قصة قصيرة: من فيض لمسته نبعَ الماء
محمد حسن عبد
كنت أعمل في الكوفة قصّاراً، لكنّ عملي هذا لم يكن ليشغلني عن أمور عبادتي، فقد دأبت أنْ أكون زاهداً في دنياي، وانخرطت في سلك السياحة الروحيّة، والتبتّل للعبادة واقتفاء الآثار الصالحة.
وبقصد الخلوة للعبادة ذهبت ذات يوم إلى مسجد جعفيّ، ذلك المسجد القديم في ظاهر الكوفة، لقد انتصف عليّ الليل هناك، وأنا بمفردي في ذلك المكان البعيد.
وبينا أنا على هذه الحالة، وإذا بثلاثة أشخاص قد اقبلوا، ودخلوا المسجد. فلمّا توسطوا ساحته، جلس أحدهم، ثم قام يمسح الأرض بيده يمنه ويسره، فنبع من تحت يده الماء، فاسبغ الرجل الوضوء، ثم أشار إلى رفيقيه بإسباغ الوضوء أيضاً، ثم تقدّم فصلّى بهما إماماً، فصلّيت معهم مأموماً.
لقد بهرني حال هذا الرجل، واستعظمت فعله من إنباع الماء، فسألت الشخص الذي كان على يميني عن الرجل، فقلت له:
- من هذا؟
فقال لي مندهشاً مستغرباً:
- حقاً إنّك لا تعرف صاحب الأمر؟
فقلت وقد أحرجني قوله:
- لم أتشرّف بطلعته البهيّة.
فأعاد عليّ الرجل القول:
- هذا صاحب الأمر ولد الحسن عليه السلام.
لقد دنوت من الإمام عليه السلام وكان لي شرف تقبيل يده المباركة الشريفة.
إنّه إمامي الذي من فيض لمسته نبع الماء.