم للأعمال التي سيقوم بها الإمام المهدي عليه السلام والطريقة و الهيئة التي سيظهر بها, فسينكرونه وعلمه ويخوض عليه السلام بعض الحروب ضدهم, اما أهم الأعمال التي تكون سببا لإنكار هؤلاء فهي:
مجيئه شاباً وكذلك أصحابه: عن علي بن أبي حمزة. عن أبي عبد الله عليه السلام انه قال: لو قد قام القائم لأنكره الناس, لأنه يرجع إليهم شاباً موفقاً, لا يثبت عليه إلا من قد اخذ الله ميثاقه في الذر الأول! وفي غير هذه الرواية أنه قال عليه السلام: وان أعظم البلية أن يخرج إليهم صاحبهم شابا وهم يحسبونه شيخاً كبيراً. وعن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: ان أصحاب القائم شباب لا كهول فيهم الا كالكحل في العين أو الملح في الزاد واقل الزاد الملح.