الإمام المهدي عليه السلام في كتب أهل السنّة
د. محمد طي
نظرية ولادة المهدي في آخر الزمان:
يرى عدد من علماء المسلمين أنّ المهدي لابدّ أنْ يولد في آخر الزمان على أساس أنّه لو كان ولد لكان عمره حتى اليوم مديداً جداً, ويرون أنّ ذلك أمراً غير معقول, ويستندون في ذلك إلى الأحاديث القائلة بأنه يقوم ابن أربعين سنة أو أقل.
ولعل المقصود بالعمر المذكور هو أنّه عمر ظاهري_أي أربعين سنة_. أما طول العمر فليس أمراً مستحيلاً. وقد اعتاد العلماء أنْ ينفوا الظواهر غير المألوفة، حتى إذا عرضت لهم ظاهرة ولم يستطيعوا نفيها اعترفوا بها وراحوا يفتّشون عن أسبابها، وهكذا فإنهم إنْ نفوا أنْ يبلغ الإنسان ما يزيد على الألف سنة, فإنهم إنْ عثروا على شخص بهذا العمر, فهم عند ذلك يتراجعون عن نفيهم وينكبون على دراسته ظاهرة حقيقية.
هذا وانّ شاهد الإثبات قانونياً أقوى من شاهد النفي, لا سيما إذا كان الأخير افتراضياً, فإذا ذكر أحدهم أنّه رأى فلاناً في المكان الفلاني, وقال آخر أنّه لا يعقل أنْ يكون في هذا المكان, بسبب كذا وكذا, فإنّ المرجّح عند تساوي موثوقية كلا الشخصين هو كلام الأول. ومن هنا تطرح علينا مسألة كون المهدي عليه السلام قد ولد فعلاً لنناقشها.
المهدي عليه السلام ولد فعلاً:
يرى عدد من علماء الشيعة أن المهدي عليه السلامهو المولود الذي رزقه الإمام الحسن بن علي العسكري عليه السلام، والذي أخفاه إلاّ عن خاصته خاصة خوفاً عليه من الأعداء, ولكن عدداً من العلماء يشكّك في الأمر كما رأينا. فلنتفحص الأدلة على افتراض كونه ابن الحسن العسكري عليه السلام، حديث أن الأئمة بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم اثنا عشر إماماً أو أميراً أو خليفة، وهو حديث عبد الله بن مسعود كما في:
(مسند أحمد) ٥/٨٦ _١٠٨ وفي (سنن أبي داود), كتاب المهدي حيث يورد ثلاثة أحاديث بأسانيد مختلفة. وفي (صحيح البخاري) كتاب الأحكام الباب ٥٢ وكذلك (صحيح مسلم) كتاب الإمارة. الأحاديث من ٥_١٠ وكذا في (الطيالسي), ص١٠٥ و ١٨٠ و(تاريخ البخاري) ١/٤٤٦ و(الترمذي) ٤/٥٠١ و(الطبراني), الوسيط ١/٤٧٤ و(أخبار أصبهان) ٢/١٦٧ و(دلائل النبوة) ٦/٣٢٤ و(سنن البيهقي) ٨/١٤٣و ١٤٣ و ١٤٤ و(الفردوسي) ٥/٢٢٩ و٢٣٨ و(مصابيح البغوي) ٤/١٣٧ و(تهذيب ابن عساكر) ١/٤٤٥ و ٤٤٦ و٦/١٧٣ و(جامع الأصول) ٤/٤٣٩_ ٤٤٢ و(فتن ابن كثير) ١/ ١٧ و(فرائد السمطين) ٢/١٤٧_١٤٩ و(ابن خلدون) ص٢٥٨ و(كشف الأستار) ٤/١١٥ و(مجمع الزوائد) ٥/١٩٠ و١٩١ و١٩٤ و(تيسير الوصول) ٢/٤٢ و(مطالب السؤول) ١/١٣ و(عرف السيوطي), الحاوي٢/٨٥ و(تاريخ الخلفاء) ص٩ و(الخصائص الكبرى) ٢/١١٤ و(الجامع الصغير) ٢/٧٥٦ و(صواعق ابن حجر) ص٢٠ و(برهان المتقي) ص١٧٥ و(كنز العمال) ٦/٤٩ و(عون المعبود) ١١/٣٦١ و٣٦٢ و٣٦٩ و(الطبراني الكبير) ١٠/١٩٥ وابن عدي في (الكامل والحاكم) ٤/٥٠١ و(المطالب العالية) ٢/١٩٧ و(تطهير الجنان) ص١٥ و(تاريخ الخلفاء) ص١٠ و(الجامع الصغير) ١/٣٥٠ و(مجمع الزوائد) ٥/١٩٠ و(فيض القدير) ٢/٤٥٨ و(عقيدة أهل السنة) ص٢٢. هذا إلى سائر كتب الشيعة المتحدثة عن موضوع الأئمة عليهم السلام عموماً والإمام المهدي عليه السلام خصوصاً.
ولكن إذا كان الدين سيكون عزيزاً أو قائماً إلى اثني عشر خليفة, فمن هم هؤلاء الخلفاء أو الأئمة أو الأمراء؟ لقد جرت محاولات لتسميتهم, فما تم اتفاق ولو جزئي إلا على الخلفاء والإمام علي عليه السلام والحسن بن علي عليه السلام وعمر بن عبد العزيز والمهدي العباسي. وكل راح يحاول التكملة بطريقته <فقد ذكر جماعة منهم أبو حاتم بن حبّان وغيره أنّ آخرهم عمر بن عبد العزيز, فذكروا الخلفاء الأربعة ثم معاوية ثم يزيد ابنه ثم معاوية بن يزيد ثم مروان بن الحكم ثم عبد الملك ابنه ثم الوليد بن عبد الملك ثم سليمان بن عبد الملك ثم عمر بن عبد العزيز).
ويضيف الكاتب: (فالتحقيق في هذه المسألة أنْ يعتبروا بمعاوية وعبد الملك وبنيه الأربعة الراشدين وعمر بن عبد العزيز ووليد بن يزيد بن عبد الملك بعد الخلفاء الأربعة الراشدين).
وقال: (الحافظ عماد الدين بن كثير. . قد وجد منهم أربعة على نسق واحد وهم الخلفاء الأربعة، ومنهم عمر بن عبد العزيز بلا شك عند الأئمة,وبعض بني العباس...).
ولم يبق من حل منطقي معروف إلا أنْ يكونوا هم الأئمة الذين يؤمن الشيعة بإمامتهم. فيكون آخرهم المهدي المنتظر عليه السلام.