عقيدتنا بالإمام المهدي عليه السلام
الشيخ علي الدهنين
إنّ عقيدتنا بالإمام المهدي عليه السلام هي أنّه الحجة ابن الحسن العسكري, الثاني عشر من أئمة أهل البيت عليهم السلام, اسمه وكنيته كاسم وكنية جده محمد صلى الله عليه وآله وسلم, وانه خاتم الأوصياء لا وصي بعده, وبه ينتهي العدد الذي نصّ عليه الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم, فقد ورد في روايات متواترة أن عدد الأئمة اثنا عشر, كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (يكون بعدي اثنا عشر خليفة كلهم من قريش), وفي بعض الألفاظ: (اثنا عشر أميرا). ونعتقد بأنه عليه السلام ابن الإمام الحسن العسكري عليه السلام بلا شك ولا ريب, وأنه حي يرزق إلى يومنا هذا, لان الأرض لا تخلو من إمام.
فعن سليمان الجعفري, عن أبي الحسن الرض عليه السلام أنه قال: (لو خلت الأرض طرف عين من الحجة لساخت بأهلها).
وعن أبي سعيد الخدري, عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: (أهل بيتي أمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء).
فوجوده عليه السلام خير وبركة, قد كلف برعاية الخلق بإذن الله تعالى, كما ورد في زيارة الجامعة الكبيرة: (واسترعاكم أمر خلقه,وقرن طاعتكم بطاعته).
وأمّا البشارات التي تقول بأنه عليه السلام سيخرج في آخر الزمان ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً فهي مما اتفق عليه المسلمون كافة.
ونعتقد بأن إمامته عليه السلام مستندة إلى جعل الله, قال تعالى: (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا) (الأنبياء:٧٣), أي ان الإمامة مجعولة من قبل الله تعالى وليس من قبل غيره حتى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
إن الإمامة عهد بين الله وبين الإمام عليه السلام, قال الله تعالى لإبراهيم عليه السلام: ( إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِين) (البقرة:١٢٤), فتدل هذه الآية على أن الإمامة عهد بين الله تعالى وبين الإمام وليست عهداً بين الإمام وبين الناس, وكذلك تدل على العصمة أيضاً, لأن الظالم هو من ظلم نفسه بارتكاب المعاصي, لذا نقول: يشترط في الإمام أن يكون مختاراً ومجعولاً من قبل الله تعالى, ونشترط أيضاً أن يكون معصوماً.
والعصمة هي لطف إلهي، يمن الله تعالى به على الإمام، يمنعه عن المعاصي, ولكن لايسلب منه الاختيار بل يبقى مختارا, فيطيع الله باختياره ولايعصيه باختياره أيضاً, إذن عقيدتنا في الإمام المهدي عليه السلام أنّه الإمام المعصوم المجعول من قبل الله تعالى, وأنّ طاعته مفروضة.
ونعتقد بأنه يجب علينا إتباعه بدون أي سؤال حتى لو كانت علة أوامره وأفعاله خافية علينا, لانه معصوم لا يفعل إلا ما يؤمر.
وقد ورد في الروايات أن الإمام المهدي عليه السلام يقتل ذراري بني أمية وأطفالهم، لأنهم راضون بفعل آبائهم, وليس من حق الإنسان أنّ يستشكل على ذلك ويقول له عليه السلام: أنت تقتل الذراري بفعل الآباء فما هو ذنبهم؟ لما قلناه من أنهم رضوا بفعال آبائهم ونهجوا مسلكهم, ويقول الإمام الباقر عليه السلام: (انما سمي المهدي مهديا لانه يهدي إلى أمر خفي) ويعمل بحكم الله الواقعة لا يطلب من أحد بينة.
يقول بعض المحققين عن قصة الخضر عليه السلام: ان الله لم يورد موضوع الخبر وقتل الغلام إلا تقريباً لزمان المهدي عليه السلام ليقول لك بأن القواعد الظاهرية لا يعمل بها أولياء الله الخاصون كالخضر فان له تكليفاً خاصاً كذلك الإمام المهدي عليه السلام الذي يتمنى موسى بن عمران مقامه, ويصلي عيسى بن مريم خلفه. له مقام عند الله أعظم من الخضر, وله تكليف خاص لاتدركه عقول الناس, وليس على الإنسان الاعتراض على أفعال وتصرفات الإمام عليه السلام, بل عليه أن يقبل ما يفعله وما يأمره بدون أي قيد وشرط, فقد أعطى الله للإنسان مثالاً لذلك في قصة الخضر وموسى عليه السلام, وقد أخبرنا أن موسى عليه السلام كان يعمل بالظواهر, والخضر كان محقّاً فيما فعله, لان له تكليفاً خاصاً بالأولياء, وهكذا الإمام المهدي عليه السلام له تكليف خاص به, وقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: (بينا رجل على رأس القائم يأمره وينهاه, إذ قال: أديروه, فيديرونه إلى قدامه فيأمر بضرب عنقه, فلا يبقى في الخافقين عنده يقين تام بالإمام المهدي عليه السلام, فإنه عظيم، عالم معصوم، لا يضر المؤمنين، وبالمؤمنين رؤوف رحيم, وانه عليه السلام يمثل رحمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لأنه سميه وكنيه ومظهره, فان صفات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من العلم والرحمة والرأفة كلها متجسدة في شخصية الإمام المهدي عليه السلام خاتم الأنبياء، والمهدي عليه السلام خاتم الأوصياء, ويظهر باسم الله المنتقم الذي يهزم أداء الله ويرهب الكفار, وسيقتل من الظالمين ما شاء الله حتى يرضي الله وتعالى.
هذه هي عقيدتنا في الإمام المهدي عليه السلام, ونمتلك على هذا الاعتقاد عدة أدلة ذكرت مفصلاً في محلها.