المهدوية بقلم أساطين العلماء صاحب الأمر يغيب عنهم
الشيخ الصدوق: كتاب كمال الدين وتمام النعمة ص٥٣
روي في خبر الإمام المهدي (أنّ صاحب هذا الامر هو الذي تخفى ولادته على الناس ويغيب عنهم شخصه لئلا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج، وأنّه هو الذي يقسم ميراثه وهو حي) وقد أخرجت ذلك مسندا في هذا الكتاب في موضعه، وقد كان مرادنا بإيراد هذا الخبر تصحيحاً لموت الحسن بن علي عليهما السلام، فلما بطل وقوع الغيبة لمن ادّعيت له، منهم محمد بن علي بن الحنفية، والصادق جعفر بن محمد، وموسى بن جعفر، والحسن بن علي العسكري عليهم السلام بما صح من وفاتهم، فصح وقوعها بمن نصّ عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة الأحد عشر عليهم السلام وهو الحجة بن الحسن بن علي بن محمد العسكري عليهم السلام وقد أخرجت الاخبار المسندة في ذلك الكتاب في أبواب النصوص عليه عليه السلام.
وكل من سألنا من المخالفين عن القائم عليه السلام لم يخل من أنْ يكون قائلا بإمامة الأئمة الأحد عشر من آبائه عليهم السلام أو غير قائل بإمامتهم، فإنْ كان قائلا بإمامتهم لزمه القول بإمامة الإمام الثاني عشر لنصوص آبائه الأئمة عليهم السلام عليه باسمه ونسبه، وإجماع شيعتهم على القول بإمامته، وأنّه القائم الذي يظهر بعد غيبة طويلة فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما. وإنْ لم يكن السائل من القائلين بالأئمة الأحد عشر عليهم السلام لم يكن له علينا جواب في القائم الثاني عشر من الأئمة عليهم السلام، وكان الكلام بيننا وبينه في إثبات إمامة آبائه الأئمة الأحد عشر عليهم السلام، وهكذا لو سألنا يهودي فقال لنا: لم صارت الظهر أربعا والعصر أربعا والعتمة أربعا والغداة ركعتين والمغرب ثلاثا؟ لم يكن له علينا في ذلك جواب، بل لنا أنْ نقول له: إنّك منكر لنبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي أتى بهذه الصلوات وعدد ركعاتها، فكلّمنا في نبوته وإثباتها فإنْ بطلت بطلت هذه الصلوات وسقط السؤال عنها، وإنْ ثبتت نبوته صلى الله عليه وآله وسلم لزمك الإقرار بفرض هذه الصلوات على عدد ركعاتها لصحّة مجيئها عنه. صلى الله عليه وآله وسلم واجتماع أمتّه عليها، عرفت علتها أمْ لم تعرفها، وهكذا الجواب لمن سأل عن القائم عليه السلام حذو النعل بالنعل.