المخلّص في التوراة
د. محمد طي
حفل العهد القديم المتداول بأنباء المخلّصين. وحتى يمكن تحديد شخصياتهم فلا بد من معرفة أو صافهم ومهمّاتهم, لأنّ الالتباسات قائمة, فيرى اليهود أنه لم يأت بعد, فيما يعتبر المسيحيون أنه أتى, لكن الذي أتى في نظر المسيحيين لا ينطبق عليه الكثير من الأوصاف, ولم يقم بكل ما هو مناط به, من هنا فإنهم يقولون أنه سيعود ليقوم بما لم يقم به. وهنا يصطدم الرأي بالمأثورات الإسلامية التي تلتقي مع رأي التوراة، فنرى أنفسنا مضطرين للأخذ بها. لأنّ مصادر الإنجيل.
هي الأخرى لا تنطبق بسهولة على الرأي المسيحي كما سنرى فيما بعد.
لقد ورد في التوراة التي بين أيدينا أقوال تؤكد مجيء مخلّص للبشرية.. وقد بلغت النبؤات في هذا المجال المئات, وسنختار هنا بعضاً من أكثرها وضوحاً. فقد جاء في المزامير: مزمور ٧٢: (اللهم أعط أحكامك للملك وبرّك لابن الملك, يدين شعبك بالعدل ومساكينك بالحق. تحمل الجبال سلاماً للشعب والآكام بالبر (بمفعول عدلك) يقضي لمساكين الشعب, يخلّص بني البائسين ويسحق الظالم, يخشونك ما دامت الشمس وقدام القمر إلى دور فدور, ينزل مثل المطر على الجزاز ومثل الغيوث (كالأمواج) الذارفة على الأرض, يشرق في أيامه الصدّيق وكثرة السلام إلى أن يضمحلّ القمر ويملك من البحر إلى البحر ومن النهر إلى أقاصي الأرض. أمامه تجثو أهل البرية وأعداؤه يلحسون التراب... ويسجد له كل الملوك.. لأنه ينجي الفقير المستغيث والمسكين إذ لا معين له.. يكون اسمه إلى الدهر, قدام الشمس يمتد اسمه.. يتباركون به كل أمم الأرض يطوبونه, مبارك الرب الله إله إسرائيل الصانع العجائب وحده ومبارك اسم مجده إلى الدهر...).
مزمور ١١٠: (أقسم الرب ولن يندم, أنت كاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق. الرب عن يمينك يحطم في يوم رجزه ملوكاً, يدين بين أمم الأرض).
وملكي جاء في سفر أشعياء:
الإصحاح ٩/٦ و ٧: (لإنه يولد لنا ولد ونعطى ابناً وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيباً (محترماً مقدراً) مشيراً إلهاً قديراً أبا أبدياً رئيس السلام. لنمو رياسته وللسلام لا نهاية على كرسي داود وعلى مملكته ليثبتها ويعضدها بالحق والبر من الآن إلى الأبد. غيرة رب الجنود تصنع هذا).
ولأن الكرسي سيبقى إلى الأبد, فهو لا يمكن أنْ يكون في مملكة لليهود. واستخدام اسم داوود هنا لابدّ أن يكون رمزياً, فهو إما أن يعني (ذا الأيد) كما في القرآن, أي القوي, أوذا الود أو أي شيء آخر ولا مانع من أنْ يكون النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
أما أنْ يدعى إلهاً قديراً أباً أبدياً, فهذا على ما نظن من التحريف.
أما المشير, فهو يعني الذي يشير أو يهدي.
الإصحاح ١٢/١_٣: (وفي ذلك الوقت يقوم ميخائيل الرئيس العظيم القائم لبني شعبك ويكون زمان ضيق لم يكن منذ كانت أمة إلى ذلك الوقت.
وفي ذلك الوقت ينجي شعبك, كل من يوجد مكتوباً في السفر. وكثيرون من الراقدين في تراب الأرض يستيقظون هؤلاء إلى الحياة الأبدية وهؤلاء إلى العار والازدراء الأبدي). وجاء في سفر حبقوق: ٢/٢ و٣) فأجابني الرب وقال اكتب الرؤيا وأنقشها على الألواح لكي يركض قارؤها. (لتقرأ بسهولة) لأنّ الرؤيا بعد إلى الميعاد (أي حدد معادها) وفي النهاية (ستسير إلى أجلها) تتكلم ولا تكذب.
إن توانت فانتظرها لأنها ستأتي إتيانا ولا تتأخر (يتحقق بالتأكيد).
وهذا المخلّص ليس مختصاً باليهود بل بالبشرية بدليل أنّ حكمه سيستمر إلى الأبد من جهة. وبدليل ماورد في العهد القديم نفسه من أنّ الله تخلى عن اليهود إلى الأبد كما جاء في سفر ارميا, الإصحاح السابع عشر الذي يقول: (خطيئة يهوذا مكتوبة بقلم من حديد... يا جبلي في الحقل اجعل ثروتك, كل خزائنك للنهب ومرتفعاتك للخطية في كل تخومك, وتتبرأ وبنفسك عن ميراثك الذي أعطيتك إياه وأجعلك تخدم أعداءك في أرض لم تعرفها, لأنكم أضرمتم ناراً بغضبي تتقد إلى الأبد).
كما يقول في الإصحاح التالي: (فالآن كلم رجال يهوذا وسكان أورشليم قائلاً: هكذا قال الرب: ها أنذا مصدر عليكم شراً وقاصداً عليكم قصداً ( معداً لكم مشروعاً) فارجعوا, كل واحد عن طريق الرديء وأصلوا طرقكم وأعمالكم. فقالوا: باطل, لأننا نسعى وراء أفكارنا وكل واحد يعمل حسب عناد قبله الرديء, لذلك هكذا قال الرب: اسألوا بين الأمم, من سمع كهذه, ما يقشعر منه جداً عملت عذراء إسرائيل. هل يخلو صخر حقلي من ثلج لبنان (هل يترك ثلج لبنان صخرة حقولي) أو هل تنشف المياه المتفجرة الباردة الجارية. لأن شعبي قد نسيني, بخروا للباطل, وقد أعثروهم في طرقهم, في السبل القديمة ليسلكوا في شعب, في طريق غير مسهل. لنجعل أرضهم خرباً وصفيراً أبدياً. كل مار فيها يدهش وينفض رأسه (يهز رأسه) كريح شرقية أبددهم أمام العدو. أريهم القفا (أدير لهم ظهره ظهري) لا الوجه في يوم مصيبتهم).
هذا ويصرح الكتاب المقدس باستبدال بني إسرائيل بغيرهم: (... أغاظوني بأباطيلهم فأنا أغيرهم بما ليس شعباً بأمّة غبية أغيظهم)، ويرد في مكان آخر: (أصغيت إلى الذين لم يسألوا وجدت من الذين لم يطلبوني. قلت ها أنذا ها أنذا لأمّة لم تسم باسمي).
وإذا كان اليهود لن تقوم لهم قائمة, فلا بد أن يرسل المخلّص إلى شعوب أخرى.
المخلّص في التوراة
د. محمد طي
حفل العهد القديم المتداول بأنباء المخلّصين. وحتى يمكن تحديد شخصياتهم فلا بد من معرفة أو صافهم ومهمّاتهم, لأنّ الالتباسات قائمة, فيرى اليهود أنه لم يأت بعد, فيما يعتبر المسيحيون أنه أتى, لكن الذي أتى في نظر المسيحيين لا ينطبق عليه الكثير من الأوصاف, ولم يقم بكل ما هو مناط به, من هنا فإنهم يقولون أنه سيعود ليقوم بما لم يقم به. وهنا يصطدم الرأي بالمأثورات الإسلامية التي تلتقي مع رأي التوراة، فنرى أنفسنا مضطرين للأخذ بها. لأنّ مصادر الإنجيل.
هي الأخرى لا تنطبق بسهولة على الرأي المسيحي كما سنرى فيما بعد.
لقد ورد في التوراة التي بين أيدينا أقوال تؤكد مجيء مخلّص للبشرية.. وقد بلغت النبؤات في هذا المجال المئات, وسنختار هنا بعضاً من أكثرها وضوحاً. فقد جاء في المزامير: مزمور ٧٢: (اللهم أعط أحكامك للملك وبرّك لابن الملك, يدين شعبك بالعدل ومساكينك بالحق. تحمل الجبال سلاماً للشعب والآكام بالبر (بمفعول عدلك) يقضي لمساكين الشعب, يخلّص بني البائسين ويسحق الظالم, يخشونك ما دامت الشمس وقدام القمر إلى دور فدور, ينزل مثل المطر على الجزاز ومثل الغيوث (كالأمواج) الذارفة على الأرض, يشرق في أيامه الصدّيق وكثرة السلام إلى أن يضمحلّ القمر ويملك من البحر إلى البحر ومن النهر إلى أقاصي الأرض. أمامه تجثو أهل البرية وأعداؤه يلحسون التراب... ويسجد له كل الملوك.. لأنه ينجي الفقير المستغيث والمسكين إذ لا معين له.. يكون اسمه إلى الدهر, قدام الشمس يمتد اسمه.. يتباركون به كل أمم الأرض يطوبونه, مبارك الرب الله إله إسرائيل الصانع العجائب وحده ومبارك اسم مجده إلى الدهر...).
مزمور ١١٠: (أقسم الرب ولن يندم, أنت كاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق. الرب عن يمينك يحطم في يوم رجزه ملوكاً, يدين بين أمم الأرض).
وملكي جاء في سفر أشعياء:
الإصحاح ٩/٦ و ٧: (لإنه يولد لنا ولد ونعطى ابناً وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيباً (محترماً مقدراً) مشيراً إلهاً قديراً أبا أبدياً رئيس السلام. لنمو رياسته وللسلام لا نهاية على كرسي داود وعلى مملكته ليثبتها ويعضدها بالحق والبر من الآن إلى الأبد. غيرة رب الجنود تصنع هذا).
ولأن الكرسي سيبقى إلى الأبد, فهو لا يمكن أنْ يكون في مملكة لليهود. واستخدام اسم داوود هنا لابدّ أن يكون رمزياً, فهو إما أن يعني (ذا الأيد) كما في القرآن, أي القوي, أوذا الود أو أي شيء آخر ولا مانع من أنْ يكون النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
أما أنْ يدعى إلهاً قديراً أباً أبدياً, فهذا على ما نظن من التحريف.
أما المشير, فهو يعني الذي يشير أو يهدي.
الإصحاح ١٢/١_٣: (وفي ذلك الوقت يقوم ميخائيل الرئيس العظيم القائم لبني شعبك ويكون زمان ضيق لم يكن منذ كانت أمة إلى ذلك الوقت.
وفي ذلك الوقت ينجي شعبك, كل من يوجد مكتوباً في السفر. وكثيرون من الراقدين في تراب الأرض يستيقظون هؤلاء إلى الحياة الأبدية وهؤلاء إلى العار والازدراء الأبدي). وجاء في سفر حبقوق: ٢/٢ و٣) فأجابني الرب وقال اكتب الرؤيا وأنقشها على الألواح لكي يركض قارؤها. (لتقرأ بسهولة) لأنّ الرؤيا بعد إلى الميعاد (أي حدد معادها) وفي النهاية (ستسير إلى أجلها) تتكلم ولا تكذب.
إن توانت فانتظرها لأنها ستأتي إتيانا ولا تتأخر (يتحقق بالتأكيد).
وهذا المخلّص ليس مختصاً باليهود بل بالبشرية بدليل أنّ حكمه سيستمر إلى الأبد من جهة. وبدليل ماورد في العهد القديم نفسه من أنّ الله تخلى عن اليهود إلى الأبد كما جاء في سفر ارميا, الإصحاح السابع عشر الذي يقول: (خطيئة يهوذا مكتوبة بقلم من حديد... يا جبلي في الحقل اجعل ثروتك, كل خزائنك للنهب ومرتفعاتك للخطية في كل تخومك, وتتبرأ وبنفسك عن ميراثك الذي أعطيتك إياه وأجعلك تخدم أعداءك في أرض لم تعرفها, لأنكم أضرمتم ناراً بغضبي تتقد إلى الأبد).
كما يقول في الإصحاح التالي: (فالآن كلم رجال يهوذا وسكان أورشليم قائلاً: هكذا قال الرب: ها أنذا مصدر عليكم شراً وقاصداً عليكم قصداً ( معداً لكم مشروعاً) فارجعوا, كل واحد عن طريق الرديء وأصلوا طرقكم وأعمالكم. فقالوا: باطل, لأننا نسعى وراء أفكارنا وكل واحد يعمل حسب عناد قبله الرديء, لذلك هكذا قال الرب: اسألوا بين الأمم, من سمع كهذه, ما يقشعر منه جداً عملت عذراء إسرائيل. هل يخلو صخر حقلي من ثلج لبنان (هل يترك ثلج لبنان صخرة حقولي) أو هل تنشف المياه المتفجرة الباردة الجارية. لأن شعبي قد نسيني, بخروا للباطل, وقد أعثروهم في طرقهم, في السبل القديمة ليسلكوا في شعب, في طريق غير مسهل. لنجعل أرضهم خرباً وصفيراً أبدياً. كل مار فيها يدهش وينفض رأسه (يهز رأسه) كريح شرقية أبددهم أمام العدو. أريهم القفا (أدير لهم ظهره ظهري) لا الوجه في يوم مصيبتهم).
هذا ويصرح الكتاب المقدس باستبدال بني إسرائيل بغيرهم: (... أغاظوني بأباطيلهم فأنا أغيرهم بما ليس شعباً بأمّة غبية أغيظهم)، ويرد في مكان آخر: (أصغيت إلى الذين لم يسألوا وجدت من الذين لم يطلبوني. قلت ها أنذا ها أنذا لأمّة لم تسم باسمي).
وإذا كان اليهود لن تقوم لهم قائمة, فلا بد أن يرسل المخلّص إلى شعوب أخرى.