تكليفنا نحو الإمام عليه السلام
السيد نوري البطاط/ برنامج شمس خلف السحاب
تقو ل الرواية إنّ الإمام المهدي عليه السلام عندما يظهر يضع يده على رؤوس العباد فتكتمل عقولهم، ولكن كيف يضع يده وكيف تكتمل العقول، إنّه موضوع آخر، ولكن الرواية موجودة وثابتة، ونقول هنا إذا تم هذا الأمر فهل يرفع التكليف عن الأمّة في هذه الحالة أي عند وصول الأمّة إلى مرحلة من مراحل الرشد العقلي.
إنّ التكامل العقلي الموجود شيء والتكاليف الإلهية شيء آخر، نحن نؤمن إيماناً واضحاً جداً أنّ الرسالة التي جاء بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهي رسالة إنسانية بتكاليفها، وانّ حلال محمد حلال إلى يوم القيام وحرام محمد حرام إلى يوم القيامة لا تبديل لذلك، وهذه مسألة تكليف مهما نضجت العقول ومهما اكتملت، فانّ الإنسان حينما يكون عقله قاصراً يكون مكلفاً، ولو اكتمل عقله هل يسقط عنه هذا التكليف، ونقول إنّه لا علاقة بين هذا وذاك، فالعكس صحيح تماماً، فلو اكتملت العقول لعبدت الله ولقامت بالتكاليف بأفضل ما يمكن أنْ تؤديها، لأنّ طاعة الله وعبادة الله (سبحانه وتعالى) ربما لا يستطيع أيّ إنسان أنْ يصل إليها.
فعندما تكتمل العقول تكتمل المشاعر وهنا تتضح حلاوة العبادة. ويفهم الإنسان قيمة العبادة ويفهم لماذا نعبد، ولماذا نصل إلى الله، ولماذا نصلي لله، لماذا نصوم لله، فالتكليف ربما يتنجز علينا أكثر حينما تكتمل هذه العقول إنْ شاء الله.
إنّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في جلساته، وعندما يحصل نوع من الاضطراب أو عدم الراحة بين الجالسين معه كان يقول وينادي بلال: ارحنا يا بلال، فكان صلى الله عليه وآله وسلم يعتبر العبادة والصلاة راحة من هموم الدنيا.
ولا شك بأنّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان عقله قمّة بل كان واصلاً إلى قمة النضج العقلي الموجود وذلك حال كل أهل البيت عليهم السلام ومع ذلك كان لا ينأى بنفسه إلاّ أنْ يأتي بالعبادات بأوج صورها، وبأفضل صورها، لذلك فإن هذا _أي اكتمال العقول_ لا يتنافى مع العبادة أبداً.
وفي قضية الإمام المهدي عليه السلام ما هو دورنا التكليفي، أي ما هو تكليفنا، وما هو دورنا في هذه المسائل، نحن نؤمن، وعلماؤنا قالوا في ذلك: إننا نحن المنتَظَرون، والإمام المهدي عليه السلام هو المنتَظِر لنا، ونحن واجبنا في هذه الغيبة هو العمل باداء الفرائض وترك المحرمات والعمل بكل ما يرضي الله(سبحانه وتعالى) وتهيئة الأمور نفسياً، وتهيئة الأمور عقائدياً، ومن ناحية اداء هذه الفروض من أجل الانتظار سنكون منتظرين وكما القاعدة المعروفة التي تقول: اللهم ارزقني يقينا كيقين المقداد بن الاسود، لازلت واضعا يدي على مقبض سيفي وانتظر الامر، فهي عملية انتظار حقيقي بعد التهيئة باداء كل الواجبات.
إنّ أفضل الأعمال كما ورد في الحديث: (أفضل اعمال أمتي هو انتظار الفرج). والمراد من انتظار الفرج هو العمل الحقيقي لفلسفة الإمام، لماذا يخرج الإمام؟ نقول انّه يخرج ليملأ الارض قسطاً وعدلاً، إذن يجب أنْ نبدأ بالتمهيد من أجل إيجاد حالة القسط والعدل، سيأتي الإمام المهدي عليه السلام وغايته تغيير هذه النفوس، فلماذا لا نبدأ فنغير أنفسنا لتكون أنفسنا مهيئة لهذا الأمر، فبنفس العمل أيضاً نهيء أنفسنا ونهيء العالم من أجل الوصول إلى هذا اليوم.
وهنا نكرر الدعوة لكل الذين يريدون البحث في مسألة الإمام المهدي المنتظر عليه السلام الى انه لماذا تحمّلون الشيعة وتحمّلون الإمامية أقوالاً ربما تستنتجونها من يمين أو شمال، فكتبنا واضحة، رواياتنا واضحة جداً.