قصة قصيرة: يا صاحب زمان جدّتي
محمد حسن عبد
لم أكن اعرف من أمر الدين شيئاً ولا عن الصلاة، رغم اني ولدت وأعيش في عائلة موالية.
كنت الوحيد لعائلتي.. وقد دفعت هذه العائلة ما تملك لأكمل دراستي، الطب في فرنسا.
كانت المسافة بين سكني والجامعة مسافة قرية إلى مدينة.
وفي ذات يوم وبينما كنت أركب السيارة إلى المدينة كالمعتاد، والجو قارس، وأنا ذاهب لأداء امتحاناتي النهائية التي تتوّج جهودي الدراسيّة السابقة كلها.
لقد تعطلت السيارة، وكان أقل وقت لإصلاحها يؤخرني عن حضور الامتحان، بل يفوّت عليّ أداءه.
في اثناء محاولة السائق الإصلاح أو الذهاب إلى احضار مصلح كانت الدقائق تمر على وأنا كالضائع الحيران، أذهب جيئة وذهاباً، وأنا أرجو من ينقذني في ذلك الوقت الحرج.. الذي كانت الدقيقة فيه تمرّ كأنها سهم يرمى نحو آمالي، وكأني أشاهد أشلاء تلك الآمال تتناثر أمامي، ولا يمكنني فعل شيء في سبيل إنقاذها.
كنت كلّما نظرت إلى ساعتي، كانت تلك النظرات تعتصر قلبي، فكدت أخر إلى الأرض.
وفجأة تذكرت أن جدتي عندما كانت تصاب بمشكلة أو تسمع بمصيبة، تقول بكل أحاسيسها.
- يا صاحب الزمان.
هنا، ومن دون سابقة لي بهذه الكلمة وما تعنيه قلت وبكل ما أملك في قلبي من حب وذكريات عائلية.
- يا صاحب زمان جدّتي.
فعلاً لقد نسبته إلى جدتي، على البساطة، وقلت أيضاً احدثه:
- فإن ادركتني مما أنا فيه اعدك ان أتعلم الصلاة، ثم اصليها في أول الوقت.
بينما انا كذلك يعتصرني اليأس عصراً، واذا برجل قد حضر فقال للسائق وبلغة فرنسية.
- شغل السيارة.
وفعلاً اشتغلت السيارة في المحاولة الاولى، ثم قال للسائق:
- اسرع بهؤلاء إلى وظائفهم ولا تتأخر. وقبل ان يغادر هذا الرجل التفت إلى وخاطبني.
- لقد وفينا بوعدنا، يبقى أن تفي أنت بوعدك.