عرفاء يتحدثون عن المهدوية
نصوص الفتوحات
الحلقة الأولى
محيي الدين ابن العربي
اعلم أنّ لله خليفة يخرج وقد امتلأت الأرض جورا وظلما فيملؤها قسطاً وعدلاً ولو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد طول الله ذلك اليوم حتى يلي هذا الخليفة من عترة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، من ولد فاطمة، يواطئ اسمه اسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، جده الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام، يبايع بين الركن والمقام يشبه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في خَلقه وينزل عنه في الخُلق، لأنه لا يكون أحد مثل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أخلاقه، والله يقول فيه: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) وهو أجلى الجبهة، أقنى الأنف، أسعد الناس به أهل الكوفة، يقسّم المال بالسويّة، ويعدل في الرعية، ويفصل في القضيّة، يأتيه الرجل فيقول له يا مهدي عليه السلام أعطني وبين يديه المال فيحثي له في ثوبه ما استطاع أنْ يحمله يخرج على فترة من الدين، يزع الله به ما لا يزع بالقرآن، يمسي الرجلُ جاهلاً بخيلاً جباناً ويصبح أعلم الناس أكرم الناس أشجع الناس. يصلحه الله في ليلة، يمشي النصر بين يديه يعيش خمساً أو سبعاً أو تسعاً، يقفو أثر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لا يخطئ له ملك يسدّده من حيث لا يراه، يحمل الكل ويعين الضعيف في الحق، ويقري الضيف، ويعين على نوائب الحق بفعل ما يقول، ويقول ما يعلم، ويعلم ما يشهد يفتح المدينة الرومية بالتكبير في سبعين ألفاً من المسلمين من ولد إسحاق، يشهد الملحمة العظمى مأدبة الله بمرج عكا، يبيد الظلم وأهله، يقيم الدين، ينفخ الروح في الإسلام، يعز الإسلام به بعد ذلّه، ويحيا بعد موته، يضع الجزية ويدعو إلى الله بالسيف، فمن أبى قتل ومن نازعه خذل، يظهر من الدين ما هو الدين عليه في نفسه ما لو كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لحكم به، يرفع المذاهب من الأرض فلا يبقى إلاّ الدين الخالص عن الرأي.